يضطر أطفال قطاع غزة للعمل في ظروف تشتد صعوبة يوما بعد يوم مع استمرار العدوان على القطاع الذي أدى لسقوط أزيد من 40 ألف شهيد معظمهم نساء وأطفال، إلى جانب تدمير كل مناحي الحياة وتجويع السكان.

يتجول بعض الصغار يبيعون العصائر وأكواب القهوة، في حين يكسر آخرون الحجارة بعد أن غرق الجميع في الفقر، وفق تقديرات البنك الدولي.

في السابعة من صباح كل يوم يخرج أحمد بربخ البالغ من العمر 12 عاما ويتجول بين أنقاض المنازل التي دمرها القصف في خان يونس جنوب قطاع غزة.

يقول أحمد: "نجمع الحجارة من المنازل المهدمة ثم نفتتها ونبيع الدلو (إناء مملوء بالحجارة) مقابل شيكل (أقل من ربع دولار)".

ويضيف الطفل الذي لونت شمس قطاع غزة الحارقة وجهه وتركت الحجارة آثار جروح على يديه إنه يبيع تلك الحجارة للعائلات الثكلى "لبناء القبور".

لكنه يبدو غير راض عن المردود المادي من عمله المضني هذا، ويقول: "بالكاد نستطيع أن نحصل على 2 أو 3 شواكل لا تكفي لشراء البسكويت. نحلم بأشياء كثيرة، لكننا لا نستطيع الحصول عليها".

وحتى الحين أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لاستشهاد ما لا يقل عن 40 ألفا و476 فلسطينيا معظمهم نساء وأطفال.

حفاة بين الأنقاض

وقطاع غزة من أكثر مناطق العالم اكتظاظا بالسكان وكذلك من أفقرها.

وتقول الأمم المتحدة إن ثلثي سكان غزة كانوا يعيشون في الفقر قبل الحرب وإن 45% من القادرين على العمل كانوا بلا عمل.

كما أن نحو نصف سكان غزة هم دون سن 18. وفي حين يحظر القانون الفلسطيني رسميا عمل من هم دون سن الـ15، كان الكثير من الأطفال يعملون في قطاعي الزراعة والبناء، في ظل تزايد البؤس جراء الحصار على القطاع المستمر منذ 17 عاما.

ومنذ اندلاع الحرب، أدى الدمار الواسع فضلا عن النزوح المستمر إلى فقدان مئات الآلاف وظائفهم وتدمير أو تضرر أكثر من 60% من المباني مع الانقطاع الدائم للماء والكهرباء.

ويتنقل خميس القدرة (16 عاما) وشقيقه الأصغر سامي (13 عاما) في الشوارع بين حطام المنازل وأزقة مخيمات النزوح لبيع العصير.

ويقول خميس: "أصابتنا ضربة شمس ومن كثرة الركام في الشوارع دخلت في قدم أخي شظية تسببت له بالتهاب".

ويضيف أن شقيقه عانى من الحمى و"ظهرت على جسمه حبوب وحتى الآن يعاني لعدم توفر أدوية لعلاجه".

 أرقام مرعبة

ولا يتوقف عمال الإغاثة من التحذير من مخاطر انهيار النظام الصحي الذي كان يعاني قبل الحرب ولم يعد قادرا على التعامل مع العدد الهائل من الجرحى وضحايا سوء التغذية المتزايد حدة بين الأطفال خصوصا.

وتقول المنظمات الإنسانية، إن معدل سوء التغذية الحاد ارتفع بين الأطفال بنسبة 300% في شمال غزة و150% في الجنوب.

وبحسب تلك المنظمات فإن 41% من العائلات تعتني اليوم بطفل أو أكثر من الأطفال الذين لا تربطها بهم صلة.

ويشرح خميس كيف تشتتت عائلته بسبب الحرب بقوله: "خسرنا منزلنا ومن بعده خيمتنا ونزحنا 9 مرات".

ويضيف: "دفعنا 300 شيكل (81 دولارا)" لنقل حاجياتنا قبل أن نستقر في مواصي خان يونس قرب شاطئ البحر.

 ودفعت الحرب بجميع أفراد العائلة للعمل لإعالة الأسرة، لكن خميس يقول إنهم أحيانا لا يستطيعون شراء "كيلوغرام من الطماطم سعره 25 شيكلا".

القهر وحلم العودة للمنازل

أما معتصم زيدان (13 عاما) الذي نزح إلى مواصي خان يونس ويجلس في الشارع ليبيع القهوة وأحيانا الزعتر والفستق، فيقول إنه ينجح أحيانا في جمع "30 شيكلا لكنها لا تكفي لطعامنا وخبزنا فالأسعار مرتفعة جدا ولا تلبي الاحتياجات الأساسية".

ويضيف زيدان أنه يشعر بالقهر من هذه المعاناة، "أقضي ساعات تحت حرارة الشمس لجمع بعض المال الذي نصرفه في دقيقة واحدة. خرجنا من منازلنا بما علينا واليوم نستلف من الجيران صحنا وملعقة، هذا ليس سهلا. حتى الماء لا نحصل عليه بسهولة".

