يرى محللون أن حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة تحاول فرض إستراتيجيتها القائمة على تهويد الضفة الغربية كلها وطرد الفلسطينيين منها بالتزامن مع حرب الإبادة التي تخوضها ضد المدنيين في قطاع غزة بدعم أميركي، في حين يقول آخرون إن ما تعيشه الضفة ليس سوى عرض جانبي يمكن وقفه في حال خرجت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من المشهد.

فقد نفذت قوات الاحتلال العديد من عمليات القتل والاغتيال في مخيم نور شمس وغيره وهو ما اعتبره البعض سياسة ممنهجة للتعامل مع الضفة باعتبارها ساحة من ساحات الحرب الحالية.

ووفقا للأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، فإن ما يحدث حاليا هو إبادة ممنهجة للفلسطينيين في الضفة الغربية التي قال إنها محتلة بالكامل من جانب إسرائيل.

وأضاف البرغوثي -خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن إستراتيجية الاحتلال باتت واضحة بشكل كامل؛ حيث يحاول بنيامين نتنياهو وحكومته الفاشية نقل الحرب في قطاع غزة إلى الضفة الغربية؛ فباتوا يقصفون الفلسطينيين فيها -وخصوصا في المخيمات- بالطائرات والمسيّرات.

وأشار إلى أن ما يقوم به الاحتلال ضد الفلسطينيين في مخيمات الضفة يتزامن مع عمليات قتل يقوم بها المستوطنون لتوسيع الاستيطان بشكل خطير ومتنوع بما فيه الاستيطان الرعوي من خلال نشر مستوطنين مع الأغنام للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض.

ويرى البرغوثي أن إسرائيل تحاول اجتثاث المقاومة واقتلاع الفلسطينيين وتهويد الدولة وتهجير سكان غزة والضفة معا خلال هذه الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة بشكل كامل.

الضفة تختلف عن غزة

في المقابل، يقول كبير الباحثين في معهد صوفان للدراسات الإستراتيجية والأمن الدولي كينيث كوتزمان، إن واشنطن تحاول حل الأزمة في غزة بطريقة تختلف عن تلك التي تتعامل بها مع الضفة "التي تعيش حالة اضطراب مصاحبة للحرب في غزة ويمكن احتواؤها في حال توقف القتال".

وقال كوتزمان إن الضفة فيها سلطة شرعية تتعاون مع إسرائيل، وإن العنف الحاصل حاليا فيها سببه الرئيسي هو الحرب في غزة "التي تحاول إدارة جو بايدن استثناءها من السباق الانتخابي ومن السياسة الخارجية الأميركية التي تقوم على إقرار السلام في الشرق الأوسط".

بيد أن المشكلة -كما يقول المتحدث- هي أن إدارة بايدن "تتفق تماما مع نتنياهو في ضرورة اجتثاث حماس تماما، بحيث تكون الحرب الحالية هي الأخيرة وتتولى بعدها وجوه جديدة حكم القطاع".

لكن البرغوثي يرد على هذا الطرح بقوله إن السلطة الفلسطينية لا تسيطر على أي شيء بالضفة بدليل أن كل عمليات الجيش الإسرائيلي تتم في المنطقة (أ) التي يفترض أنها خاضعة لها بموجب اتفاقية أوسلو.

وقال البرغوثي إن الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان سلطة عملية في غزة ولا تقبلان بأي حكومة وطنية بدليل أنها لم تقبلا بالديمقراطية عندما جاءت بحماس إلى السلطة عام 2006 وتسببتا في إسقاط الحكومة الوطنية التي كانت تضم كل المكونات الفلسطينية.

وفي حين يقول البرغوثي إن اتفاق أوسلو أصبح ميتا لأن إسرائيل لم تنفذ حرفا منه، يقول كوتزمان إن الاتفاق قابل للتنفيذ في حال تم القضاء على حماس وأصبحت السلطة هي الممثل الوحيد للفلسطينيين.

وأضاف أن "الرئيس محمود عباس لا ينتهج العنف وبالتالي يمكنه إيجاد حالة من الهدوء رغم أنه ليس مثاليا ويرفض إجراء انتخابات منذ 20 عاما فضلا عن أنه محاط بشبهات فساد"، حسب قوله.

لكن البرغوثي رد بأن الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي وقّع اتفاق أوسلو "لم يأخذ شيئا وقد سمموه عندما رفض التنازل عن القدس والمسجد الأقصى، كما أن واشنطن التي تتحدث عن فساد عباس لا تتحدث عن فساد نتنياهو الذي يواصل الحرب هربا من السجن".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی غزة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو: سياسة الهروب إلى الأمام

للمرة الرابعة طيلة ثمانية أعوام، يمثل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام القضاء بتهم فساد واستغلال للسلطة، وسط حرب مفتوحة تشنها قواته على فلسطين المحتلة وسورية ولبنان وإيران واليمن، وخلاف في الداخل الإسرائيلي لم يحسم الموقف منه.

نتنياهو الذي أخفقت دولته البوليسية في صد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول 2023، وفشلت كل أجهزته الأمنية في التعامل المبكر مع ترتيبات العملية، تمكن من إدارة أزمة الخلاف الداخلي التي كادت تطيح به وانتصر على جميع معارضيه في رؤيته السياسية والدموية للحرب على غزة.

العديد من المتابعين للشأن السياسي كانوا يعتقدون أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لن يكمل وظيفته بعد تعالي الأصوات التي تطالبه بالذهاب الفوري لإتمام صفقة مع «حماس» تتضمن إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، غير أن نتنياهو تمكن من تغيير الموجة لصالحه ومضى في الحرب.

