سواليف:
2025-01-05@07:08:33 GMT

القفز بالزانة

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

سعيد ذياب سليم

ماذا حمل العائدون معهم من باريس هذا الصيف؟ ربما كانوا قلة، لكنهم من نخبة الذوّاقة في عالم السياحة والفرح… وربما الثقافة أيضًا. لم يتوقف الشعراء يومًا، ولا الكتاب ولا الإعلاميون عن زيارة باريس والتسكع في طرقاتها وأزقتها وساحاتها وحدائقها. وبعد أن أتعبهم السير والتحديق في نساء باريس، جلسوا يكتبون شعرا تسهر معه أحلامنا، ونثرا يسفّ به الألم قلوبنا كما تسفّ الريح التراب في مدن الملح.

ربما سار البعض في جادة “الشانزليزيه” بين ساحة “الكونكورد” وقوس النصر، ومشوا تحت ظلال أشجارها يحدثون أنفسهم: هل مرّ من هنا “جان بول سارتر” يتأمل مفكرًا؟ وربما “همينجواي” أو درويش؟ ربما بهرتهم السلع في واجهات العرض في الأسواق والمتاحف على جانبي الجادة، وشاهدوا ما تعرضه دور الموضة والأزياء العريقة، وتأملوا في الأبعاد والمقاييس التي تسمح بها الموضة الدارجة من سفور، وفي الأقمشة ألوانها وتركيبتها وملمسها ونزعاتها الحديثة. من منهم لم توقفه عطور باريس بروائحها التي مزجت الأسرار والنور والموسيقى، فرقصت القلوب مع النفحة الأولى وحلقت معها الأرواح. وماذا لو شاركوا الليل سهره الموصول حتى صباحه، وتجرعوا الوقت كأسًا بعد كأس؟ ماذا حملوا معهم يوم عادوا؟ لا تقل لي أجود أنواع الشوكولا الفرنسية! هل ناقش أحدهم نتائج الانتخابات الأوروبية وفوز اليمين المتطرف فيها وحصوله على أكثر من 31% من الأصوات؟ وكيف دفع ذلك “إيمانويل ماكرون” لحل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة؟ وبعد دورتين في 30 حزيران و7 تموز، أسفر الاقتراع عن تقدم اليسار وحصوله على 182 مقعدًا، ثم التحالف الرئاسي “معًا” وحصوله على 168 مقعدًا، ثم التجمع الوطني اليميني المتطرف وحصوله على 143 مقعدًا وتأخره بعد تقدمه في الجولة الأولى.

كيف تحالفت الأحزاب بمختلف أطيافها لتحول دون فوز اليمين المتطرف بأغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية! أليست ظاهرة تستحق الدراسة؟ لماذا التقت آمال الشعوب الأوروبية حول يمينهم المتطرف؟ بعد الانتخابات، أعلنت هدنة أولمبية لقيام الألعاب الأولمبية الصيفية 2024 في باريس التي أقيمت بين 24 تموز و11 آب.

مقالات ذات صلة أنقذوا أرواح ما تبقى من غزّة 2024/08/27

وبعد انتهاء هذه الألعاب، ستستمر المعركة السياسية لتشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء؛ حكومة تصمد أمام سلطة النواب الذين يلوحون بورقة حجب الثقة.

