أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة بطولة دبي الدولية لرابطة أبوظبي لمحترفي الجوجيتسو تنطلق الجمعة عائشة ديماس: نفتخر بالنساء اللواتي يثرين العمل الثقافي

حرصت شركة مبادلة للاستثمار، التي تعد عنصراً أساسياً في المشهد الاقتصادي للإمارات، منذ وقت طويل على إطلاق مجموعة متنوعة من المبادرات التي تستطيع المرأة من خلالها تنمية قدراتها وتولّي مهام قيادية وتقديم مساهمات ملموسة ليس على مستوى الشركة فحسب بل يمتد أثرها على المجتمع ككل، حيث كانت الشركة من أوائل المبادرين إلى تقدير إسهامات المرأة وتوفير الفرص لها للنجاح والتميز.

 
ومن تلك المبادرات، «برنامج مبادلة للتميز»، وهو منصة مخصصة لرعاية المواهب الاستثنائية في دولة الإمارات ومساعدتهم على تحقيق طموحاتهم في مجالات الرياضة والفنون والثقافة. يجسِّد هذا البرنامج قناعة مبادلة بأن تمكين موظفيها يصبُّ في خانة الاستثمار المستقبلي للوطن.
ويوفر البرنامج العديد من الفرص لتمكين النساء الإماراتيات من التميز ووضع بصمتهن داخل الوطن وخارجه.
وحظي البرنامج بإشادة العديد من الإماراتيات اللاتي شاركن فيه، ومن هؤلاء ألفة الكعبي، عضو الفريق الوطني لرياضة البادل، التي تدين بالفضل للبرنامج في دعمها ومساعدتها على تطوير مهاراتها من خلال توفير احتياجاتها إلى جانب التشجيع والتعاون.
 وبدورها، تؤكد ضحى البشر، وهي بطلة إماراتية عالمية في الرياضات البحرية، أن البرنامج من أفضل الفرص التي أتيحت لها في حياتها، حيث حفّزها على المنافسة في المحافل الدولية وفتح أمامها الأبواب لاكتساب خبرات ثمينة.
كذلك وفر برنامج مبادلة للتميز للفارسة الإماراتية الواعدة علياء المهيري، الفرصة لإشباع شغفها بالخيول. 
ومن الأمثلة الأخرى على التزام مبادلة بتمكين المرأة، المشاركة في حملة نظمتها مؤسسة «عملية الابتسامة» الإماراتية بالقاهرة في الفترة من 27 يونيو إلى 4 يوليو، حيث تطوع 8 من نساء مبادلة في دعم مبادرة «نساء في الطب».
وتكللت هذه المهمة بإنجاز 49 عملية جراحية ناجحة أدت إلى إحداث نقلة نوعية في حياة الأطفال وعائلاتهم، فقد أكدت مشاركة فريق المتطوعات من مبادلة، والذي ضم في صفوفه عدة إماراتيات، قوة الأثر الذي يمكن تحقيقه من خلال العمل يداً واحدة وتضافر الجهود، وكان انخراطهن شهادة حية على تحقق أهداف المبادرة والمتمثلة في تعليم النساء ممارسات طبية متقدمة، وتزويدهن بالمهارات القيادية، وتوسيع الفرص في قطاع الرعاية الصحية.

برنامج مبادلة للتميز
وقالت الفة الكعبي، عضو منتخب الوطني البادل: «أعظم إنجاز لي كان تمثيل بلادي ضمن المنتخب الوطني في رياضة البادل، أن أتمكن من تمثيل بلدي في رياضة أحبها هو بلا شك شرف عظيم. لقد حالفني الحظ باللعب إلى جانب نخبة من أفضل الرياضيين في الدولة، وهو حلم طالما داعب خيالي. هذا الإنجاز هو ثمرة العمل الجاد والبذل والتفاني، ولكنه لم يكن ليتحقق لولا الدعم المستمر من المجتمع والجهة الراعية».
واضافت: كان لدعم برنامج مبادلة للتميز دور مؤثر في مسيرتي. فقد وفرت لي رعاية مبادلة الموارد والفرص للتدريب والمنافسة بشكل مستمر، مما أتاح لي تركيز كل جهدي على تحسين مهاراتي. إن التزام مبادلة برعاية المواهب وتوفير المنصات للرياضيين للازدهار كان عاملاً رئيساً في نجاحي، حيث مكنني من متابعة شغفي.
وتابعت: «التعاون شرط أساسي لبناء غد أفضل والنجاح في الحياة، تماماً كما في لعبة البادل. فهي لعبة لا يعتمد فيها النجاح على المهارة الفردية فقط، بل أيضاً على القدرة على التواصل والعمل مع زملائك. هكذا تعلمنا البادل أهمية التعاو ويتوقف نجاحنا على مدى قدرتنا على تنسيق جهودنا ودعم بعضنا بعضاً في الملعب لتحقيق هدف مشترك».
ومضت لتؤكد: «لتحقيق غد أفضل، نحتاج إلى تعزيز هذا الفكر التضامني في جميع مجالات الحياة. ففي الرياضة مثلاً، يعني ذلك أن يتعاون الرياضيون والرعاة والمدربون، والمؤسسات المعنية لبناء بيئة داعمة تشجع على النمو والتميز.
وبالتعاون، نخلق تأثيراً إيجابياً يمتد إلى جميع جوانب المجتمع. هذا الجهد الجماعي هو ما سيدفعنا نحو غد أفضل».
وقالت: «النجاح ليس صعباً؛ إنه مجرد تحدٍ، المهم أن تلزم نفسك بمواجهة هذا التحدي. النجاح يتحقق من خلال الجهود الصغيرة المستمرة التي تبذلها كل يوم. إنه يتطلب المثابرة والدأب والصمود، حتى عندما تكون المهمة صعبة، والتغلب على لحظات الشك. كل يوم يقدم فرصة للنمو والتعلم والتحسن، وتراكم هذه التحديات اليومية هو ما يؤدي إلى النجاح الحقيقي».

إبحار بطموحات الغد
 أما ضحى البشر، نجمة الرياضات البحرية العالمية فقد قالت: «أنا بالطبع سعيدة بكوني امرأة إماراتية أمثل بلادي المحافل الدولية في مجال الرياضة البحرية. أعتبر ذلك إنجازاً كبيراً، خاصة في رياضة لا توجد فيها العديد من النساء. لقد فزت مؤخراً ببطولة العرب.. وهذه مجرد بداية، وبدون شكل كان برنامج مبادلة للتميز من أفضل الفرص التي أتيحت لي في مسيرتي. لقد ساعدني وحفزني على المنافسة في الفعاليات الرياضية، ومنحني الفرصة للارتقاء إلى مستويات أعلى في الرياضة. على سبيل المثال، فتح لي الباب لتجربة قارب F50 خلال فعاليات سباق سيل جي بي (SailGP) شيكاجو بالولايات المتحدة الأميركية. كذلك أتاحت لي تلك الفعالية فرصة اللقاء برياضيات أولمبيات وكانت لقاءات ملهمة أتاحت لي تبادل الخبرات معهن. نعم، لقد وفر لي البرنامج الموارد التي أحتاجها للتدريب وتطوير مهاراتي».
وتابعت: «التعاون من أجل غد أفضل يبدأ بتمكين الأفراد والمجتمعات للتعاون من أجل تحقيق أهداف مشتركة. في الرياضة البحرية، كما هو الحال في الحياة، العمل الجماعي والتعاون أمران أساسيان. من خلال تعزيز الشمولية، وتبادل المعرفة، ودعم نقاط القوة لدى بعضنا بعضاً، يمكننا مواجهة التحديات الراهنة وبناء مستقبل أكثر استدامة يتمتع فيه الجميع بفرص متساوية». 
وأوضحت: «نحن في دولة الإمارات محظوظون بوجود قادة يؤمنون بقدرات كل مواطن. وبفضل الدعم الذي نجده من برامج مثل برنامج مبادلة للتميز، نستطيع مواصلة رحلة الابتكار، والإلهام، ودفع التغيير الإيجابي عبر جميع القطاعات، بما في ذلك الرياضات البحرية. وبتضافر جهود الجميع يمكننا خلق مساحة يكون فيها للجميع فرصة للنجاح».

