مجلة آي بي إس: استرضاء الغرب للحوثيين عزز قاعدة قوتهم ومنحهم الانطباع بأنهم يفعلون الشيء الصحيح (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
قالت مجلة ips إن أساليب جماعة الحوثي في اليمن تشبه إلى حد كبير أساليب حركة طالبان بأفغانستان، والغرب يسمح لهم بمواصلة تحديد قواعد اللعبة في البلاد التي تشهد صراعا منذ عقد من الزمان.
وأضافت المجلة -في تحليل لـ "قسطنطين جروند" رئيس مكاتب مؤسسة فريدريش إيبرت في السودان واليمن تحت عنوان: أية خطوط حمراء؟ وترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست"- إن "استرضاء الغرب للحوثيين أدى إلى تعزيز قاعدة قوتهم وإعطائهم الانطباع بأنهم يفعلون الشيء الصحيح".
وتطرقت المجلة إلى احتجاز الحوثيين حاليًا نحو ستين موظفًا محليًا من المنظمات الدولية ومنظمات الإغاثة، والانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين العزل، وشنهم هجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر، تحت مزاعم دعم غزة الذي يتعرض لجرائم إبادة جماعية من أكتوبر العام الماضي.
وأردفت "في حين أنه ليس من غير المألوف أن يتم اعتراض الموظفين الدوليين ومضايقتهم أحيانًا في بعض الأجزاء الأخرى من العالم، فإن موجة الاختطاف التي نفذها الحوثيون في العاصمة صنعاء منذ مايو غير مسبوقة. لم يتأثر العمال الدوليون... حتى الآن".
وقالت المجلة "لسنوات، كان الحوثيون يحركون أعمدة المرمى عندما يتعلق الأمر بالسلوك الذي يتم التسامح معه على الساحة الدولية. إنهم يصعدون ويستفزون ويهاجمون. كل هذا يتبع خطة مدروسة جيدًا. لقد مرت عشر سنوات الآن منذ احتل الحوثيون صنعاء لأول مرة".
وزادت "لقد بدأت عمليات المضايقة والمصادرة واعتقال المعارضين السياسيين وإقامة نظام إرهابي حقيقي ضد سكان البلاد. بعض الأمور تذكرنا بطالبان. لقد تم التراجع بشكل منهجي عن الإنجازات السابقة مثل البرلمان الفعال وحرية الصحافة أو الالتحاق بالمدارس للجميع، مع إلقاء اللوم في الغالب على المعارضين الخارجيين المزعومين".
وأكد التحليل أنه بدلاً من التركيز على التنمية الاقتصادية لبلد في حالة خراب، تم فرض ضرائب حرب جديدة؛ أولئك الذين لا يدفعون يواجهون السجن. في الوقت نفسه، ينتظر الموظفون العموميون في الأراضي التي يحتلها الحوثيون رواتبهم لسنوات، ويتم إفقار شمال غرب اليمن بشكل منهجي، ويقدر الخبراء الآن أن حوالي 90 في المائة من الناس هناك يعيشون في فقر. رقم قياسي عالمي.
أساليب التصعيد
يضيف "ردًا على غزو إسرائيل لغزة، عمد الحوثيون - كجزء من ما يسمى محور المقاومة - إلى تعطيل الشحن في البحر الأحمر عمدًا منذ أكتوبر 2023. وكان ربط حملتهم بالوضع في فلسطين خطوة ذكية من جانبهم لمواجهة دعمهم المتضائل في اليمن".
واستدرك التحليل "من الواضح أن الغرب قلق من الاستفزاز الأخير للحوثيين، وقد عبر عن مخاوفه وكرر تذكيراته وكثف من خطابه. مشيرا إلى أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانز جروندبرج قد لخص الوضع بدقة وقوة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 23 يوليو 2024: "إن مسار التطور في اليمن [...] إذا تُرِك دون معالجة فقد يصل إلى نقطة تحول".
يتابع "مع ذلك، وعلى الرغم من كل المشاعر، فإن الاستجابة العالمية لأفعال الحوثيين تظل معتدلة بشكل مدهش، ما كان في السابق خطوطًا حمراء -حسب التحليل- أصبح في البداية ورديًا، قبل أن يتلاشى تمامًا".
