عندما ننظر إلى الأميركيين الذين وُلِدوا بعد عام 1995، فإننا نلاحظ امتلاكهم معدلات استثنائية من القلق والاكتئاب وإيذاء النفس والانتحار والهشاشة، وأنه لم يأت جيل من قبل على هذا القدر الوافر من تلك الأزمات النفسية

بهذه الكلمات القاسية، أراد عالم النفس الاجتماعي جوناثان هايدت التعبير عن الحالة النفسية لما يسمى بالجيل "زد" (Z)، الذي وُلِدَ أفراده -بحسب هايدت والكثير من التصنيفات- فيما بين عامي 1997 و2012، إلا إن هايدت لم يكتفِ بهذا التصريح وحده، وإنّما أصدر -رفقة الكاتب الأمريكي جريج لوكانيف، كتابًا كاملًا لتشريح تلك الظاهرة التي رأياها أزمة وطنية محتدمة.

"تدليل العقل الأمريكي: كيف تُنشئ النيات الحسنة والأفكار السيئة جيلًا من الفشلة؟"كان هذا هو عنوان الكتاب الصادم الذي اعتبر أن الجيل المذكور يعاني من طفرة شعورية تجعلهم يضخمون آلامهم ويصنعون من كل مشكلة كارثةً وجوديةً تستحق الانهيار أمامها، ولهذا أطلق عليهم الكاتبان جيل "رقائق الثلج".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيل "زد" في أميركا.. من كل بستان فكرةlist 2 of 2أطفالي يدمنون مواقع التواصل.. ماذا أفعل؟ علماء النفس يجيبونكend of list

للوهلة الأولى، ستظن أن هذا التشبيه دليل على الهشاشة وسرعة التحطم تحت أبسط أشكال الضغط، وهو كذلك بالفعل، لكن ما أراد الكاتبان الإشارة إليه أيضًا هو أن شباب الجيل "زد" كرقائق الثلج في فردانيتها وعدم انتظام هياكلها، فكل رقاقة تسبح بشكلها المتفرد في عالمها الخاص، لتصنع جيلًا فردانيًّا يعاني في معازله الخاصة، ويفتقد الحماية المجتمعية التي يمنحها التحام الأفراد.

فما سبب هذه الفردانية الخاصة وتلك الجُزر المنعزلة؟ وما مدى دقّة أوصاف هايدت ورفيقه لواقع هذا الجيل المتهم بالهشاشة؟ وإن كان.. فما هي الأسباب الداعية إلى هذا التميّز الهش لهذا الجيل مقارنةً بالأجيال السابقة؟ وهل يحمل الجيل "زد" العربي خصائص تميزه عن أقرانه الآخرين؟ وكيف يمكننا -بوجه عام- النظر إلى هذا الخطاب الذي يوجِّه إلى هذا الجيل أصابع الاتهام؟

في دراستها عن الجيل "زد"، تخبرنا عالمة النفس الأمريكية جان توينج أن التصنيف العمري لهذا الجيل قائم بالأساس على ارتباطه بالتقنية وشبكة الإنترنت، باعتباره الجيل الذي لم يعرف الحياة دونها  (بيكسيلز) الحياة بنقرة إصبع

في أحد أيام عام 2012، دخلت الأستاذة الجامعية ليز ستيلوجان مدرّج الطلاب بجامعتها الجديدة لتلقي إحدى محاضراتها؛ لتكتشف بعد عدة دقائق أنها تُطلق صوتها في الهواء بلا أي مردود؛ وأنّها كانت تتنافس طوال ساعات المحاضرة مع أجهزة صغيرة يحملها الطلاب في أيديهم، ولا تمنح المعلِّمة الحاصلة على دكتوراه في الفلسفة شيئًا من انتباه طلّابها.

