جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-07@06:31:47 GMT

الفقر.. ومحاولات الدول القضاء عليه

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

الفقر.. ومحاولات الدول القضاء عليه

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

تُعاني عدة دول في العالم من الفقر الذي يُسببه الإنسان لغيره بسبب جشعه واستيلائه وامتلاكه لمقدرات الآخرين، ومُمارسة الفساد لتحقيق غرضه؛ فالأرض عمومًا تعج بالخيرات والنعم والموارد التي أنعمها الخالق على البشرية جمعاء، خاصة في منطقتنا الخليجية التي أنعمها الله بثروات تتمثل في موارد الطاقة كالنفط والغاز والمعادن بجانب الثروات المائية والبحار والمياه وغيرها من النعم الأخرى، بجانب توافر الصناديق السيادية والمُؤسسات المماثلة.

ومن هذا المنطلق يجب ألّا يكون هناك فقر في المنطقة، وهذا يُمكن تحقيقه فقط في وجود تخطيط اقتصادي ومالي واجتماعي سليم، بحيث يُمكن أن يعيش الإنسان في كرم ونعم وشبع دون أن يمدَّ يده للآخرين للحصول على لقمة عيش.

فنحن لسنا في منطقة أو بقعة يمكننا العيش على مبلغ أقل من 2.15 دولارًا في اليوم وفق ما تشير إليه بعض الإحصاءات العالمية للدول الفقيرة؛ لأنَّ ذلك ضرب من الخيال، وبعيدٌ كل البعد عن الواقع المعيشي والدخل الكبير لدول المنطقة، في الوقت الذي نرى فيه أن هناك ما لا يقل عن 700 مليون شخص حول العالم (وفقًا لبيانات البنك الدولي) يعيشون على هذا المبلغ البسيط؛ بل أقل منه، ويمثلون حوالي 8.5% من سكان العالم.

إنَّ منطقتنا الخليجية مُعرَّضة للفقر إذا لم تُتخذ الإجراءت الكفيلة بالحد من الفقر بين المواطنين؛ فتقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا" أشار قبل فترة لوجود مؤشرات فقر في عدد من الدول العربية الخليجية؛ حيث يعاني اليوم أكثر من 6% من سكان دول المجلس من الفقر، وبواقع 3.3 مليون مواطن خليجي، ضمن العدد الإجمالي المقدّر للسكان بنحو 54 مليون نسمة لعام 2023. وربما يرجع افتقار المواطن الخليجي نتيجة بحثه عن العمل لسنوات عديدة بعد تخرجه، كما هو الحال لدينا في عُمان. فهناك ما لا يقل على 6 ملايين خليجي باحثين عن عمل في دول المجلس، بينما نجد أن هناك أكثر من 25 مليون عامل أجنبي يعملون في المنطقة وينافسون المواطنين في ذلك، بحيث تصل نسبة الوافدين في بعض الدول الخليجية إلى أكثر من 90%، وبالتالي تتضرر المصالح الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين؛ الأمر الذي يوجب إعادة النظر في هذه القضايا.

بيانات تقرير "الإسكوا" الأخير تشير إلى أنه بالرغم من أن معدلات الفقر تراجعت بدول المجلس منذ عام 2010، إلّا أنه من المهم وضع سياسات لإبعاد المنطقة عن الفقر. ففي السعودية تراجعت نسبة الفقر من 18.2% في عام 2010 إلى 13.56% حاليًا، وهناك نسب متفاوتة في بقية دول المجلس، حيث تصل النسبة في سلطنة عُمان إلى 10% تقريبًا، وفي البحرين 7.5%،  فيما تقل معدلات الفقر في كل من الكويت والإمارات عن 2%، وتعتبر قطر من أقل الدول المسجلة للفقر بحيث تصل النسبة إلى 0.4%.

