الأَولى فيمن يكتب ويحلل من الفلسطينيين تحديدا؛ أن يمتلك الجرأة في تقسيم الجهات التي يريد أن يكتب عنها إذا كان دافعه مهنيا وليس تضليلا يغلّفُ جُبنا ومصلحة.
الحرب الحالية أفرزت ثلاثة أصناف من الشعوب والدول والأحزاب:
* من ساهم في الإبادة ضد غزة من دول بينها عربية، سواء بوجود قواعد عسكرية فيها خرجت منها الأسلحة لـ"إسرائيل"، أو بتآمر في إطار الوسيط الذي هدفه منذ البداية نزع المضمون السياسي للطوفان وإملاء صفقة بمقاس أمريكي، أو من يكتب على خريطة فلسطين في إعلامه ومراسلاته الرسمية كلمة "إسرائيل"، بينما يخرج المثقف الباحث في إعلامهم يتعامى عن جريمة التطبيع ويستمر في تضليله.
هذه الفئة هي الأَوْلى بالانتقاد والفضح، ويجب على أي محايد وحر من الكتّاب أن يسلط الضوء عليها ويفضحها ويعزز الرأي العام ضدها، حتى لا تكون منبرا لتبديد الحقوق، وتستخدم الكتّاب والمحللين ديكورا لتطبيعها ولاحقا بوقا يهاجم من يسند قضيته.
* فئة المتجاهلين للمجازر في غزة من أحزاب ودول وأنظمة بصمتهم المريع في دول الجوار ومن المحيط للخليج، وتحرك خجول في بعض الحالات بين مسيرات وتبرعات ووقفات.. ماذا أعدوا وما هي استراتيجتهم لنصرة فلسطين؟ ولماذا تخاذلوا أو ما زالوا لا يتحركون؟ وماذا بعد؟!
مخاطبة من في هذه الفئة وتحفيز قدراتهم ووطنيتهم وكشف من يثبطهم بالتزامن مع فضح الفئة الأولى؛ اكتمالٌ لدورك كباحث ومحلل وناشط وناقد وغيرها من المسميات، إن كانت القضية الفلسطينية أولوية عن الظهور والمصالح أو الأحقاد والعزة بالإثم.
* فئة المساند والنصير بالدم.. إذا تمكنتَ بالفعل من انتقاد المتآمر وفضحه وإنعاش الغافل ونخزه؛ باستطاعتك أن تقفز لانتقاد الفئة الثالثة وهي فئة المساندين بشكل مباشر وغير مباشر عسكريا وميدانيا في إسناد غزة، والذين يقدمون الأبناء والبيوت والمصالح والدماء والعتاد لنصرة القضية.
المسارعة في مهاجمة النصير والجُبن أمام المتآمر بدور الوسيط أو الشقيق الصامت السلبي؛ لا يعبر عن رأي حر أو كتابة وتحليل، بل توجيه وتضليل، ولا مهنية لمن لا يرى بكل العيون إن أراد الحياد، ولا شجاعة لمن تُسكت صوته دراهم أو ظهور أو أحقاد أو نقاشات جدلية غذّتها ماكنة الإرهاب، أمريكا.
المعركة مفتوحة والساعة بتوقيت المقاومة وجبهاتها، فلا يُسمح لكاتب بأسقف أن ينتقد فاعلا بظروف.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التطبيع انتقاد المقاومة الاحتلال انتقاد تطبيع المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
البلابسة- حماة الوطن من خلف الشاشات!
في ظل الأوضاع الراهنة، حيث الحرب مشتعلة والدماء تسيل، برزت فئة جديدة من الوطنيين الخُلَّص، الذين قرروا أن يهبّوا لنصرة الوطن لكن... عن بعد! نعم، هؤلاء هم البلابسة، فئة لا تهمها التفاصيل الصغيرة مثل الخسائر البشرية أو انهيار الاقتصاد، فالوطن عندهم فكرة مجردة، والحسم (بل بس) هو الحل لكل شيء!
1/ بلابسة الأصل
هذه الفئة عاشت الحرب كفكرة أكثر من كونها واقعًا، فهم لا يقبلون النقاش حول الجيش، لأن النقاش خيانة، والحياد جبن، والسلم انبطاح. تراهم يرفعون شعارات النصر في كل مناسبة، لكنهم عند سماع أي صوت طائرة يختفون مثل الملائكة وقت الأذان.