تجربة رائدة
وتحدثت علياء المهيري الفارسة المتميزة عن مسيرتها فقالت: «أعظم إنجاز في مسيرتي برياضة الفروسية كان الفوز ببطولة الإمارات للأطفال في موسمي الأخير كفارسة في فئة الأطفال. أنا فخورة أيضاً بتحقيق المركز الأول في مسابقة Virtus CSI 2*، حيث كنت واحدة من أصغر الفارسات في المنافسة من بين 100 مشاركة. لقد عملت بجد وكرست كل وقتي لخيولي ولمسيرتي في الفروسية، ويسعدني أن أرى كل ذلك يؤتي ثماره. أنا ممتنة للغاية لخيولي ولفريق الدعم الرائع الذي ساعدني على النمو وتقديم أفضل ما لديّ».
وأضافت: أنا فخورة بأن أكون جزءاً من برنامج مبادلة للتميز. وعلى الرغم من أنني لم أنضم إلا مؤخراً إلا أن مبادلة وفرت لي فرصاً للنمو إلى جانب الدعم المالي. لقد ساعدني الدعم المالي في شراء المزيد من الخيول لتطوير مسيرتي في الفروسية. كما وفر لي البرنامج فرصاً للتواصل مع رياضيين إماراتيين آخرين في مجتمعي، مما عزز ثقتي بنفسي وحفزني على العمل بجدية أكبر والسعي لتحقيق التميز. لا أستطيع الانتظار لمعرفة ما ينتظرني من إنجازات في المستقبل تحت مظلة برنامج مبادلة للتميز.
واكدت بان رياضة الفروسية تقوم على التعاون. أولاً وقبل كل شيء بيني وبين خيولي، وهي علاقة مبنية على الثقة والاحترام المتبادلين. وهناك أيضًا الشراكة مع فريق المساندة من المدربين والعاملين على العناية بالخيول، والحدادين، والأطباء البيطريين، حيث يتوقف النجاح على قدرتهم على العمل في انسجام تام.

برنامج نساء في الطب
واكدت شيخة المزروعي، مديرة في قسم البنية التحتية الرقمية: في اعتقادي أن مثل هذه المهام تسهم في تمكين الكفاءات المهنية النسوية وتعزيز المساواة بين الجنسين في قطاع الرعاية الصحية. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تعزز الشعور بالتضامن وتسهم في خلق بيئة داعمة لجميع المشاركات. 
واضافت: بالنسبة لي، كانت هذه التجربة حافلة بالتحديات وبالفوائد أيضاً حيث أتيح لي متابعة رحلة طفل ابتداءً من عملية الفحص الأولي وحتى مرحلة التعافي والعودة إلى المنزل. كذلك أتاحت لي هذه الرحلة أن ألمس بنفسي التأثير الإيجابي المباشر على المجتمع وكان لذلك تأثير عميق في نفسي وأعطاني شعوراً إيجابياً بالإنجاز، إضافة إلى أنني رأيت فيه ترجمة عملية للقيم المؤسسية التي تتبناها مبادلة. 
وقالت شليلا كوديقواكو- معاون أول، قسم العقارات في دولة الإمارات: سعيت للانضمام لفريق عملية الابتسامة في رحلتها إلى القاهرة لأنني كنت راغبة في تقديم خدمة للمجتمع بطريقة مختلفة. كانت تجربة مدهشة أن أكون ضمن فريق كله من النساء وأن ألتقي بنساء من مختلف أنحاء العالم كلهن رغبة وحماس لتقديم أفضل ما عندهن، كلٍ في مجالها. وأكبر درس استخلصته من هذه التجربة هو أن هناك كثيرين في هذا العالم في حاجة للمساعدة والعطف، وقد ذكّرني ذلك بالنِعَم الكثيرة التي حظيتُ بها في حياتي.