وإذا تمعنا في الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة الفقر لدى الدول حول العالم نجد أن البعض يُعزي ذلك إلى عدم المساواة بين الناس؛ حيث تتمتع مجموعة ما بحقوق وموارد أقل من الآخرين، باعتبار أن هناك البعض لا يملكون ما يكفل لهم العيش الكريم. كما أن الصراعات تؤدي في الكثير من الأحيان إلى  انتشار الفقر، والقضاء على الاقتصادات. وهناك نماذج للشعوب التي زادت فيها نسبة الفقر بسبب الحروب العبثية. كما إنَّ الجوع وسوء التغذية يعتبران من الأسباب الرئيسية للفقر، نظرًا لافتقار الناس إلى القوة والطاقة اللازمتين للعمل، ودخولهم في المديونيات، فيما يُؤدي ضعف أنظمة الرعاية الصحية إلى نشر الفقر بين الناس؛ بسبب استنزاف ثروات الناس في عمليات العلاج، بينما نجد أن الأزمات الصحية العامة والأوبئة تساهم هي الأخرى في نشر الفقر والخسائر لدى الشعوب. وهناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الفقر، الأمر الذي يتطلب وضع خطط وسياسات مناسبة لمواجهة هذه القضايا وتوفير الالتزامات الاجتماعية والصحية والتعليمية للقضاء على أسباب الفقر، مع توفير خطط لحالات الطواريء التي تنجم بسبب التغير في المناخ والذي يؤدي إلى انتشار الفقر أحيانا بسبب فقدان الناس لممتلكاتهم، حيث يقدّر البنك الدولي إلى أن أزمة المناخ ستدفع أكثر من 130 مليون شخص إلى الفقر بحلول عام 2030. وهذا الأمر يتطلب وجود بنية أساسية قوية لدى الدول من حيث الطرق والجسور وخدمات الاتصالات وإيجاد أنظمة الدعم والرعاية الاجتماعية الجيدة، والقضاء على مشكلة البطالة والعمل بالمساواة، مع إنشاء جمعيات الادخار والقروض المجتمعية لابعاد الناس عن شبح الفقر. 

إن تقرير لجنة الإسكوا لم يكتفِ بنقل تلك الأرقام المهمة فحسب؛ بل طالب دول المجلس بالحد من الفقر من خلال اتخاذ إجراءات وعمل إصلاحات مالية لزيادة تنويع قاعدة الإيرادات، وتحسين الاستهداف في خطط الحماية الاجتماعية، وإصلاح سياسات تخصيص الأراضي والمشتريات العامة، مع العمل على ضرورة الاستثمار في مهارات الخليجيين وإصلاح أنظمة التعليم والتدريب والتأهيل، والحماية الاجتماعية وأنظمة التقاعد في دول المجلس.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

"ماعت" تطلق مؤشرًا متخصصًا في تقييم أداء الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أطلقت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان مؤشرًا متخصصًا لتقييم أداء الدول الأعضاء في المجلس، هذا المؤشر هو الأول من نوعه ويعتمد على قياس مدى التزام الدول الأعضاء بالتعهدات الطوعية التي قدموها للجمعية العامة أثناء ترشحهم لعضوية المجلس، وجاء إطلاق هذا المؤشر على هامش مشاركة المؤسسة في الدورة الـ48 لآلية الاستعراض الدوري الشامل.

ويعتمد المؤشر على منهجية شاملة تتضمن خمسة مؤشرات فرعية تهدف إلى قياس فعالية الدول الأعضاء في المجلس في مجالات متعددة، مثل رعاية القرارات خلال دورات المجلس، والمشاركة الفعالة، بالإضافة إلى التزام الدول بتعهداتها الطوعية، كما يتناول المؤشر مساهمة الدول في الميزانية العادية للأمم المتحدة، وقياس مدى التزامها بتعزيز حقوق الإنسان وفقًا لقرار الجمعية العامة رقم 251/60 الذي أنشأ مجلس حقوق الإنسان.

