لجريدة عمان:
2024-09-13@20:51:52 GMT

نحو عالم متعدد الأقطاب

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

منذ انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي عام ١٩٩١ وتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالقرار الدولي، والعالم يموج بصراعات وحروب لا تنتهي، ولا يزال بعضها مشتعلا كالحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وعموم فلسطين والتوتر وعدم الاستقرار في منطقة الخليج والوضع في اليمن رغم هدوء الأزمة اليمنية.

الاقتصاد العالمي شهد خلال العقود الأخيرة تقلبات حادة بسبب تلك الحروب ما شكل ضغوطا كبيرة على الدول النامية، كما أن الصناديق الأمريكية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لعبا دورا سلبيا في محاصرة عدد من الدول في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وعدد من الدول العربية بالقروض ذات المخاطر، وتبنت الدولة الأمريكية منهجية عدوانية في التعامل مع القضايا العادلة كالقضية الفلسطينية، والتي تعد الضحية الكبرى لسياسة الهيمنة الأمريكية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ومنذ انعقاد مؤتمر مدريد للسلام والذي لم يحقق الأهداف التي رسمت من أجله.

إذن العالم منذ عام ١٩٩١ وهو يعاني هيمنة القطب الواحد وهو نظام أقرب إلى الغطرسة وتنفيذ الأوامر ولا يراعي المصالح الوطنية للدول ولا المعايير الأخلاقية، خاصة خلال عدد من الإدارات الأمريكية حتى لا نقول جميعها، ولعل واشنطن لها أجندتها الوطنية ومصالحها وهذا أمز مفهوم، ولكن السيطرة السياسية والاقتصادية والإستراتيجية على مقدرات العالم وفق المنظور الأمريكي فهو منطق مرفوض ولا تقره مواثيق الأمم المتحدة، ومن خلال المنطق الأمريكي أصبح هناك اتجاه لمقاومة تلك الهيمنة الأمريكية وقاعدتها الصهيونية العالمية خاصة تجاه القضية الفلسطينية.

فالمرشح الجمهوري ترامب يقول ومن خلال حملته الانتخابية بأن مساحة الكيان الإسرائيلي تبدو صغيرة أنه يؤيد ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى الكيان الإسرائيلي علاوة على هضبة الجولان، ومن هنا تبرز عقلية الغطرسة حتى لو كان كلام ترامب يأتي في إطار المناكفات السياسية. ولقد أكدت سلطنة عمان أكثر من مرة على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في العالم وخاصة في المنطقة من خلال إقرار العدالة والإنصاف وحل الدولتين، بل دعت من خلال وزير الخارجية إلى إعادة هيكلة الأمم المتحدة وإلغاء موضوع الفيتو أو حق النقض الذي تمارسه الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن الدولي.

إن النظام الدولي الذي يقوم على القطبية الأحادية لم يعد صالحا لمواكبة التطورات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية والثقافية، وأصبح العالم بحاجة إلى التوازن والموضوعية من خلال نظام دولي متعدد الأقطاب تناقش من خلاله قضايا العالم بشكل منصف ومن خلال الأمم المتحدة والتي تعد المكان الطبيعي لحل قضايا العالم وخلافاته كما ينص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة منذ عام ١٩٤٥.

الولايات المتحدة الأمريكية أثبتت فشلها الذريع في قيادة العالم من خلال النظام الدولي الأحادي وهي تفتعل الأزمات الإقليمية للحفاظ على بريقها السياسي، الذي يعاني قانونيا وإنسانيا وأخلاقيا، خاصة تجاه العدوان الإسرائيلي الهمجي علي الشعب الفلسطيني. وخرجت الشعوب الغربية منددة بمواقف واشنطن المنحازة للعدوان، ولم تظهر واشنطن أي قيادة حكيمة لوقف المجازر وحرب الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدى يقترب من عام، حيث فقد أكثر من خمسين ألفا من الأطفال والنساء حياتهم، كما دمرت غزة على ساكنيها، والولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتحركات شكلية لا ترقى إلى الضغط الحقيقي على حكومة نتانياهو المتطرفة.

خرج عشرات الآلاف من الطلبة الأمريكيين احتجاجا على موقف بلادهم السلبي تجاه العدوان الصهيوني وتزويد الكيان الإسرائيلي بالأسلحة الفتاكة، ورغم ذلك ليس هناك شعور في الإدارة الأمريكية بأن تلك المآسي الإنسانية يجب أن تتوقف، وعلى ضوء ذلك سقطت منهجية القطب الأمريكي الأوحد في العالم لأن القيادة تحتاج إلى سلوك سياسي رشيد ينسجم مع مشاعر الملايين حول العالم بمن فيهم آلاف اليهود لوقف تلك المذابح اليومية.

