عمان 27 آب – قال الناقد والمفكر السعودي الدكتور سعد البازعي، إن التأزم حالة حرجة يمر بها الإنسان وتمر بها المجتمعات مثلما تمر بها الثقافات والعلوم والتشكيلات الأكبر، أي الحضارات.

وأضاف في حوارية مساء أمس الاثنين، نظمها منتدى عبد الحميد شومان بعمان، بعنوان “أزمة المثاقفة في الفكر العربي المعاصر”، وأدارها الناقد والباحث الدكتور محمد عبيد الله، أنه حين تطور علم الكلام في الحضارة العربية الإسلامية في القرن الثاني الهجري، الثامن الميلادي، كان ذلك نتيجة لتأزم تمثل في دخول عقائد وأفكار جديدة على عالم ينعم بطمأنينة الإيمان بالدين الجديد، وهو الإسلام، مشيرا إلى أن علم الكلام كان محاولة جادة للخروج من أزمة ذلك التدفق لأفكار ومعتقدات الآخر والذي تمثل حينذاك بالثقافتين الفارسية واليونانية.

وكذلك هو الحال حين تنامت الفلسفة ومختلف العلوم، بل حين ازدهرت الترجمة واشتغل الفكر على مختلف المستويات، كان ذلك كله ناشئاً عن شعور بتأزم، وذلك التأزم ليس خارجياً دائماً أو بالضرورة، بل كان داخلياً أيضاً، نتيجة لصراع الأفكار والمذاهب والمصالح. وأدى التأزم في كل تلك الحالات إلى تنامي حالة حضارية عرفت لاحقاً بالحضارة العربية الإسلامية التي هيمنت على العالم قروناً عديدة.

وقال إن “الفكر العربي المعاصر، أو الذي يمكن أن يوصف بأنه فكر، يصدر بعيداً عن الحلول السهلة والتفكير المؤدلج، أي أنه فكر يصدر عن وعي بالتأزم وبالتحديات، بمعنى أن صناعة الأفكار سواء كانت مفاهيماً أو نظريات أو فلسفات، لابد لها أن تستوعب تعقيدات التفاعل مع الواقع المحيط، الواقع القريب والبعيد، ومع الآخر المختلف ثقافياً والمؤثر ثقافياً أيضاً، كما هو حال التفاعل مع الفكر الغربي.

مقالات ذات صلة مهرجان الحصاد العاشر للثقافة والفنون ينطلق مساء الخميس في مركز إربد الثقافي 2024/08/25

وأكد الدكتور البازعي أهمية تحديد نوع التأزم، والسبل الممكنة لتجاوزه من أجل تبلور فكر عربي أكثر استقلالية، ومن ثم أكثر إثراء لرؤيتنا لأنفسنا وللعالم، وأكثر قدرة أيضاً على الإسهام في الفكر العالمي، أي في ما ينتجه العالم اليوم من فلسفات ونظريات ومفاهيم وأفكار تواجه مشاكل العصر وتقترح الحلول لها.

ونوه إلى أن الفكر العربي اليوم يتخلق نتيجة لسعي المفكرين للعثور على موقع لهم أمام التدفق الفكري القادم من الآخر، الغرب تحديداً، والحاجة أيضاً إلى استيعاب الواقع العربي من جهة أخرى.

وأوضح أن منتجو المعرفة، وهم المفكرون والعلماء والمبدعون في شتى المجالات، يواجهون تيارات العصر الفكرية والإبداعية من ناحية، مثلما يواجهون واقعهم وماضيهم، من ناحية أخرى. وفي الوقت نفسه هناك واقع الحياة العربية اليومية التي تتأثر بدورها بما ورثته من معتقدات وتقاليد وكذلك بما تفيض به وسائل الإعلام وشبكات التواصل من مؤثرات، مضيفا أن الفكر العربي أو منتجو المعرفة العربية بحاجة إلى استيعاب الجانبين معاً: ما يصلهم من تيارات ونظريات وفلسفات، وما يعيشون بين جنباته من متغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية، وهنا أحد مكامن التأزم. لا يمكن لفكر أو معرفة عربية أن تنتج بمعزل عن هذه كلها

وكان الدكتور محمد عبيدالله، أكد في بداية الحوارية على أهمية التطرق إلى أزمة “التثاقف” في الفكر العربي المعاصر، والبحث عن حلول لها، باعتبار أنها تجاوزت المرحلة الطبيعة.

