النظام البيئي في الأهوار ينهار: أزمة وجودية مدمرة!
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
27 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة: الآن، وفي هذا الوقت العصيب، تُدق أجراس الإنذار بقوة في جنوب العراق. نحن على مشارف كارثة بيئية وإنسانية غير مسبوقة، تهدد بقلب نظام الحياة رأساً على عقب. لم تعد أزمة المياه مجرد مسألة نقص في الموارد، بل أصبحت قضية بقاء ووجود لسكان الأهوار ونظامهم البيئي.
إن جفاف الأهوار الجنوبية في العراق هو ناقوس خطر يجب أن يُسمع في كل أرجاء الوطن، وتجاهل هذه الأزمة يعني التواطؤ في جريمة بحق الطبيعة والإنسان، جريمة لا تُغتفر!
ماذا يحدث؟
تواجه مناطق الأهوار الجنوبية في العراق، خاصة في محافظات ذي قار وميسان، أزمة جفاف حادة تهدد النظام البيئي والحياة البشرية.
في محافظة ذي قار، تصاعدت المخاوف مع انخفاض إمدادات المياه بشكل ملحوظ، خصوصاً في مناطق قضاء سيد دخيل وقراها وصولاً إلى الدواية والفهود والإصلاح والجبايش والمنار وسوق الشيوخ. ونتيجة لهذا النقص الحاد في المياه، فقدت الكثير من الأسر مصدر رزقها مع نفوق الثروة الحيوانية والأسماك، وتصاعدت نسب الهجرة من الأرياف إلى نحو 25%، حيث دخلت ما بين 8 إلى 10 مناطق في مرحلة الخطر الفعلي، وفقاً لتصريحات الناطق باسم مجلس محافظة ذي قار.
وفي ذات السياق، أشارت رئيسة لجنة الأهوار في مجلس محافظة ميسان إلى أن نفوق الأسماك في هور الحويزة يعود إلى النقص الحاد في الأكسجين بسبب ضحالة المياه، مستبعدة أن تكون عمليات الصيد الجائر هي السبب. بدوره، حذر الخبير المائي جاسم الأسدي من أن منطقة الأهوار تخوض تحدياً كبيراً بسبب انخفاض مستويات نهر الفرات، وهو المصدر الرئيسي لتغذية المنطقة بالمياه.
ووفقاً للأسدي، فإن منسوب نهر الفرات قد وصل في أبريل الماضي إلى حوالي متر واحد و10 سنتيمترات فقط، والآن بلغ أدنى مستوى له عند 65 سنتيمتراً، مما يعكس حجم المشكلة المائية والتأثير الكارثي الذي تواجهه منطقة الأهوار.
ويؤكد الأسدي أن التراجع في منسوب المياه أدى إلى تدهور كبير في النظام الإحيائي والبيئي، مما يهدد بهجرة آلاف الأسر المعتمدة على الزراعة وتربية الجاموس وصيد الأسماك. ويشير إلى أنه إذا لم تهطل الأمطار قريباً، فإن الجفاف قد يؤدي إلى خلو الأهوار من سكانها في المستقبل القريب.
إن مساحات الأهوار المغمورة بالمياه قد تراجعت إلى نحو 15% من مساحتها الكلية التي كانت تبلغ حوالي 9,650 كيلومتراً مربعاً في التسعينات. واليوم، لم تعد تتجاوز مساحة الأهوار 5,600 كيلومتر مربع. ورغم إعلان وزارة الموارد المائية عن انخفاض ملوحة مياه الأهوار إلى النصف، إلا أن المياه ما زالت غير صالحة للاستعمال، وهو ما يساهم في استمرار هجرة السكان داخل الأهوار بحثاً عن المياه العذبة.
ومع استمرار تدهور الأوضاع، خرج مئات المواطنين في محافظتي الناصرية وميسان في مظاهرات احتجاجية ضد نقص إمدادات المياه، مطالبين الحكومة بتحركات عاجلة لإنقاذ ما تبقى من الأهوار وسكانها.
وترى تحليلات ان الوقت قد حان للتحرك السريع والجدي لإنقاذ الأهوار، فهي ليست مجرد مساحات مائية، بل هي إرث تاريخي وثقافي وبيئي للعراق. إن إنقاذ الأهوار ليس خياراً، بل واجب وطني وإنساني. إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فقد نفقد هذه الجوهرة الطبيعية إلى الأبد، ونتحمل العواقب الكارثية التي ستنجم عن ذلك.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
العراق الرابح الأكبر من مصالحة واشنطن وطهران
15 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: تتجه الأنظار نحو الاتفاق المرتقب بين الولايات المتحدة وإيران، وسط آمال عراقية بتحقيق انفراجة اقتصادية طال انتظارها.
ويعيش العراق تحت وطأة تعقيدات جيوسياسية، حيث يتأرجح بين الضغوط الأمريكية والعلاقات الاقتصادية مع إيران.
ويتطلع العراقيون إلى اتفاق يخفف قيود التعاملات المالية، ويعزز التجارة، ويحمي اقتصادهم المنهك. لكن التحديات تظل قائمة، إذ قد تحمل التسوية تداعيات مزدوجة: فرصاً للاستقرار ومخاطر عدم اليقين السياسي.
وتشير تقارير حديثة إلى أن مفاوضات بين واشنطن وطهران، جرت مؤخراً في مسقط، قد تسفر عن اتفاق يركز على الملف النووي ويخفف بعض العقوبات الأمريكية على إيران، خاصة تلك المتعلقة بالتداول بالدولار.
ويهذا الاتفاق قد يفتح الباب أمام العراق لتعزيز تجارته مع إيران بطرق رسمية، ما يحد من الحوالات غير القانونية التي أضرت بالاقتصاد العراقي. كما يضمن استمرار استيراد الغاز والكهرباء من إيران، وهو أمر حيوي لتلبية احتياجات العراق الطاقوية.
ويفي أبريل 2025، أفادت مصادر دبلوماسية بأن جولة ثانية من المحادثات ستُعقد في روما قريباً، برعاية عُمانية، لاستكمال النقاش حول الاتفاق.
خبراء اقتصاديون، أشاروا إلى أن التسوية سوف تدعم استقرار سعر الصرف في العراق، لكنها قد تؤثر سلباً على أسعار النفط إذا عادت إيران بقوة للأسواق العالمية.
وتاريخياً، تأثر العراق بشدة بالعقوبات الأمريكية على إيران.
وفي 2018، تسببت العقوبات بأزمات مالية في العراق بسبب تهريب الدولار عبر الحدود. كما أن العراق يعتمد على إيران في 40% من احتياجاته من الغاز والكهرباء، ما يجعل أي تصعيد بين واشنطن وطهران كارثياً على بغداد.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts