اليمنيون ينعون المفكر العراقي محمد أحمد الراشد.. كان رجلا من طراز فريد وسيظل علامة فارقة في تاريخ الأمة
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
نعى كتاب يونيون المفكر العراقي عبد المنعم صالح العلي العزي المعروف باسمه الحركي محمد أحمد الراشد، الذي وافته المنية صباح اليوم الثلاثاء، في أحد المستشفيات الماليزية عن عمر يناهز 85 عاماً.
ويعد الراشد، أحد المفكرين الإسلاميين، وله العديد من المؤلفات في العلم الشرعي والتربوي والدعوي، أبرزها سلسلة علوم الدعوة: "المنطلق والعوائق والرقائق، وصناعة الحياة، والمسار، ورسائل العين، ومنهجية التربية الدعوية".
ولدى الراحل مؤلفات عديدة تجمع بين الجانب الحركي والعلمي والروحاني والأدبي، مع العناية بالأخلاق الإسلامية وقيمها، وتُرجم كثير منها إلى اللغات الأجنبية.
ونعت مؤسسات وأحزاب عربية وإسلامية وكتاب ومفكرين عرب وإسلاميين المفكر العراقي الراشد، بينهم يمنيون والذين اعتبروا أن الأمة فقدت بوفاته علم من أعلام الفكر والدعوة الإسلامية المعاصرة.
وفي السياق قال الكاتب أحمد الشلفي، "رحم الله محمد أحمد الراشد مازالت كتبه التي قرأتها في سن مبكرة من عمري عالقة في الذهن".
وأضاف "أتذكر عين الغلاف في رسائل العين وأتذكر السعة التي كانت في كتبه الرقائق والعوائق والمنطلق وصناعة الحياة وغيرها الكثير وتلك الأفكار الجديدة التي كان يبثها في ذلك الجيل".
وتابع "لو أن عبد المنعم العلي وهذا اسمه الحقيقي كان محسوبا على الحركة الإسلامية، إلا أن كتبه أبعد من ذلك وكان الجميع يستشهدون بها على فكر جديد وخيال جامح وطريق مبشر، غير أن تلك الأفكار بقيت في الكتب ولم تجد طريقها للتحول إلى مشاريع كعادة كل الأيديولوجيات التي تهزم الأفكار، على أن الفكر ونتاج القلم ظل ثابتا في عقول كثير من أبناء ذلك الجيل وأجيال أخرى في الوطن العربي والإسلامي".
المفكر عبدالله القيسي، كتب "رحم الله المفكر العراقي الراشد، الرجل الذي تتلمذنا على كتبه، كانت كتبه هي مفتاح القراءة الموسوعية بالنسبة لي، بعد أن وضع خارطة للقراء في كتابه "معاً نتطور"، خارطة متنوعة في العلوم والمعارف".
وقال "يكتب بلغة كثيفة لم أكن أعهدها عند غيره من الكتّاب الإسلاميين، كنا ننتظر بشغف أي كتاب ينزل له في سلسلته التي سماها "رسائل العين".
الكاتب سعيد ثابت، نعى الراشد قائلا: إلى رحمات الله ورضوانه وبحبوحة جنته أستاذنا (أبا عمار)، وفي ميزانك إن شاء الله ما شحذت به الهمم من (المنطلق)، وما أزلته عن الطريق من (العوائق)، وما هذبت به النفوس من (الرقائق)، وما رسمته من (المسار)، وما أوقدته من (الفقه اللاهب)".
وقال "رحلت وقد تركت للجيل خطة (صناعة الحياة) وأودعت له (رسائل العين)، كنت عذب الحرف، رائع الأسلوب، حيَّ الكلمات، جزل العبارات وكأنك تنظر إلى السماء وتكتب".
وأضاف "كم هذبَتنا ولا زالت كلماتك"، متابعا "فقير من لم يقرأ لك، ومسكين من لم يتهذب بنورانيات وهدايات كتبك، ما أروع تهذيبك لـ(مدارج السالكين)، وما أرق حرفك في (آفاق الجمال)، وما أشد خسارة الجيل برحيلك، وفي حرفك الماتع، وقلبك الحي النابض".