كانت أضواء باريس هذا الصيف مبهرة بأحداثها السياسية والرياضية أيضًا! تضمن برنامج الألعاب الأولمبية 329 حدثًا في 32 رياضة أقيمت في باريس و16 مدينة أخرى. أنفقت بلدية باريس مبالغ طائلة لإعداد نهر السين وتجهيزه للرياضات المائية، وشاهدنا عمدة بلدية باريس “آن هيدالغو” تسبح في النهر لإقناع المتشككين، وهي التي دعت العام الماضي لتشكيل لجنة “للتعايش” مع جرذان باريس! هذه الجهود لم تمنع إصابة اللاعبة البلجيكية “كلير ميشيل” بعدوى بكتيرية إثر مشاركتها في سباق التتابع المختلط والسباحة في نهر السين، مما دفعها للانسحاب منه في اليوم التالي. أقيمت على نهر السين حفلة الافتتاح التي تضمنت عددًا من اللوحات، أثارت إحداها الانتقاد لمنظميه بسبب محاكاتها للعشاء الأخير بمشاركة راقصين يرتدون ملابس نسائية إشارة لمجتمع الميم. من جانب آخر، تعرضت المغنية الفرنسية من أصل إفريقي “آية ناكامورا” التي شاركت في حفل الافتتاح لحملة كراهية عنصرية من قبل بعض الجماعات اليمينية المتطرفة التي اعتبرت اختيارها إهانة للهوية الفرنسية. قضايا عنصرية أخرى أثارت جدلًا واسعًا، منها منع ارتداء الحجاب للّاعبات المسلمات ومنع مشاركة اللاعبين الروس والبيلاروس على خلفية الحرب الأوكرانية، ومشاركة اللاعبين الإسرائيليين رغم الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة.

كما فضحت الهتافات التمييز العنصري ضد اللاعبين من أصول إفريقية وعربية وعدم المساواة. وما تعرضت له الملاكمة الجزائرية إيمان خليف بعد فوزها على منافستها الإيطالية “أنجيلا كاريني” من انتقادات بأنها “ربما تكون رجلًا في شكل امرأة” خير مثال على ذلك.

لن نترك الأولمبياد دون أن نعرّج على الكارثة التي واجهت لاعب القفز بالزانة الفرنسي “أنتوني أميراتي”، والتي أخرجته من السباق بعد أن اصطدم عضوه الذكري بالعارضة، مما تسبب في حرمانه من منصة التتويج، ليضع اللوم على ذكورته المفرطة! هل كانت كارثة حقًا؟ ألم يزد عدد متابعيه على “إنستغرام” الذين يطمعون في تعلم هذه الرياضة؟! ربما تدق هذه الحادثة جرس الإنذار في وجه اللاعبين، وتنبههم للسيطرة على كافة العضلات، المطيعة منها والمشاكسة، سواء أكان اللاعب قافزًا بالزانة أو لاعبًا سياسيًا! والآن قل لي ماذا أحضر معهم العائدون من باريس؟ زجاجة عطر أم قطعة جبن فرنسي؟ هل أحضروا معهم شيئًا غير الخيبة؟

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: وحصوله على

إقرأ أيضاً:

لماذا لا يقبل اليمين المتطرف الأوروبي اندماج المسلمين؟

يواجه المسلمون في أوروبا، تحديات كبيرة، إذ يجدون أنفسهم في مفترق الطرق، بين الدعوات المستمرة للاندماج في المجتمعات الغربية، والاتهامات الموجّهة إليهم بالكراهية للغرب.

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للكاتبة المقيمة في بروكسل والمعلقة على الشؤون الأوروبية شذى إسلام، جاء فيه، إنّ: "المسلمين الأوروبيين ملعونون لو لم يندمجوا وملعونين لو اندمجوا في الحياة الغربية".

وأضافت إسلام، في المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّ: "النقاش الجديد في الخطاب المعادي للإسلام، هو أن المسلمين الذين يندمجون في مجتمعاتهم هم كارهون للغرب أيضا". مردفة: "الحديث عن تصاعد العداء ضد المسلمين في مختلف أنحاء أوروبا يعني سماع وقراءة تعميمات متكررة عن المسلمين في أوروبا البالغ عددهم 25 مليون نسمة".

وتابعت: "مرة تلو الأخرى، تأمر الحكومات الأوروبية المسلمين بالاندماج: الدخول، أي الخروج من الظل والانضمام إلى التيار الأوروبي السائد المشمس، وينبغي لنا أن نكون أقل "غربة"، وأكثر أوروبية، وأن نتبنى "القيم الأوروبية" (أي منها لم يتضح بعد، ولكن شرب البيرة وأكل لحم الخنزير يبدو من بينها)، والحصول على التعليم، ثم ــ وبعد ذلك فقط ــ المشاركة بنشاط في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في "مجتمعاتنا المضيفة" التي، وفقا لفيكتور أوربان رئيس وزراء المجر هي مسيحية بحتة".

