محمد الفخرانى: «الشللية الأدبية» مقبولة لكن بشروط
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
دعم المواهب فى القرى مسئولية المبدعين والدولةالإبداع وظيفة الكاتب وليس إرضاء الذائقة العامة ضرورة إتاحة الميادين والساحات لإقامة حفلات فنية وأدبيةالكتابة جزء من اكتشاف العالم أحتفى بالإنسان لأنه يستحق أفكارى لا تلاوعنى وأحب محاورة عقل القارىء ما يهمنى من المشهد الثقافى الكتابة الجيدة فقطيحتاج التجريب إلى ذكاء من المبدععلى الكاتب أن يتجاوز فرحة فوزه بالجوائز
فى كتاباته التى تنوعت بين الرواية والقصة، يقف الفخرانى فى منطقة كاشفة، فما إن تشرع فى القراءة حتى يصدمك سؤال ملح: هل أنا من أقرأ أم أن الكاتب هو من يقرأنى؟ هكذا يأخذ الفخرانى بيد قارئه، يشدك شدا نحو عمق ما يكتب، يحاورك كشريك أصيل فى الفكرة، يلاعب عقلك كمنافس فى لعبة شطرنج، يرسل إليك الكرة ثم يستقبلها بمهارة ليعاود إرسالها من حيث لا تتوقع، هكذا تجد نفسك غارقا فى مباراة تنس طاولة، لا تدرك أيكما الفائز، لكن حتما ستكون الغلبة للمتعة، للإبداع.
فى مزيج يبدو مختلفا ومربكا فى آن واحد، يخلط الفخرانى بين الواقعى والمتخيل، ولا مانع من التجريب الذى يدخلك عوالم شتى ويستفز عقلك أيما استفزاز، تتجلى قدرته التى لا ينافسه فيها أحد على التشخيص واستنطاق الأشياء، يتلبسها، أو هى التى تتلبسه، يتحدث مثلها ويدير الأحداث كما لو كان شجرة أو حربا أو حتى شعورا.. فتسمع للسرد صوتا وتشم له رائحة وتشعر له بملمس، هكذا تجد الكذب متجسدا، تدرك دوافعه وأفكاره وطبيعة صداقاته، هكذا تجد المتعة امرأة لا تنفصل عن الكذب، ويخلصان لبعضهما كحبيبين،
وكأن الفخرانى هنا يعيد ترتيب الأشياء فى داخلنا، بل يعيد وضع التعريفات وسوقها السياق الذى لا قبل لنا به.. وربما وجدنا أنه فى الحقيقة يعيد تعرفنا إلى ذواتنا من جديد.
ينجح الفخرانى فى صنع كل تلك الحيل والألعاب السردية، لكنه لا يغفل الجانب الإنسانى، بل هو القالب الذى تدور داخله كل تلك الفنيات، فها هو الحب والإنسانية يطغيان على العداء، بل إن من شأنهما أن ينهيا حربا بكاملها، ويهزما مشاعر سلبية تطيح بالبشرية.
يرى الفخرانى أنه يعيد ترتيب العالم وتقديمه بطريقته الخاصة، وصنع عالم موازٍ، والواقع الذى نلمسه بعد الانتهاء من قراءة عمل له، أنه يعيدنا نحن إلى أنفسنا... إلى الخير والحب والجمال، إلى ما خلقنا الله عليه..
فقدرته على صنع الدهشة والمتعة وخلق الحيرة فى نفس القارىء كانت أول أسبابى لإجراء حوار معه، ذهبت إليه وأنا أعى تماما قيمة ومساحة ما حققه من شهرة واسم فى عالم الإبداع، إلا أن ذلك لم يكن محط اهتمامى، فقط كنت محملة بأسئلة مندهشة، كقارئة وناقدة قبل أن أكون صحفية، حملت أسئلتى ومعها دهشتى وذهبنا سويا لنلقاه.. نلقى الكاتب محمد الفخرانى..
ومحمد الفخرانى، كاتب مصرى، وُلِدَ فى 23 مارس 1975، حاصل على بكالوريوس علوم- جيولوجيا- ويعمل كاتبا حرا.
-صَدَرَ له: «بنت ليل»، قصص، عام 2002. «فاصل للدهشة»، رواية، عام 2006.»قبل أن يعرف البحر اسمه»، قصص، عام 2010. «قصص تلعب مع العالم»، عام 2011. «طُرق سرية للجموح»، قصص، عام 2013.
«ألف جناح للعالم»، رواية، عام 2016. «عشرون ابنة للخيال»، قصص، عام 2017. «مزاج حُرّ»، رواية، عام 2018. «أراك فى الجنة»، رواية، عام 2020. «لا تمت قبل أن تحب»، رواية، عام 2022. «غداء فى بيت الطباخة»، رواية، عام 2023. «حدث فى شارعى المفضل»، رواية عام 2024.
-حصل على عدة جوائز أدبية، منها: جائزة الدولة التشجيعية للقصة القصيرة، عام 2012، جائزة «يوسف إدريس» للقصة القصيرة، عام 2012، الجائزة الأولى من نادى القصة بالقاهرة، عام 2002.
-تُرجِمَتْ روايته «فاصل للدهشة» إلى الفرنسية، وصدرت عن دارEdition» DU Seuil»، وحصلت على جائزة معهد العالم العربى، عام 2014.
جائزة معرض القاهرة الدولى للكتاب 2024، عن روايته الأخيرة «غداء فى بيت الطباخة».
وإلى نص الحوار:
** علاقته بالإنسان والعالم:
توجهت إليه بسؤال وبداخلى فضول كبير عن روافد قراءاته وتطور موهبته، فقال لى:
بدأت الكتابة بشكل جيد وواضح فى الصف الثانى الثانوى، وكنت أقرأ لوقت طويل فى الفلسفة وعلم النفس، وبعد دخولى عالم الأدب وجدت أن الرافد الأول للكتابة لديّ هو علاقتى الأساسية بالعالم والإنسان، ربما لم أقرأ أدبا حتى لا أتأثر به أثناء الكتابة، فقد اهتممت بمراقبة الناس، فأنا أحب أن أراهم وأتكلم معهم وأشاهد وأستمتع.
** التجربة الإنسانية ورؤية العالم:
هكذا أكد لى، أنه دائما ما يقول إن أى كاتب لابد أن يتوفر لديه شيئان؛ التجربة الإنسانية ورؤية للعالم، وأوضح الفخرانى: أما التجربة الإنسانية ففى رأيى أنها تنتج من الشارع والناس وتحليل الأفكار والشخصيات، أما رؤية العالم فهى تتحرك فى اتجاهين، مرة وأنت بداخل هذا العالم، وأخرى وأنت خارجه، كأنها رؤية مراقبة، وكأنك خرجت من ذاتك، وبرأيى أن رؤية العالم لابد وأن تعتمد على التجربة الإنسانية.
* لماذا يكتب محمد الفخرانى؟
أجابنى بقوله: منذ فترة مضت كان يمكننى أن أقول إننى أكتب لأقدم جمالا ومتعة للعالم، إلا أن هذا المعنى قد تطور داخلى سريعا، ويمكننى أن أجيب الآن من خلال وصفى لعلاقتى بالكتابة وأقول إننى قد أستغنى بها عن العالم، أصنع من خلالها عالما موازيا، أعيد بناء العالم بالكتابة، يمكننى أن أفعل أى شىء وكل شىء بالكتابة.
** طقوس الكتابة لديه:
ولأن لكل كاتب طقوسه الخاصة جدا التى يفضل ممارستها أثناء الكتابة، سألته عن طقوسه، فقال: أحب أن أكتب وبجانبى نافذة مفتوحة على سماء ممتدة، وعلى أنغام موسيقى هادئة، وربما أختار نوعا معينا من الموسيقى أراه متماشيا مع ما أكتب، وقد أكرر نفس المقطوعة طوال فترة الكتابة لأنها استدعت تلك الحالة، حتى أنتهى من الكتابة.
ويضيف، إلا أنه إذا لم تتوفر تلك الظروف فلا يهم، فقط يكفينى ورقة وقلم لأشرع فى الكتابة، هكذا كتبت كثيرا أثناء جلوسى فى مقاهٍ، وأنا فى قطار، وغيرها، فمادامت الفكرة حاضرة فإن العالم ليس موجودا، ذلك أننى أمرر من عالمى الخارجى ما أحتاجه فى تلك اللحظة، ولا أعير غيره اهتماما.
* الجيولوجيا وأثرها فى كتاباته
ولأنه ترك عمله فى الجيولوجيا ليتفرغ للكتابة، سألته عن تأثير عمله كجيولوجى سابق فى كتابته، وهل هناك ظلال لعمله تبدت بين سطوره، فأكد لى أن عمله جعله أكثر احتكاكا بالناس، بل وأقرب لطبقات متباينة، مما أكسبه معرفة أكثر بطوائف وشخصيات مختلفة وبالتالى كان لذلك أثره الواضح فى كتابته فيما بعد.
** أهمية الحب فى حياة المبدع:
وعن أهمية الحب فى حياة المبدع يقول الفخرانى: الحب جزء من التجربة الإنسانية، وأعنى به الحب بمعناه الأشمل والأكبر، وهو محبة العالم أجمع، أن ترى كل شىء بطريقة مختلفة، وأن تكون هناك علاقة خاصة بينك وبين الأشياء والكائنات من حولك، فأنا أثق تماما بأن كل شىء بالعالم له لغته، وإن صدق الكاتب ذلك فإن تلك الأشياء ستمنحه لغتها.
** اللغة وأهميتها للكاتب:
وهنا كان لزاما عليّ أن أتوجه إليه بسؤال عن رؤيته للغة وأهميتها فى الكتابة، فقال:
أن يكون وجودها بنفس درجة أهميتها، فيصدق الكاتب أنه حين يلمس غير العاقل من أشياء وكائنات، فإنه أيضا يلمسه ويشعر به، كالشجر والهواء والشارع، فإن إيماننا بذلك يجعلنا نحس بها بشكل مختلف، وبالتالى نكتب عنها بشكل مختلف.
وتابع الفخرانى:
ذلك أن كل شىء حولنا وله طاقة، فالكائنات ليست مصمتة، بل تحس بنا وبطريقتنا الخاصة فى التعامل معها.
** الرومانسية فى كتابات الفخرانى:
عن تلك الشحنة من الرومانسية التى تغلف كتاباته، حتى تلك التى استنطق خلالها الحرب فى روايته «غداء فى بيت الطباخة»، سألته، فأجابنى:
لا أراها رومانسية، خاصة فيما يخص كتابتى عن الحرب، بقدر ما هى طريقة وأسلوب مختلف قدمت به الحرب بعيدا عما قدم من قبل، وهى تلك الطريقة التى اعتدت على فعلها، أن أستنطق غير العاقل، لأننى أمارس تلك اللعبة طوال الوقت، فيصبح من السهل عليّ أن أضع نفسى مكان أى حياة بالعالم، لأننى ببساطة أريد أن أكون كل شىء وأسكن كل شىء، فأعرف ما الذى تراه تلك الأشياء، ما الذى يراه الشجر وكل الكائنات، كيف تنظر للعالم من حولها وكيف تفكر فيه، هكذا أريد أن أصاحب كل هذا العالم.
* بدهشة المأخوذ سألته هل انتهيت من البشر أو مللت منهم فقررت أن تتجه للأشياء من حولك وتستنطقها؟
فقال لى: لا، لم أنته من البشر، فهم جزء من التجربة، لم أسقطهم منها، ولكننى اتخذت خطوة أخرى ومساحة جديدة وهى رؤية الأشياء والشعور بها.
* فاصل من الدهشة..
ذلك العالم الواقعى الذى حمله قلم الفخرانى سحرا خاصا، من خلال رؤيته الخاصة جدا، عبر روايته «فاصل من الدهشة»، لكنه لم يلج ذلك العالم مرة أخرى رغم أنه كتب عنه ببراعة دفعت الرواية للفوز بجائزة وللترجمة للفرنسية، تساءلت فى دهشة عن سر هجر الفخرانى لذلك العالم، فأجابنى:
تركته لأنه ناجح، فمن السهل أن نكمل فى عالم نجح، فقد أصبح لعبة سهلة، والكتابة لابد أن تقوم على التحدى، فهى جزء من اكتشاف العالم ونفسك، ولذلك فلن أظل طوال الوقت فى منطقة بعينها لأننى ناجح بها.
ويستطرد الفخرانى: لكن ورغم ذلك، أعترف بأن الكتابة عن الشوارع وعالم المشردين قد أوحشتنى، لكن التحدى أن أعود للعالم ذاته ولكن بتقنيات كتابة مختلفة تماما.
** تنوع الكاتب بين الأجناس الأدبية المختلفة:
عن ذلك التنوع فى الكتابة ومدى أهميته وشروطه تحققه، يقول الفخرانى:
إن أى كاتب يمكنه أن يتنوع فى كتاباته، ويتنقل بين نوع وآخر، بشرط أن يمتلك الطاقة والقدرة على ذلك، فقد يكتب الشعر والرواية والقصة، وقد يدخل عالم التمثيل والرسم وغيرها من الفنون، لكن عليه أن يفعل كل ذلك بالقوة والقدرة نفسها.
ويتابع: وبالنسبة لى فلو أننى سأتجه إلى نوع أدبى آخر فلابد إذن أن أنجز شيئا قويا فيه، فالتنوع بالنسبة لى مهم، وأكتب فى القصة والرواية بالدرجة نفسها من القوة، ولا أميل لأحدهما عن الآخر، بل إننى أميل لما أكتبه فى اللحظة الآنية، وقد يحدث العكس، فأشعر بافتقاد للرواية مثلا، بينما أكتب الآن مجموعة قصصية، أو العكس.
** أدب الحرب.. فائض أم متاح؟
قال الفخرانى يوما إن هناك فائضا كبيرا فى أدب الحرب، ورغم ذلك فقد كتب عن الحرب فى روايته «غداء فى بيت الطباخة»، ليجيب دهشتى، قائلا إن هناك أفكارا من المهم أن يتناولها الكاتب، ولكن عليه أن يفعل ذلك بشكل مختلف تماما عما قدمه غيره، وأعتقد أن هذا ما فعلته عندما قدمت للحرب فى قالب لم يقدمها فيه غيرى من قبل، فقد استنطقت الحرب وجعلتها تتحدث عما تشعر به، وهو فى حد ذاته يعد تحديا، أن أستخدم فكرة تم تناولها كثيرا وعليّ أن أكتبها بشكل مختلف، يمتعنى أنا أولا ككاتب.
ويعيد الفخرانى توضيح الأمر قائلا: إن هناك أفكارا رئيسية فى العالم يتم تداولها بين الكتاب، وهى أفكار لا تخيب أبدا، ودائما ما تحقق نجاحا، مثل علاقة الرجل بالمرأة، فلا أحد يقاوم الإقبال على قراءة مثل تلك الفكرة مثلا، مادام التناول هنا سيكون مختلفا عما سبق.
فأنا مثلا عندما أفكر فى تلك الفكرة الرئيسة، وهى علاقة الرجل بالمرأة، أفكر فى كتابة «ثلاثية للحب»، عن طريق طرح أفكار ثلاث للحب، وعلاقة الطرفين، ولكنى هنا سأكتب عنها من زوايا تناول مختلفة تماما.
** روح الكاتب:
سألته: هل تعد كتاباتك انعكاسا لما تراه، فتتبدى روحك وأفكارك من خلالها، أم هى انعكاس لعالم موازٍ تتمناه؟
فقال: أحب طرح الأفكار من خلال الكتابة، كما أحب محاورة عقل القارىء، فأنا لا أحب الحكايات المرسلة، بل أفضل محاورة العقل واللعب معه، وقد أوقف السرد وأجرى حوارا عقليا مع القارىء، وبالطبع فإن الأفكار التى تتضمنها أعمالى تعبر عنى، فهى انعكاس لعقلى وفكرى، وربما كانت عالما موازيا، واشتركت وحقيقيا لا نراه؛ لذا أحب أن أقترحه على القارىء، وأشير إليه بأن هناك عالما أفضل يمكنه أن يحياه.
** متعة أم رسالة؟
راودنى سؤال عن مدى اقتناع الفخرانى بمبدأ الفن للفن أم أنه يؤمن بضرورة تضمين رسالة ما فى أى عمل، فقال: لابد أن يكون القارىء مستمتعا أثناء القراءة، لا أن أقدم له رسالة صماء دون متعة، ودون عصف ذهنى أو عاطفى أو جسدى.
وأردف: إن الكتابة لديّ هى أن أقدم كل ما هو ممتع ومدهش وجديد، وله معنى ويحمل فكرة.
** أفكارى لا تلاوعنى:
عن مدى معاناته ككاتب للحصول على فكرة جديدة، يقول:
ذكرت فى مفتتح أحد أعمالى أنه «لا شىء أجمل من أن تخترع العالم»، وفى آخر قلت « لا شىء أجمل من أن تُصاحِب العالم»، كما قلت «لا شىء أجمل من أن تلعب مع العالم»، وفى كتاب لى قلت «لا شىء أجمل من أن تحب العالم».
ما أقصده من كل ما ذكرت أنه عندما تكون تلك هى علاقتى مع الكتابة، فسوف أصدق بسهولة أننى أستطيع أن أفعل بها ومعها كل شىء، وأنها صارت «لا تلاوعنى»، فنحن فى لعبة مستمرة نمارسها معا، لذا فإننى لا أحتاج جهدا كى تأتينى الأفكار، فاللعبة بيننا صارت سهلة ومفهومة.
** التجريب فى الكتابة وذكاء الكاتب:
ولأن الفخرانى يحترف التجريب فى كتاباته، سألته عن مدى نجاح ذلك النوع على مستوى القراء، فأجابنى: أنا مع التجريب بشرط استخدام الكاتب له بذكاء شديد، فلا يتمادى، على أنه لو أن هناك كاتبا يكتب كتابة تجريبية ولا تصل للقراء فإن ذلك لا ينتقص من كتابته، فقد يظهر قطاع آخر يفهم ويستمتع بما يكتب.
** الكاتب وإرضاء الذائقة العامة:
سألته عن حدود مهمة الكاتب، وهل من ضمن مهامه إرضاء ذائقة القراء، وكتابة ما يتطلبه سوق النشر، أم أن الأمر مختلف، فأجاب بأن الكاتب وظيفته هى الإبداع فقط، يكتب وهو فى الوقت ذاته ملم بمتطلبات السوق، لكن لا يجب أن يكتب ما يتعارض مع مشروعه الإبداعى لمجرد إرضاء الذائقة العامة وتماشيا مع سوق النشر، بل يصنع تياره الأدبى.
وتابع: ورغم ذلك فلا ملاحظات لدى على من يفعل ذلك، لكننى لا أفعل ذلك أبدا، فلدى مشروعى وخطتى التى لا أحيد عنها، لكن ولأن الكاتب لا يجب أن ينعزل عن العالم، فربما حدث أمر عالمى جلل، يدفعنى لإدخال نص لم يكن بالخطة، ولكن بأسلوب يتواءم مع الخط العام لكتابتى ولا يتعارض معها.
** أحتفى بالإنسان لأنه يستحق:
لاحظت أن الفخرانى يولى اهتماما واحتفاء خاصا بالإنسان، فها هو يقول فى كثير من أعماله جملا تؤكد هذا الاحتفاء، مثل: «يا وجه كل إنسان هل تعرف كم أحبك»، «العالم لا يساوى شيئا بدون الخطأ الإنسانى»، «الإنسان أجمل فكرة فى العالم».
فسألته عن سر هذا الاحتفاء بالإنسان ليقول: لأنه يستحق، البشر يستحقون، فنحن كل يوم فى اختبار ونحاول أن ننجو بيومنا، فالانسان مزيج متحرك من الرغبات والأمنيات والأحلام التى فى معظمها محرمة وبعيدة، نعم، هو مزيج من الضعف والقوة، الخير والشر، فالانسان الذى اخترع الأسلحة المدمرة والمشانق هو ذاته الذى صنع السلم الموسيقى ويكتب الشعر والروايات ويمارس الفنون، لذا فإن تركيبته العجيبة تلك تستحق أن نحبه ونحتفى به.
* الجوائز وأهميتها للكاتب:
عن أهمية الجوائز فى حياة أى كاتب قال الفخرانى: بالتأكيد هى أمر مفرح لأى كاتب، بل وتقرب الكتاب الفائز من القارىء مختصرة فترات طويلة كان قد يستغرقها العمل ليتعرف عليه القارىء وينال الشهرة المنتظرة، وهذا هو ما يهمنى من الجائزة بشكل خاص، أن تقرب العمل من القارىء بشكل أسرع، وتصنع به وحوله زخما وانتشارا أكبر.
ففى روايتى «غداء فى بيت الطباخة» والتى فازت بجائزة معرض القاهرة الدولى للكتاب ٢٠٢٤، كنت أرتاب فى مدى تفاعل الشباب معها، لكننى فوجئت بتفاعل قطاع كبير منهم معها.
ويردف الفخرانى: لكن ورغم ما تعنيه الجائزة للكاتب، فإن عليه أن يتجاوز فرحته بها سريعا، حتى لا يستغرق فى الفرحة بما يفصله عن مناخ الكتابة لفترة.
* المشهد الثقافى بمصر:
هكذا سألته عن رأيه فى المشهد الثقافى بمصر، ليؤكد لى: أنا لا يهمنى من المشهد برمته سوى الكتابة الجميلة، هذا هو ما يشغلنى، المنتج الأدبى وجودته هو ما يعنينى، وقد أقرأ عملا واحدا جميلا فى العام كله وأكتفى به، لأننى أتفهم طبيعة الأدب والفن عموما، فالاغلب أن يكون المميز من الأعمال قليلا، لكنه موجود على كل حال.
* آفة الشللية فى الوسط الثقافى:
عن تلك القضية يقول الفخرانى: لست مع المعنى الشائع للفظ شلة، فأنا مع فكرة دعم الأصدقاء بعضهم البعض، ولكن لا يتم فى المقابل الانتقاص والإضرار وتغييب الآخرين.
وأضاف: فى رأيى أن الكتابة الجيدة مهما تم تحييدها فسوف يحين يوم تخرج للعالم وتحصل على حقها كاملا، وفى حياة الكاتب، وقد يختلف ما يرضى الكاتب، وأشكال حصوله على حقه، فهناك من يرضيه أن يعرفه عدد محدد من الناس، وهناك من يرضيه أن يشتهر عمل واحد له ويظل هكذا لسنوات عديدة.
ويختتم الفخرانى إجابته مؤكدا أن دعم الكاتب لا يتأتى من أصدقائه فقط، بل هى وظيفة الناشر فى الأساس، وتختلف باختلاف قدرات كل ناشر وثقافته وقوة فريقه.
** الثقافة والشارع:
سألته من حيث لا أنتظر إجابة بعينها؛ ماذا يريد المثقفون من وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية؟ فأجابنى من حيث لم أتوقع: نحتاج لأن تنزل الثقافة للجمهور، نعم، يتم إتاحتها فى الشوارع والميادين والساحات، فما المانع من أن يتم تخصيص يوم أسبوعيا فى كل قرية نائية وميدان وساحة لإقامة حفلات توقيع ومسرحيات وحفلات موسيقية، وورش رسم، ينزل الكاتب والفنان ليحتك بالقارىء والأطفال، يحدثونهم عن أهمية الفن والفكر والثقافة والإبداع، يكتشفون بينهم أجيالا من المبدعين، فيأخذون بأيديهم ويدعمونهم، بدلا من أن يظل المبدع حبيس قريته النائية فتموت موهبته بالتبعية.
إذا تم إتاحة ذلك تحت إشراف الوزارة والمؤسسات الثقافية المختلفة فسوف يرحب به كل المبدعين والفنانين دون مقابل، وإن تم تنفيذه بشكل دورى سيكون مردوده عظيما، يكفى أنه سيساهم فى الارتقاء بالذوق العام، بل ستتولد بذلك حالة جميلة يتعرف من خلالها الأطفال على أهمية الفنون وأنها ليست أمرا هامشيا فى حياتنا، وسيطور الكاتب والفنان من أدواته نتيجة الاحتكاك المباشر بالجمهور.
** العمل المقبل:
وحان السؤال التقليدى الأخير، عن مشاريعه الإبداعية المقبلة، ليؤكد لى أن هناك مجموعة قصصية جديدة فى الأفق، ستصدر فى معرض الكتاب المقبل، كما أن هناك مشروع رواية تشاغلنى جدا الآن.
لملمت أوراقى وأنا أنظر فى ساعتى، هل حقا مرت ساعات من الحوار مع محمد الفخرانى؟ بل هل وصل الحوار معه لمحطته الأخيرة بالفعل؟ ابتسمت وأنا أردد أن تلك طبيعة كل جميل فى حياتنا، أن يمر كعابر، لكنه حتما يترك فى نفوسنا من الأثر ما لن ننساه ما حيينا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بشکل مختلف فى الکتابة سألته عن فى حیاة أن هناک کل شىء جزء من
إقرأ أيضاً:
عن الكتابة والقراءة والسفر.. خطط الأدباء لعام 2025
في بداية كل عام يفكر الأدباء فيما أنجزوه خلال عام مضى، وهل كان على قدر تصوراتهم، أم أن صعوبات الحياة وضغوط العمل والمشاكل الشخصية عطلتهم؟ وكذلك يفكرون فيما يمكن أن ينجزوه في العام الجديد، سواء في القراءة أو الكتابة أو السفر. في هذا التحقيق أبرز خطط الأدباء لعام 2025.
الكاتب السوري خليل صويلح تراوده منذ أشهر فكرة كتاب بعنوان «أسلافي»، يستعيد به أسماء وعناوين تركت أثرها عليه كقارئ. أسماء لطالما أهملناها كنوع من الرَدة على التراث، لكنَّ فحصًا دقيقًا سيضع نصوص هؤلاء في موقع حداثي متقدم. يقول: «في مقدمة هؤلاء جدنا الأكبر الجاحظ الذي اختزلناه بعبارة واحدة هي «الرجل الذي قتلته كُتبه»، إذ تجاهلنا منجزه المتفرد في علوم البلاغة والنقد لمصلحة أطروحات مستوردة. لا تزال فكرة الكتاب غائمة في ذهني لكن الاشتغال عليها عمليًا سيقودني كما أظن إلى كشوفات مهمة تتقاطع مع كتاب «العقد الفريد» لابن عبد ربه الأندلسي ولكن بتحديقة راهنة تجاه ما هو مشع في خزانة التراث باقتباسات نوعية».
خليل أنجز خلال العام المنصرم كتابا عن سينما محمد ملص بعنوان «احكِ منامك حتى أراك»، يشتمل على قراءات نقدية وحوارات مع هذا المخرج السوري الرائد فيما يخص سينما المؤلف، كما صدرت له مطلع هذا العام رواية جديدة بعنوان «ماء العروس» ترصد يوميات روائي يجد نفسه غارقًا في مُسودات رواية لم تكتمل يوما، لإحساسه بأنه سيدخل حقل ألغام! هكذا يشتبك المؤلف مع الروائي والمروي عنه في رسم خرائط متداخلة تبعا لاحتدامات الذاكرة وشجاعة الاعترافات: طفولة منهوبة ومعذَّبة يستدعيها الروائي لترميم صور مغبشة لم يفككها كما ينبغي في رواياته السابقة، محاولًا تقليب التربة بمحراثٍ آخر، بالإضافة إلى وقائع راهنة وضعته في مهب أسئلة صعبة عن معنى الفقدان والإذلال والخنوع، وهو بذلك يختزل تاريخ بلاد منكوبة بإشارات خاطفة تمزج الشخصي بالعام، والأسطورة بخشونة العيش، والأحلام بالكوابيس، والغريزة بيقظة الحواس، والجنازات بقصص العشق، ورمال الصحراء ببياض أجراس القطن. مشاء في شوارع دمشق اليوم يطارد شخصياته في أزقتها ومقاهيها وعمارتها العتيقة مثل طوبوغرافي في متاهة.