وتابع ثابت "لكن نشهد الله أنك رحلت بعدما وعظت وعلّمت وذكّرت وزكّيت وهذّبت الكثيرين، وتركت آثارك لمن لم يهتدِ بعدُ لنجمك، أو يعرف قدرك، أو يسمع عنك".
الأستاذ الدكتور فؤاد البنا غرد بالقول "في أحد مشافي العاصمة الماليزية كوالالمبور ارتقى إلى السماء نجم من نجوم الفكر الإسلامي وكوكب من كواكب الدعوة الإسلامية، بعد عمر مديد توجه بعشرات الكتب التي أنارت الطريق لملايين المسلمين".
الدكتور سعد الربية نعاه بالقول "ورحل فارس الدعوة، رحل من شرح المنطلق، وحذر من العوائق، ورسم المسار، وأرشد الأمة كيف تصنع الحياة، رحل إلى ربه وبقيت في القلوب رقائقه".
وتابع "رحم الله المجاهد الكبير والشيخ الجليل محمد احمد الراشد الذي سيظل علامة فارقة في تاريخ الأمة، وأخلف على الأمة خيراً في مصابها".
الباحث نبيل البكيري قال "كان الراشدُ رجلاً من طراز فريد، كان كاتبا ساحراً وأديباً ألمعياً واسع الاطلاع والخيال وفقيهاً ضليعاً وصوفيا ً زاهداً وعاشقا تسربت فلتات حكمته وعشقه بين ثنايا كلماته وأسطره التي كان لها وقع السحر على أجيال تربت على كتاباته وأفكاره المترعة بالحكمة والجمال".
وقال "لقد شكلت جُل كتاباته زاداً معرفياً وروحياً وأدبياً فريداً استطاعت أن ترسم ملامح مرحلة فارقة أضفت على جيل ما سُمي بالصحوة الإسلامية مهابة وحكمة وتزكية ورشداً واجهوا به ومن خلاله بؤر التطرف والتنطع وركام من ثقافة الاستبداد والخنوع والدروشة".
وأردف "لقد رسمت كتابات الراشد صورة جميلة وباذخة الجمال لفكرة الدعوة والداعية النموذج وقدم الدعوة بقالب من الحكمة والأدب والمعرفة قل نظيره وقبل هذا كله نموذج السلوك الذي يسبق كل ذلك".
وزاد البكيري "لقد كان ماهرا في ايقاد جذوة المعرفة والعزف على أشواق الروح وأحلامها، والدفع بالقارئ بعيدا للغوص في عوالم الروح والمعرفة والطريق، لا يتركك وحيدا حتى يستقيم العود وتقوى الملكات وتستبين معالم الطريق".
وقال "ربما تعرفت على الراشد من كتابه تهذيب مدارج السالكين فشدني لعالم التصوف والذوق والسلوك أكثر من عوالمه الدعوية الأخرى وهي عوالم واسعة وغنية وثرية أيضا".
وختم البكيري منشوره بالقول "رحم الله الراشد أخر الأعمدة الكبار في الدعوة والحركة الإسلاميتين وأحد أهم صائغي وصانعي اجيال الحركات الإسلامية المتعاقبة على مدى نصف قرن مضى".
في حين قال الكاتب الصحفي محمد الجماعي، "حتى الرحيل المهيب له زمانه ورجاله، ها نحن نودع المهابة ذاتها بمغادرة المفكر العظيم الأستاذ محمد احمد الراشد معلم الأجيال الذي لا يعرف اسمه الحقيقي إلا القليل الذين تدرجوا بين "منازل السائرين" عبر تهذيبه الشهير لـ "مدارج السالكين" وعليه اسم صاحب التهذيب "عبدالمنعم صالح العلي" عراقي الجنسية عالمي الحضور والتأثير والحب".