أمام هذا المشهد الدولي الخطير، والذي قد ينتهي بحرب إقليمية كبرى بين الكيان الإسرائيلي وإيران وساحات المقاومة، فإن العدوان الإسرائيلي متواصل ونتانياهو ينتظر نتيجة الانتخابات الأمريكية في السابع من نوفمبر القادم، وهي في تصوري سوف ترسم المشهد السياسي الدولي لأربع سنوات قادمة.

إن العالم كما أقول دوما هو في مفترق طرق وهذا العالم يحتاج إلى نظام متعدد الأقطاب يعيد التوازن للعلاقات الدولية على أسس ومعايير أخلاقية وسلوكيات قانونية تلتزم النظم وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية ومناصرة القضايا العادلة وفقا للقانون الدولي، وهذا يحتاج إلى رؤية تبدأ بانتهاء الهيمنة الأمريكية، التي أضرت بقضايا العالم ومصالحه على مدى عقود. ومن هنا فإن أمام المجتمع الدولي فرصة من خلال حراك سياسي إقليمي ودولي لتصويب المعادلة حتى لا يتجه العالم إلى مخاطر انزلاق حرب كونية لا أحد يستطيع يتكهن بالتحولات الكبيرة التي سوف تحدثها، ورئيس وزراء الكيان الإسرائيلي نتانياهو يبحث عن حرب إقليمية تخرجه من أي محاكمة محتملة في إسرائيل، ليس بسبب إخفاقه يوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، ولكن لوجود تهم فساد ضده في المحاكم الإسرائيلية. وعلى ضوء ذلك فإن العالم يعيش أوضاعا غير مستقرة. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تستخدم قوتها الناعمة في الضغط على أي دولة ترفض سلوكها السياسي وهذا سلوك أمريكي غير مقبول. كما أن مصداقية السياسة الخارجية الأمريكية اصبح متدنيا ومتناقضا، ولكنه منطق القوة والذي سوف يتهاوى في نهاية المطاف كما هو الحال مع الإمبراطوريات في التاريخ الحديث والبعيد.. فهل نشهد خلال السنوات القادمة ظهور ملامح النظام الدولي المتعدد الأقطاب وتنتهي هيمنة القطب الأمريكي الأوحد؟ الكل يتطلع إلى ذلك لأنه لمصلحة العالم وشعوبه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة الکیان الإسرائیلی الأمم المتحدة من خلال

إقرأ أيضاً:

السفارة الأمريكية تعلن عن استهداف منشآتها الدبلوماسية في مطار بغداد الدولي

آخر تحديث: 11 شتنبر 2024 - 4:57 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أعلنت السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية، الأربعاء، أن منشآتها الدبلوماسية في بغداد تعرضت لهجوم مساء أمس، مؤكدة عدم وقوع إصابات.وقال المتحدث باسم السفارة الأمريكية في بيان، إن “مجمع الخدمات الدبلوماسية الأمريكية في بغداد تعرض لهجوم في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، لكن لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات”.وأضاف، أن “السفارة تقوم بتقييم الأضرار وسببها وستقدم المزيد من المعلومات عندما ينتهي تقييمها”.وأمس الثلاثاء أفاد مصدر أمني، بأن قصفا استهدف المركز اللوجستي التابع للسفارة الأمريكية داخل مطار بغداد الدولي.وبين المصدر، أن “القصف الذي لم تعرف طبيعته بعد إذا كانت صواريخ أو قذائف هاون، وقع بالقرب من الدعم اللوجستي التابع للسفارة الأمريكية، وآخر بالقرب من مقر جهاز مكافحة الإرهاب، التي تقع جميعها ضمن مقتربات مطار بغداد الدولي”.

مقالات مشابهة

  • المرتضى: الكيان الإسرائيلي نقيض ثقافة التنوّع ويهدم القيم الإنسانية
  • وزير البترول يبحث مع سفيرة الولايات المتحدة تعزيز التعاون من خلال الشركات الأمريكية العاملة بمصر
  • أردوغان يدعو المجتمع الدولي لرفع صوته ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي
  • صندوق النقد الدولي يؤيد البدء فى خفض الفائدة الأمريكية
  • أردوغان للأمم المتحدة: لا أمان في عالم يموت فيه الأطفال تحت القنابل
  • السيسي: التمسك بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ضرورة
  • آخر الأساطيل الحربية الأمريكية تغادر الخليج وهذا ما كشفته الولايات المتحدة (تفاصيل)
  • فلسطين ترحب بإعلان جنوب إفريقيا التزامها بمتابعة دعواها ضد الكيان الإسرائيلي المحتل
  • السفارة الأمريكية تعلن عن استهداف منشآتها الدبلوماسية في مطار بغداد الدولي
  • عاجل - مناظرة الرئاسة الأمريكية 2024.. ترامب: معدلات الجريمة ازدادت في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة