مَن يعلن “النفير العام” لإنقاذ الأقصى؟!
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
أغسطس 27, 2024آخر تحديث: أغسطس 27, 2024
د. علي عزيز أمين
لو كان الأمر يتعلق باستكمال ما لم يستبيحه التحالف الأمريكي ـ الغربي ـ العربي من مدن وتراث حضاري عراقي قتلاً وتدميراً، أو لقتل وتدمير الشعبين الليبي والسوري ومقدّراتهما، أو لزعزعة استقرار لبنان، أو مهاجمة إيران، ومؤازرة “الحرب الأمريكية على الإسلام تحت يافطة “الحرب على الإرهاب” في افغانستان، وإمداد تنظيمي “القاعدة” و”داعش” وأخواتهما من تنظيمات إرهابية موصوفة.
لا أحد من الشعب الفلسطيني وشرفاء العرب والمسلمين وأحرار العالم راهن أو يراهن يوماً ما، “لا سمح الله”، على أولئك الذين باعوا أنفسهم للشيطان بثمن دنيوي بخس، وهم الذين اتهموا في السابق فدائيو الثورة الفلسطينية بالمغامرين، واعتبروا شهداءهم مجرّد “فطايس”، وأستنكروا كل مقاومة مشروعة وقانونية للاحتلال، وصولاً إلى إدانة عملية “طوفان الأقصى” المشروعة في سياق مقاومة ظلم وعنجهية ونازية “الكيان” الإجرامي المحتل المتواصل منذ أكثر من قرن ويزيد، بل واعتبرها بعضهم “إرهاباً” وحمّل بعضهم الآخر المقاومة في غزة المنكوبة مسؤولية الإبادة والمجازر، مبرئين الاحتلال من أدنى مسؤولية، بل أخرج بعضهم فصائل المقاومة من الملّة، واتهموهم بالتشيّع خلف الإيراني، وهم المتمسكّين حتى النخاع بالسنّة النبوية الشريفة؟!
لعل هذا الامر كان يبدو مقبولاً لو أنه اندرج في إطار وجهات النظر، أمّا أن يُلبسوا تلك المواقف عباءة الدين الإسلامي الحنيف، ويحتكرون الدين بما يصدر عنهم من قول مبتذل، وفعل دنيء، يُلبسون فيه على العرب والمسلمين دينهم الواضح وضوح الشمس، فتلك نذالة ما بعدها نذالة؟!
مَن لم تحرك مشاعره وفطرته الإنسانية السويّة صرخات الأطفال ومناشدات الثكالى والأرامل، وتعرية واغتصاب الحرائر في معسكرات الاعتقال النازية للاحتلال، فقد بلغ من تبلّد الأحاسيس مبلغ فقد معه إنسانيته، ولا نتوقّع منه أن يحرّكه فرض التقسيم الزماني للأقصى الشريف، وتهديدات بن غفير الأخيرة بالتقسيم المكاني وبناء كنيس توطئة لهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، وليس لأمثاله يمكن أن يتوجّه أو يُعوّل عليه الشعب الفلسطيني وأحرار العرب والمسلمين، فهو قد أخرج نفسه طواعية من الملّة، وكل الحسابات وحتى حسابات الأعداء؟!
أن مَن يُعوَّل عليهم وتُعقد عليهم الآمال وتحمّل أعباء المهام الجسام، هم مخلصو هذه الأمة الخيّرة، وهم كثير، وهم الذين لا يعطون الدنيّة في دينهم ولا دنياهم، لكنّهم مع الأسف مبعثرون في ربوع الأمتين العربية والإسلامية المترامية الأطراف، وما زالوا يمثّلون الصوت النّشاز، الذي يحتاج أول ما يحتاجه إلى إظهار إعلامي قوي وتراكمي وشمولي، وإلى بلورة وتأطير يمكّنهم لاحقاً من إسماع صوتهم الباهت حتى الآن، توطئة لإعلان “النفير العام” وتوجيه بوصلة “الجهاد” كفرض عين بالاتجاه الصواب نحو فلسطين، وإنقاذ الأقصى المستباح من براثن وتجرؤ الكيان المجرم، ومحاججة المتخاذلين وعلماء السلطة والسلاطين.
وهي مهمة ليست بالبسيطة، لكنّها واجب شرعي طال انتظاره، فهل يتداعون لفعل ذلك؟!