رحلة إلى الهند
الحكواتي والكاتب العماني أحمد الراشدي يؤكد أن الخطط الفنية والكتابية ليس شرطًا أن تنتهي أو تبدأ مع بداية كل سنة جديدة، وإنما يعتمد الأمر على طبيعة العمل وحدوده ومساحاته ومتطلباته الفنية والبحثية، فقد عمل على مشروع كتابي بدأ بذور التخطيط له تقريبًا شهر سبتمبر 2023 واستمر معه طوال سنة 2024 يبحث ويقرأ ويشاهد ويستشير في كل حكاية من حكاياته، ثم تبنته دار نشر. يكمل: «اشتغلتُ فيه مع الرسام ومع المحرر في جروب فني احترافي، عملنا عليه خلال الأشهر الماضية وسيدشن واحتفل به في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025، وقد أطلقت عليه «تذكرة سفر إلى عُمان» يضم حكايات منتقاة من التاريخ العُماني المتصل والمتواصل مع شعوب العالم موجهة لليافعين والشباب العربي، وسيصدر عن مكتبة الثعلب الأحمر العُمانية، وأيضًا هناك مشروع كتابي مشترك مع مؤلفة روايات اليافعين رقية البادية، وسيصدر عن مركز مسار الفكر العُماني وأنا على ثقة أنه سيكون له صدى مبهج جدًا في الأوساط التربوية والثقافية العربية».
وقال: «من أجمل ما حدث لي في عام 2024 أولًا رحلتي إلى جنوب الهند وبالأخص إلى مدينة كوتشي وزيارتي لمكتباتها واقترابي من مؤلفات كتَّابها سواء باللغة المالايالامية أو الإنجليزية الموجهة للأطفال واليافعين واقترابي من الثقافة الهندية في ساحل كيريلا التي يفصلنا عنها- نحن العمانيين- بحر العرب. وقد نشرت عن هذه الرحلة عدة حلقات في حساباتي على الإنستا والفيس بوك. وقد فتحت عيني هذه الرحلة على تجارب فنية ثرية في الرسم والكتابة مثل دار تارا بوكس العريقة واستفدت منها في خططي ومشاريعي، وثانيًا رحلتي لمعرض الكتاب الدولي في الجزائر، حيث انبهرت بالجمهور الجزائري القارئ، إذ وجدته باحثًا وعاشقًا للمعرفة والكتب، واقتربت من الوسط الثقافي المتفرد هناك من شعراء وقصاصين وروائيين وإعلاميين. الجزائر حالة ثقافية خاصة تستحق الاقتراب منها ومعايشتها. وأخطط هذا العام لرحلة أعايش فيها الثقافة اليابانية. وكذلك أخطط لقراءة فن خطير يتصدر قائمة المبيعات في معارض العالم وهو فن الروايات البوليسية وروايات الغموض والفانتازيا».
ملامح عامة
من جهتها تقول الكاتبة المصرية منصورة عز الدين: إن عام 2024 كان مُرضيًا لها إلى حد بعيد على المستوى المهني، ثم تستدرك: «لكنني مررت فيه بأزمة صحية استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر. وبقدر ما سبب هذا لي صعوبات على مستويات عديدة بقدر ما منحني فرصة لإعادة ترتيب أولوياتي والتخلص من كل ما هو فائض عن الحاجة. ولعل هذا ما يشكل الملمح الأساسي للعام الجديد بالنسبة لي، إذ يهمني أن يكون عامًا لالتقاط الأنفاس والتفرغ أكثر للكتابة مع تقليل الأنشطة العامة قدر الإمكان».
وتضيف: «عادة لا يكون لديَّ خطط مسبقة، فقط بضعة خطوط وملامح عامة ألتزم بها قدر الإمكان مع بعضٍ من مرونة تسمح بالتعديل وفقًا للمستجدات. فيما يخص الكتابة، أسعى لإنهاء عمل قيد الكتابة منذ فترة طويلة، ومنذ العام الماضي أركز على إعادة قراءة الكلاسيكيات».
توازن
الكاتب العماني يحيى بن سلام المنذري ينوي تكثيف القراءة في كل مجالات الأدب والفكر، خلال 2025، وكذلك الاشتغال على عمل أدبي جديد، ومحاولة إيجاد توازن بين الاهتمام الأدبي والعمل المهني والراحة النفسية، يقول: «لديَّ طموح في تحقيق إنجازات جديدة على صعيد عملي المهني، ولديَّ خطة في استقطاع أوقات متفرقة للراحة والتأمل، وحضور بعض الملتقيات الثقافية ومعارض الكتب الدولية، والالتقاء بالأصدقاء داخل عمان وخارجها أكثر من السابق، لأنني أشعر بأنني قصَّرت في ذلك العام الفائت، فالعمل أخذ وقتي، وطبعًا هناك جدول خاص بقضاء وقت أكثر مع عائلتي مثل السفر والرحلات وغيرها، كما أرجو قضاء وقت معها بدون أجهزة الموبايل».
الأوراق شاهدة
الشاعر العماني خالد بن علي المعمري يؤكد أن عام 2024 كان سريعًا في انقضائه، وبرغم الخطط والأهداف التي وضعها واختارها لتكون شاملة لجوانب حياته الاجتماعية والثقافية ومشروعات كان يأمل أن تتحقق على أرض الواقع؛ لكنه لا يجزم بأنه حقَّق أهدافه بالكامل، ولكنَّ أغلبها قد نجح في ملامسة النور الذي قرر أن يطال المشروعات والرؤى. يقول: «قائمة الكتب التي خطَّطت أن تكون هدفًا للقراءة أُنجِزَت بما نسبته 80%، وكذلك مشاريعي الكتابية التي تنوعت بين إصدار ورقي، وبين بحوث ودراسات ومقالات دخلتُ من خلالها إلى تجارب مختلفة، وبين نصوص شعرية جاءت ترجمة لقراءاتي في الأدب والفكر والثقافة. مع ذلك لديَّ إحساس كبيرٌ أن عام 2025 سيكون عامًا مليئًا بتحقيق مزيدٍ من المشروعات التي أضعها نصب عينيَّ».
ويضيف: «أنا أحب التدوين الورقي ولذلك فإنني دائمًا ما أكتب مشاريعي على قصاصات الورق، قبل أن أقوم بتشكيلها نهائيًا من فكرة إلى هدف أقصد منه فعلًا التحقق في القريب. لا أنكر أن هناك مشروعات مؤجلة من سنوات طويلة أبعدتني عن تحقيقها الدراسة والعمل والكتابة، لكنني على يقين أنها ستتحقق في يوم ما، لأنني باختصار لم أنسها، فهي مؤرشفة في ذاكرتي قبل أوراقي. وفي العام الجديد، أحلم بمزيدٍ من الهدوء، ومزيدٍ من التأمل. تأمل الحياة بثقافتها، ولعل السفر الحقيقي دافع إلى ذلك، كما أن السفر إلى العالم بقراءة نتاجات الآخرين وثقافاتهم متعة حقيقية؛ لذا أبحث في قراءاتي القديمة عن كتاب جديد يصلني بالآخر ويعرِّفني على ثقافته، ولعلني أستفيد كثيرًا من القوائم التي أكتبها كل عام عن قراءاتي للكتب؛ إذ لا تزال الأوراق شاهدة تذكرني بنص أو كتاب مر على ذاكرتي من قبل. هذا العام سأقرأ أكثر. سأكتب أكثر. سأسافر أكثر قبل أن تنقضي الـ365 يومًا وسأخبئ قصاصات ورقي في درج المكتب لأنظر لاحقًا ماذا قرأت في ذلك الوقت».
المعراج السردي
الكاتب المغربي أنيس الرافعي انشغل خلال العام الماضي بمسألة «السرد الثقافي»، وتمكن من إنجاز كتابه القصصي «جميعهم يتكلمون من فمي»، حيث انفتحت الكتابة الحكائية فيه على أبعاد إنثروبولوجية، ضمن قالب عجائبي، ليس ببعده التقليدي، وإنما كبحث عن اللامرئي، الذي يسكن إلى جوار المرئي في واقعنا المعاش، وقلما نلتفت إليه. أما عن خططه العريضة للكتابة والنشر والقراءة والسفر لعام 2025، فيقول: «أتطلع إلى إنهاء كتابين أعمل عليهما، الأول هو «المعراج السردي»، وفيه تجميع لبعض حواراتي وشهاداتي النظرية، التي تراكمت لديَّ خلال العامين الأخيرين، وبين ثناياه أبسطُ تصوراتي لبعض قضايا القصة التجريبية القصيرة وآفاقها المستقبلية، وكذا أعرض فيه دعوتي لخلق «مؤسسة القصة القصيرة»، بغاية الدفاع عن هذا النوع «النباتي»، والتصدي لمحاولات «التهامه» من لدن الأجناس الأدبية «اللاحمة». هذا التجميع أمر ضروري بالنسبة لي، من أجل حفظ هذه السجلات من الضياع، ففي كل عام كنت ألقي شهادات وتُجرى معي حوارات، لكنها تُنسى وتتعرض للبدد فيما بعد. أما المؤلَّف الثاني، فهو كتاب قصصي جديد، يعد استكمالًا لثلاثية السيرك البشري والحيواني، وقد عنونته بـ«مارستان الأقنعة»، وهو بمثابة تاريخ سردي موجز لإعادة اختراع البهلوان. أتحدث عن البهلوان المعاصر، بهلوان العصر الرقمي بصفته الإطلاقية، وقد أعاد اختراع ذاته وصفاته ووظيفته، كي ينشر هيمنته وتفاهته وقيمه المنحطة على عالمنا المعاصر. وبالانتقال إلى شق القراءة، أهفو إلى قراءة وتفكيك بنية المنامات، على الأخص في الموروث الحكائي العربي وفي المتون التراثية الصوفية، من قبيل «منامات الوهراني»، و«كتاب المرائي» للشيخ محمد المعطي الشرقاوي، و«كتاب المنامات» للحافظ ابن أبي الدنيا، وعند الحديث عن السفر، فبالإضافة إلى السفر المعرفي ذي الأبعاد الرمزية، الذي قد يحدث لك مع رواية بديعة وساحرة لجوليان بارنز قرأتها هذا العام بعنوان «تاريخ للعالم في عشرة فصول ونصف»، ثمة تخمين للسفر، بمعية العائلة، إلى أمريكا اللاتينية. منذ سنين ونحن نفكر في إنجاز رحلة طويلة منظَّمة إلى بعض دول هذه القارة المثيرة، وأصبو إلى أن يكون هذا العام إن شاء الله هو عام تحقق هذا الحلم الجميل».
متعة شخصية
أما الناقد الجزائري الدكتور لونيس بن علي فيؤكد أن 2024 كان عامًا مُنتِجًا بالنسبة له على صعيد الكتابة؛ فقد أصدر أربعةَ كتبٍ؛ كتابان فرديان وآخران جماعيان، وكلها كُتب تدور حول النقد والقراءة.
أما على صعيد القراءة، فقد قرأ الكثير من الكُتب، بين النقد والرواية والفلسفة؛ منها ما كان موجهًا لعمله كأستاذ للنقد الأدبي بالجامعة، ومنها ما كان موجهًا لكتابة مقالاته الشهرية، وأكثرها كان لمتعته الذاتية.
يقول: «لم أسافر كثيرًا، باستثناء رحلة إلى مدينة الجسور المعلقة قسنطينة التاريخية لتقديم ندوة حول رواية «قناع بلون السماء» لباسم خندقجي بدعوة من الروائي الصديق مراد بوكرزازة، فكانت لحظة ثقافية مكثفة من جهة اللقاء بأصدقاء رائعين مثل الشاعران جمال فوغالي وعبد الحميد إزة».
يختار لونيس أفضل رواية قرأها في عام 2024 وهي «هاوية المرأة المتوحشة» للروائي الجزائري عبد الكريم ينينة، ويصفها بأنها رواية عظيمة بلغتها وبنائها السردي وموضوعها، ويتمنى من النقاد والروائيين في المشرق العربي الانتباه إليها، كما يختار أفضل كتاب قرأه وهو «الحكاية على حافة النوم الكبير» للكاتب والشاعر المصري الراحل مهاب نصر. يعلق: «أعجبني نفَسَه النقدي الجميل، والكتابة الذكية في التوغل إلى نقاط موغلة في النصوص الروائية. أعتبر هذا الكتاب أفضل كتاب أنهي به هذه السنة». ويضيف: «أما عن خططي المستقبلية، فأنا أفكر في كتاب حول علاقة الرواية بالخيال، لأجل الإجابة عن سؤال أراه مربكًا وهو هل الخيال الروائي في خطر؟ كما أفكر في إنهاء كتابة رواية كنتُ قد شرعتُ فيها منذ عام، لكني أعترف بأن الكتابة الروائية هي خيار صعب ومرهق وطريقها غير مضمون».
نبش الملفات
الناقد البحريني الدكتور فهد حسين ودَّع 2024 بمودة، فقد كان عامًا جيدًا من حيث الإنتاج. أنجز خلاله كتابين ينتظران الطباعة والنشر، وهما «المقاهي والمجالس الثقافية بين الماضي والحاضر» ويسلط فيه الضوء على مقاهي البحرين، والتراث والتحولات الثقافية والاجتماعية» ويضم مجموعة مقالات وأوراق قدَّمها في بعض المحافل المعنية بالتراث، وأهميته على الصعيدين الثقافي والاجتماعي. بالإضافة إلى بعض مشاركاته المحلية والخليجية في الندوات وبعض لجان التحكيم، فضلًا عن كمٍ كبير من الكتب التي قرأها، سواء وصلته كإهداءات أو اشتراها..
ويقول: «أما في هذا العام 2025، فأواصل العمل والإعداد لثلاثة كتب، هي «سرديات السيرة في البحرين»، ويتناول كيفية توظيف السير المختلفة في الأدب عامة وفي الرواية خاصة، كالسيرة التاريخية، السيرة الشعبية، سيرة المهمشين، سيرة الذات، السيرة الذاتية، السيرة الغيرية، سيرة المكان. ويتضمن الثاني وهو «مرايا الذات» مجموعة من الحوارات الأدبية والثقافية والتراثية التي قمت بإجرائها، ويكشف طبيعة التفكير في الكتابة والمشروعات الثقافية الخاصة، وأهمية المرجعيات الثقافية للكاتب، أما الثالث، فينطلق من تساؤل كان يشغلني ولا يزال، وهو هل نحن بحاجة إلى نظرية نقدية عربية؟ وقد سعيت جاهدًا للإجابة عن هذا السؤال الشيق، مسلطًا الضوء على المشهد النقدي في المنطقة عامة والبحرين بشكل خاص».
