لماذا يجب عليك أن لا تثق في عواطفك؟
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
هناك سببان لفعل أي شيء بالحياة، الأول: لأنك تفعل شيئاً يشعرك بالسعادة، أو لأنك تعتقد أنه جيد وصحيح، في بعض الأحيان يتوافق السببان، فشيء ما يشعرك بالسعادة، وهو صحيح، لكن أغلب الأحيان، لا يتوافق الأمران، فربما تشعر بشيء سيئ ولكنه صحيح، وربما تشعر بشيء رائع لكنه سيء،
إن التصرف بناءً على مشاعرنا، أمر سهل، فأنت تشعر به، ثم تقوم به، وينجم عنه شعور بالارتياح، لكنه شعور سريع بالرضا يختفي بنفس السرعة التي جاء بها، إن التصرف بناءً على ما هو جيّد، أمر صعب لأننا لا نعلم الغيب، ولكن عندما نفعل ما هو جيّد، فإن التأثيرات الإيجابية تدوم لفترة أطول، فنشعر بالفخر عندما نتذكر ذلك بعد سنوات، يجب علينا أن نتجاهل مشاعرنا، ونفعل ما هو جيّد طوال الوقت، فالمشكلة أن الدماغ لا يحب أن يشعر بالصراع، فيما يتعلق باتخاذ القرارات،
فالدماغ لا يحب عدم اليقين، أوالغموض، والطريقة المفضلة لعقلنا، هي أنه يحاول دائمًا إقناع نفسه بأن كل ما نشعر به جيّد وصحيح، وهنا يقع الإختيار علي مشاعرك التي لا يمكن أن تخبرك بما هو الأفضل للآخرين، بل تخبرك بما هو الأفضل لك، فالمشاعر لا وجود لها إلا باللحظة التي تظهر فيها، فمشاعرك لا تستطيع أن تخبرك بما سيكون جيّدًا لك بعد أسبوع أو عام، ولا تستطيع أن تخبرك بما كان الأفضل لك، عندما كنت طفلاً، كل ما تستطيع فعله، هو أن تخبرك بما هو الأفضل لك الآن، المشكلة أنه عندما تبدأ بمحاولة التحكم بمشاعرك، تتضاعف هذه المشاعر،
فالمشاعر أربعة أنواع من المشاعر الماورائية، الأولى: الشعور بالسوء، أو كراهية الذات، الشعور بالسوء بسبب الشعور الجيّد، وهو الشعور بالذنب، الشعور بالرضا عن الشعور بالسوء، وهو البر الذاتي، الشعور بالرضا عن الشعور بالرضا، وهو الأنا أو النرجسية، والمشاعر الماورائية، هي جزء من القصص التي نرويها لأنفسنا عن مشاعرنا، فهي تجعلنا نشعر بأننا محقين في غيرتنا، وتشيد بنا على كبريائنا، وتدفعنا للشعور بالألم، إنها بالأساس إحساسنا بما هو مبرر، أو غير مبرر، وقبولنا لكيفية استجابتنا عاطفياً، إن الكثير من الصراعات الاجتماعية التي نشهدها اليوم، هي نتيجة لهذه المشاعر، لذلك لا تثق بمشاعرك طوال الوقت، ففي بعض الأحيان، قد تجعلك الأشياء الجيّدة، تشعر بالسوء، وفي بعض الأحيان تجعلك الأشياء السيئة، تشعر بالسعادة، لا يعني هذا بالضرورة أن تتجاهل مشاعرك، فالمشاعر مهمة، ولكنها ليست مهمة للأسباب التي نعتقد أنها كذلك، فنحن نعتقد أنها مهمة، لأنها تقول شيئًا عنا، وعن العالم، وعلاقتنا به، لكنها لا تقول أيًا من هذه الأشياء، فلا معنى للمشاعر، ففي بعض الأحيان، تتألم لسبب وجيه، وفي بعض الأحيان، لسبب سيء، وفي بعض الأحيان، لا يوجد سبب على الإطلاق، فالألم في حدّ ذاته محايد، أمّا السبب، فهو منفصل.
NevenAbbass@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: فی بعض الأحیان بما هو
إقرأ أيضاً:
لماذا نهى الله عن السخرية من الآخرين؟.. للحفظ من 3 ابتلاءات
لاشك أن ما يطرح السؤال عن لماذا نهى الله عن السخرية ؟ هو شيوع هذا الفعل بين الكثيرين من الصغار والكبار في المجتمع ، فيما أن من شأن إجابة هذا السؤال عن لماذا نهى الله عن السخرية ؟ أن تضع حدًا وتوقف انتشار هذه العادة السيئة، ومن هنا يمكن القول بضرورة معرفة لماذا نهى الله عن السخرية ؟.