2/ بلابسة - كيكلاب
هذه الجماعة متخصصة في شتم من يعارض الحرب، لكن بطريقة متذاكية. تجدهم يمارسون دور المثقف الاستراتيجي الذي "يعرف الحقيقة"، لكنهم في الواقع يقتبسون تحليلاتهم من تعليقات فيسبوك وصوتيات واتساب مشبوهة. يتحدثون عن السيادة بملء الفم، ولكن عند السؤال عن موقعهم الجغرافي، تجد الإجابة: "حالياً في القاهرة، لندن، أو إسطنبول، بس أنا مع الجيش بالروح والدم من هنا!"
3/ بلابسة - انصرافاب
هم فئة متفرغة لتحليل الحرب من زاوية شديدة الانصرافية، مثل:
"كيف أثر الدعم السريع على سوق الساندويتشات؟"
"هل ستتغير موضة البدل العسكرية بعد الحرب؟"
"تحليل استراتيجي: لماذا يرتدي الجنود القبعات بطريقة مائلة؟"
بفضل هذه الفئة، أصبح لدى السودانيين رؤية جديدة للحرب: إنها ليست دمارًا وقتلاً، بل فرصة ذهبية لإثراء النقاشات البيزنطية حول أشياء لا علاقة لها بالحرب أصلاً.
4/ بلابسة - كيزاناب
هذه المجموعة تؤمن إيمانًا راسخًا أن الجيش هو الامتداد الطبيعي لمشروع "التمكين"، وهم مزيج غريب من الخطاب الإسلامي والخطاب القومي المتطرف، لكنهم أيضًا بارعون في لعب دور الضحايا. إنهم موجودون في كل مكان، يدعون إلى الحرب، لكنهم في ذات الوقت يبكون من نتائجها، وكأنهم لم يكونوا طرفًا فيها!
5/ الحركة البلبوسية الموحدة
حركة نضالية جديدة، هدفها الأساسي توحيد جميع البلابسة تحت راية واحدة. اجتمعوا على حب الحرب عن بعد، واتفقوا على أن الوطن لا يُبنى إلا بالحروب التي لا يشاركون فيها شخصيًا. إنهم مهووسون بالتصنيف، فلا يوجد شخص محايد عندهم: إما أنك معهم، أو أنك عدو يجب سحقه.
6/ البلابسة الأحرار
هذه الفئة تدعو إلى الحرب، ولكن بأسلوب ديمقراطي! أي أنهم يؤمنون بأن كل شخص يجب أن يكون حراً في اختيار الطريقة التي يدعم بها الجيش:
بالهتاف في المسيرات؟ ممتاز!
بشتم المدنيين في تويتر؟ رائع!
بالجلوس في أوروبا وكتابة بوستات عن "الخونة والعملاء"؟ هذا هو الدعم الحقيقي!
7/ الجماعة البلبوسية السودانية الجياشية
هي الجماعة التي ترى أن الحرب فرصة للتخلص من كل شيء لا يعجبهم في السودان. بالنسبة لهم، المشكلة ليست في الحرب نفسها، بل في أن هناك سودانيين يعارضونها. يعتقدون أن كل من يدعو للسلام هو "داعم للمتمردين"، حتى ولو كان شيخًا يدعو لهم في الجامع.
8/ الحركة المبلبسة المشتركة
أعضاؤها يتنقلون بين جميع المجموعات أعلاه، فهم كائنات "بلبوسية هجينة"، لا يملكون موقفًا ثابتًا سوى شيء واحد: الحرب ضرورة، بشرط أن تكون بعيدة عنهم. هؤلاء لديهم قدرة خارقة على تحويل أي نقاش إلى محاضرة مطولة عن الوطنية، مع أنهم لم يكونوا موجودين في السودان منذ سنوات.
حرب الكضّابين مستمرة
في النهاية، تبقى ظاهرة "البلابسة" رمزًا لأغرب أنواع الوطنية في التاريخ الحديث: وطنية لا تكلف أصحابها شيئًا، بل على العكس، تزيدهم متابعة وتأثيرًا على السوشيال ميديا. في عالمهم، الحرب هي مجرد هاشتاغ، والموت مجرد رقم، والدمار مجرد "تضحيات ضرورية". أما الواقع، فهو شيء يخص الآخرين، أما هم، فقد اختاروا "بل بس" كشعار لحياتهم!
#بل_الغنم وعقلية القطيع
#حرب_الكضابين
zuhair.osman@aol.com