«عملية الابتسامة»
من ناحيتها قالت مي شعيب، رئيس قسم الاتصال المؤسسي، قطاع الاستثمار في الإمارات «كانت مشاركتي ضمن فريق نسوي في «عملية الابتسامة» تجربة مفيدة للغاية. لقد أعجبت بروح التفاني والمحبة والمرونة التي أظهرها الجميع. تأثرت عميقاً ببراءة الأطفال وحبهم للحياة أثر وأصبحت ارى الحياة من منظور جديد. لقد اثارت هذه التجربة في نفسي رغبة في تكريس حياتي لهذا النوع من العمل إذا تسنى لي اتخاذ هذه الخطوة الجريئة. أشجع أي شخص تتاح له الفرصة للمشاركة في مبادرة مجتمعية والمساهمة في المجتمع بأي طريقة ممكنة أن يفعل ذلك بكل إخلاص ودون تردد».

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: من خلال غد أفضل

إقرأ أيضاً:

المراحل العشر التي قادت فيتنام إلى عملية الريح المتكررة ضد أميركا

في ظهيرة يوم شديد الصعوبة من أبريل/ نيسان عام 1975، بثت إذاعة الجيش الأميركي خبراً مفاده أن "درجة الحرارة في سايغون تبلغ 105 درجات وترتفع"، كانت تلك رسالة مشفرة تعني أن الوضع قد وصل إلى حد الانفلات التام في أعقاب هجوم واسع لقوات حكومة فيتنام الشمالية، وأنه قد بدأ الإجلاء الفوري لجميع الأميركيين المتبقين في فيتنام، بعدما كانت الولايات المتحدة قد سحبت قواتها القتالية من فيتنام وفقا للاتفاقية الموقعة في باريس عام 1973، تاركة نحو 5000 أميركي في مهام دبلوماسية واستخباراتية.

وخلال ساعات؛ وثقت الكاميرات مشهد عشرات الأميركيين والجنود الفيتناميين الجنوبيين واقفين على سطح مبنى في سايغون (عاصمة فيتنام الجنوبية)، أعينهم معلقة بطائرة هليكوبتر أميركية تهبط على عجل. رجال ونساء وأطفال يصطفون على درج معدني ضيق، يتدافعون بحذر وخوف نحو الطائرة التي لا تسع إلا عدداً قليلاً.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نصف مليون جندي و8 ملايين طن من القنابل.. لماذا هُزمت أميركا في فيتنام؟list 2 of 2في حال وقع المحظور النووي هل ستنحاز أميركا للهند أم باكستان؟end of list

كان ذلك المشهد ذروة عملية الإجلاء السريع التي عُرفت باسم "عملية الريح المتكررة" (Operation Frequent Wind)، وأصبحت رمزًا مريرًا لنهاية أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في القرن العشرين.


لكن كيف وصلت فييتنام إلى هذه اللحظة؟ وكيف تحوّل بلد زراعي صغير على هامش خريطة آسيا إلى ساحة صراعٍ دوليّ دمويّ، وإلى اختبارٍ عسير لطموحات القوى الكبرى ومرآة لانكساراتها؟ ولفهم هذه التحولات التي باتت تمثل واحدة من أهم المعارك العسكرية في القرن العشرين؛ لا بد من العودة إلى البدايات؛ إلى الحسابات الجيوسياسية لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وماقبل ذلك في زمن الاستعمار القديم، تلك الحسابات التي تجاوزت حدود فيتنام الضيقة وجعلت منها ساحةً لصراع استمر أكثر من عقدين من الزمن.

منذ القرن التاسع عشر؛ كانت فيتنام جزءًا من المستعمرات الفرنسية (الفرنسية) المحطة الأولى: فيتنام تحت الظل الاستعماري

منذ القرن التاسع عشر؛ كانت فيتنام جزءًا من المستعمرات الفرنسية، إلى جانب لاوس وكمبوديا (كانت الدول الثلاث تعرف باسم الهند الصينية). وكانت البلاد أشبه بساحة خلفية للإمبراطورية الفرنسية، حيث نُهبت ثرواتها الطبيعية، وقُمعت حركاتها الشعبية، وزُرعت فيها بذور الانقسام الطبقي والثقافي.

إعلان

لم تكن فيتنام تحديدا مجرد مستعمرة بعيدة، بل كانت عقدة حيوية في خريطة النفوذ الفرنسي في آسيا. ميناء "هايفونغ" التجاري الأهم في فيتنام، والمزارع التي كانت تنتج الأرز والمطاط، وخطوط السكك الحديدية التي تربط الهضاب بالمرافئ، كلها كانت تُدار لخدمة باريس، وليس لخدمة هانوي.

