لجريدة عمان:
2025-01-24@14:43:40 GMT

الحرب القادمة التي لا يذكرها أحد

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

أفياري أ. علمي

يوسف حسن

المتاعب لها قرون يمكن أن نمسكها منها ولكن ليست لها ذيول.

يعني هذا المثل الصومالي أن بالإمكان اجتناب وقوع الأزمة لكن ليس من السهل السيطرة عليها بعد وقوعها، ويبدو المثل منطبقا على شرق إفريقيا تمامًا في الوقت الراهن. فمن المؤكد أن المتاعب بدأت. بفضل رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد ومطامحه التوسعية وخططه المتهورة، أصبحت منطقة القرن الإفريقي الآن على شفا حرب من شأنها أن تعرض المنطقة للخطر وتكون لها تبعات في العالم.

ولا بد من إيقافها قبل أن يفوت الأوان.

يتمثل حافز هذا الصراع في هوس مسيطر على أبيي أحمد بأن يجعل من إثيوبيا دولة ساحلية. فقد أعلن في العام الماضي أن إثيوبيا لا يمكن أن تظل دولة حبيسة ولا بد أن يكون لها اتصال بالبحر، إما بالتفاوض أو بالقوة. وكان الصومال -وهو أضعف البلاد المتاخمة لحدود أثيوبيا- هو الهدف الواضح. في الأول من يناير وقع أبيي أحمد مذكرة تفاهم مع رئيس صوماليلاند [أو أرض الصومال Somaliland] ـ وهي جمهورية انفصالية معلنة من جانب واحد في شمال غرب الصومال. ففي مقابل اعتراف رسمي بصوماليلاند، تحصل إثيوبيا على قاعدة بحرية ساحلية باتساع اثني عشر ميلا على خليج عدن. ويحظى أبيي أحمد بساحله.

كان هذا انتهاكًا سافرًا لسيادة الصومال وسلامة أراضيه يجدد ذكرى تدخل إثيوبيا التخريبي في البلد. رفض الصومال فورًا مذكرة التفاهم وشن هجوما دبلوماسيا، وشرح لدول المنطقة والقوى الدولية أن إثيوبيا تسعى إلى السيطرة على أرض صومالية من خلال وسائل غير مشروعة. فأيدت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جميعا موقف الصومال، مؤكدين على ضرورة احترام الحدود الراسخة والسيادة الوطنية.

وبرغم الضغط الدولي، وبخاصة من إدارة بايدن، ظل أبيي أحمد ثابتًا على موقفه. ويبدو أنه يعتقد أننا في اللحظة المناسبة لتنفيذ خطته، إذ يصارع الصومال تمردًا متطرفًا، وتلهي الانتخابات الرئاسية الحكومة الأمريكية المتورطة أصلا في صراعات الشرق الأوسط وأوروبا. فضلا عن ميزة أخرى تتمثل في احتمال فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية إذ يرجو أبيي أحمد أن يكون ترامب إما داعما لأفعاله أو غير مبال بها.

وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعدت التوترات ـ التي ظلت تمور على مدار العام. ففي استعراض للقوة بعثت إثيوبيا قواتها إلى الصومال مرتين في يونيو مما أدى إلى شكاوى من الصومال لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وفي يوليو، قامت ميلشيا محلية في الصومال بنهب شاحنتي أسلحة وذخيرة مبعوثة من إثيوبيا، بما يعني أن الأسلحة ماضية في طريقها إلى داخل البلد أيضا.

من جانبه، هدد الصومال بطرد القوات الإثيوبية من قوات حفظ السلام الإفريقية في البلد، وقام في خطوة جريئة بإقرار معاهدة دفاع مع مصر في يوليو، تضاف إلى معاهدة أخرى تم توقيعها سابقا في العام نفسه مع تركيا. وتقدمت تركيا للوساطة لكنها عجزت عن التوصل إلى حل. وفي ظل احتدام الخلاف بين الطرفين، تكون المنطقة كلها قابعة فوق قنبلة موقوتة.