بالرغم من هذا، فإن ستيلوجان لم تيأس وقررت أن تمنح الطلاب فرصةً للتحرر من هواتفهم، فمنحتهم في أحد الأيام المشمسة المعتدلة استراحة لمدة 15 دقيقة حتى يخرجوا للاستمتاع بالأجواء الربيعية، إلا إن شيئًا لم يحدث، لتُفاجأ بأن الاستراحة مرّت من دون أن يترجّل طالب عن مقعده، و من دون أن يتحدث أحدهم مع الآخر.. لقد انتصرت الهواتف والتهمت الوقت بأكمله .

تلك القصة التي كانت تبدو مدهشة قبل اثني عشر عامًا تبدو الآن مألوفةً إلى حد كبير، لدرجة أنّه لو حدث العكس، وخرج الطلاب في استراحتهم للتمتع بالطبيعة، لكان هذا هو الخبر المدهش بالفعل. لكن ما علاقة هذه القصة ودلالتها بالجيل "زد"؟ هنا نعود إلى التصنيف.

ففي دراستها عن الجيل "زد"، تخبرنا عالمة النفس الأمريكية جان توينج أن التصنيف العمري لهذا الجيل قائم بالأساس على ارتباطه بالتقنية وشبكة الإنترنت، باعتباره الجيل الذي لم يعرف الحياة دونها، ونتيجةً لهذا فإن لهذا الجيل سمات وخصائص متفردة ساهمت في تشكيلها حياة الواقع الافتراضي والاتصال الدائم بمواقع التواصل الاجتماعي.

وبالاعتماد على أربع قواعد بيانات أميركية حول هذا الجيل[*]، استنتجت توينج أن شباب الجيل ينفقون سنوات من أعمارهم ملتصقين بالشاشات، وأن هذا الالتصاق أدّى إلى هروبهم من ممارسات الحياة الواقعية، كما تسبب في تقلص الأوقات التي ينفقونها مع الأصدقاء والأقارب بمعدل النصف، حتى إن عدد الساعات التي أصبح يقضيها الشباب في التفاعل الاجتماعي الحقيقي انخفض خلال الخمسة عشر عامًا الأخيرة بمعدل 7 ساعات أسبوعيًّا.

بالرغم من المميزات الهائلة التي منحتها التقنية لجيل "زد"، فإن هذه الحياة القائمة على نقرة إصبع قد تقف عاجزة في كثير من الأحيان أمام تحديات الحياة التي تحتاج إلى الجسد بأكمله: عقله، وروحه، وجوارحه. (بيكسلز)

ووفقًا لتوينج فإن هذا أدّى إلى إطالة أمد الطفولة والمراهقة؛ نظرًا إلى افتقاد العديد من المهارات الاجتماعية اللازمة للنضج النفسي والعقلي، ونتيجةً لهذا أصبح شباب الجيل "زد" أقل جاهزيةً لمواقف الحياة الحقيقية وأقصر نفسًا في التعامل مع معوقاتها.

تلك الظاهرة التي رصدها عالم الاجتماع البولندي زيجومنت باومان في كتابه "الثقافة السائلة"، واعتبرها نوعًا من تعارض الرغبات الذي يعصف بنفسية إنسان الواقع الافتراضي، أو جيل التقنية بتعبير توينج، إذ إنه يحيا برغبتين متناقضتين: "رغبة في الإحساس بالانتماء داخل جماعة أو داخل تجمع، ورغبة في التميز عن عامة الناس والإحساس بالفردية والأصالة"؛ إنه صراع بين "حلم الانتماء وحلم الاستقلال"، وكذا بين "أمنية التماثل والبحث عن التفرّد".

هل يذكرك هذا بشيء؟ إنها رقائق الثلج التي أصبحت تعزز فردانية أصحابها وتقلِّص من مساحات الامتزاج المشترك، وهو ما أنشأ بدوره أشخاصًا أقل قدرة على تكوين العلاقات الواقعية والصبر عليها، الأمر الذي يؤكِّد عليه الكاتب اللبناني طوني صغبيني حين يرى أن العلاقات العاطفية بين البشر صارت تتناسب عكسيًّا مع الاعتماد على شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما تصفه توينج بتشوه الصورة الذهنية عن الحياة الاجتماعية.