المحطة الثانية: فرصة خاطفة للاستقلال

في منتصف القرن العشرين، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية؛ بدأ التوازن الاستعماري القديم يتصدع. اجتاحت اليابان الهند الصينية عام 1940، تاركة الإدارة الاسمية لفرنسا الفيشية، لكنها عمليًا أضعفت القبضة الفرنسية وأفسحت المجال لنمو تيارات المقاومة المحلية. من بين هذه التيارات، برزت شخصية استثنائية ستغيّر وجه آسيا، ويحمل الفيتناميون صورته اليوم وهم يحتفلون بالذكرى الخمسين لتوحيد بلادهم: هو تشي منه.

أسّس هو تشي منه "رابطة استقلال فييتنام" أو "الفييت مينه"، وهي حركة قومية شيوعية، مزجت بين الكفاح المسلح والتحريض الشعبي. وعندما انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945، وإعلان استسلام اليابان، كانت الفرصة سانحة أمام هو تشي منه، فأعلن استقلال فيتنام عن الامبراطورية اليابانية في ساحة "با دينه" بهانوي.

جنود فيتناميين خلال حرب الهند الصينية الأولى (غيتي) المحطة الثالثة: عودة الاحتلال الفرنسي

لم يعمر حلم الاستقلال طويلًا. فرنسا، التي خرجت مدمّرة من الحرب العالمية الثانية، أرادت استعادة "هيبتها" من خلال إعادة بسط نفوذها على مستعمراتها القديمة. تجاهلت إعلان الاستقلال في هانوي، ونزلت قواتها مجددًا إلى الأراضي الفيتنامية، لتبدأ بذلك حربًا دموية جديدة. وبذلك؛ وُلدت حرب الهند الصينية الأولى، والتي ستُشكّل الأساس لحرب فيتنام القادمة.

لم يكن الاستعمار هذه المرة مثل الاستعمار القديم منحصرا فقط في استغلال الموارد؛ بل برز في قلبه صراع أيديولوجي ناشئ حول رؤيتين للعالم: فرنسا التي تمثّل الغرب الرأسمالي الإمبريالي، وفيتنام التي بدأت تتجه نحو الفكر الشيوعي، مدفوعة بإرث الاحتلال، وبحلم العدالة الاجتماعية.

إعلان

كانت التربة الفيتنامية قد تشبعت بما يكفي من الغضب، وكان المشهد الإقليمي والعالمي مهيأً لانفجار طويل الأمد، لن ينتهي إلا بعد ثلاثة عقود من الدم والنار.

المحطة الرابعة: "ديان بيان فو" حيث دفنت فرنسا رايتها وورثت أمريكا عبء الإمبراطورية

في وادٍ بعيد تحيط به التلال شمالي غرب فيتنام، خسرت فرنسا آخر رهاناتها الاستعمارية الكبرى. بدأت المعركة في مارس 1954، واستمرت 57 يومًا من القصف والحصار والنار. حاصرت المقاومة الفيتنامية بقيادة  فو نغوين جياب الجنود الفرنسيين. واعتبرت المعركة لاحقا  أحد الدروس التاريخية المذهلة في فنون وتكتيكات حرب العصابات وقدرتها على التفوق على الجيوش النظامية.

وفي السابع من مايو 1954، استسلمت القوات الفرنسية في ديان بيان فو، بينما كانت قادة فرنسا يبحثون في جنيف عن مخرج مشرّف. وفي يوليو 1954، اجتمع القوى الكبرى في العالم في مؤتمر جنيف، حيث تقرر تقسيم فييتنام مؤقتًا على طول خط العرض 17، الشمال بقيادة هو تشي منه الشيوعي، عاصمته هانوي. والجنوب بقيادة نظام مدعوم من الغرب، برئاسة إمبراطور صوري ثم رئيس فعلي هو نغو دينه ديم. لكن الاتفاق نص أيضًا على إجراء انتخابات وطنية موحدة عام 1956، لكنها لم تحدث، لأن الولايات المتحدة خشيت من فوز الشيوعيين.

