هل يرث الأطفال إدمان والديهم على الأجهزة الإلكترونية؟
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
يساهم سلوك الوالدين في تشكيل عادات الأطفال -ومنها الرقمية المرتبطة بالأجهزة الإلكترونية- فحين يقضي الآباء أو الأمهات الكثير من الوقت أمام الشاشات يميل أطفالهم إلى اعتبار هذا السلوك طبيعيًا ومقبولًا فيقومون بدورهم بتقليد سلوكيات ذويهم، مما يترك تداعياته على العلاقات الأسرية.
ويشير الدكتور خالد النعمة مدير إدارة البحوث والسياسات الأسرية بمعهد الدوحة الدولي للأسرة إلى أن انشغال الوالدين بالتكنولوجيا يؤثر على جودة العلاقة العاطفية مع الأبناء، مما يقلل من وقت التفاعل الأسري الحقيقي.
ويضيف أن "انشغال الوالدين بالشاشات يدفع بالأطفال إلى البحث عن بدائل عبر الإنترنت، فينغمسون في العالم الافتراضي، وهذا من شأنه أن يضعف الروابط الأسرية وأن يجعل الأبناء عرضة لتحديات عديدة، من بينها التنمر والابتزاز الإلكتروني".
وقد أجرى معهد الدوحة الدولي للأسرة -بالتعاون مع عدة مؤسسات محلية ودولية- دراسة أظهرت أن أكثر من ربع عدد الوالدين الذين تمت مقابلتهم يعتمدون بشكل كبير على استخدام الإنترنت يومياً، وأن أكثر من نصف اليافعين يستخدمون الإنترنت بشكل مكثف.
وخلُصت الدراسة إلى أن اليافعين كانوا أكثر عرضة للتعلّق بأجهزتهم والوسائل الرقمية إذا كان ذووهم يستخدمون الإنترنت بكثرة أيضًا. وبالإضافة لذلك، أظهرت النتائج أنّ المراهقين أكثر عرضة للإدمان الرقمي عند ظهور هذه الأعراض على ذويهم، مما يؤكد أهمية أن يكون الآباء قدوة حسنة لأطفالهم في ما يتعلق باستخدام التكنولوجيا.
ويشدد الدكتور النعمة على ضرورة تعزيز التفاعل مع الأبناء من خلال إقناع الوالدين بأهمية ترشيد أوقات استخدامهم للهواتف. ويمكن أن يتم ذلك من خلال فرض قواعد داخل المنزل تمنع استخدام الهواتف خلال أوقات معينة، مثل فترة الغداء، لإظهار أهمية الجلوس والتحدث معًا كأسرة، وتشجيع التفاعل الشخصي مع الأبناء.
ويقول أيضا "يجب ألا يقتصر الحوار مع الأبناء على الواجبات المدرسية، والمهام المطلوب تنفيذها والأوامر" بل يجب إيجاد لحظات ممتعة بعيدة عن الروتين اليومي "كأن يدور الحديث حول اهتماماتهم وآرائهم حول مختلف المواضيع، ومشاعرهم، وأن يتشارك الجميع في الأنشطة والألعاب الذهنية والتفاعلية كلعبة المونوبولي، والمسابقات المعرفية، لتعميق التواصل وبناء ذكريات أسرية معاً".
ويشير النعمة إلى أنه مع دخولنا عصر الذكاء الاصطناعي، لم يعد بإمكان الأهل منع أبنائهم تمامًا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو الإنترنت. لذا، يجب رفع نسبة الوعي لدى أولياء الأمور حول كيفية التعامل مع التكنولوجيا بفعالية ومسؤولية، بحيث يتمكن الأهل من مراقبة استخدام أطفالهم للتكنولوجيا من دون أن يشعروهم بأنهم تحت المراقبة، مع إتاحة الفرصة لهم للتحدث معهم كصديق عن أي شيء يزعجهم أو قد يدور في مخيّلتهم.
ويقول مدير إدارة البحوث والسياسات الأسرية "في ظل التغيّرات السريعة في صيغة استخدام وسائل التواصل، يجب أن ندرك أن الذكاء الاصطناعي يمكنه كسر القيود التقنية التي نضعها. لذا، من الضروري أن نبني علاقة صداقة وتفاهم مع أبنائنا، وتزويدهم بالمهارات الفكرية والتربوية اللازمة".
ويوضّح أنه "عندما يقوم الأهل بأخذ الأجهزة من أطفالهم للاطلاع على المحتوى الذي يتم تصفّحه، يجب أن يتم ذلك بطريقة لا تزعزع الثقة بينهم وبين أطفالهم، بحيث قد يؤدي شعور الطفل بعدم الثقة إلى الانعزال أو محاولة إنشاء حسابات أخرى سرية. وأحيانًا، يجب على الأهل أن يتظاهروا بعدم رؤية بعض الأمور لتجنب الصدامات".