كل هذا يضع الجيل "زد" وشبابه أمام تحديات كبيرة وبالغة، فبالرغم من المميزات الهائلة التي منحتها التقنية لهذا الجيل، المتمثلة في اتساع الوعي العام بمشكلات العالم، والقدرة على التأثير فيه بصورة أكبر وأسرع، فإن هذه الحياة القائمة على نقرة إصبع قد تقف عاجزة في كثير من الأحيان أمام تحديات الحياة التي تحتاج إلى الجسد بأكمله: عقله، وروحه، وجوارحه.

في مهبّ الريح

في سياق متصل، نعود مرة أخرى إلى باومان ولكن في موضع آخر، لنقف أمام سؤال محيِّر لهذا الجيل: "من يحكم على من: الواقع الحقيقي يحكم على الواقع الافتراضي، أم العكس؟!"؛ لنجد أن الإجابة قد تأتينا من المفكر والفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن، الذي رأى أن كثرة التعرض إلى الصورة تبلّد الحس وتؤثر في خيال المتلقي بالسلب، حتى إنه لا يعود -مع الوقت- قادرًا على التفرقة بين الصورة الافتراضية والصورة الواقعية.

وهو ما يعني أن تعريف توينج الجيل "زد" بـ"iGen" أو "جيل الإنترنت" هو تعريف ذو وجاهة؛ لكونه يربط بين آثار الإنترنت وبين التكوين النفسي والإدراكي لهذا الجيل. ولو أردنا مزيدًا من التوضيح فيمكننا الانتقال إلى الكاتبة الصحفية فرانسيس بوث وكتابها "مصيدة التشتت"؛ حيث ترى أن الإغراق في عالم التواصل الافتراضي -أو عالم الصورة بتعبير عبد الرحمن- يصنع منّا فريسةً طيّعة للتشتت ويفقدنا التركيز العميق في أي شيء، وهو ما يؤدّي إلى ضمور مساحات التأمل الخاصة في ذواتنا وفي حياتنا بوجه عام.

الأمر الذي تؤكده بالفعل عالمة الأعصاب البريطانية سوزان غرينفيلد في كتابها "تغير العقل"؛ حين تقول إنه بالرغم من سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي على مختلف الطبقات والأجيال، فإن ثمّة فرقًا محوريًّا بين من طرأ على حياتهم هذا الواقع الافتراضي فصاروا يزورونه بين الحين والآخر، وبين المواطن الرقمي الذي استحوذ عليه هذا العالم فصار ملتصقًا به، وأصبح يجهل أي سبيل للحياة خارجه.

هذا الفرق هو ما ذكرته بوث، ولفتنا إليه عبد الرحمن: فقدان الصورة الواقعية عن الذات والجهل بحقيقتها، نظرًا إلى الجهل بحقيقة الحياة، وهذا تحديدًا هو ما يُنشئ الهشاشة النفسية التي يتم التلويح بها عند الحديث عن الجيل "زد"، والتي لو أردنا الحكم على مدى وجاهتها لوجدنا أن ثمة جوانب تؤيد تلك الوجاهة وتدعمها بالفعل.

فبالعودة إلى فكرة تضخيم الألم ورقائق الثلج، سنجد أن افتقاد الصورة الحقيقية عن الذات يشوش حقيقة الألم ويميّع الحكم عليه؛ لينتج لنا في النهاية ما يمكن تسميته بظاهرة "الاستمراض النفسي" -إن جاز التعبير- التي تصنّف الآلام المعنوية كلها بالتصنيف نفسه: مرض نفسي. وهو ما يدفع في النهاية نحو هشاشة النفسية وإفقاد صاحبها الثقة في ذاته وقدرته على التعامل مع صعوبات الحياة.

وبنظرة بسيطة نحو الواقع الافتراضي الذي نحن بصدده، سنجد أننا أمام "موضة" واسعة من الانتماء لأحد الاضطرابات النفسية، وأن تلك "الموضة" أصبحت تغري العديد من الشباب بأن مشاكل الحياة المتعددة هي نتاج مرض نفسي أصابنا ولا حل له إلا عند الطبيب النفسي، أو الساحر المُخلِّص من العذاب كما ينظر إليه الكثير من الشباب.