لقد ساعده أن خصومه السياسيين ضعفاء وصوت المعارضة غير موحد، ما أتاح له المناورة السياسية بتبني مواقف متشددة تضمن له التحصن خلف قاعدته اليمينية المتطرفة، والمتعارف عليه أن نتنياهو حين يقع في أزمات داخلية أو خارجية يتبنى سياسة الهروب إلى الأمام.

في حربه مع خصومه في المعارضة وقت محاكماته بالفساد، لجأ نتنياهو إلى افتعال أزمات مع الفلسطينيين لحرف الأنظار عن مسار محاكمته، ونجح في ذلك وكسب الوقت لدعم تأييد معسكر اليمين المتطرف الذي ينتمي إليه.

كذلك حينما طالبته المعارضة بالاستقالة والاستجابة لمطالبها بشأن إخفاقات التعامل مع ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، تعمد الهروب إلى الأمام بصب الزيت على النار في غزة وشيطنتها، واعتبار الحرب ضدها حرب تحرر وطني وقومي وديني.

خلال محاكمته الأخيرة قبل أيام، خرج نتنياهو إلى وسائل الإعلام يعدد إنجازاته في تحقيق الأمن والهدوء على الجبهة الشمالية بعد إتمام الهدنة مع لبنان، وبطولاته في محور سورية وتوسيع المنطقة العازلة واستهداف معظم ترسانتها الحربية.

تحدث كثيراً عن ملامح الشرق الأوسط الجديد والسعي لترسيخه على أرض الواقع، بتحييد سورية والتركيز على إيران وفلسطين المحتلة. وقال: إن هذا التغيير مقبل لا محالة، وبالطبع هذه رسالة موجهة للداخل الإسرائيلي قبل الخارج.

هو يريد أن يقول للجمهور الإسرائيلي، إنه الوحيد القادر على تحقيق الإنجازات وجلب السلام الإستراتيجي للدولة العبرية، وأنه الأقدر عن غيره من السياسيين في التعامل مع الملفات الحسّاسة، وليس هناك أدنى شك أنه سيستخدم كل أسلحته ويقدم مسرحية ترجئ أو تفشل محاكمته.
بعد أن تمكن من تحييد جبهتَي لبنان وسورية، يبقى على نتنياهو أن يتعامل مع الملف الفلسطيني وهو الملف الأسخن والأهم لاعتبارات الجغرافيا والديموغرافيا وكذلك لاعتبارات سياسية تتعلق بموقعه في الحكومة الإسرائيلية.

الآن كل الحديث يدور حول هدنة وشيكة مع حركة «حماس»، دون الاستفاضة في تقديم تفاصيل بشأنها والعقبات التي يمكن أن تمنع تحقيقها. هنا سيحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية جلب هدنة على المقاس الذي يريده بالضبط.

هو لا يهمه كثيراً مصير الأسرى الإسرائيليين لأن التفكير فيهم سيحد من مناوراته السياسية، ولذلك يفضل «المطمطة» في العدوان على غزة حتى يسمع عن أفكار مقبولة من «حماس» ربما تسمح ببقاء إسرائيل في محورَي فيلادلفيا و»نتساريم».

الفكرة أن نتنياهو يرغب في المماطلة بالملف الفلسطيني حتى يبقى على قمة الهرم السياسي. من الجائز أن يذهب في هدنة مجهولة مع «حماس»، لكنه سيسعى إلى ختمها بالحصول على مكاسب سياسية إما في غزة أو عبر الضفة الغربية.

ثمة ما يسمى مبدأ المكافأة أو جائزة الترضية، وتقوم على أساس أن نتنياهو حينما لم يتمكن من تحقيق أهم أهدافه في قطاع غزة، يذهب إلى الضفة الغربية أو محور سورية ويحقق فيها إنجازات، حتى يقدمها هدية إلى شعبه ثمناً للسكوت عنه.

هذا ما يحدث بالضبط في الضفة الغربية من سياسات تسمين المستوطنات وسرقة ممتلكات الفلسطينيين وتدميرها وإحراقها، وممارسة كل أنواع الترهيب بهدف تحويل الضفة إلى حديقة إسرائيلية، وكل ذلك يأتي تحت العنوان الأكبر «بقاء نتنياهو في السلطة».

في سبيل بقائه بالسلطة، نتنياهو مستعد للتضحية بأقرب المقربين منه حتى يحتفظ بالكرسي. فعلها مع حلفائه وتخلى عن غالانت وزير حربه، وهو الآن ينتظر صديقه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حتى يساعده في تجاوز المحن الداخلية والخارجية، وتحقيق مصلحة إسرائيل فوق أي مصلحة أخرى.

(الأيام الفلسطينية)

مقالات مشابهة

  • ترامب يريد منع الحرب العالمية الثالثة وحماية سماء أمريكا بـقبة حديدية
  • مدير معهد فلسطين للأمن القومي: نتنياهو لا يريد أي حل سياسي
  • معهد فلسطين للأمن القومي: نتنياهو لا يريد أي حل سياسي بشأن غزة
  • مدير معهد «فلسطين للأمن القومي»: نتنياهو لا يريد أي حل سياسي بشأن غزة
  • إعلام عبري: إسرائيل تحاول بناء تحالف ضد الحوثيين في اليمن
  • جهاد حرب: نتنياهو لا يريد وقف الحرب على غزة لأسباب شخصية وسياسية
  • كلاب إسرائيل وجثث الفلسطينيين!
  • نتنياهو: سياسة الهروب إلى الأمام
  • وسط هتافات غاضبة.. مئات الفلسطينيين يشيعون ضحايا غارة إسرائيلية في طولكرم
  • خبير: الاحتلال يريد تصفية الفلسطينيين.. ومصر تحمي ما تبقى من حقوقهم «فيديو»