وأضاف "رحمك الله أيها الشيخ فقد أنرت عقولنا عقودا عديدة وأزمنة مديدة، فقها وفكرا وعقيدة، الله ما أشد خسارتنا بفقدك".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن محمد أحمد الراشد وفاة الحركة الاسلامية رحم الله
إقرأ أيضاً:
أندريه جيد الفائز بنوبل.. لماذا منعت بعض كتبه؟
اشتهر أندريه جيد بكونه كاتبًا متمردًا، لم يخشَ طرح الأسئلة الصعبة أو كسر التابوهات الاجتماعية والدينية. ورغم فوزه بجائزة نوبل في الأدب عام 1947، لم تكن رحلته الأدبية سهلة، إذ واجهت أعماله معارضة شديدة وصلت إلى حدّ المنع في أوقات معينة. فما الذي جعل كتب جيد صادمة لمجتمعه؟ ولماذا خضعت بعض أعماله للرقابة؟
الصدام مع الأخلاق السائدةمنذ بداياته، لم يكن أندريه جيد مجرد كاتب روائي، بل كان مفكرًا يختبر حدود الأخلاق والتقاليد. في روايته “الأطعمة الأرضية” (Les Nourritures Terrestres)، دعا إلى التحرر من القيود الاجتماعية والبحث عن اللذة باعتبارها جزءًا أصيلًا من التجربة الإنسانية. اعتُبر هذا الطرح هجومًا على القيم الكاثوليكية الصارمة، ما جعل الكتاب يواجه انتقادات حادة.
الطرح الجريء للهوية الجنسيةمن أكثر الأمور التي جعلت أعمال جيد موضع جدل هو تناوله الصريح لهويته الجنسية، في كتابه “كوريه” (Corydon)، الذي نُشر لأول مرة بشكل سري عام 1911، قدم دفاعًا فلسفيًا وأخلاقيًا عن المثلية الجنسية، معتبرًا أنها جزء طبيعي من التنوع البشري.
لماذا مُنع الكتاب؟لأن طرحه كان ثوريًا ومخالفًا للقيم الأخلاقية والدينية في فرنسا مطلع القرن العشرين، واعتبرته السلطات هجومًا على الأخلاق العامة. لم يتم تداوله بشكل واسع إلا بعد عقود من صدوره.
نقد الكنيسة ومؤسسات السلطةفي روايته “القبو في الفاتيكان” (La Porte Étroite)، وجّه أندريه جيد نقدًا مبطنًا للمؤسسة الدينية الكاثوليكية، متهمًا إياها بالرياء والتناقض بين التعاليم والممارسات. لم يمر هذا النقد مرور الكرام؛ فقد شجّع رجال الدين على المطالبة بحظر الكتاب واعتباره عملًا يسيء للكنيسة.
• تداعيات النقد الديني: أدى هذا الموقف إلى وضع جيد في مواجهة مستمرة مع القوى المحافظة في المجتمع الفرنسي، ما أدى إلى تهميش أعماله لفترة.
معاداة الاستعمار: تحوّل فكري يثير الغضبفي ثلاثينيات القرن الماضي، قام جيد برحلة إلى إفريقيا الاستوائية، عاد منها بكتاب “العودة من تشاد” (Retour du Tchad)، حيث وثّق ممارسات فرنسا الاستعمارية القمعية. شكّل هذا العمل فضيحة سياسية، لأن فرنسا كانت تروج لنفسها باعتبارها قوة حضارية.
• رد فعل السلطات: واجه الكتاب محاولات للحدّ من توزيعه، خاصة في المستعمرات الفرنسية، خوفًا من تأجيج مشاعر التمرد بين الشعوب المستعمرة.
الرقابة في ظل الحرب العالمية الثانيةخلال فترة الاحتلال النازي لفرنسا (1940-1944)، كانت أعمال جيد محل رقابة صارمة بسبب مواقفه المؤيدة للحرية الفكرية وانتقاداته للأنظمة الشمولية. تم حظر العديد من كتبه أو منع إعادة طبعها، لأن النظام الفاشي اعتبره صوتًا تحريضيًا.
هل كسرت أعمال أندريه جيد حاجز الرقابة؟رغم محاولات المنع والتضييق، استطاعت أعمال جيد الصمود والتحول إلى أيقونة في الأدب الفرنسي. فبحلول منتصف القرن العشرين، أصبح صوته رمزًا لحرية الفكر والتعبير، كما مثّلت كتاباته منعطفًا مهمًا في تاريخ الأدب الذي يعبر عن الهوية الفردية دون خوف من الرقابة.