تتواصل الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان منذ 8 تشرين الأول الماضي، وتستخدم فيها صواريخ متنوعة، من القذائف الفوسفورية الحارقة التي أدت إلى تضرّر نحو 1700 هكتار من الأراضي والأحراج جنوبا، إلى القذائف الارتجاجية الثقيلة التي استهدفت مؤخرا عيتا الشعب وكفركلا، مع التهديد الدائم باستخدام أسلحة جديدة وغير مسبوقة، في حال نشبت حرب شاملة مع "حزب الله".



 

القذائف الفوسفورية الحارقة

منذ اندلاع المواجهات جنوبا، عمدت إسرائيل إلى استخدام القنابل الفوسفورية الحارقة بهدف خلق منطقة عازلة في الجنوب لإبعاد عناصر حزب الله عن الحدود، وبالتالي فهي تعتمد استراتيجية "حرق المناطق اللبنانية الحدودية".

 

ويؤكد الخبراء ان الفوسفور الأبيض هو مادة كيميائية مستخدمة في قذائف المدفعية والقنابل والصواريخ، وتشتعل عند تعرّضها للأوكسجين. وتسبّب آثارها الحارقة بالوفاة أو الإصابات القاسية التي تؤدي إلى معاناة مدى الحياة. ويمكنها إشعال النار في المنازل والمناطق الزراعية وغيرها من الأماكن المدنية.

 

تحتوي قذيفة الفوسفور على 120 شظية تنتشر على مئات الأمتار وتترك أثاراً مختلفة عن القذائف التقليدية، وبالتالي فان تقدير حجم الضرر يكون مختلفاً تماماً لأنّه يمتد لمساحات أكبر وبأثر أبعد، كما إنّ وجود بعض العوامل مثل الرياح والجفاف وغيرها يلعب دوراً في زيادة ضررها.

 

الصواريخ الارتجاجية    
وقبل أيام صعّد الجيش الإسرائيلي وتيرة قصفه لقرى وبلدات جنوبية بشكل لافت مستخدماً صواريخ ارتجاجية ثقيلة أدت لدمار كبير، وذلك رداً على عمليات نوعية نفذها "الحزب".

 

فبعد نشر حزب الله فيديو لمنشأة "عماد 4" وهي قاعدة عسكرية ضخمة مرتبطة بشبكة من الأنفاق، ردّ الجيش الإسرائيلي، للمرة الأولى منذ اندلاع المواجهات في الثامن من تشرين الأول الماضي، باستخدام قنابل خارقة للتحصينات من طراز Mk84 مزودة بحزمة توجيه J-DAM في بلدة كفركلا، حيث أُطلقت صواريخ ارتجاجية ثقيلة على مواقع تابعة للحزب.

 

وأوردت تقارير عديدة أن القنابل المستخدمة في هذا الهجوم تزن نحو 900 كيلوغرام، ومزودة برأس حربي ضخم مصمم لاختراق التحصينات العميقة.

 

هذا النوع من القنابل يُعرف أيضاً بلقب "المطرقة" بسبب قدرته العالية على إحداث دمار شامل، إذ يمكنه إحداث حفرة بعرض 15 متراً وعمق يتجاوز 10 أمتار، مع تأثيرات ارتجاجية قاتلة.

 

وهذه القنابل مزودة بحزمة J-DAM، وهي مجموعة من أجهزة التوجيه التي تحول القنابل غير الموّجهة إلى قنابل "ذكية" تُدار عبر نظام GPS، مما يرفع من دقة إصابة الأهداف ويزيد من قدرة القنبلة على اختراق التحصينات شديدة العمق التي قد تكون موجودة تحت الأرض.

 

هل الصواريخ الارتجاجية مُحرمة دولياً؟    
في هذا الإطار، يلفت المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة JUSTICIA في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ إلى ان "القنابل الارتجاجية (أو القنابل المتفجرة التي تعمل عبر ضغط الانفجار) ليست مُحرمة دولياً بشكل عام ومطلق، وهي تُستخدم في العمليات العسكرية التقليدية لإلحاق الضرر بالبنية التحتية أو القوات المُعادية عبر تأثير موجة الانفجار الشديدة".

 

وأضاف مرقص في حديث لـ "لبنان 24": "مع ذلك، هناك قوانين دولية تحكم استخدام الأسلحة بشكل عام، بما في ذلك قوانين النزاعات المسلحة (قانون الحرب) واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949. وهذه المواثيق العالمية تهدف إلى حماية المدنيين والحد من المعاناة غير الضرورية. وبالتالي، فإن استخدام القنابل الارتجاجية يمكن أن يكون غير قانوني إذا تم استخدامها بطريقة تنتهك هذه النصوص، مثل استخدامها في مناطق مكتظة بالسكان المدنيين أو  من دون تمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية."