وبين أن “التثاقف” هو مصطلح مشتق من كلمة الثقافة التي تعد شديدة التعقيد لكثرة استعمالاتها وتحولاتها، مشيرا الى أن “التثاقف” هو أحد سبل الانفتاح والتبادل، ويطلق على التغيرات في الممارسات والمواقف والأفكار والمعتقدات والتقاليد وأنماط السلوك ونحو ذلك مما يطرأ عليه التغيير نتيجة الاتصال بثقافات مختلفة.

يشار إلى أن الدكتور سعد البازعي، هو مؤلف ومترجم وناقد من المملكة العربية السعودية، عمل أستاذاً لآداب اللغة الإنجليزية والأدب المقارن بجامعة الملك سعود بالرياض، ورئيساً لتحرير الموسوعة العربية العالمية، وعضواً بمجلس الشورى السعودي، كما رأس لجنة التحكيم لجائزة الرواية العربية العالمية (البوكر) لعام 2014، وشغل عضوية المجلس الدولي لدعم الثقافة باليونسكو.

له 24 مؤلفاً وسبعة كتب مترجمة، إلى جانب العديد من الأوراق البحثية المنشورة باللغتين العربية والإنجليزية.

نال عدداً من الجوائز منها: جائزة السلطان قابوس للنقد الأدبي، جائزة وزارة الثقافة والإعلام السعودية لكتاب العام، جائزة البحرين للكتاب، ومؤخراً جائزة الدوحة للكتاب العربي. وكرم في عدد من المناسبات. ويشغل حالياً منصب رئيس جائزة القلم الذهبي للرواية الأكثر انتشاراً.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: فی الفکر

إقرأ أيضاً:

مصر.. بيان رسمي حول أزمة سفينة “التغويز” وتأثيرها محليا

مصر – ردت الحكومة المصرية على ما أثير حول وجود أعطال في سفينة إعادة التغويز في منطقة العين السخنة والتي تتولى مهمة تحوّيل الغاز المسال إلى صورته الغازية.

وأوضح بيان لوزارة البترول والثروة المعدنية أن وحدة التغويز تعمل دون أي مشكلات تعيق تلبية احتياجات السوق من الغاز الطبيعي.

وأضاف بيان وزارة البترول المصرية أن عدم استقبال بعض شحنات الغاز المسال يأتي في إطار “تحديث نماذج الإنتاج والاستهلاك” وفق الأرقام الفعلية.

وأكدت وزارة البترول أن عدم استقبال بعض شحنات الغاز يأتي بهدف الوصول إلى مزيج الطاقة الأمثل والأكثر كفاءة مع مراعاة خفض الفاتورة الاستيرادية قدر الإمكان، في ضوء ما تتيحه التعاقدات التي أبرمتها الوزارة من مرونة في تعديل مواعيد استقبال الشحنات المتفق عليها مسبقًا.

وكانت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية إيجاس (EGAS) قد وقّعت عقدا مع شركة هوج النرويجية (Galleon) لاستئجار سفينة إعادة التغويز هوج غاليون (Hoegh Galleon.

وتختص سفنية التغويز بتحويل الغاز المسال إلى صورته الغازية واستأجرتها مصر خلال المدة بين شهري يونيو/حزيران (2024) وفبراير/شباط من عام 2026 في خطوة يُتوقع أن تخفف من حدّة أزمة الكهرباء المحلية.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • ندوة في إب بعنوان “وحدة الأمة الإسلامية في مواجهة الأعداء”
  • محافظة الجموم تكرم “شاعر القمة” عايض الزراقي
  • "أكتوبر في الأدب العربي المعاصر" في مناقشات المؤتمر العام لأدباء مصر بالمنيا
  • وزير الخارجية يشارك في جلسة حوارية بعنوان "حوار من أجل السلام" (صور)
  • أكتوبر في الأدب العربي المعاصر.. ثاني الجلسات البحثية بمؤتمر أدباء مصر
  • مبادرة “بالعربي” تحصد جائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية بدورتها الثالثة
  • ” أبوظبي للإعلام ” تطلق “جائزة الدانة” بمعرض أبوظبي للقوارب 2024
  • اليوم الثاني من “مهرجان تنوير” يبهر الجمهور بعروض عالمية وورش عمل وفنون إبداعية
  • مصر.. بيان رسمي حول أزمة سفينة “التغويز” وتأثيرها محليا
  • الخطوط السعودية تحصد جائزة “أفضل طاقم مقصورة”