من جانب آخر، تلعب الهيئات الحكومية والجهات المختصة دورًا أساسيًا في وضع التشريعات التي تحمي خصوصية مستخدمي الإنترنت بشكل عام.
ويوضّح النعمة أنه "في معهد الدوحة الدولي للأسرة، لدينا دراسات موجهة خصيصًا لصناع القرار تتناول نوع السياسات والضوابط اللازمة لحماية المستخدمين. فينبغي ألا تركز المؤسسات الحكومية فقط على ضبط استخدام الأطفال للإنترنت، بل يجب أن تعمل على رفع مستوى المسؤولية لدى أولياء الأمور، من خلال تنظيم المؤسسات التربوية والتعليمية المعنية جلسات لإعطاء فهم شامل حول استخدام التقنيات الرقمية، وإدراك مخاطرها وكيفية استعمالها بطريقة صحية، تربوية وفعالة".
ويختم بأنه "يجب تنظيم محاضرات منتظمة بين المعلمين والمشرفين التربويين وأولياء الأمور في المدارس، وإنشاء برامج توعوية للأبناء والطلاب على حد سواء حول مخاطر مشاركة أحوالهم الشخصية عبر وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مع الأبناء
إقرأ أيضاً:
في يوم الطفل العالمي .. كيف يصنع وجود الأب صغيرا أكثر سعادة ونجاحًا
يوافق 20 نوفمبر يوم الطفل العالمي، وهو مناسبة لتسليط الضوء على حقوق الأطفال واحتياجاتهم النفسية والاجتماعية، وتاثير دور الأب كعنصر أساسي في تنمية شخصية الطفل وقدراته منذ السنوات الأولى.
أهمية وجود الأب في حياة الطفلوتكشف دراسات دولية أن انخراط الأب في حياة أطفاله لا يؤثر فقط على تفكيرهم وسلوكهم، بل يمتد ليشمل صحتهم النفسية والجسدية مستقبلاً.
وكشف موقع pupmed حول أهمية وجود الأب في حياة الطفل، وتأثيرات وجود على شخصيته، وتشمل ما يلي :
ـ تحسين القدرات الإدراكية واللغوية:
تشير أبحاث دولية إلى أن تفاعل الأب المباشر من خلال القراءة واللعب والحوار يعزز تطور اللغة والتفكير لدى الأطفال.
مشاركة الأب ترتبط بنتائج أكاديمية أفضل وتنشيط مهارات حل المشكلات.
ـ تعزيز الصحة النفسية والعاطفية:
وجود الأب النشط يقلل من السلوكيات المزعجة ويعزز الاستقرار العاطفي.
الأطفال الذين يتمتعون بعلاقة قوية مع آبائهم يكون لديهم ثقة أعلى بالنفس وشعور أعمق بالأمان.
ـ دعم الطفل منذ الرضاعة وحتى المراهقة:
قالت دراسات إن تفاعل الأب مع الرضيع يساهم في بناء روابط آمنة وتطوير العلاقات الاجتماعية مستقبلًا.
في مرحلة المراهقة، وجود الأب يقلل من السلوكيات الخطرة ويحد من الاكتئاب.
ـ فوائد صحية وجسدية مثبتة:
مشاركة الأب المبكرة ترتبط بتحسن صحة الرضع وزيادة نموهم الجسدي والمعرفي.
تشير الأبحاث إلى دور الأب في تعزيز تطور اللغة لدى الأطفال الخدّج وتحسين وزنهم.
ـ تنمية المرونة والقدرة على مواجهة الضغوط:
وجود أب داعم يساعد الطفل على مواجهة التحديات بثقة أكبر.
الأبوة المنخرطة تقلل فرص القلق وتساهم في بناء طفل متزن نفسيًا.
ـ تشكيل المفاهيم الاجتماعية وأدوار النوع:
الأب يلعب دورًا جوهريًا في تعليم الطفل مهارات التواصل الاجتماعي.
يمثل الأب نموذجًا مهمًا لفهم الأدوار الاجتماعية وتطوير السلوكيات الحركية والاجتماعية.
ـ تأثير غياب الأب أو العوائق الأبوية:
الضغوط الاقتصادية والنفسية قد تحد من دور الأب، ما ينعكس على الطفل لاحقًا.
بعض الدراسات تربط ضعف وجود الأب بارتفاع القلق واضطرابات الارتباط عند الأطفال.