 

وتابع: "أيضًا، بعض أنواع الأسلحة مثل الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والأسلحة العنقودية محظورة بموجب معاهدات دولية محددة، لكن القنابل الارتجاجية كنوع من الذخائر التقليدية ليست محظورة بشكل عام وعلى نحو مطلق".

 

هل يُمكن تقديم شكوى في مجلس الأمن ضد إسرائيل؟    
يقول مرقص: "ليس هناك من آلية خاصة غير أن تقدم الدولة المعنية وفي هذه الحالة لبنان شكوى بسبب انتهاك السيادة وخرق القرار 1701 وسوء استخدام القنابل الارتجاجية، بواسطة رئيس مجلس الأمن الذي يترأس المجلس دورياً، وهو الذي يمكن أن يكون من الدول الخمس دائمة العضوية (فرنسا، أميركا، بريطانيا، روسيا، والصين) أو من الدول العشر الأخرى الأعضاء غير الدائمين في المجلس، كذلك يُمكن للبنان بل عليه دوما أن يطلب من المجلس الانعقاد لكن لا يعني إلزامه بالانعقاد."

 

ولفت إلى ان "مجلس الأمن غير ملزم باتخاذ قرار تحت الفصل السابع، أي إجراءات قسرية، في هذه الشكاوى، إلا أنه يفترض أن ينظر بها على الأقل على سبيل البحث".

 

وأوضح انه بحسب المادة 2 من النظام الداخلي المؤقت يجتمع مجلس الأمن بدعوة من رئيسه بناءً على طلب أي عضو من أعضاء مجلس الأمن، وبالتالي يمكن لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن أو للأمين العام أن يقترح انعقاد المجلس فإذا قبل مجلس الأمن الاقتراح، كان عليه تعيين مكان اجتماع المجلس ومدة اجتماعه".

 

وأضاف مرقص: "حتى وإن كانت هناك آلية لاتخاذ القرارات، لكن السياسات الدولية تتحكم بهذا الأمر، ويمكن لأي من الدول الخمس الدائمة العضوية أن تمارس حق الفيتو، بمعنى إهمال الشكوى وتعطيل اتخاذ القرار لمصالح سياسية تناسب تحالفاتها السياسية، وليس بالضرورة لاعتبارات الحفاظ على الأمن والسلم العالميين".

 

وختم قائلا: "في حين لم يصدر أي قرار من مجلس الأمن بخصوص الشكاوى الأخيرة التي قدّمها لبنان خلال الحرب الدائرة في الجنوب راهناً، يمكنه أن يضغط بشكل أكبر، وذلك عبر تكثيف الشكاوى أمام اللجان الثماني في الأمم المتحدة أسوة بالقرار الذي توصل إليه سابقاً لصالحه من اللجنة الاقتصادية بالطلب من إسرائيل أن تعوّض عليه بما يقارب مليار دولار أميركي عن الأضرار الناتجة عن البقعة النفطية التي تسببت بها في حرب تموز 2006 إثر قصفها محطة الجية للطاقة الكهربائية، ما أدى إلى تسرّب كميات من النفط إلى البحر وتلوث المياه، وإن لم تدفعه فعلاً، فإن ذلك شكّل بحد ذاته إحراجاً كبيراً لها تجاه دول العالم".
المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

ذكاء اصطناعي بلا ضوابط.. أثار جدلاً أخلاقياً وقلقاً دولياً:»نيويورك تايمز«: إسرائيل حوّلت حرب غزة إلى مختبر للذكاء الاصطناعي

 

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن تل أبيب أجرت اختبارات واسعة النطاق على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة، ما أثار جدلا أخلاقيا وتحذيرات دولية من تبعات استخدام هذه التكنولوجيا في الحروب.

وأفادت الصحيفة، في تحقيق موسع نشرته مؤخراً بأن كيان الاحتلال استخدم أنظمة متقدمة لتحديد المواقع، والتعرف على الوجوه، وتحليل المحتوى العربي، ضمن عملياته العسكرية التي تصاعدت منذ أواخر عام 2023م. وأوضحت أن هذه الاختبارات شملت أدوات لم يسبق تجربتها في ساحات القتال، مما أثار قلقًا واسعًا بشأن الأضرار المحتملة على المدنيين.

ووفقًا لثلاثة مسؤولين من كيان الاحتلال والولايات المتحدة مطلعين، بدأت التجارب بمحاولة اغتيال القيادي في حركة حماس إبراهيم البياري، حيث استعان كيان الاحتلال بأداة صوتية تعتمد على الذكاء الاصطناعي طورتها الوحدة 8200، لتحديد موقعه التقريبي من خلال تحليل مكالماته.