هل رؤية القمل في المنام رزق وخير أم شر ودين؟.. انتبه لـ17 حقيقةهل سورة ق تعالج القرين والجن وتضعفه؟.. انتبه لـ10 حقائق وأسرار لماذا نهى الله عن السخرية- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات: 11] .
قال ابنُ كثيرٍ: (ينهى تعالى عن السُّخْريَّةِ بالنَّاسِ، وهو احتِقارُهم والاستِهْزاءُ بهم... فإنَّه قد يكونُ المحتَقَرُ أعظَمَ قَدرًا عِندَ اللهِ، وأحَبَّ إليه من السَّاخِرِ منه المحتَقِرِ له... وقولُه: وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ، أي: لا تَلمِزوا النَّاسَ. والهَمَّازُ اللَّمَّازُ من الرِّجالِ مذمومٌ ملعونٌ... وقولُه: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ، أي: لا تتداعَوا بالألقابِ، وهي التي يسوءُ الشَّخصَ سَماعُها) .
وقال ابنُ جريرٍ: (إنَّ اللهَ عَمَّ بنَهْيِه المُؤمِنين عن أن يَسخَرَ بعضُهم من بعضٍ جميعَ معاني السُّخْريَّةِ؛ فلا يَحِلُّ لمُؤمِنٍ أن يَسخَرَ من مُؤمِنٍ لا لفَقرِه، ولا لذَنبٍ رَكِبَه، ولا لغيرِ ذلك) .
- وقال سُبحانَه: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ [الهمزة: 1-4] . (وَيْلٌ أي: وَعيدٌ ووَبالٌ وشِدَّةُ عَذابٍ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الذي يَهمِزُ النَّاسَ بفِعلِه، ويَلمِزُهم بقولِه؛ فالهَمَّازُ: الذي يعيبُ النَّاسَ ويَطعَنُ عليهم بالإشارةِ والفِعلِ، واللَّمَّازُ: الذي يعيبُهم بقَولِه. ومِن صفةِ هذا الهَمَّازِ اللَّمَّازِ أنَّه لا هَمَّ له سوى جمعِ المالِ وتعديدِه والغِبطةِ به، وليس له رَغبةٌ في إنفاقِه في طُرُقِ الخيراتِ وصِلةِ الأرحامِ، ونحوِ ذلك) .
ولقد سجَّل القرآنُ الكريمُ عاقِبةَ السَّاخِرينَ والمُستَهزِئينَ من المُؤمِنين، وأخبَرَ بانعِكاسِ الوضعيَّةِ يومَ القيامةِ بصورةٍ يُصبِحُ السَّاخِرون مَوضِعَ سُخريَّةٍ واستهزاءٍ من طَرَفِ عبادِه المُستَضعَفين في هذه الدُّنيا؛ قال الحَقُّ سُبحانَه: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ [المطففين: 29-34] ) .
- وقال تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ [الزمر: 56] .
قال ابنُ كثيرٍ: (قَولُه: وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ، أي: إنَّما كان عملي في الدُّنيا عَمَلَ ساخِرٍ مُستَهزئٍ غيرِ مُوقِنٍ مُصَدِّقٍ).
ورد عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((حكيتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلًا فقال: ما يَسُرُّني أنِّي حكيتُ رَجُلًا وأنَّ لي كذا وكذا، قالت: فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ صفيَّةَ امرأةٌ- وقالت بيَدِها هكذا، كأنَّها تعني قصيرةً- فقال: لقد مَزَجْتِ بكَلِمةٍ لو مَزَجْتِ بها ماءَ البحرِ لمُزِجَ)) . وفي روايةِ أبي داودَ قالت: ((حَسْبُك من صفيَّةِ كذا وكذا!)) . (قولُه: ((وقالت بيَدِها))، أي: أشارت بها ((تعني قصيرةً))، أي: تريدُ عائشةُ كونَها قصيرةً، وفي المِشكاةِ: "قُلتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: حَسْبُك من صفيَّةَ كذا وكذا، تعني قصيرةً ((لقد مزَجْتِ بكَلِمةٍ)) أي: أعمالَك، ((لو مُزِج)) بصيغةِ المجهولِ، أي: لو خُلِط ((بها))، أي: على تقديرِ تجسيدِها، وكونِها مائعةً "لمُزِج" بصيغةِ المجهولِ أيضًا، والمعنى: تغَيَّرَ وصار مغلوبًا. وفي المِشكاةِ: لقد قُلْتِ كَلِمةً لو مُزِج بها البَحرُ لمزَجَتْه. قال القاريُّ: أي: غلبَتْه وغيَّرَتْه. قال القاضي: المَزْجُ: الخَلطُ والتَّغييرُ بضَمِّ غيرِه إليه) .