وقال "في السنوات الأخيرة، استسلم المجتمع الدولي لأي مطلب جديد تقدم به الحوثيون وتجاهل بشكل روتيني انتهاكاتهم للحريات الفردية أو وصم المساعدات الدولية". مؤكدا أنه لا يمكن ترك الناس للدفاع عن أنفسهم في هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية الكارثية، ولكن في الوقت نفسه، لا نريد إبعاد الحوثيين عن الحوار السياسي الجاري، على ما يبدو. على الرغم من كل هذا التصعيد، استمر الغرب في إظهار التفهم تجاه الحوثيين ودعمهم بشكل غير مباشر.
واستطرد "لم يؤد استرضاء الحوثيين إلا إلى تعزيز قاعدة قوتهم وإعطائهم الانطباع بأنهم يفعلون الشيء الصحيح. لقد تمكنوا من إرسال مبعوثين إلى المجتمع الدولي واستخدام القنوات الخلفية غير الرسمية لإشراك الآخرين في المحادثات أو المفاوضات نيابة عنهم. وقد أدى هذا إلى انتهاك حتى أصغر الاتفاقات الملموسة باستمرار، في حين يظل الشركاء الدوليون صامتين.
ويرى التحليل أن هذا يقرب الحوثيين من هدفهم النهائي: إقامة دولتهم الخاصة تحت سيطرتهم. متابعا "لقد انقسم اليمن بشكل متزايد منذ عشر سنوات الآن - ليس من خلال المفاوضات السياسية، كما في حالة السودان وجنوب السودان، ولكن خطوة بخطوة على مستويات أدنى. يتم فصل شبكات الاتصالات، وتقسيم المكاتب الحكومية إلى شمال وجنوب، وتقسيم أنظمة الضمان الاجتماعي، والتخلي عن النظام المصرفي والنقدي الموحد للبلاد".
حل الدولتين
وقال حتى أن ممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي يتجنبون استخدام مصطلح "اليمن"، لا ينبغي لنا أن نتفاجأ إذا كان هناك حل الدولتين أو حتى حل الدولتين في المستقبل المنظور، دون مشاركة الأمم المتحدة. لقد دعم المجتمع الدولي هذا بشكل غير مباشر لسنوات من خلال سياسة الاسترضاء تجاه الحوثيين.
وطبقا للتحليل فإن المراقبين السياسيين الدوليين قد اعتادوا على الارتباك والفوضى المتزايدة. والتعود على غير العادي أو غير المعتاد يؤدي أحيانًا إلى قبوله.
واضاف "بالنسبة لليمن، هذا يعني حركة دينية قبلية تتعزز في دولة، بينما نشاهد اليمن ينهار وينجرف إلى المجهول بحركة بطيئة. يمكننا أن نتحمل بنشاط انتقال بلد إلى حالة أخرى من الوجود، بشرط ألا نغفل عن العواقب".
وخلص "قسطنطين جروند" بالقول "إننا في حاجة إلى بذل جهود دبلوماسية مكثفة وسياسة أمنية قوية لإيقاف هذا القطار. ولكننا في حاجة إلى إعادة هذه الخطوط الحمراء إلى ما كانت عليه في السابق: نقاط انطلاق واضحة لاستجابة حقيقية في مجال السياسة الخارجية من شأنها أن تسهل التعامل مع الموقف في حد ذاته وتحشد الشجاعة اللازمة للقيام بذلك. ومن المؤكد أن المختطفين الستين سوف يرحبون ببذل جهود أكثر استباقية".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا الحوثي البحر الأحمر حقوق
إقرأ أيضاً:
ماذا ينتظر وكلاء طهران في اليمن بعهد ترمب...وهل سيكون هناك استهداف للقادة الحوثيين من المستويات العليا؟
يترقَّب اليمنيون عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وما ستؤول إليه السياسات الأميركية في ولايته المقبلة تجاه اليمن، وكيفية التعاطي مع أزمته وحربه المستمرتَّين منذ عقد من الزمن، ضمن تغيرات تلك السياسات نحو قضايا وأزمات الشرق الأوسط، بأمل حدوث تطورات تؤدي إلى تلافي أخطاء الإدارات السابقة.