وبحسب منظمة «إيروورز» البريطانية، أسفرت الغارة على البياري، في 31 أكتوبر، عن استشهاده إلى جانب أكثر من 125 مدنيًا.

واستمر كيان الاحتلال، خلال الأشهر التالية، في تسريع دمج الذكاء الاصطناعي في عملياته، بما شمل تطوير برامج للتعرف على الوجوه المشوهة، واختيار أهداف الغارات الجوية تلقائيًا، ونموذج لغوي ضخم يحلل المنشورات والمراسلات العربية بلهجات مختلفة.

كما أدخل نظام مراقبة بصري يستخدم عند الحواجز لفحص وجوه الفلسطينيين.

وأكد مسؤولون أن غالبية هذه التقنيات طُورت في مركز يعرف باسم «الاستوديو»، الذي يجمع خبراء من الوحدة 8200 بجنود احتياط يعملون في شركات كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وميتا.

وأثارت هذه الابتكارات مخاوف من أخطاء قد تؤدي إلى اعتقالات خاطئة أو استهداف مدنيين، إذ حذرت هاداس لوربر، خبيرة الذكاء الاصطناعي والمديرة السابقة بمجلس الأمن القومي لكيان الاحتلال، من أن غياب الضوابط الصارمة قد يقود إلى «عواقب وخيمة».

من جهته، قال أفيف شابيرا، مؤسس شركة XTEND المتخصصة بالطائرات المسيّرة، إن قدرات الذكاء الاصطناعي تطورت لتتعرف على الكيانات وليس فقط صور الأهداف، لكنه شدد على ضرورة التوازن بين الكفاءة والاعتبارات الأخلاقية.

ومن بين المشاريع البارزة، تطوير نموذج لغوي ضخم لتحليل اللهجات العربية ومراقبة المزاج العام، ساعد في تقييم ردود الأفعال بعد اغتيال زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله في سبتمبر 2024. ومع ذلك، واجهت هذه التكنولوجيا بعض الأخطاء في فهم المصطلحات العامية.

ورفضت شركات ميتا ومايكروسوفت التعليق على التقارير، بينما أكدت غوغل أن موظفيها لا يؤدون مهاماً مرتبطة بالشركة خلال خدمتهم العسكرية. من جهته، رفض جيش كيان الاحتلال التعليق على تفاصيل البرامج، مكتفيًا بالتأكيد على الالتزام بالاستخدام “القانوني والمسؤول” لتكنولوجيا البيانات.

وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن استخدام الصراعات كحقول تجارب للتقنيات العسكرية ليس جديدًا بالنسبة لكيان الاحتلال، لكنها لفتت إلى أن حجم وسرعة توظيف الذكاء الاصطناعي في حرب 2023 – 2024م غير مسبوقين. وحذّر مسؤولون أمريكيون وأوروبيون من أن هذه الممارسات قد تشكل نموذجًا خطيرًا لحروب المستقبل، حيث يمكن أن تؤدي أخطاء الخوارزميات إلى كوارث إنسانية وفقدان الشرعية العسكرية.

 

مقالات مشابهة

  • «مصطفى بكري»: إذا لم يصدر قانون الإيجار القديم بشكل متوازن ستحدث أزمة اجتماعية كبيرة.. فيديو
  • السنوسي: المنفي تصرف بشكل فردي وخالف مرجعية الاتفاق السياسي
  • الطفولة والأمومة يقدم الدعم القانوني والنفسي للطفلة التي تعرضت للاعتداء الجنسي بالقليوبية
  • اليونان تتولى رئاسة مجلس الأمن الدولي للشهر الحالي
  • ما تداعيات حزمة المراسيم التي اتخذها الرئاسي الليبي.. وما مصير البرلمان والأعلى؟
  • بورقية: هدفنا إيصال الحقائق حول المدرسة والجامعة بالموضوعية التي لا تزعج ولكنها لا تجامل
  • الإمارات لمجلس الأمن: نرفض محاولات الممثل السوداني استغلال تقرير الأمم المتحدة بشكل مغلوط
  • مجلس الشيوخ يناقش الأمن السيبراني وتجديد الخطاب الديني الأسبوع المقبل
  • ذكاء اصطناعي بلا ضوابط.. أثار جدلاً أخلاقياً وقلقاً دولياً:»نيويورك تايمز«: إسرائيل حوّلت حرب غزة إلى مختبر للذكاء الاصطناعي
  • غباش: الإمارات تبنّت نهج الحوار الشامل لتعزيز مساهمتها إقليمياً ودولياً