وربما يقع على عاتق علماء دول الطوق الفلسطيني مسؤولية استثنائية خاصة، وخصوصاً في جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، واللتان وضعهما الكيان في عين العاصفة وأولوية الاستهداف، وتنكّر حتى لاتفاقياته المبرمة معهما، وهذا ديدنه وسلوكه الطبيعي الأصيل والمعتاد، وهنا يُثار سؤال هل رفعت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية مظلتهما عن النظام الهاشمي في الأردن، وهو ما يشي به ضرب الاحتلال للوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس المحتلة، وتصريحات ووعود ترامب الأخيرة بتوسيع عمق الكيان شرقاً، وهل الإدارة الأمريكية قد تجاهلت بل وداست كل الخطوط الحمراء المصرية لصالح كيانها، مغفلة كافة المصالح الأمريكية مع الدول العربية والإسلامية باعتبارها ثانوية مقابل أولوية دعمها اللامحدود لكيانها الإجرامي. والغريب أن نسمع بعض الاصوات الأردنية التي تحاول إثارة النعرات الفئوية الضيقة من جديد، متساوقة مع الدعاية الصهيونية لإثارة فتنة بين الشعب التاريخي الواحد شرق وغرب النهر، وكأن مشروع الوطن البديل ليس مشروعاً إسرائيلياً كان مطروحاً منذ عشرينيات القرن العشرين الماضي، وعززه شارون بقوله أنني أستطيع بدبابة أن اقتحم القصر الملكي وأنصب ما أريد، وافصحت حكومة نتنياهو الحالية ووزير ماليتها بل وما حمله نتنياهو نفسه من خريطة طرحها من على منبر الأمم المتحدة حول تضمين خارطة كيانه الأردن، والتصريحات المتكررة بشأن سيادة الكيان على الضفة الغربية وطرد مواطنيها قسراً باتجاه شرق النهر وعدم قبول أية شراكة في السيادة على القدس ومقدساتها، والتي اعتمدها الكنيست مع إقراره قانون الدولة القومية اليهودية منذ عام 2018، وهو ما يفترض ليس فقط على علماء الأردن بل وكافة رجالاته وفعالياته الوطنية توخّي الحذر تجنباً لمستنقع فتنة داخلية تحقيقاً للرغبة الصهيونية التي لن تدخر جهداً بغية حرف بوصلة الصراع بعيداً عن العدو المشترك الواحد الذي يستهدف فلسطين والأردن على حد سواء. وهنا فإن الأمر يقتضي إعادة النظر في فرض خدمة العلم مجدداً فضلاً عن إحياء مشروع الجيش الشعبي دفاعاً عن حياض المملكة المستهدفة وقبر مشروع الوطن البديل إلى غير رجعة، ووأد أية محاولات لتمزيق النسيج الوطني الأردني وإثارة الفرقة والفتنة، وإجراء إصلاحات جذرية تعزز مناعة القلعة الأردنية من الداخل، والاستعداد لمواجهة مقبلة حتماً مع الكيان المجرم، ومؤازرة الشعب الفلسطيني في القدس والضفة، وتعزيز صموده ودعم مقاومته باعتباره خط الدفاع الأول عن المملكة الأردنية الهاشمية، حيث بذلك فقط يتم الحفاظ على فلسطين والمملكة معاً، وقطع الطريق على عدوانيته وتوسعيته المعلنة باتجاه دول المشرق العربي. وأما بالنسبة لجمهورية مصر العربية فإن التمسّك المبالغ به باتفاقيات كامب ديفيد لن يحمي مصر أم الدنيا وخيمة العرب من الاستهداف الصهيوني المُبيت، وعلى علماء ونخب ومثقفي مصر العروبة، مصر خير أجناد الأرض، أن يدركوا ماذا يبيّت سفر أشعياء الذي استشهد به نتنياهو لوحدة مصر وتجويعها وتدميرها وإذلالها، وأن يلاحظوا الشعارات التي يحملها جنود الاحتلال من عبارة “عزبة سيناء” باعتبارها عزبة إسرائيلية خالصة. كما أن على عاتق الشعب المصري الذي رفض التطبيع لما يقارب الأربعين عاماً أن يتحرك لنصرة أقاربه وأهله في قطاع غزة المكلوم وتضميد بعضاً من جراحاته الغائرة، والتخفيف من جوعه وآلامه، وهو يستطيع ذلك إن أراد، بل ويمكنه فعل أكثر من ذلك بكثير، وهو المأمول والمنتظر منه وإن تأخر طويلاً في فعل ذلك، والأمر لا ينحصر في إشكالية محور فيلادلفيا، بل في دور وعزة مصر برمتها، وكرامة أهلها الكرام، حيث لا توجد عائلة أو بيت مصري إلّا ولديه شهيد أو جريح في مقارعة هذا الكيان المجرم، والمصري بطبعه لا ينسى ثأره ولو بعد أربعين عاماً كما يُقال. وينسحب الأمر ذاته على الجمهورية العربية السورية، والتي تتعرض لضربات شبه يومية من الكيان، وبات من غير المقبول تكرار موشّح الإدانة والاحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين، هذا الرد الذي طال انتظاره من أحفاد يوسف العظمة وسليمان الحلبي وعز الدين القسّام، وهو أمر لا يليق بسوريا العروبة ومعقل المقاومة والممانعة؟!
