السودان: «الأبيض» في مواجهة مرض غامض يصيب العيون والسلطات الصحية تلتزم الصمت
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
السلطات الصحية لم تُصدر أي إجراءات أو نشرات وقائية تذكر باستثناء توزيع بعض النشرات من المؤسسات الصحية وتقديم توضيحات من قبل بعض الأخصائيين حول المرض وأعراضه وأسبابه، وفقاً لما ذكره مصدر طبي.
التغيير: فتح الرحمن حمودة
تشهد مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان غربي السودان، انتشاراً مقلقا لمرض غامض يصيب العيون، المرض يشبه الحساسية ويؤثر بشكل رئيسي على العيون مما أثار قلق سكان المنطقة الذين يخشون أن يكون مرتبطا بتأثيرات الذخائر والأسلحة المستخدمة في المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
عانت بخيتة وهي في الأربعينيات من عمرها من أعراض حساسية في العيون بعد عودتها من السوق الكبير الواقع وسط المدينة.
و لاحقا كانت قد انتقلت العدوى إلى معظم أفراد أسرتها وهو وضع ليس استثناءاً في المدينة لا سيما خلال هذه الأيام إذ يعاني عدد كبير من الأشخاص من نفس الأعراض.
4 آلاف حالةوفقا لمصدر طبي رفض ذكر اسمه لـ (التغيير) فإن الوباء انتشر بسرعة داخل المدينة، حيث قدر عدد الحالات المسجلة بأكثر من 4 آلاف حالة.
وأشار المصدر إلى أن السلطات الصحية لم تُصدر أي إجراءات أو نشرات وقائية تذكر باستثناء توزيع بعض النشرات من المؤسسات الصحية وتقديم توضيحات من قبل بعض الأخصائيين حول المرض وأعراضه وأسبابه.
مريض مصاب بإلتهاب حاد في العيونوأوضح المصدر أن منطقة (أم دم حاج أحمد) التابعة بشمال كردفان شهدت ايضا تسجيل ألف و167 حالة مؤكدة، مشيراً إلى أن هناك إصابات لم تُسجل رسمياً بسبب لجوء الكثير من السكان لشراء القطرات من الصيدليات دون استشارة الأطباء.
من جهتها أكدت طبيبة من مستشفى الأبيض التعليمي تحفظت على ذكر اسمها لـ (التغيير)، أن الإلتهاب الفيروسي والبكتيري المنتشر في المدينة ليس له علاقة مباشرة بالذخائر والأسلحة المستخدمة، مضيفة أن المدينة دخلت دائرة الحرب منذ 15 أبريل الماضي ولو كان للذخائر تأثير لظهرت الأعراض في الأشهر الأولى من النزاع.
غياب الرعاية الطبيةوتفشى المرض الذي أصاب مئات الأشخاص في ظل غياب الرعاية الطبية وافتقار المستشفيات لأدوات الفحص والتشخيص المتقدمة وانعدام الأدوية الضرورية.
وتزامن انتشاره مع ظهوره في عدة مدن وولايات أخرى لا سيما في المناطق التي تشهد مواجهات عسكرية مثل ولايات دارفور.
وأوضح الطبيب أحمد مضوي لـ (التغيير) أن الإلتهاب المنتشر هو فيروسي بطبيعته وينتقل بسرعة كبيرة، وأضاف بأن الالتهاب قد يكون بكتيريا نتيجة لعوامل بيئية مثل المياه أو بسبب الحساسية الناتجة عن المواد الكيميائية.
وأشار إلى أن الأسلحة الثقيلة تحتوي على مواد كيميائية قد تسبب أعراضا مشابهة لتلك التي تحدثها الغازات المسيلة للدموع.
فيما أكد الطبيب النمير جبريل وهو جراح قلب لـ (التغيير) أن أطباء العيون هم الجهة المختصة الأولى لتحديد أسباب هذا الالتهاب، مشيراً إلى أن المواد الكيميائية الناتجة عن مخلفات الحرب لا يمكن استبعادها كسبب محتمل مما يزيد من أهمية استشارة الأطباء المختصين في كل حالة تظهر.
افتقار الإجراءات الوقائيةو في ظل انتشار الوباء زادت شكاوى الأهالي من تدهور الأوضاع الصحية في المدينة، حيث أعربوا عن قلقهم من نقص الموارد الطبية الأساسية وصعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية.
القطرة التي تستخدم لعلاج المرضوقال محمد أحمد، وهو أحد سكان الأبيض لـ (التغيير) إنه لا يوجد منزل داخل المدينة يخلو من المصابين، مشيراً إلى غياب الإجراءات الوقائية من قبل السلطات وافتقارها لخطة واضحة لمواجهة انتشار الأمراض الوبائية.
من جانبها ناشدت هبة محمد، وهي أيضاً من سكان المدينة، الجميع بتوخي الحذر من الإنتشار السريع للمرض خاصة بين العاملين في السوق الكبير، ودعت في حديثها لـ (التغيير) الأطباء الموجودين في المجموعات الإسفيرية الإجتماعية إلى نشر منشورات توعوية حول طرق الوقاية والعلاج.
تأثيرات الحربو يرجع أطباء العيون الأعراض التي يعاني منها المصابين في بعض المناطق إلى تأثيرات الحرب التي تشهدها البلاد، حيث تسببت الذخائر المحملة بالمواد السامة في إلحاق أضرار كبيرة بالبيئة مما أدى إلى تفاقم الوضع الصحي للسكان.