وواجهت إدارة جو بايدن الحالية انتقادات كبيرة داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب تعاطيها غير الحاسم مع الملف اليمني، خصوصاً بعد إقدام الجماعة الحوثية على تحويل البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة باليمن إلى ساحة صراع، مُعرِّضةً طرقَ الملاحةِ، والتجارةَ الدوليَّتين للخطر، ومتسببةً بخسائر كبيرة للاقتصاد العالمي، ويتوقع أن تكون سياسة ترمب مغايرة.
وأعلن بايدن في مشروعه الانتخابي، ولاحقاً بعد توليه الرئاسة، أن إنهاء الحرب في اليمن إحدى أهم أولويات السياسات الأميركية في عهده، وعيّن مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، هو السياسي تيموثي ليندركينغ، إلا أن العام الأول من ولايته شهد تصعيداً عسكرياً كبيراً من قبل الجماعة الحوثية التي حاولت الاستيلاء على مدينة مأرب، أهم معاقل الحكومة الشرعية شمال البلاد.
ومن المنتظر أن تأتي إدارة ترمب الجديدة بتحولٍ كبيرٍ في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، كما يرى بشير عبد الفتاح، الباحث في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، وهذا التحول سيحدث بناء على واقع فرضته إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، بعد توجيهها ضربات موجعة لأذرع إيران، بمشاركة من الولايات المتحدة نفسها، وشملت تلك الضربات مواقع الحوثيين في اليمن.
ونقلت صحيفة«الشرق الأوسط»عن عبدالفتاح قوله بأن ترمب يسعى إلى وقف العمليات العسكرية في المنطقة، لكن ليس بشروط إيران وأذرعها، بل بشروط إسرائيل، ليتم تخيير هذه الأذرع بين وقف إطلاق النار والتزامها بقواعد جديدة للتهدئة تضعها الولايات المتحدة وإسرائيل، أو أن يتم إطلاق يد الجيش الإسرائيلي للإجهاز عليها عسكرياً.
وأعلنت الجماعة الحوثية أن نتائج الانتخابات الأميركية لن تؤثر في موقفها، واتهم زعيمها عبد الملك الحوثي، ترمب بالحرص على دعم إسرائيل والتباهي بأنه فعل لها ما لم يفعله الرؤساء الأميركيون من قبله، وبإعطائها مزيداً من الأراضي العربية.
تشديد الحصار الاقتصادي
لن تكون إيران مستعدة للتضحية بأذرعها العسكرية في المنطقة إلا في حال توفر بدائل لها وفقاً لعبد الفتاح، وهو أيضاً رئيس تحرير «مجلة الديمقراطية»، وأن تتمثل هذه البدائل في إبرام صفقات مع الولايات المتحدة تُمكِّنها من التخلص من العقوبات، أو أن تتمكَّن من تطوير قدراتها النووية.
ويشير إلى أن وضع الجماعة الحوثية يختلف قليلاً عن باقي الأذرع العسكرية لإيران، وذلك لبعدها الجغرافي عن إسرائيل من جهة، ولسيطرتها على مؤسسات الدولة اليمنية، وهو ما يصعب من استهدافها المباشر وتوجيه ضربات كافية لإنهاكها من قبل إسرائيل، إلا أن السياسات الأميركية نحوها لن تختلف عن بقية الفصائل.
وتذهب الأوساط السياسية الأميركية إلى أن إدارة ترمب ستتخذ موقفاً أكثر حزماً ضد الجماعة الحوثية من سلفه بايدن، ضمن سياسة الضغط على إيران لأقصى حد، مع احتمالية استهداف قادة حوثيين من المستويات العليا.
غير أن ترمب سيركز على تشديد الحصار الاقتصادي على الجماعة الحوثية وفقاً للباحث الاقتصادي عادل السامعي، وهو الحصار الذي فرضه ترمب نفسه في ولايته السابقة، عندما وجهت إدارته بوقف مصادر التمويل التي تصل إلى مناطق سيطرة الجماعة، وحرمانها من الكثير من الإيرادات الموجهة عبر الأعمال الإنسانية.