من هنا، بدأت واشنطن تتدخل في فييتنام. لم يكن هناك إنزال عسكري بعد، وكانت الولايات المتحدة آنذاك تخشى من ما يسمى "تأثير الدومينو": إذا سقطت فييتنام في يد الشيوعية، ستتبعها لاوس وكمبوديا وتايلاند، وربما تصل العدوى إلى أستراليا! وهكذا، تحوّلت فييتنام من ساحة استعمار قديم إلى مسرح للصراع الأيديولوجي العالمي الذي تصاعد بعد الحرب الباردة.

كانت الولايات المتحدة آنذاك تخشى من ما يسمى "تأثير الدومينو"، فإذا سقطت فييتنام في يد الشيوعية، ستتبعها لاوس وكمبوديا وتايلاند، وربما تصل العدوى إلى أستراليا (غيتي) المحطة الخامسة: تقسيم البلاد وصعود ديان دينه ديم

انتهى الوجود الفرنسي رسميًا في جنوب فييتنام في أبريل 1956، وبقيت البلاد منقسمة بحكم الواقع بين حكومة “جمهورية فييتنام” في الجنوب، وحكومة “جمهورية فييتنام الديمقراطية” بقيادة هو تشي منه في الشمال.

إعلان

دشن ديان دينه ديم (حليف أمريكي) سياسة أيديولوجية قومية وعنيفة ضد المعارضين داخليًا، معطياً امتيازات واسعة للكاثوليك وهو ما أشعل اضطرابات اجتماعية وانتفاضات بوذية ضد حكمه. عام 1960 تأسست «جبهة التحرير الوطني» المعروفة بـ"الفيت كونغ" لإعادة توحيد كل قوى المعارضة في الجنوب تحت قيادة الشمال​. اعتمدت الفيت كونغ على تكتيكات حرب العصابات وبنية تحتية سرية في الدول المجاورة من الهند الصينية لتأمين الإمداد اللوجيستي.

المحطة السادسة: خليج تونكين؛ الذريعة التي فتحت أبواب الجحيم

في أغسطس من عام 1964، زعمت البحرية الأمريكية أن مدمّرتها يو إس إس مادوكس تعرّضت لهجوم من زوارق طوربيد فيتنامية شمالية في خليج تونكين. لم تكن التفاصيل واضحة، والصور غير حاسمة، لكن الرئيس ليندون جونسون لم يحتج لأكثر من هذه الشرارة لطلب تفويض مطلق من الكونغرس لاستخدام القوة في فييتنام. وهكذا، صدر قرار خليج تونكين، الذي منح البيت الأبيض يدًا طليقة لشن الحرب دون إعلان رسمي.

كانت الحادثة التي لا يزال الجدل قائمًا حول صحتها الكاملة نقطة تحوّل فاصلة، إذ انتقلت أمريكا من دور المستشار والراعي في الظل إلى قوة محتلة، تمطر الأدغال الفيتنامية بعشرات الآلاف من الجنود والقنابل.

وبحلول عام 1965، بدأ التصعيد العسكري الكبير: إرسال أولى وحدات القتال، ثم القصف الجوي المكثف على شمال فييتنام في حملة سُمّيت "رعد متواصل" (Operation Rolling Thunder).

مع تصاعد عدد القتلى، وغياب أفق النصر، بدأ الرأي العام الأميركي ينقلب تدريجيًا على الحرب (أسوشيتد برس) المحطة السابعة: أميركا ضد نفسها

مع تصاعد عدد القتلى، وغياب أفق النصر، بدأ الرأي العام الأميركي ينقلب تدريجيًا على الحرب. اللحظة المفصلية جاءت عام 1968، بعد هجوم مفاجئ شنّه الفيتكونغ في رأس السنة القمرية (هجوم تيت) على عشرات المدن في الجنوب، بما فيها سايغون نفسها. ورغم أن الهجوم ألحق خسائر هائلة بالمقاومين الفيتناميين وربما يعتبر خسارة عسكرية، إلا أنه زلزل ثقة الأمريكيين بقدرتهم علي تحقيق النصر. فقد بدا لهم كأن العدو "المنهك" لا يزال قادرًا على الضرب بقوة في عمق المناطق الآمنة، سيظل كذلك.
المحطة الثامنة: "فتنمة الحرب".

