القدس المحتلة- أجمعت قراءات المحللين الإسرائيليين على أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعمد إضاعة الوقت والمراوغة في مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، وشككت بالجدوى الأمنية لبقاء الجيش الإسرائيلي على كل من محور صلاح الدين "فيلادلفيا" الحدودي مع مصر ومفرق الشهداء "نتساريم" في قطاع غزة.

وتوافقت قراءات المحللين على أن الشروط والمقترحات التي يقدمها نتنياهو إلى الطاقم الإسرائيلي مع تجدد جولات المفاوضات، تهدف إلى عرقلة المساعي لوقف إطلاق النار وإعادة المحتجزين الإسرائيليين، والإبقاء على حالة القتال في قطاع غزة.

ورجحت التقديرات أن نتنياهو الذي تتسع شعبيته بأوساط الإسرائيليين بسبب مواقفه المتشددة وإصراره على استمرار الحرب حتى تحقيق "النصر المطلق" حسب زعمه، يسعى إلى إدارة أزمة المفاوضات لحين انتخابات الرئاسة الأميركية بالخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث يراهن على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وإلى حين الحسم الانتخابي في أميركا، سيبقى نتنياهو -وفقا لتقديرات محللين إسرائيليين- يراوغ بالمفاوضات، ويوظفها لزيادة شعبيته بأوساط اليمين، حتى وإن كان ذلك على حساب الصدام مع فريقه المفاوض وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، التي تتحفظ على بقاء الجيش بمحوري "فيلادلفيا" و"نتساريم"، وهو الصدام والخلاف الذي يعكس الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي والاستقطاب السياسي.

مفاوضات عبثية

استعرض الصحفي الاستقصائي والمختص في الشؤون العسكرية والاستخباراتية رونين برغمان المحاور الخلافية التي يضعها نتنياهو لفريق تفاوضه، وقال إنه لا يستبعد أن يضيف نتنياهو المزيد من البنود الجديدة في حال تم تجاوز وتسوية بنود وشروط سابقة، وكل ذلك من أجل تعقيد المفاوضات بالمزيد من العقبات.

وكشف برغمان النقاب في تقرير له بصحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مقترح نتنياهو الذي تحفظ عليه الجيش الإسرائيلي، وسيقدمه المفاوض الإسرائيلي في لقاء القاهرة هذا الأسبوع، ويقضي بحفر نفق عرضي على طول محور "نتساريم" وإقامة نقاط لعبور المركبات بغية تفتيشها خلال تنقل المدنيين الفلسطينيين بالقطاع.

وأشار برغمان إلى أن مقترح حفر النفق العرضي قدم من قبل مكتب نتنياهو في جولة المفاوضات في مايو/أيار الماضي، وتم رفضه من قبل حماس، قائلا إن "طرحه مجددا قد يؤدي إلى أشهر عديدة من المفاوضات العبثية"، حيث إنه "يدخل مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل في دوامة عميقة".

انسحاب للجيش الإسرائيلي من المناطق الفلسطينية المأهولة وسط القطاع (الجيش الإسرائيلي) مكاسب سياسية

ومن وجهة نظر محللة الشؤون السياسية في صحيفة "معاريف" آنا براسكي، فإن الخلافات الإسرائيلية بشأن البقاء أو الانسحاب من محور فيلادلفيا، تعكس النقاط الأساسية التي تصر عليها إسرائيل في الغرف المغلقة في محادثات التفاوض بالقاهرة.

وتعتقد محللة الشؤون السياسية أن "هناك نقطتين أساسيتين على رأس أولويات الفريق الإسرائيلي، تتعلقان بعدد الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم".

وأشارت إلى أن نتنياهو لا يعارض صفقة التبادل ولا يتعمد تفجيرها، لكنها تعتقد أنه يتعمد المماطلة والمراوغة بالمفاوضات وتوظيفها من أجل تعزيز مكانته بالمجتمع الإسرائيلي وتحقيق مكاسب سياسية.

وأضافت "لنكن واضحين ودقيقين، فهو أيضا ليس تواقا للتوصل إلى صفقة من شأنها أن توقف الحرب".

ورجحت أن الهدف الإستراتيجي من وراء صفقة التبادل هو التوجه نحو تسوية إقليمية، قائلة إن "نتنياهو يتطلع إلى إقامة تحالف إقليمي مع الدول العربية المعتدلة تحت المظلة الأميركية".

وأشارت إلى أن "ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال صفقة تنظم الوضع في قطاع غزة، حتى لو كان مؤقتا، وذلك لتجنب حرب شاملة بالشرق الأوسط".

مقترح جديد

ووسط الخلافات والبنود الجديدة التي كلف نتنياهو وفده المفاوض للقاهرة، رجحت صحيفة "هآرتس" أن المقترح الجديد الذي ستتم مناقشته لا يتضمن وجودا دائما للجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا، ويتوقع الوسطاء أن تنسحب إسرائيل منه لاحقا.

وقدر المراسل السياسي في الصحيفة يهونتان ليس، أن الخطوط العريضة المقترحة في المحادثات بالقاهرة تشمل صياغة غامضة وضبابية، تسمح لنتنياهو بالإعلان عن بقائه على الحدود الجنوبية للقطاع حتى يتم التوصل إلى حل آخر، في حين يمكن لحماس أن تقول إن الاتفاق لا يسمح بوجود إسرائيلي على طول الخط الحدودي مع مصر.

وأوضح مراسل الصحيفة أنه "من المفترض أن تسمح الصيغة -التي تناقش حاليا- لإسرائيل بنشر قوات محدودة على طول المحور على أن تسحبها خلال فترة زمنية محدودة، والسماح بحل دائم آخر للإشراف على منع التهريب، بحيث إن القوات الإسرائيلية على طول محور فيلادلفيا لن تتمركز بالقرب من المناطق المأهولة، بل في نقاط نائية".

الشرخ الإسرائيلي

وفي استعراض النقاط الخلافية والمواقف المتشددة لنتنياهو في صفقة التبادل وإعادة المحتجزين، كتب المحامي عومر بيلسكي مقالا بعنوان "ما هو مسموح لليمين – عدم التماثل في النقاش العام بين اليسار واليمين"، وجّه فيه انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو وحكومته التي تعرقل مفاوضات الصفقة، في مؤشر يعكس بأنها ضحت بالمحتجزين حتى من بقي منهم على قيد الحياة.

واستذكر بيلسكي في مقاله الذي نشره بالموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، المناقشات بإسرائيل حول صفقة التبادل، مشددا على موقف المؤسسة الأمنية الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي يمكنه الانسحاب من محور فيلادلفيا، ومراقبة النشاط في المحور بوسائل مختلفة.

ويقول الكاتب الإسرائيلي إن هذا الموقف يمكن من التوصل إلى صفقة، بيد أنه يقابل بانتقادات شديدة من اليمين، مما يشكك في نبوءات وتقديرات وزارة الدفاع، ويذكر بالكثير من إخفاقات توقعات وتقديرات معسكر اليسار.

وأشار إلى أن تشدد نتنياهو في مواقفه التي تعكس طرح معسكر اليمين المتطرف، يأتي لدوافع سياسية وانتخابية، مشيرا إلى أن عدم إنجاز الصفقة وعرقلة المفاوضات يعكس الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي والاستقطاب السياسي وعدم التماثل بين برامج اليسار واليمين.

وخلص بيلسكي إلى أنه "في إسرائيل تشكل السياسة اليمينية القاعدة، والانحراف عنها نحو اليسار يتطلب مبررا خاصا، حتى في التوصل لصفقة تبادل ووقف مؤقت لإطلاق النار".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی محور فیلادلفیا صفقة التبادل إطلاق النار على طول إلى أن

إقرأ أيضاً:

محللون: نتنياهو يريد اتفاقا جديدا وهذه خيارات حماس للرد

تباينت آراء محللين سياسيين بشأن قرارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوقف دخول البضائع والإمدادات إلى غزة وإغلاق المعابر معها، وسط إجماع بأن تل أبيب تريد اتفاقا جديدا يفرغ مضمون اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي من مضمونه.

فقد أكد الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن إسرائيل تعاقب الفلسطينيين جماعيا منذ اتفاق وقف إطلاق النار مع تلويحها الدائم بـ"فتح الجحيم على قطاع غزة" ومساعيها لتغيير بنود الاتفاق.

وتستخدم إسرائيل لتحقيق ذلك -وفق حديث مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث"- التهديد والتلويح باستئناف الحرب، إضافة إلى منع إدخال المساعدات الإنسانية التي تساعد السكان على البقاء مثل الخيام والبيوت المتنقلة والمساعدات الطبية.

وتأتي قرارات نتنياهو -التي اعتبرتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) انقلابا على الاتفاق- بعد عرقلته الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، التي كان من المفترض أن تبدأ في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى للاتفاق (3 فبراير/شباط الماضي).

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة قولها إن "وقف إدخال المساعدات إلى غزة جزء من مرحلة أولى للضغط على حماس"، وإن خطوات تصعيدية قد تبدأ الأسبوع المقبل.

إعلان

وبشأن الخلاف بين نتنياهو والأجهزة الأمنية، أكد مصطفى أنه قائم منذ شهور، "فنتنياهو يخشى انهيار حكومته ويريد إكمال ولايتها القانونية حتى أكتوبر/تشرين الأول 2026″، مؤكدا أن هذا سبب سياسي داخلي.