وأبرزت: "لكن الأمور تسوء، حسب الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية التي نشرت قبل فترة نتائجها القاتمة، مسجلة زيادة عالية في العنصرية المعادية للإسلام في كل أنحاء أوروبا، حيث يعاني نصف مسلمي أوروبا تقريبا من التمييز العنصري القائم على الدين والعنصر ولون البشرة أو أصول المهاجر".

"كذا التوترات المجتمعية التي سجلت خلال الـ 14 شهرا ومنذ اندلاع الحرب في غزة. وبالتأكيد زادت المشاعر العنصرية المعادية للمسلمين؛ وكذا إصرار بعض الحكومات الأوروبية على مساواة أي نقد لإسرائيل بمعاداة السامية".

وتقول إسلام، إنها: اكتشفت وهي تبحث في الهيجان الأخير المعادي للإسلام في هولندا، بعد العنف الذي اندلع بين مشجعي فريق مكابي تل أبيب والسكان المحليين، وعثرت على تحول صارخ وأكثر خبثا في الرواية الحضارية التقليدية الأوروبية المتحمورة حول الذات.


وأوضحت :"النص الضمني يشير إلى اختفاء التمييز بين "المسلمين الأشرار" و"المسلمين الأخيار". فالمسلمون الذين اندمجوا في الحياة العامة وأصبحوا يشكلون جزءا من التيار الرئيسي، باتوا مشكلة مثل الذين يفترض أنهم غير متكيفين وغير اجتماعيين".

واسترسلت: "يقدم النقاش الحاد واللاذع في هولندا صورة عن هذه المشكلة في الخطاب المعادي للإسلام. فقد زعم غيرت فيلدرز، النائب اليميني المعادي للإسلام في مجلس النواب الهولندي، والذي يترأس بشكل غير رسمي التحالف الحكومي الحاكم، مخطئا وبدون دليل أن "المغاربة" هم المسؤولون عن العنف في هولندا".

وذكرت أنه: "هدّد بترحيل وسحب الجنسية من الأشخاص الذين يعتبرون مسؤولين عن التحريض. فيما أكد رئيس الوزراء الهولندي، ديك سخوف، بالقول: "علينا التخلص من معاداة السامية" من خلال "الاندماج الجيل وتربية أفضل للأطفال والتعليم".

وقررت وزيرة الدولة للإعانات، وهي من أصل مغربي، نورا أشهبار، الاستقالة، احتجاجا على ما رأته من تعليقات عنصرية، كان قد أطلقها أعضاء الحكومة.

إثر ذلك، تقدم حزب الحرية والديمقراطية، وهو واحد من أربعة أحزاب في حكومة الائتلاف باقتراح برلماني يطلب من الحكومة "الحفاظ على تفاصيل المعايير والقيم الثقافية والدينية للهولنديين من أصول مهاجرة". وفي وسط الحرب الكلامية، قال المعلق في صحيفة "تيلغراف" إن: "المشكلة الحقيقية مع المسلمين في هولندا، وبالضرورة بكل أنحاء أوروبا، هي أن معاداة السامية و"كراهية الغرب" مغروسة حتى في المسلمين المندمجين جيدا".

وتصدّت المؤرخة المغربية- الهولندية، نادية بوراس، لمزاعم المعلق في صحيفة "تيلغراف" وضحدتها. وقالت في مقابلة إنّ: مثل هذه التصريحات "الخبيثة" كانت تهدف إلى إبقاء المسلمين في حالة دائمة من "الغربة"، على الرغم من أنهم ليسوا كذلك.

وأضافت: "إنها تهدف إلى تأديبهم وإذلالهم، ومن الواضح الآن، معاقبتهم بسحب جنسيتهم إذا لم يفعلوا ما تريد". ونقلت الكاتبة عن عضو البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي الهولندي، محمد شحيم، قوله إن هذه التصريحات هي أيضا وسيلة لتقويض إنجازات المسلمين ودورهم ونفوذهم.