إعلان

حين تولّى ريتشارد نيكسون الرئاسة في الولايات المتحدة عام 1969، كانت فييتنام قد أصبحت كابوسًا سياسيًا وعسكريًا. أدرك نيكسون أن النصر الكامل مستحيل، لكنه لم يشأ الانسحاب فجأة. فطرح استراتيجية سمّاها: "فتنمة الحرب" (Vietnamization)، أي تحويل عبء القتال إلى الجيش الفيتنامي الجنوبي، بينما تبدأ القوات الأمريكية بالانسحاب التدريجي.

المرحلة التاسعة: رحيل آخر الجنود المقاتلين

لم تكن "فتنمة الحرب" أكثر من محاولة لتأجيل الهزيمة، لا تجنّبها. فالجيش الجنوبي كان ضعيف التدريب، ويفتقر للحافز القتالي، في حين كان الشمال يزداد صلابة. في الوقت نفسه، وسّع نيكسون الحرب عبر قصف كمبوديا ولاوس بحجة ضرب خطوط الإمداد الفيتنامية (طريق هو تشي منه)، ما أدى إلى توسيع رقعة الصراع، وخلق المزيد من الفوضى في المنطقة، وأشعل المعارضة داخل الولايات المتحدة.

لم يستجب الفيتناميون لرغبة الأمريكان في التفاوض مباشرة، واستمروا في إلحاق الخسائر بهم، حتى عام 1973 حين وقّعت أميركا اتفاقية باريس للسلام مع حكومة فيتنام الشمالية، معلنة انسحابها الرسمي من الحرب، بعد أن خسرت أكثر من 58 ألف جندي، وأبقت على نحو 5000 آلاف جندي فقط في مهام غير قتالية.

 

المحطة العاشرة: سقوط سايجون

في ربيع عام 1975، بدأ الجيش الشمالي الزحف النهائي نحو العاصمة الجنوبية سايغون. كانت القوات الفيتنامية الشمالية مدعومة بخبرة طويلة، وعقيدة قتالية متماسكة، بينما كان الجنوب، رغم الأسلحة الأمريكية المتروكة، منهارًا معنويًا. سقطت المدن الواحدة تلو الأخرى، بلا مقاومة تُذكر. أما واشنطن، فقد اكتفت بالمراقبة، بعد أن قطعت المساعدات العسكرية.

في 30 أبريل 1975، دخلت دبابات الشمال سايغون. لم تكن هناك معركة حقيقية. رفع الجنود علمهم الأحمر بنجمة صفراء فوق القصر الرئاسي، وانتهت الجمهورية الفيتنامية الجنوبية إلى الأبد. لم يُعلن عن هزيمة أمريكية رسميًا، لكنها بقيت محفورة ومستقرة في التاريخ العسكري والاستراتيجي: أن الفيتناميين هزموا الولايات المتحدة.

إعلان

 

مقالات مشابهة

  • «اللايف كوتشينج» يتصدر مبادرة «المرأة الأقصرية تتحدث» لتمكين السيدات وتنمية الذات
  • المراحل العشر التي قادت فيتنام إلى عملية الريح المتكررة ضد أميركا
  • طيران ناس يطلق النسخة الثانية من برنامج “عدسة ناسنا”… لتمكين الرحالة من صناعة المحتوى السياحي
  • الشعبة البرلمانية: دور حيوي للمجالس التشريعية الإفريقية لتمكين المرأة
  • منصور بن زايد يترأس اجتماع مجلس إدارة “مبادلة للاستثمار”
  • هل الرجل أفضل من المرأة؟
  • منصور بن زايد يترأس اجتماع مجلس إدارة «مبادلة للاستثمار»
  • منصور بن زايد يترأس اجتماع مجلس إدارة مبادلة للاستثمار
  • أفضل الصدقة التي أخبر عنها النبي .. اغتنمها
  • أفضل ميزات الهواتف الذكية التي يتوق إليها المستهلكون في عام 2025