وأظهرت نتائج المؤشر لعام 2024 تباينًا في أداء الدول الأعضاء، حيث تم تحديد تفاوتات ملحوظة بين الدول بحسب المجموعات الجغرافية، وأشار المؤشر إلى أن البند العاشر الخاص بالمساعدة التقنية وبناء القدرات كان الأكثر توافقًا بين الدول الأعضاء في هذا العام. كما أبرزت النتائج أن معظم الدول الأعضاء طالبت بضرورة أن يُمثل المجلس عبر المفوضية السامية لحقوق الإنسان لتقديم المساعدة الفنية بناءً على احتياجات الدول.

ومن جهة أخرى، أظهرت النتائج أن 40 دولة من الأعضاء قد ساهمت بنحو 51% من الميزانية العادية للأمم المتحدة في عام 2024. ورغم هذه المساهمات، يظل نقص التمويل والعقبات المالية من التحديات الكبرى التي تعرقل أداء المجلس.

وفي تعليقه على إطلاق المؤشر، قال أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت أن هذا المؤشر يهدف إلى تقديم أداة دقيقة لقياس أداء الدول الأعضاء وتحديد نقاط القوة والضعف في عمل المجلس، كما أن هدفنا هو تحسين كفاءة المجلس من خلال تقديم توصيات عملية تساهم في تعزيز عمله وتوجيهه نحو تحقيق أهداف حقوق الإنسان بشكل أكثر فعالية.

وأضاف عقيل أن المؤشر جاء نتيجة نقاشات معمقة استمرت لمدة ثلاثة أسابيع مع الخبراء في المجال، وأن مؤسسة ماعت حرصت على تطبيق نفس المعايير على جميع الدول الأعضاء لضمان حيادية النتائج، وتطرق عقيل إلى التحديات التي يواجهها المجلس، بما في ذلك تسيس التداخلات والازدواجية في المعايير؛ ما أثر على كفاءة عمل المجلس وأدى إلى تعطيل العديد من عملياته.

وأشارت مؤسسة ماعت إلى أن 42 دولة من الأعضاء في المجلس قدمت تعهدات طوعية أثناء ترشحها، فيما لم تقدم خمس دول من المجموعة الأفريقية أي تعهدات، كما لفتت المؤسسة إلى الاستعراض المزمع لمجلس حقوق الإنسان قبل نهاية عام 2026، والذي سيحدد ما إذا كان سيظل هيئة فرعية للجمعية العامة أم سيُحول إلى هيئة مستقلة، واعتبرت المؤسسة أن هذا الاستعراض يعد فرصة حاسمة للاعتراف بمجلس حقوق الإنسان كهيئة مستقلة ذات ولاية منفصلة.

مقالات مشابهة

  • ملف النزاعات الانتخابية يتصدر مباحثات خوري والقوي بطرابلس
  • القوي يبحث مع خوري توحيد السلطة القضائية وتعزيز استقلال القضاء في ليبيا
  • "ماعت" تطلق مؤشرًا متخصصًا في تقييم أداء الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان
  • “الترانسفير الجديد”.. كيف تعددت خطط ومسميات ومحاولات تهجير الفلسطينيين؟
  • القوي وخوري يبحثان دور القضاء في الفصل بالمنازعات الانتخابية
  • “مجموعة لاهاي” تحرص على معاقبة إسرائيل وحكامها على المجازر التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني
  • ما هي الدول الأوروبية التي تعاني أكثر من غيرها من مشاكل التركيز والذاكرة؟
  • «تمسكت بحقوق شعبنا».. فلسطين ترحب بمواقف الدول التي رفضت التهجير والضم
  • القضاء يتسلم من يونيتاد التقرير التحليلي الشامل عن مجزرة سبايكر
  • مجلس الدولة أمام أزمة شرعية.. مطالبات بجلسة توافقية وانتخابات نزيهة