ستكون الحرب مهلكة. بتورط بلاد متنافسة وجيدة التسليح، وطوائف عرقية، وجماعات دينية وداعمين دوليين، سيكون من شأن هذا الصراع أن يريق دما ويثير أزمة لكلا البلدين. ولن يقوى الصومال على احتمال ذلك وهو البلد الذي يتعافى ببطء من حرب أهلية استمرت 3 عقود. وإثيوبيا بالفعل غارقة في مستنقع صراعات عديدة داخل حدودها، كما في مناطق تيجاري وأمهرة وأوروميا، وتواجه صراعات على حدودها مع إريتريا والسودان. ومن شأن جبهة جديدة ممتدة لآلاف الأميال أن تؤدي إلى انهيار البلد.

سوف تتعرض المنطقة -المعرضة أصلا لاضطرابات الحرب في السودان- للمزيد من الاضطراب. وقد يجتذب الصراع دول البحر الأحمر والتي تعد هذا المسطح المائي ضروريا لأمنها الوطني. كما أن للولايات المتحدة والصين ودول أوروبية بالفعل حضورًا عسكريًا في البحر الأحمر، فضلًا عن أن دولًا أخرى قد دخلت الحلبة أخيرًا. فقد تصبح المنطقة بسرعة ميدان معركة لقوة عالمية وإقليمية.

برغم هشاشة منطقة شرق إفريقيا فإنها تبقى مهمة للتجارة والأمن الدوليين. فخليج عدن والبحر الأحمر يربطان آسيا بأوروبا والأمريكيتين، بينما يمثل القرن الإفريقي بوابة آسيا على كامل القارة الإفريقية. وبإعاقة المسارات الملاحية المحورية، من شأن حرب في المنطقة أن تهدد التجارة العالمية. ومن المثير للقلق بالقدر نفسه أن من شأن هذه الحرب أيضًا أن تحيي الجماعات الإسلامية المتطرفة من قبيل جماعة الشباب التي زعمت فعلا أنها قامت بتجنيد آلاف الشباب الصوماليين لمحاربة الإثيوبيين. وإذن فإن اضطراب شرق إفريقيا ينطوي على مخاطرة يتعرض لها العالم كله.

والوقت قصير: فقد فشلت محاولة تفاوضية أخرى هذا الشهر. ومن أجل منع المنطقة من التردي إلى صراع كارثي، لا بد أن يتواصل العالم كله -بقيادة الولايات المتحدة- مع أبيي أحمد لإبلاغه أنه لن يتم التسامح مع مطامحه التوسعية. ويجب على أثيوبيا -شأن أي دولة حبيسة غيرها-ـ أن تسعى إلى الوصول تجاريا إلى البحر من خلال تكامل اقتصادي تعاوني، وليس من خلال اتفاقات مع الانفصاليين. ولا بد لواشنطن -التي استثمرت استثمارات هائلة في المنطقة- أن تضغط على قادة بلاد شرق إفريقيا لتعزيز الحوار وكذلك للمصالحة بين الصومال وصوماليلاند.

ولن يكون الأمر يسيرًا. لكن البحر الأحمر وخليج عدن أهم كثيرًا من أن يتحولا إلى منطقة حرب أخرى، وشرق إفريقيا أشد هشاشة من أن تحتمل مغامرات طائشة. ولا بد أن يمسك العالم هذه المشكلة من قرنيها. لأنها في حال اندلاعها لن يكون لها من ذيول يمكن كبحها منها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البحر الأحمر شرق إفریقیا ولا بد من شأن

إقرأ أيضاً:

إجراء القرعة التاسعة على الأراضي التي تم توفيق أوضاعها بمنطقة القادسية بالعبور الجديدة

أعلن المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أنه تم إجراء القرعة العلنية التاسعة لتسكين عددٍ من المواطنين الذين قاموا بسداد المقدمات المطلوبة للأراضي التي تم توفيق أوضاعهم بها في نطاق منطقة القادسية "سابقاً" بمدينة العبور الجديدة، بجانب تسليم المواطنين إخطارات التخصيص، لافتاً إلى أن هذا الإجراء يُسهم في دفع عجلة التنمية العمرانية وفقاً لرؤية الدولة الهادفة إلى تنظيم الملكيات وتحقيق التنمية المستدامة في المناطق العمرانية الجديدة.


وأضاف الشربيني، أن هذه القُرعات تُعدُّ خطوة هامة لتسكين المواطنين وتوفيق أوضاعهم وتلبية رغبتهم في بناء مسكنهم الخاص وفقاً للاشتراطات، حيث تم إجراء القرعة التاسعة بمدينة العبور الجديدة ضمن شرائح المساحات التي تشمل (209م² - 276م² - 350م² - 400م² - 450م² - 500م²)، وذلك بهدف تعزيز حقوق المواطنين وتحقيق الاستقرار.

وقد حضر مراسم إجراء القرعة، كل من المحاسب إيهاب المراكبي، مساعد نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لقطاع الشئون العقارية والتجارية، والمستشارمحمد طلعت الصيفي، ممثل مجلس الدولة، والمهندسة عزة رمضان، رئيس الإدارة المركزية لقطاع الشئون العقارية، والمحاسب محمد خيري معروف، معاون نائب رئيس الهيئة لقطاع الشئون العقارية والتجارية، والدكتور مهندس أحمد إسماعيل، رئيس جهاز تنمية مدينة العبور الجديدة، وعدد من مسئولي الهيئة والجهاز.
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور مهندس أحمد إسماعيل، أن هذه القرعة تُعتبر جزءًا من الجهود المستمرة التي يبذلها الجهاز، لتحقيق العدالة والشفافية في توزيع الأراضي على المواطنين، حيث تعكس هذه الجهود حرص الجهاز على تسليم الأراضي للمواطنين المستحقين بأسرع وقت ممكن وبما يتماشى مع متطلبات العمل على أرض الواقع.


وأكد الدكتور مهندس أحمد إسماعيل، الأهمية الكبيرة لهذا الحدث، مشيراً إلى العمل الشاق الذي بُذل في الفترة الماضية للتحضير لإجراء القرعة وضمان دقتها، حيث إن فريق العمل قام بعملية فرز وتدقيق شاملة للبيانات المتعلقة بالمستحقين لضمان شمولية وعدالة التوزيع.


وفي سياق متصل، استمع الدكتور مهندس أحمد إسماعيل، لعدد من استفسارات المواطنين واحتياجاتهم حيث حرص على طمأنتهم حول التزام الجهاز بالاستمرار في تلبية متطلباتهم والإجابة على أسئلتهم، واستعداد الجهاز لتقديم المزيد من الدعم للمواطنين، مؤكداً أن الجهاز يعمل جاهداً لتسريع وتيرة العمل.


واختتمت القرعة بتسليم اخطارات التخصيص الخاصة بالمواطنين في أجواء مفعمة بالفرحة والتفاؤل، حيث سادت مشاعر من السرور بين الحضور بعد أن تم الإعلان عن تخصيص الأراضي لهم مما يتيح لهم بدء خطواتهم الأولى نحو بناء منازلهم.
وأشاد العديد من المواطنين بالجهود التي بذلها الجهاز لتنفيذ القرعة بهذا المستوى من الشفافية والعدالة معبرين عن رضاهم وثقتهم في أداء الهيئة والجهاز.

مقالات مشابهة

  • موعد مباراة الزمالك القادمة أمام الجونة
  • خالد الجندي: السنة النبوية تقدم أحكامًا لم يذكرها القرآن (فيديو)
  • حزب المصريين: القيادة السياسية تسعى لتحقيق التنمية المنشودة للشعب الصومالي الشقيق
  • خبير في الشؤون الأفريقية: مصر تسعى لحماية أمن واستقلال الصومال بعدة وسائل
  • إثيوبيا.. الانقسامات السياسية والدينية تهدد بانفجار تيجراى
  • الآلية الوطنية لحماية المدنيين تناقش إعادة تشكيل الآلية بما يواكب المستجدات التي فرضتها الحرب
  • إجراء القرعة التاسعة على الأراضي التي تم توفيق أوضاعها بمنطقة القادسية بالعبور الجديدة
  • إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة  الإسرائيلية على غزة .. تقرير
  • «فيتش»: وقف الحرب في غزة يقلل المخاطر الجيوسياسية التي تواجه مصر والأردن
  • ميقاتي استقبل وفدا من اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء العراقي للاشراف على تقديم مساعدات عاجلة الى اللبنانيين