ويمكن لترمب تعزيز الإجراءات الخاصة بتضييق الخناق اقتصادياً ومالياً على الجماعة الحوثية، كما يوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط»، وما يشمل ذلك من مضاعفة العقوبات التي تبنتها إدارة بايدن؛ بسبب الهجمات العدائية الحوثية في البحر الأحمر، وبينما كانت إدارة الأخير تتحجج بالأوضاع الإنسانية الصعبة في مناطق سيطرة الحوثيين لتبرير محدودية عقوباتها؛ فإن إدارة ترمب لن تبالي بذلك.
ونظراً لكون ترمب غير مستعد لخوض حروب على حساب دخل المواطن الأميركي، وفق رؤيته الدائمة؛ ويتخذ من الإجراءات الاقتصادية والعقوبات سلاحاً أكثر فاعلية في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، فمن المنتظر أن تتضاعف هذه النوعية من العقوبات، ما سيدفع إلى تعقيد الواقع السياسي، وربما العسكري أيضاً، إذ سيؤدي ذلك إلى رفض الجماعة الحوثية تقديم أي تنازلات، إلا أنه، في المقابل سيضعفها عسكرياً.
تراجع فرص السلام
على نهج سلفه بايدن، يدّعي ترمب أنه سينهي الحروب، وإن كانت أدواته تختلف كثيراً عن أدوات الرئيس الحالي الذي فشل في تنفيذ وعوده، غير أن ما سيواجه عهده الجديد ينذر بتعقيدات كثيرة، وفي اليمن قد تكون هذه التعقيدات أكثر مما يتوقع هو أو غيره.
ويميل ترمب إلى المبالغة، وربما الادعاء، في رفع مستوى التهديدات التي تحيط ببلده ومصالحها، ومن بين تلك التهديدات، الممارسات الحوثية في البحر الأحمر. وعلى الرغم من عدم نزوعه إلى خوض الحروب والتصعيد العسكري؛ فإنه قد يركز أهداف ضربات الجيش الأميركي على القيادات الحوثية العليا فقط.
ويبدو أن الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة ترمب، وبالاستناد إلى تجربتها في فترة حكمه السابقة، ستتبع سياسة أكثر صرامة تجاه التهديدات التي تمثلها جماعة الحوثي المسلحة في البحر الأحمر، طبقاً لرأي الكاتب والباحث السياسي محمد عبد المغني، فقياساً على مبدأ «أميركا أولاً» الذي يتبناه دائماً؛ يمكن القول إن إدارته ستعمل على تعزيز التصدي للتهديدات الاقتصادية المباشرة على المصالح الأميركية.
ومن المحتمل، برأي عبد المغني الذي أدلى به أن يؤدي هذا إلى إعادة تصنيف الحوثيين «جماعةً إرهابيةً أجنبيةً»، وهو ما يخالف تصنيف إدارة بايدن لهم «جماعةً إرهابيةً عالميةً»، ليصبح التفاوض مع هذه الجماعة المسلحة أمراً غير وارد، وقد ينتج عنه تقليص دور المبعوث الأميركي إلى اليمن، أو ربما إلغاء هذه المهمة.
وأبدى سياسيون وباحثون يمنيون، مخاوف شديدة من أن تؤدي سياسات ترمب المتوقعة نحو اليمن إلى مزيد من انفلات المواجهة بين الجماعة الحوثية من جهة، وإسرائيل والغرب من جهة أخرى، وما سيتبع ذلك من مفاقمة الأوضاع الإنسانية المعقدة، وإلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية المنهكة؛ بسبب الانقلاب الحوثي والحرب.
وبعد إعلان فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة، توعدت الجماعة الحوثية باستمرارها في استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، بحجة ارتباطها بإسرائيل، كما أكدت مواصلة عملياتها باتجاه إسرائيل، ولوَّحت بأنها ستهاجم أي سفينة تشتبه أنها تستخدم التمويه لإخفاء ملكيتها الإسرائيلية، حسب زعمها.