وفي كتابه "الهشاشة النفسية" حاول الكاتب المصري إسماعيل عرفة أن يرصد إحصائية غريبة وفريدة من نوعها حول موقع الاستشارات Ask.fm""؛ حيث وجد أن الإجابات الداعية إلى زيارة طبيب نفسي بلغت قرابة 20 ألف إجابة من 120 حساب فقط. لكن المفارقة الدالة هنا هي أن من بين المدعوين إلى زيارة الطبيب النفسي طالبة تشتكي من صعوبة امتحاناتها، وأخرى تشتكي انفصالها عن خطيبها، وأخرى تشعر بالحزن والرغبة في البكاء… إلى آخر المشكلات الحياتية التي تحتاج آليات أخرى للتعامل معها خارج مظلة الطب النفسي.

وعلى نطاق عالمي، رصد الطبيب النفسي الأمريكي آلن فرانسيس تلك الظاهرة في كتابه "حفاظًا على السواء النفسي: ثورة داخلية على إفراط التشخيص في الطب النفسي"، ليخبرنا بأن الحزن ليس مرادفًا للمرض، وأنه لا يوجد تشخيص خاص لكل إحباط ولا عقار لكل مشكلة.

وهو ما يوافقه أستاذ علم الاجتماع فرانك فوريدي، مصرحًا بأن "الحزن ليس مؤشرًا للمرض النفسي، وإنّما هو جزء متكامل من الموجود الإنساني، وأنه عندما يتم تحويل الحزن الطبيعي إلى مرض نفسي، فإنَّ المراهقين والشباب الصغار لن يتمكنوا من تطوير وسائلهم الخاصة للتغلب على التجارب المؤلمة". وهنا تحديدًا تظهر الهشاشة التي يُتهمون بها. لذا، وبناءً على هذا التسلسل، هل يمكننا إلقاء اللوم على الجيل "زد" بالفعل؟

جناة وضحايا!

فارغون عاطفيًّا، معظِّمون لمشاعرهم، يشعرون بالخواء ويمتلكون حساسية زائدة اتجاه كل شيء، وهم -فضلًا عن ذلك- لا يقدرون على تحمل الأزمات، بل يبرون كل سلوك همجي وسيئ بسبب حالتهم النفسية السيئة.

ما قرأته الآن ليس وصفًا لمجموعة من المجرمين أو الوحوش الآدمية، ولكنّه -بحسب صاحب كتاب "الهشاشة النفسية"- وصف متكرر، وسمات درج الاستشهاد بها، عند الحديث عن الجيل "زد"، فهل هم حقًّا بهذه الصورة المزعجة؟ أم أنهم يرون أنفسهم بصورة مغايرة؟

الانفتاح الواسع الذي صنعته الثورة الرقمية لهذا الجيل، يجعلنا أمام أكثر الأجيال درايةً بكوارث العالم وطغيانه المعاصر (بيكسلز)

لأجل هذا، وفي محاولة لسد الفراغ الإحصائي في هذا السياق، حاولنا إجراء استطلاع خاص لآراء هؤلاء الشباب عن أنفسهم، وعن خطابات الهشاشة التي أصبحت تلتصق بهم عند الحديث عن أزماتهم الخاصة. وعند سؤالهم "هل تشعرون بأن الخطابات عن الهشاشة النفسية للجيل "زد" وتضخم مشاعر أفراده صحيحة أم لا؟" أجاب 67 منهم -من أصل 565- بـ"نعم" مباشرة ومقتضبة ودون أيّ تفاصيل، في حين رأى 16 منهم أن "لا" هي الإجابة المناسبة، وأعرب "4" عن حيرتهم وعدم حسمهم لإجابة، ورأى 478 شخصًا آخرين أن إجابتهم تحتاج إلى تفصيل.