-وقَولُه ((ما أُحِبُّ أنِّي حكيتُ إنسانًا)): (أي: فعَلْتُ مِثلَ فِعلِه أو قُلتُ مِثلَ قولِه، مُنَقِّصًا له، يقال: حكاه وحاكاه، قال الطِّيبيُّ: وأكثَرُ ما تُستعمَلُ المحاكاةُ في القبيحِ، ((وأنَّ لي كذا وكذا))، أي: لو أُعطيتُ كذا وكذا من الدُّنيا، أي: شيئًا كثيرًا منها بسَبَبِ ذلك، فهي جملةٌ حاليَّةٌ واردةٌ على التَّعميمِ والمبالغةِ، قال النَّوويُّ: من الغِيبةِ المحرَّمةِ المحاكاةُ بأن يمشيَ متعارِجًا أو مطاطيًا رأسَه، أو غيرَ ذلك من الهيئاتِ) .
- عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّه كان يجتَني سِواكًا من الأراكِ، وكان دقيقَ السَّاقينِ، فجعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُه ، فضَحِك القومُ منه! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مِمَّ تضحَكون؟ قالوا: يا نَبيَّ اللهِ، مِن دِقَّةِ ساقَيه! فقال: والذي نفسي بيَدِه، لهما أثقَلُ في الميزانِ من أُحُدٍ!)) .
- وعن أبي هُرَيرةَ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَحاسَدوا، ولا تَناجَشوا ، ولا تَباغَضوا، ولا تَدابَروا ، ولا يَبِعْ بَعضُكم على بَيعِ بَعضٍ، وكونوا عبادَ اللهِ إخوانًا، المُسلِمُ أخو المُسلِمِ، لا يَظلِمُه ولا يَخذُلُه، ولا يَحقِرُه، التَّقوى هاهنا -ويُشيرُ إلى صَدْرِه ثلاثَ مرَّاتٍ-، بحَسْبِ امرئٍ من الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاه المُسلِمَ، كُلُّ المُسلِمِ على المُسلِمِ حرامٌ: دَمُه، ومالُه، وعِرْضُه)) .
قوله: ((بحَسْبِ امرئٍ من الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاه المُسلِمَ))، (يعني: يكفي المُؤمِنَ من الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاه المُسلِمَ، وهذا تعظيمٌ لاحتقارِ المُسلِمِ، وأنَّه شَرٌّ عظيمٌ، لو لم يأتِ الإنسانُ من الشَّرِّ إلَّا هذا لكان كافيًا؛ فلا تَحقِرَنَّ أخاك المُسلِم، لا في خِلقتِه، ولا في ثيابِه، ولا في كلامِه، ولا في خُلُقِه، ولا غيرِ ذلك، أخوك المُسلِمُ حَقُّه عليك عظيمٌ؛ فعليك أن تحتَرِمَه وأن تُوَقِّرَه، وأمَّا احتِقارُه فإنَّه محرَّمٌ، ولا يَحِلُّ لك أن تحتَقِرَه) .
عواقب السخرية1- أنَّ السُّخْريَّةَ والاستِهْزاءَ تقطَعُ الرَّوابِطَ الاجتماعيَّةَ القائمةَ على الأخُوَّةِ، والتَّوادِّ، والتَّراحُمِ.
2- تَبذُرُ بُذورَ العداوةِ والبغضاءِ، وتورِثُ الأحقادَ والأضغانَ.
3- تُوَلِّدُ الرَّغبةَ بالانتِقامِ.
4- أنَّ ضَرَرَ الاستِهْزاءِ بالمُؤمِنين راجِعٌ إلى المُستَهزِئين بهم.
5- حُصولُ الهوانِ والحَقارةِ للمُستهزئِ.
6- المُستهزئُ يُعَرِّضُ نفسَه لغَضَبِ اللهِ وعذابِه.
7- ضَياعُ الحَسَناتِ يومَ القيامةِ.
8- تُوَلِّدُ الشُّعورَ بالانتِقامِ.
9- السُّخْريَّةُ نذيرُ شُؤمٍ للسَّاخِرين؛ فقد كان الغَرَقُ عاقِبةَ قومِ نُوحٍ الذين كفَروا باللهِ وسَخِروا من نوحٍ عليه السَّلامُ.
10- السُّخْريَّةُ تُفقِدُ السَّاخِرَ الوَقارَ، وتُسقِطُ عنه المروءةَ.
11- السَّاخِرُ يَظلِمُ نَفسَه بتحقيرِ مَن وقَّره اللهُ عزَّ وجَلَّ، واستصغارِ مَن عَظَّمه اللهُ.