يُذكر أن مدينة الأبيض تعاني منذ اندلاع الحرب من مشاكل صحية جسيمة، نتيجة لإنهيار النظام الصحي بسبب النزاع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما فاقم الأزمات الصحية وخلق ظروفا صعبة لمواطني المدينة وزاد من تعقيد الوضع الإنساني وضغوط الرعاية الصحية المتبقية.
مشاهد من الحرب داخل مدينة الأبيضومع اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع بالعاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، شهدت حاضرة ولاية شمال كردفان الأبيض مواجهات عسكرية دامية بين طرفي القتال ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى وسط المدنيين جراء القصف العشوائي المتبادل بين الطرفين.
ومنذ 15 أبريل الماضي تحاول قوات الدعم السريع دخول المدينة والسيطرة عليها، فيما يواصل الجيش حماية قيادة الفرقة الخامسة مشاة والمواقع الاستراتيجية داخل المدينة.
وتتمتع مدينة الأبيض بموقع استراتيجي في غرب البلاد حيث تضم أكبر سوق لمحصول الصمغ العربي على مستوى العالم وأسواق أخرى للمحاصيل والماشية إلى جانب ارتباطها بطريق الصادرات الرابط بين ولايات غرب السودان المختلفة.
الوسومآثار الحرب في السودان الأبيض التهاب ملتحمة العين الفيروسي الرعاية الصحية حرب الجيش والدعم السريع ولاية شمال كردفانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الأبيض التهاب ملتحمة العين الفيروسي الرعاية الصحية حرب الجيش والدعم السريع ولاية شمال كردفان مدینة الأبیض الدعم السریع إلى أن
إقرأ أيضاً:
لا أعتقد أن التهديد بفصل دارفور علي يد الدعم السريع أطروحة جادة لسبب بسيط
فزاعة فصل دارفور:
الحلف الجنجويدي يقفز من حزمة تهديد ابتزازي إلي أخري لان جعبته السياسية خاوية لا تحتوي علي شيء غير الترهيب بالويل إن لم ينصاع الشعب له.
وآخر كروت التهديد هو فصل دارفور، ذلك التهديد التي إرتفعت وتائره بعد طرد الجنجويد من وسط السودان والعاصمة وكان دفاق حكومة نيروبي أول الجمار. فهل يملك هذا التهديد محتوى ما؟
لا أعتقد أن التهديد بفصل دارفور علي يد الدعم السريع أطروحة جادة لسبب بسيط هو أن الدعم السريع لا يمثل دارفور سياسيا ولا ثقافيا ولا إثنيا ولا وجدانيا. أضف إلي ذلك أن المكون الأفريقي الأهم في دارفور يكره الجنجويد كراهية الموت بسبب المذابح العديدة التي ارتكبها حلفهم ضد مجتمعاتهم ووثقتها المنظمات الدولية والصحافة العالمية.
ثم أنه لا يوجد إجماع من مكون غرب السودان العربي يتيح للجنجويد الإدعاء بأنه صوتهم وممثلهم فالكثير من عرب غرب السودان يرفضون الجنجويد ويتبرؤون مما اقترفت يداهم الاثمة.
فإذا كان الجنجويد لم ينتخبهم أحد من غرب السودان للحديث بصوتهم ولا يستطيع الحلف الجنجويدي حتي ادعاء مشروعية تمثيل عرب دارفور، دع عنك تمثيل ضحاياه التاريخيين من قبائل الزرقة، فما هي الأرضية السياسية التي يقف عليها حلمه بفصل دارفور؟
أضف إلي إستحالة وجود إجماع سياسي أو مجتمعي خلف فصل دارفور بقيادة الجنجويد، قضية الجغرافيا التي لا يمكن فيها وجود حدود طبيعية واضحة بين دارفور الجنجا والسودان شرقها، وهي حدود طويلة لا يفصل بينها نهر ولا بحر ولا سلسلة جبال ولا إنقطاع إثني تنتهي فيه مجموعة لتبدأ أخري.
كما أن انفصال دارفور بقيادة الجنجويد ستقابله معارضة قوية في دوائر هامة من دوائر السلطة في الغرب. ستقود تلك المعارضة منظمات حقوق الإنسان والصحافة العالمية التي وثقت لمذبح الجنجويد ضد زرقة دارفور وتعاطفت معهم حتي صارت قضية دارفور في بداية الألفية القضية الاهم في صحافة التعاطف الإنساني في الغرب واستثمرت فيها كنائس ودوائر ليبرالية هامة.
بأختصار أن تهديد الجنجويد بفصل دارفور لا يعدو أن يكون بذاءة جوفاء بغرض الإبتزاز لإجبار الجيش على صفقة سلام يحافظ علي وجودهم لإعادة تنظيم صفوفهم لشن حرب جديدة ضد المجتمع السوداني.
ولكن كل ما ذكر أعلاه لا يعني أن دارفور في أمن وأمان. لان الحلف الجنجويدي المطعم بحلو القرنقية ما زال بإمكانه إحداث أو التسبب في مذابح وفوضى ورعب ومجاعات مكلفة في أرجاء دارفور. ولا يمكن استبعاد إمكانية أن تقود الفوضي إلي نتائج وانقسامات أميبية وكيانات منفصلة ولكن في كل الأحوال لن يكون منتجها المرحلي ولا البعيد دارفور تحت بوت الجنجويد تتجرع الذل من برمتهم أو تصوم أربعائها وتفطر علي حلو مرهم.