وبعيدًا عن تفاصيل الإجابات، التي يطول بسطها ولا يتسع المقام هنا لها، فإن النتيجة المستخلصة من هذا الإحصاء السريع هي افتقاد هؤلاء الشباب لخطاب وسيط يستمع إليهم ويقدِّم لهم إجابات عن حيرتهم ومشاعرهم المتلاحقة دون أن يقتصر هذا الخطاب على وصفهم بالهشاشة وحسب.

ولو أردنا تتبع تلك الهشاشة -التي يشهد الواقع بحضورها بشكل كبير كما أسلفنا- فسنجد أننا ربما نكون أمام جيل من الضحايا الذين تحولوا مع الوقت إلى جناة. ففي كتابها "بؤس المدرسة: فرط الأبوة، رقائق الثلج المميزة، وهراء آخر"، تعزو المعلمة الأميركية جين موريس تلك الهشاشة إلى فرط الأبوة المتمثلة في التدليل الزائد على الحد، ملقيةً باللوم الأكبر على العديد من نظريات "التربية الإيجابية" التي تؤلِّه الصغار وتحيّد أي سبيل للتقويم الحازم لهم، وهو ما يفضي في النهاية إلى النتيجة التي نحن بصددها.

لكن إذا انطبق هذا الأمر على الثقافة الأميركية أو الغربية بوجه عام، فهل هو متحقق في واقعنا العربي بالدرجة ذاتها؟ ربما لا نمتلك الإحصاءات التي ترصد هذه الفروق وتؤطِّرها، ولكن بنظرة خاطفة على الواقع سنجد أن ازدهار هذه الفلسفات التربوية في واقعنا العربي هو أمر طارئ وحديث بعض الشيء، ولا يمكن أن نمدّه بضمير مطمئن إلى نهاية تسعينيات القرن العشرين.

وبالحديث عن وطننا العربي، فإننا قادرون على ملاحظة أمور أخرى قد تؤدي دور البطولة في تفسير الهشاشة النفسية لهذا الجيل، وقد أشار إليها بالفعل عدد من الشباب في الاستبيان المذكور، منها على سبيل المثال ثورات الربيع العربي وما حملته من طموحات بالغة التفاؤل، قبل أن ترتد بطموحاتها إلى ما يعتبره الكثير من الشباب فشلًا ذريعًا أدى إلى هزّات نفسية متتابعة.

وفي هذا السياق يمكننا الالتفات إلى ما يقوله عالم السياسة الفرنسي ألكسيس دي توكفيل عن الثورات وما يتبعها، إذ يرى أنه بعد أن تكتمل الثورات "يظل ما خلفته من عادات ثورية قائمًا في الأمة زمنًا طويلًا"؛ ونتيجة لهذا "تعقب الثورة اضطرابات اجتماعية عميقة"، وهو ما أصبح يُعرَف باكتئاب ما بعد الثورات.

وبحسب الكاتب زياد عقل، فإن اكتئاب ما بعد الثورات "ليس غضبًا عاديًّا، ولا مرحلةً سريعة حدثت بسبب شروط معينة، وإنما هو اضطراب ملحوظ بأعراض يمكننا ملاحظتها بسهولة"، وهذا الاكتئاب يعتبر مأزقًا مشتركًا ونوبات من الحزن المتواصل لدى الجيل بأكمله؛ فهو فقدان للأهداف الأصيلة لجيل الشباب، وفشل في البحث عن بدائل في الوقت ذاته.

وكذلك بالعودة إلى ما سبق ذكره عن الانفتاح الواسع الذي صنعته الثورة الرقمية لهذا الجيل، فسنجد أننا أمام أكثر الأجيال درايةً بكوارث العالم وطغيانه المعاصر، وهو ما يلقي بظلاله أيضًا على نفسيات هذا الجيل المقهور، فضلًا عن الأزمات الاقتصادية التي أصبحت تعصف بالشباب وتمنعهم من حقوق صارت في مصاف الأحلام.