وحسب مصطفى، فإن نتنياهو أيضا لا يقبل بالاتفاق الحالي لأنه لا يحقق أهداف الحرب وهي: نزع سلاح المقاومة وإنهاء حكم حماس وطرد قادتها من القطاع من أجل شطب إخفاق السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويرى داعمو الاتفاق وضع إسرائيل شروطا سياسية -كما يقول مصطفى- مثل نزع سلاح حماس وطرد قادتها غير منطقي، إذ لا يمكن للحركة القبول بها، وموقفها في هذا الإطار عقلاني، وكذلك يرون أن نتنياهو لا يريد نجاح المرحلة الثانية.

وقال إن منطق الاتفاق الحالي يرتكز على أن المرحلة الثانية تحقق مصالح الطرفين، "فإسرائيل تريد استعادة كل أسراها، وحماس ترغب في وقف الحرب"، لكن نتنياهو يريد إطارا تفاوضيا جديدا بتمديد المرحلة الأولى أو الدخول للمرحلة الثانية بشروط سياسية.

التجويع سلاحا

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن انعكاسات قرارات نتنياهو آنية وسريعة، إذ تعيش غزة جحيما يظهر بوضوح في الشارع الفلسطيني.

ووفق القرا، فإن إسرائيل بقراراتها الجديدة تريد العودة إلى ما بعد نوفمبر/تشرين الثاني 2023 عندما بدأت في تطبيق التجويع سلاحا ضد الغزيين، وتمارس حاليا ضغوطا مشابهة.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مقربين لنتنياهو أن رئيس الوزراء يرى أن العودة للقتال لمدة قصيرة ممكنة للضغط على حماس، وأكدوا أنه سيكون هناك تغيير في طبيعة القتال مع رئيس الأركان الجديد إيال زامير.

وحسب هذه المصادر، فإن نتنياهو لا يعتقد أن تطبيق المرحلة الثانية من الصفقة أمر ممكن.

وبشأن خيارات المقاومة لمواجهة نتنياهو، قال القرا إن بعضها يكمن بالتمسك بموقفها بعدم تمديد المرحلة الأولى، إضافة إدارة ملف الأسرى الإسرائيليين في ظل وجود 59 أسيرا، واصفا هذا الملف بـ"ورقة ضغط قوية لدى حماس أمام إسرائيل وجبهتها الداخلية".

إعلان

وإضافة إلى ذلك، فإن المقاومة ستحاول الضغط على الوسطاء لوضع حد للمراوغة الإسرائيلية، "فالمرحلة الأولى لم تشهد تطبيقا للبروتوكول الإنساني وانسحابا إسرائيليا واضحا".

ووصف القرا المرحلة الحالية بـ"عض أصابع"، خاصة أن نتنياهو يريد استعادة الأسرى مقابل خطوات محدودة "تفرغ الاتفاق من مضمونه لكي لا ينهار ائتلافه الحكومي".

رفع السقف

من جانبه، أعرب توماس واريك المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط عن قناعته بأن الوقت الحالي يختلف جذريا عن أجواء اتفاق يناير/كانون الثاني، إذ يريد نتنياهو اتفاقا مختلفا، ويأمل في تمديد المرحلة الأولى، مما يشكل تحديا لحماس.

وبينما أقر بأن اتفاق يناير/كانون الثاني لا يدعو إلى وقف المساعدات والمواد الغذائية، زعم واريك أن ما يحصل ليس عقابا جماعيا للغزيين.

وأكد أن الحكومة الإسرائيلية تحاول التفاوض على اتفاق يختلف عن الذي وقعت عليه في يناير/كانون الثاني الماضي، مشيرا إلى أنها ترفع السقف قبل وصول مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف إلى المنطقة.

وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، وتبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ويتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

مقالات مشابهة

  • محللون: جلسة الكنيست كشفت حدة أزمة نتنياهو واتساع هوة الخلاف الداخلي
  • إعلام إسرائيلي عن مسئولين: نرفض تحديد الموعد النهائي لجهود الوسطاء لإقناع حماس بالمضي قدما في صفقة التبادل
  • محللون: نتنياهو يريد اتفاقا جديدا وهذه خيارات حماس للرد
  • مئات الصهاينة يتظاهرون للمطالبة باستكمال صفقة التبادل
  • حماس ترفض تمديد المرحلة الأولى من اتفاق صفقة التبادل
  • محللون: المقاومة لن ترضخ لمحاولات نتنياهو ابتزاز الفلسطينيين
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: ممتنون لإدارة ترامب بشأن الموافقة العاجلة على صفقة الأسلحة
  • لابيد: وقف صفقة التبادل يدل على تحرك حكومة نتنياهو دون رؤية
  • بن شرقي يكشف كواليس انضمامه للأهلي: مفاوضات بدأت منذ 2017 وتأخرت 8 سنوات
  • عام على صفقة رأس الحكمة.. أين ذهبت الوعود للمصريين بالسمن والعسل؟