وتابع: «مع هذه الكتب هناك مشروعات المشاركة في المحافل الثقافية والندوات وغيرها، حيث على الكاتب والمثقف أن يكون صاحب دورٍ في تنمية المجتمع ثقافيًا، ومساعدة المؤسسات الثقافية في القيام بدورها، فضلًا عن مواصلة العمل إلى جانب الكتَّاب الشباب واليافعين ذوي المواهب والطموحات. وكذلك مواصلة العمل في رفع شأن ومكانة مختبر سرديات البحرين الذي تشكَّل بعددٍ من كاتبات وكتَّاب السرد قبل أربع سنوات، ليكون علامة فارقة في المشهد الأدبي السردي البحريني. وهو المختبر الذي استطاع أن يضع نفسه قريبًا جدًا من مختبرات السرد العربية، ونجح في ذلك بجهود أعضائه الفاعلين. وهناك مشروعات كتب أخرى ستُؤجَّل بعض الشيء وهي: «الهامش والمتن في الرواية النسائية الخليجية»، و«القصة القصيرة في البحرين وتحولاتها»، بالإضافة إلى جمع ما كتبته من مقالات نقدية في كتاب خاص».
تحرير رواية
الكاتب الكويتي عبدالله الحسيني يخطط لاستئناف تحرير رواية انتهى من مسوَّدتها الأولى في أبريل الفائت. ولأكثر من مرة، على امتداد شهور، يشرع في تحريرها ثم يتوقف؛ إن تكاسلًا، وإن لإحساسه بوجود خطأ فيها لم يعثر عليه بعد، وإن خوفًا من قادم يكرر فيه نفسه أو لا يلقى صدى يرجوه. ويتمنى، في آخر عام 2025، أن يراها منشورة، لكنه يخاف أن تجرفه هذه الأمنية للتسرع، دون وعي، بتحريرها، لذا لا يريد التفكير في مسألة النشر رغم صعوبة الأمر.
ويقول: «في الوقت ذاته أقاوم، حاليًا، رغبة الانخراط في كتابة رواية أخرى تطاردني منذ فترة ليست بالقصيرة، إذ لست مستعدًا بعد للاستنزاف الذهني الذي يستدعيه الدخول في عالم جديد وتجربة شكل سردي جديد ومزاج لغة تفرضها تلك الرواية؛ كمتطلبات أي مشروع روائي آخر. وأتمنى أن أقرأ «دون كيخوتة»، والباقي من أعمال إدوارد سعيد. لكني أؤمن -بناء على تجارب سابقة- أن قوائم القراءة التي أضعها لنفسي تعني أنني سأقرأ من خارجها أكثر، كأن حضور الكتاب في القائمة يعني أنني قرأته. وأتمنى أن أُكثِر من قراءة الشعر، إذ، ويا للأسف، لم أقرأ ديوانًا واحدًا في العام الفائت، وأشعر أن لغتي بدأت تعاقبني على ذلك».
ويضيف: «أتمنى -من قديم- أن أزور باريس (هل فيلم ودي آلن عنها سببٌ في ذلك؟ ربما!). ورغم ما أسمع بشأن دهشة زوارها حين لا تبدو تلك المدينة في الواقع شبيهة لما هي عليه في الخيال، إلا أن الأمنية القديمة لم تتزحزح. وكان أغلب ما ذكرت -أعلاه- خططًا للعام الفائت 2024، وها أنا أرحّلها إلى 2025، وربما بعضٌ منها، أو كلها، سينتظر 2026.. من يدري؟».
إيقاع يومي
أما الشاعر المصري جمال القصاص فيقول: «ليست لديَّ خطط بالمعنى التقني المعروف، وإنما هموم كثيرة بعضها أتعايش معه كمفردة من مفردات الحياة، وبعضها الآخر يؤرقني ولا أستطيع أن أضعه في خطط أو إطار محدد. ما أعنيه هنا هو همومي الشعرية، التي تشكل وعاء وجودي وكينونتي. أتمنى في العام المقبل أن أكمل ديوانًا كتبت فيه فصلين وتوقفت، لأسباب لا تخصني على المستوى الذاتي، إنما تخص هذا العالم المجنون الذي يشوش حواسي، ويلقي ظلالًا قاتمة على رؤيتي بكوارثه وصراعاته وحروبه التي لا تكف عن اغتيال البشر والحجر والماء والهواء، حتى أنني أصبحت أجد صعوبة في التأقلم مع دورة الحياة العادية في إيقاعها اليومي المعتاد؛ أحس بأن وجودي مهمَّش ومعطل، بل لا معنى له إزاء ما يحدث حولي وفي محيطي، من مجازر وحرب إبادة وحشية تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني».
يكمل: «لديَّ اعتقاد بأن حافة الشيخوخة تشكل مخزن أسرار الجسد، وعصارة تجربته في الحياة، فكلما لامسها تنشط طاقة الحلم وحيويته في الاسترجاع وتذكر مشاهد وذكريات وحيوات انقضت، وأصبحت أكثر خفة ورهافة وحكمة. في تصوري أن هذه اللحظة بومضاتها الشاردة هي التي تشكل المعنى والزمن الهارب من لغة الجسد، فجماليته لا تكمن في عرامته وبهائه الأول ابن الصبا والشباب فحسب، إنما في مقدرته على ملامسة شيخوخته بمحبة أكثر، فهي النقطة الوحيدة التي تذوب فيها الفواصل والعقد الزمنية السميكة بين الوعي واللاوعي.. هذا هو سقف الرؤية في ديواني الذي أطمح أن أسافر إليه وأنجزه في العام الجديد».
جمال قادم
وتؤكد الكاتبة عبير حامد أن عام 2024 كان مليئًا بالإلهام والإنجازات، وهي لا تزال تؤمن بأن الأجمل قادم بإذن الله. تقول: «في الكتابة، أعيش حاليًا مع شخصياتي الجديدة وأتعمق في روايتي المستوحاة من قلب بغداد، مستلهمة من تاريخها وشوارعها وأصواتها، قصة مختلفة تلامس القلوب وتثري العقول. روايتي الجديدة التي صدرت في 2024 بعنوان «ظننته فيصل» فتحت لي أبوابًا جديدة، حيث وصلت كلماتي إلى قراء أعادوا إليَّ شغفي في الكتابة برسائلهم وآرائهم الملهمة، وهذا دفعني للتخطيط لتطوير مهاراتي الكتابية، من خلال القراءة المستمرة، ودراسة الأدب، والاستماع لتجارب الكتَّاب الآخرين، إيمانًا بأن الكتابة رحلة تعلم لا تنتهي».