إن خيرة شباب الأمة العربية والإسلامية ما زالت تنتظر مَن يعلّق الجرس ويطلق صافرة “النفير العام”، وهم توّاقون لإداء واجبهم الوطني والقومي والشرعي، فهل يتم المبادرة لتشكيل جيوش شعبية لإنقاذ الأقصى وتأطيرها وتحشيدها وتنظيمها بانتظار اللحظة المناسبة التي ستأتي حتماً، وربما أقرب مما يتوقّع الأعداء، مقابل التحشيد والتجنيد والتعبئة الصهيونية من شتى بقاع الأرض، فضلاً عن عصابات القتلة المأجورين من المرتزقة، وفصائل جيوش الغرب الاستعماري بقدّها وقديدها على الارض بالإضافة إلى الدعم العسكري اللامتناهي جواً وبحراً وفضاءً، وهنا يقع على عاتق دول وفصائل محور المقاومة العبء الأساس في تهيئه ظروف ومستلزمات نجاح هذه العملية بكافة تفاصيلها ومفرداتها، ورسم الاستراتيجيات اللازمة لنجاح ذلك، فهل تفعل وعلى وجه السرعة؟!
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة العرب والمسلمین النفیر العام
إقرأ أيضاً:
قبائل نهم تعلن النفير وترفض تهجير الفلسطينيين (صور+ فيديو)
وأكدت قبائل نهم في نكف قبلي حاشد، أُقيم بمديرية مجزر في محافظة مأرب بحضور عضو المجلس السياسي الأعلى محمد صالح النعيمي ومحافظ مأرب علي طعيمان ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية والاستطلاع اللواء عبدالله الحاكم، تأييدهم لخيارات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في نصرة ودعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
وقفة قبلية لقبائل نهم تحت شعار "مواجهة العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي ورفضاً لتهجير أبناء غزة ونصرة للقضية الفلسطينية" صنعاء #الخطة_البديلة_خيانةpic.twitter.com/6mOhzgrvVt
— خالد هبه | khaled Hebah (@khaled_hebah5) February 16, 2025وفي النكف القبلي الذي حضره عدد من أعضاء مجلس الشورى ووكلاء محافظتي مأرب وصنعاء وقيادات محلية وتعبوية وعسكرية وأمنية ومشايخ وشخصيات اجتماعية بالمحافظتين ووكيل هيئة الزكاة علي السقاف، جددّت قبائل نهم الجهوزية الكاملة لمواجهة أي مؤامرات ومخططات أمريكية واسرائيلية تستهدف الشعب اليمني لثنيه عن موقفه المساند لفلسطين وغزة تحت أي عنوان.
كما أعلنت التعبئة في صفوف مقاتليها استعدادًا لأي تصعيد من قبل أمريكا وإسرائيل ضد اليمن، وتأكيدهم على أن الأيادي على الزناد للدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره ومقدسات وقضايا الأمة.
وأشارت قبائل نهم إلى التأييد المطلق لقائد الثورة في اتخاذ الخيارات المناسبة لمواجهة قوى الغزو والاستكبار العالمي، ومواصلة إسناد المقاومة الفلسطينية في غزة، ونصرة الشعب الفلسطيني حتى تحرير كل شبر من الأراضي المحتلة.
وأشاد عضو السياسي الأعلى النعيمي بالخروج الكبير والمشرف لمشايخ ووجهاء وأبناء قبيلة نهم، معتبرًا ذلك رسالة قوية للعدو الأمريكي، البريطاني والصهيوني وأدواتهم في المنطقة.
وأثنى على يقظة قبائل اليمن وجهوزيتها للتصدي لأي مخططات اجرامية تستهدف اليمن أرضًا وإنسانًا.
وأُلقيت كلمات من قبل المشايخ حمد بن راكان الشريف وعلي مبخوت ضرمان ونايف الأعوج وعلي معصار وعباد ربيد وشايف مريط وأحمد الشليف وصالح صبر، أكدت أن الشعب اليمني بقبائله جاهزون ومستعدون لمواجهة الأعداء والتنكيل بهم، منطلقين من مشروعهم وثقافتهم القرآنية وهويتهم الإيمانية وتوليهم الصادق لله ورسوله وأعلام الهدى.
وأشاروا إلى أهمية التحرك الجاد من كل قبائل اليمن لمواجهة العدو الأمريكي، الصهيوني وأدواتهما، لافتين إلى أهمية تلاحم الصفوف وتكامل الجهود للتصدي لأي تصعيد ضد اليمن.
وأكد بيان صادر عن النكف القبلي تلاه الشيخ عبدالملك بن زبع، التفويض المطلق لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في اتخاذ الخيارات المناسبة لمواجهة أي تصعيد أمريكي، صهيوني ضد الشعب اليمني ومحاولة استهداف السيادة الوطنية.
وأضاف البيان "نقول للسيد القائد كما قال أجدادنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك ماتخلف منا رجل واحد، إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء ولعل الله يريك منا ماتقر به عينك فسر بنا على بركة الله".
وأكد البيان على استمرار الموقف الثابت والمبدئي المساند للشعب الفلسطيني في مواجهة مؤامرات ومخططات الأعداء الجديدة التي تهدف الى تهجير الشعب الفلسطيني .. محذرًا الدول العربية وخاصة المحيطة بفلسطين بالإضافة الى النظام السعودي من قبول أو تمرير أي مخطط آخر خدمة للأمريكي، والصهيوني.
وجدّد البيان التأكيد على استمرار التعبئة ورفع الجاهزية القتالية جهادًا في سبيل الله وابتغاءً لمرضاته ومواجهة لأعدائه أرباب الكفر أمريكا وإسرائيل وأدواتهما.