فهذه الأسباب وغيرها، تصنع شيئًا من التمايز لدى جيل "زد" العربي، وتشرح شيئًا عن المعاناة النفسية التي يحياها، والتي تحتاج جهدًا بحثيًّا وتحليليًّا لإدراكها وبسطها، وتقدم خطابًا أكثر تماسكًا وشموليةً لهذا الجيل الذي يحتاج إلى من يبصِّره بمنشأ مشكلاته وكيفية تجاوزها أكثر من حاجته إلى من يخبره بأنّه صار مشكلةً في حد ذاته.

________

الهوامش

[*]: قواعد البيانات الأربع هي:

1- قاعدة "مراقبة المستقبل" (MtF)، وتُجرى بواسطة جامعة ميشيغان، وتجمع إجابات طلاب السنة النهائية في المدرسة الثانوية عن أكثر من ألف سؤال سنويًّا منذ عام 1976، وطلاب الصفين الثامن والعاشر منذ عام 1991.

2- "نظام مراقبة سلوكيات المخاطر لدى الشباب" (YRBSS)، وتديره مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) منذ عام 1991 لطلاب المدارس الثانوية.

3- "استطلاع الطلاب المستجدين الأميركيين" (A.F.)، ويُجرى بواسطة معهد أبحاث التعليم العالي منذ عام 1966.

4- "المسح الاجتماعي العام" (GSS)، ويفحص البالغين الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا فأكثر منذ عام 1972، ويديره مركز أبحاث الرأي الوطني (NORC) في جامعة شيكاغو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أبعاد

إقرأ أيضاً:

زقوط: معهد أورام مصراتة يعاني نقص الأدوية والجرعات

قال مدير مكتب الإعلام بالمعهد القومي لعلاج الأورام في مصراتة، أحمد زقوط، في تصريح صحفي، الجمعة، إنهم يعانون من نقص في الأجهزة والأدوية والمشغلات، إضافة إلى الحاجة للصيانة الدورية للأجهزة.

وأضاف زقوط أن المركز يستقبل قرابة 75% من المرضى من خارج مدينة مصراتة، بسبب عدم وجود مراكز متخصصة في بلدياتهم ونقص بعض الأنواع من الجرعات.

وتابع أن المرضى يضطرون لتوفير جرعاتهم غير الموجودة في المركز عن طريق القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن ما يتم توفيره من القطاع الخاص يكون أقل جودة، ناهيك عن ارتفاع أسعاره.

وأوضح أن الكوادر الطبية والطبية المساعدة متواجدة في المركز، لكن الإشكالية تكمن في توفير المشغلات الخاصة بالتصوير والتحاليل، لعدم وجود صيانة دورية والضغط الحاصل على ما يعمل منها.

وبيّن زقوط أن الميزانيات التي تصل للمركز لا تكفي مقابل الخدمات التي تُقدَّم للمرضى من كل المدن الليبية.

وفي سياق متصل، نوه إلى أن المركز جاهز لتقديم العلاج للمرضى الذين يحتاجون لمتابعة يومية يومي الأحد والاثنين، رغم كونهما عطلة رسمية، حرصًا على استمرار تلقي علاجهم في مواعيده المحددة.

مقالات مشابهة

  • حلمي عبد الباقي: الجيل الحالي من المطربين محظوظ
  • جمعة عتيقة: يبدو أن الحياة ترفض العودة لهذا البلد
  • زقوط: معهد أورام مصراتة يعاني نقص الأدوية والجرعات
  • لوفيغارو: اقتصاد إسرائيل يعاني بسبب حرب غزة
  • أطفال العراق رابعا عربيا من حيث الأكثر رفاهية
  • من هم الأطفال الأكثر رفاهية في الدول العربية؟
  • النائب أيمن محسب: "بداية لبناء الإنسان" يستهدف تعزيز رفاهية المواطن
  • حزب الجيل يشيد بجلسة «تشريعية النواب» التاريخية: انتصار للحقوق والحريات
  • «الدفاع الإسرائيلية» تتوقع زيادة الإصابات النفسية للعسكريين بنسبة 172%
  • الخارجية تناقش الصعوبات التي يعاني منها المبتعثين الليبيين