ويضيف: "بعض الأيام لا أستطيع جني 10 شواكل رغم مناداتي على بضاعتي. لكن دون جدوى". وهذا المبلغ لا يكفي لشراء أي شيء مع ارتفاع الأسعار على نحو جنوني ولا سيما غاز الطهي والبنزين في ظل الحرب.

ويقول معتصم: "نحن لا نفكر إلا باحتياجاتنا الأساسية، نسينا معنى أن نلهو وأن نصرف لكي نتسلى.. كل ما أتمناه هو العودة إلى منزلنا وحياتنا القديمة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

مجازر جديدة بغزة ودبابات إسرائيلية تقصف مواصي رفح

أطلقت دبابات الجيش الإسرائيلي النار صباح اليوم الجمعة على النازحين في منطقة مواصي رفح موقعة شهداء، وتواصل القصف على مناطق أخرى من قطاع غزة مخلفا مزيدا من الضحايا والدمار.

وأفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 5 فلسطينيين وإصابة آخرين إثر قصف دبابات إسرائيلية منزلا في منطقة المواصي على ساحل البحر المتوسط غربي رفح.

كما أفادت مصادر فلسطينية بوقوع إطلاق نار كثيف من آليات الاحتلال نحو خيام النازحين في مواصي رفح.

وتزامن ذلك مع قصف مدفعي على منطقة الشاكوش ومحيطها بشمال غربي رفح وإطلاق نار كثيف من قبل المروحيات الإسرائيلية وسط المدينة.

وتمتد منطقة المواصي بطول 12 كيلومترا على الساحل من غرب دير البلح بوسط قطاع غزة حتى محافظتي خان يونس ورفح جنوبا.

ويزعم الاحتلال أن هذه المنطقة آمنة لكنه استهدفها مرارا في الأسابيع الماضية بمجازر مروعة خاصة في خان يونس ورفح.

قصف متواصل

وخلال الساعات الماضية استمرت الغارات الإسرائيلية يرافقها قصف مدفعي على أنحاء أخرى في قطاع غزة.

وأفاد مراسل الجزيرة باستشهاد شخصين وإصابة أكثر من 10 أشخاص فجر اليوم إثر قصف منزل في مخيم النصيرات وسط القطاع.

وتحدثت مصادر فلسطينية عن إطلاق نار كثيف من الآليات الإسرائيلية شمالي مخيمي النصيرات والبريج.

وبالتزامن، نسفت قوات الاحتلال فجر اليوم مباني سكنية قرب محور نتساريم الذي يفصل وسط وجنوب القطاع عن شماله.

وفي وقت مبكر اليوم، تعرض مخيم جباليا للقصف مجددا مما أسفر عن شهيد ومصابين.

وشهدت المناطق الشمالية بقطاع غزة تصاعدا للقصف بعد أن هدد جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام بتنفيذ عملية عسكرية جديدة بذريعة الرد على إطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخ من هناك.

وكانت مصادر طبية أفادت للجزيرة باستشهاد 40 فلسطينيا، معظمهم أطفال ونساء جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر أمس الخميس.

وتجاوزت حصيلة العدون على غزة 41 ألف شهيد و95 ألف جريح، بينما تشير تقديرات فلسطينية إلى وجود نحو 10 آلاف شهيد تحت أنقاض المباني المدمرة.

معارك رفح

وعلى صعيد آخر، وفي ظل سجالات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو وقادته العسكريين بشأن استمرار الحرب في غزة والوجود في محور فيلادلفيا على الحدود الفلسطينية المصرية، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه أكمل تدمير لواء رفح في جنوب قطاع غزة.

وادعى جيش الاحتلال أنه قتل ألفي مسلح ودمّر 13 كيلومترا من الأنفاق في رفح، كما تحدث عن تدمير 80% من الأنفاق في محور فيلادلفيا.

وكان نتنياهو وقادته العسكريون ادّعوا مرارا أنهم دمروا معظم الكتائب العسكرية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، وهو ادعاء دحضته عمليات المقاومة في الأسابيع القليلة الماضية، خاصة في وسط القطاع وجنوبه.

من جانبها، أعلنت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– أنها استهدفت أمس دبابة إسرائيلية في منطقة التوغل قرب دوار العودة وسط مدينة رفح.

وبثت السرايا صورا قالت إنها لقصف مقاتليها موقع "أبو مطيبق" العسكري الإسرائيلي بقذائف الهاون شرقي المحافظة الوسطى بقطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • نفاد 60% من مخزون الأدوية بغزة
  • انتهاء المرحلة الأولى من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في المحافظات الجنوبية بغزة
  • رغم استمرار الحرب .. تطعيم أكثر من 560 ألف طفل بغزة
  • مجازر جديدة بغزة
  • مجازر جديدة بغزة ودبابات إسرائيلية تقصف مواصي رفح
  • مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: استشهاد الكثير من الأطفال جراء مجازر الاحتلال بغزة
  • هآرتس: ما الذي تخشاه إسرائيل في غزة بمنعها دخول المراسلين الأجانب؟
  • الحكومة في عيد الفلاح: نؤمن بالدور الكبير الذي يقوم به
  • والا: تحطم مروحية بلاك بغزة هو حدث غير مسبوق إسرائيليا منذ 30 عاما
  • سوء التغذية يهدد حياتهم.. قصص مؤلمة من معاناة الأهالي بغزة