وتضيف: «أما عن القراءة فهي رفيقي الدائم، كما قال المتنبي: «وخير جليسٍ في الزمان كتابُ». من خلالها، أكتشف عوالم مختلفة وأثري مخيلتي وأفهم أكثر النفس البشرية، أما السفر، فأخطط أن يكون جزءًا أساسيًا من عامي القادم؛ لاستكشاف ثقافات جديدة، واستلهام قصص من كل مكان أزوره. السفر بالنسبة لي ليس مجرد تنقل، بل رحلة لاكتشاف الذات والآخر. ورغم أن بعض أهدافي لم تكتمل في عام 2024، إلا أنني أؤمن أن كل شيء يحدث في وقته المناسب. أمضي قدمًا بخطط مليئة بالشغف، وأرى في كل يوم فرصة جديدة للحلم والإبداع؛ لأن الأفق دائمًا مفتوح لمن يؤمن بجمال القادم».
أعمال مدهشة
في عام 2024 صدرت رواية الكاتب السعودي فهد العتيق «قاطع طريق مفقود»، بعد ثلاث سنوات من الكتابة والمراجعة، وقد كتبها بمزاج جديد مختلف قليلًا عن تقاليد الرواية العريقة، إذ حاول استعمال تقنية المقاطع والمشاهد الروائية المتتالية والتركيز على الحوار، ولهذا أبهجه استقبالها بشكل جيد من قبل القراء والنقاد.
يقول: «مع مطلع 2025 أمشي بمتعة وهدوء في درب جديد لكتابة رواية جوهرها الحوار على نهج المسرح العريق، وكأنها مسرحية ضلت طريقها وذهبت إلى منطقة الحكاية. هذا الطريق أمشي فيه بتأنٍ، بتخطيط أقل ودون طقوس كتابة يومية، لهذا أكتب حكاية هذا النص ومشاهده المتنوعة في دفتر الملاحظات على الجوال المتنقل، ربما كل أسبوع مشهد أو حوار، في البيت أو المقهى، بطريقة الزيارات المتباعدة والممتعة، وكأني أخشى أن تنتهي هذا الحكاية أو المسرحية».
ويضيف: «وفي هذا العام الجديد 2025، سوف تكون لي أيضًا، زيارات متقطعة، وفق الظروف، لمراجعة وترتيب فصول الكتاب الفني النقدي «عناصر بصمة فن الكتابة»، الذي يأتي مواكبًا لمرحلة ازدهار أدبي نعيشها، بالذات في فن الرواية العربية المتجددة، وقد اتضحت ملامح تطورها المتصاعد من عام 2000 وحتى الآن، بعد ظهور جيل عربي جديد يكتب الرواية بحماس ملفت، وهذه النهضة الروائية فيها نماذج مهمة قليلة مكتوبة بلغة ممتعة. وفي الكتاب أيضًا فصل يتضمن المراجعات النقدية التي نشرتها حول روايات التجديد التي قرأتها سواء المترجمة أو العربية، وفصل حول الأسئلة الفنية التي تواجهنا دائمًا عن تقنيات الكتابة والأسلوب ومشكلات التعبير واللغة، ومحاولة الاقتراب من نماذج بعض روايات التجديد العربية المعاصرة، التي حاولتْ التخلي النسبي عن أدوات وتقنيات الكتابة القديمة مثل المغزى والوصف الإنشائي التفسيري والتوضيحي الطويل والحبكة التقليدية، مع التركيز في الكتاب على دور الحوار في إثراء الرواية، بالإضافة إلى فصل عن خصوصية المكان، وبساطة اللغة وابتعادها عن لغة البلاغة المتكلفة، والتخييل الذاتي الذي يقترب من تفاصيل حياتنا اليومية وتحولاتها اللحظية الدقيقة، حتى نكتب ما نعايشه وما نشترك فيه دون الحاجة الكبيرة للبحث عن موضوعات كبيرة واختراع حكايات».
عام الرواية
2024 كان أيضًا بالنسبة للروائية والناقدة اليمنية سهير السمان عام الإنجاز، فقد انتهت من كتابة روايتها الأولى «جنازة واحدة لموت كثير» بعد ثلاث مجموعات قصصية أصدرتها على مدار العشر سنوات الماضية، وهي «موعد آخر» و«جزء من النص مفقود» و«يحدها من الشمال»، وقد كانت رحلتها مع الرواية مرهقة وجميلة في نفس الوقت.
تقول: «كان العام المنقضي عامًا حافلًا بالنسبة لي بالأنشطة والمشاركات الثقافية في القاهرة وفي الإسكندرية وطنطا، وكذا تنظيم بعض الندوات الثقافية في المركز الثقافي اليمني في القاهرة، وحضور العديد من المهرجانات الفنية. لا توجد عندي خطط واضحة للعام الجديد ولكني أحاول ترتيب بعض الأنشطة الثقافية، وتكوين علاقات عملية قد تتيح فرص السفر والمشاركات الخارجية، إلى جانب العمل على مجموعة قصصية ذات طابع فانتازي، والقراءة في تاريخ اليمن من جديد، والتحضير لبعض المقالات والدراسات النقدية، والعمل على المخطوطة الجديدة لرواية قادمة ستكون ضمن خطة أعمل بها للعام 2025».
ضوء نجمة
أما الكاتبة الإماراتية مريم الساعدي فتقول: «في السنة الجديدة أريد أن أكون أنا، وأريد أن أعود للكتابة بعد فترة توقف؛ ففيها أكون نفسي، وخارجها أصبح شخصية أخرى محطمة. روحي مهترئة تُشقيها مآسي العالم، وأنا لا أريد أن أشقى بمأساة العالم فلا حيلة لي للتغيير، ولا أمتلك يدًا قادرة تمتد لوقف المأساة. أريد أن أسير في الحياة بقلب خفيف كي أستطيع أن أكتب، عالم الكتابة ملجئي الروحي من كوارث العالم. هذا العالم العجيب الغريب الذي يصرخ فيه الأطفال المقتولون دون أن يحرك الكبار ساكنًا. أي منطق وأي رحمة وأي إنسانية؟ لا شيء من ذلك، ليس بالقدر الكافي لوقف المأساة على الأقل. أبعدني الغضب واليأس عن الكتابة. كي تكتب تحتاج أن يكون قلبك راسيًا على ضفة راسخة، وفي معمعة العالم يتأرجح القلب في أمواج هادرة. فكيف لقلب مثله أن يجلس بهدوء للكتابة؟ لست أحبذ الكتابة الانفعالية، في عام 2024 كانت الأمواج هادرة، في السنة الجديدة نشيح بالنظر إلى ضفاف أكثر سلامًا ومحبة.. أين ننظر؟ أنا لا أعرف؛ أنا فقط أبحث، أحيانًا أحتاج إلى ضوء إضافي، ضوء قمر، أو ضوء نجمة، أو ضوء وردة، أو ربما ذلك الضوء المنبعث من ورقة شجر تتمايل بهدوء على وقع ريح خفيفة عند الغروب. أبحث عن أضواء الطبيعة كي أستطيع أن أرى ضفاف العالم الوديعة لتضيء روحي ويستقر قلبي وأستطيع أن أجلس للكتابة».
وتنهي حديثها قائلة: «أين سأسافر في العام الجديد؟ لا أعرف، لا أخطط لشيء، أترك الأيام تسير بي حيث تريد، ولكن أهم رحلة أخطط لها في العام الجديد هي الرحلة إلى روحي. أريد أن أسافر إلى ذاتي وحين أصل هناك أعرف أني سأجيد فنون العيش والحب والكتابة».
حسن عبدالموجود صحفي وقاص مصري