12- السُّخْريَّةُ تُميتُ القلبَ، وتُورِثُه الغَفلةَ، حتَّى إذا كان يومُ القيامةِ نَدِم السَّاخِرُ على ما قدَّمَت يداه، ولاتَ ساعةَ مَندَمٍ! أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ [الزمر: 56] .
13- السُّخْريَّةُ من سماتِ الكُفَّارِ والمُنافِقين، وقد نُهينا عن التَّشبُّهِ بهم.
14- السَّاخِرُ متعَرِّضٌ للعُقوبةِ في الدَّارِ العاجِلةِ أيضًا، بأن يحدُثَ له مِثلُ ما حدَث للمَسخورِ منه.
15- بُعدُ النَّاسِ عن المُستهزِئِ؛ لخوفِهم منه، وعَدَمِ سلامتِهم منه.
16- يُصرَفُ عن قَبولِ الحَقِّ، واستِماعِ النُّصحِ.
قالت دار الإفتاء المصرية ، إن السخرية والاحتقار أفعال مذمومة، وقد جاء التحذير من السخرية بالآخرين وخطورة ذلك اجتماعيًا في كثير من نصوص الشرع الحنيف.
وأوضحت " الإفتاء " في إجابتها عن سؤال : ما حكم السخرية بالآخرين ؟، أنه جاء الشرع الشريف بالنهي عنها صراحة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11].
وأضافت أن هذا نهيٌ عن السخرية، وهي في معنى الاستهزاء والاحتقار، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه"، مشيرة إلى أن الحديث يبين أن مجرد احتقار الشخص لأخيه يُعدّ ذنبًا عظيمًا.
ونبه الدكتور مجدي عاشور، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى أن القرآن الكريم نهانا عن التهكم والسخرية من أي أحد، حتى ولو كان عاصيا؛ لأننا لا نعرف ما بينه وبين ربه، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
وبين أنه إذا كان النهي عن السخرية من أي أحد، فهو أولى مع أهل الابتلاء والمحن، الذين هم في رحمة الله تعالى، مشددًا على أن التهكم والسخرية والتنمر بأهل الابتلاء أو التخويف منهم بغير حاجة، خاصة ذوي الأمراض الخطيرة أو المعدية، هو حرام شرعا، ويعد فاعله مرتكبا لكبيرة من الكبائر؛ لاعتراضه على قضاء الله وحكمته، ولإيذائه لأخيه الإنسان.
معنى السخريةورد أن معنى السُّخْريَّةِ لُغةً: مادَّةُ (سخر): أصلٌ يَدُلُّ على احتقارٍ واستِذلالٍ، يقالُ: سَخِر منه وبه سَخْرًا وسَخَرًا ومَسْخَرًا وسُخْرًا -بالضَّمِّ-، وسُخْرةً وسِخْرِيًّا وسُخْرِيًّا وسُخْريَّةً: هَزِئَ به، والاسمُ السُّخْريَّةُ والسُّخْرِيُّ، ويُكسَرُ . ومعنى السُّخْريَّةِ اصطِلاحًا: السُّخْريَّةُ هي الاستهانةُ والتَّحقيرُ، والتَّنبيهُ على العُيوبِ والنَّقائِصِ، على وَجهٍ يُضحَكُ منه .
وجاء أن معنى الاستِهْزاءِ لُغةً: الاستِهْزاءُ مَصدَرُ قَولِهم: استَهزَأَ يَستهزِئُ، يقالُ: هَزَأ منه وهَزَأ به، يَهْزَأُ هُزْءًا -بالضَّمِّ-، وهُزُؤًا -بضَمَّتينِ-، وهُزُوءًا -بالضَّمِّ والمدِّ-، ومُهْزَأةً -على مُفْعَلةٍ بضَمِّ العَينِ-: أي: سَخِر منه . معنى الاستِهْزاءِ اصطِلاحًا:الاستِهْزاءُ هو: ارتيادُ الهُزءِ من غيرِ أن يَسبِقَ منه فِعلٌ يُستهزَأُ به مِن أجلِه .
وقال ابنُ تَيميَّةَ: (الاستِهْزاءُ هو: السُّخْريَّةُ، وهو حَملُ الأقوالِ والأفعالِ على الهَزلِ واللَّعِبِ لا على الجِدِّ والحقيقةِ؛ فالذي يَسخَرُ بالنَّاسِ هو الذي يَذُمُّ صِفاتِهم وأفعالَهم ذَمًّا يُخرِجُها عن دَرَجةِ الاعتِبارِ) . وقيل: الاستِهْزاءُ هو صُدورُ ما يدعو لانتِقاصِ شأنِ المقصودِ به من المُستهزئِ، بوُجودِ المُقتضي أو بعَدَمِه، بغَرَضِ التَّحقيرِ له أو التَّنفيرِ عنه أو كِلَيهما .