وأبرزت أن مختصا مؤثرا في مجال الاتصالات في الإتحاد الأوروبي ببروكسل، قد أخبرها بأن: "المسلمين يناضلون من أجل الاعتراف بهم، وبغض النظر عن مدى إتقان شخص ما للغة أو حصوله على الدرجات العلمية  أو تبنيه قواعد اللباس الصحيحة، فإن بعض الساسة الانتهازيين سوف يعثرون على شيء ما ويقولون إنه ليس إلا "شاذا عرقيا" غير متوافق مع القيم الأوروبية".

وتعلق إسلام بأن: "هذا محبط بما فيه الكفاية، ولكن المناقشة حول المسلمين الأوروبيين باتت تعبر عن نبرات قاتمة ولم تعد مقتصرة على الساسة اليمينيين المتطرفين".

وأضافت: "الاتهامات الموجهة للمسلمين بأنهم يعيشون غربة دائمة هي نسخة جديدة مما قيل ذات يوم عن يهود أوروبا". ويتفق معاها عالم السياسة النمساوي، فريد حافظ، بالقول: "الآن، أصبح المسلمون متهمين بعدم التكيف، وأصبحوا "الآخر" في أوروبا".

من جهتها، تقول الناشطة في مجال حقوق الإنسان، شذى الريحاوي، التي تعيش في ألمانيا: "بات الأمر أشبه بأننا يهود أوروبا الجدد"، مردفة: "مع بداية العام الجديد أقول لنفسي إن هذا العام سوف يمر أيضا وسيعتاد الأوروبيون على العيش في ظل التنوع، وسيجد اليمين المتطرف هوايات أخرى، وسوف يتوقف الساسة الأوروبيون عن أحاديثهم السامة التي تثير الانقسام بلا مبالاة".

وأضافت: "كثيرا ما أفقد الأمل، فالرد العنيف يزداد سوءا دائما بعد وقوع حادث إرهابي مثل الهجوم الأخير في ماغديبرغ، والذي يستغله أولئك الذين عزموا على وضع كل الناس من أصول إسلامية، أيا كانت خياراتهم الإيديولوجية، تحت الشك".


"مع ذلك، أعتقد أنه في يوم جيد سوف تتغير المواقف مع زيادة عدد المسلمين الذين يتحدثون بصراحة، ويشقون طريقهم إلى أعلى السلم الاجتماعي" تابعت المتحدثة نفسها. مؤكدة: "نعرف حقوقنا الأساسية ونعرف القانون ونحن ناجحون".

وختمت بالقول: "عندما يحدث ذلك، قد يتم الاعتراف أخيرا بالمسلمين الأوروبيين كأفراد ومواطنين بكل تنوعهم المعقد بدلا من اختزالهم في رسوم كاريكاتيرية تبسيطية وقوالب نمطية شرقية. وربما لن نعود حينها ملعونين إذا اندمجنا أو ملعونين إن لم نندمج".

مقالات مشابهة

  • المستشار النمساوي يعتزم التنحي بعد فشل محادثات تشكيل حكومة ائتلافية
  • بلينكن: إدارة بايدن ورثت أزمة اقتصادية ربما تكون الأسوأ منذ الكساد الكبير
  • اليمين المتطرف والضفضع | إيلون ماسك يثير الجدل
  • وقفة لفرع هيئة الموارد المائية بمحافظة صنعاء نصرةً لغزة وتنديداً بالجرائم الصهيونية 
  • فرع هيئة الموارد المائية بصنعاء ينظم وقفة تنديدًا بالجرائم الصهيونية ودعمًا لغزة
  • محلل سياسي: الحرب تخدم اليمين المتطرف ونتنياهو يهرب من محاكماته
  • “على بلاطة”
  • لماذا لا يقبل اليمين المتطرف الأوروبي اندماج المسلمين؟
  • بوفون يفاجئ الجميع: ربما أشارك في كأس العالم للأندية
  • مفرط في الخوف والقلق المبالغ فيه..تعرف على أنواع القلق وطريقة التعامل معهم