الكاتب والقاص والسيناريست المعارض لنظام حكم الأسد، استهل عنوان مقاله "لماذا لا نصالح إسرائيل" بعد الدوشة التي سببها الثوار والمناضلون والممانعون لأمثاله، لرفضهم فكرة مهادنة إسرائيل، فالمثقف السيناريست الذي أصدر 22 كتابا كما يعرف عن نفسه خطيب زمانه، في بدلة الثقافة والمعرفة، ممتعض من هؤلاء الذين يُذكرونه بأن إسرائيل كيان عنصري استعماري اغتصب أرضنا وقتل أطفالنا، وأن أصحاب هذا النهج "المقاومين" يرفضون الإصغاء لصوت العقل حسب رأيه، وبأن كل من يعارض أصحاب هذا النهج، أي نهجه ورفاقه، يصفونه بالانهزامي والانتهازي والماسوني.
المثقف السيناريست سابقا والهاغاري حاليا، أخذها من قصيرها ودخل في "صلب الموضوع" في تسطيح التاريخ والواقع، معاتبا شعوب المنطقة ومتهما إياها بالشعبوية لقبولها بـ"الاستعمار الاستيطاني العثماني" لـ400 عام وعاشت معه سمن على عسل، ثم ترفض الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي وتدعو لمحاربته ورفض مصالحته والتعايش معه، "هذا خيار وفقوس، وكيل بمكيالين"، وأنها فضلت الهجوم عليه عام 1967 لتخسر قدسها وجولانها. ويقول السيناريست إن القبول العربي بالاستعمار العثماني فقط لأن له لباس مسلم، وأما الإسرائيلي "فليس له عندكم إلا ما صنع الحَدَّاد".
نخب ثقافية عربية، تنتشر كالفطر السام بين ظهرانينا، بعضها يمتشق سيف المظلومية من الاستبداد والطغيان، ويلتحف بمنابر عربية، تدافع عن العربي الحر والمتحرر من الاحتلال والطغيان، لكن مثل هذا المثقف يمارس الانفصام والتعري بالتنقل بين هذه المنابر، هنا يجلد الطاغية الذي يدعو شعبه للتحرر منه، وهناك يجلد ضحايا المستعمر الصهيوني ويعاتبهم بتحميلهم مسؤولية خياراتهم "البائسة" لمواجهة احتلال استيطاني استعماري
هذه عيّنة ونموذج لنخب ثقافية عربية، تنتشر كالفطر السام بين ظهرانينا، بعضها يمتشق سيف المظلومية من الاستبداد والطغيان، ويلتحف بمنابر عربية، تدافع عن العربي الحر والمتحرر من الاحتلال والطغيان، لكن مثل هذا المثقف يمارس الانفصام والتعري بالتنقل بين هذه المنابر، هنا يجلد الطاغية الذي يدعو شعبه للتحرر منه، وهناك يجلد ضحايا المستعمر الصهيوني ويعاتبهم بتحميلهم مسؤولية خياراتهم "البائسة" لمواجهة احتلال استيطاني استعماري جاء بمجازر إبادة جماعية وتهجير شعب واستيراد مستوطنيه من كل أصقاع الأرض لتحقيق خرافة تلمودية وتوراتية، وهي لم تكن موجودة عند العثمانيين في تبرير توليهم الخلافة الإسلامية في أصقاع الأرض. ولتلك حكاية أخرى تختلف كليا عن الحقبة العثمانية التي يقارن بها خطيب زمانه في تسطيح المعرفة والتاريخ وتزويره المفضوح بمشاركة الدعاية الصهيونية عن أن الضحايا أنفسهم قاموا بمهاجمة محتلهم عام 1976 ليستفزوه على احتلال قدسهم وجولانهم وسينائهم.
لن نقول للسيناريست نريد أن نكتب لك فيلما يحاكي أكاذيبك بدعوة أبناء شعبك للقبول بالطاغية طالما أنهم قبلوا التعايش مع أبيه ثلاثة عقود، ولذلك عليهم التعايش نصف قرنٍ أو ضعفه مع ابنه ونسله، فما فائدة كل هذا الهراء عن "الحرية" والتحرر؟ فدعوتك للفلسطينيين والعرب التعايش مع المستعمر والقبول بما يمنّه عليهم من باب التعقل والحكمة، هي فكرة تصح عند عشاق العبودية وممتهني التزوير، فأمثال أولئك لا يمثلون قضايا أخلاقية وإنسانية تعني مسألة التحرر من الطاغية والمحتل، ومأساة النخب المثقفة في عالم العرب اليوم من هذه القضايا التي أصبحت موضع خلاف وتنظير ونظريات تصب كلها في خدمة المستعمر والطاغية بعد انسحابهم غير التكتيكي من الساحة الأخلاقية والانسانية بالنظر لما يجري للشعب الفلسطيني، وقبله بالنظر للثورات العربية وإعادة النظر فيها من العين المستبدة والمحتلة في المنطقة العربية..
فالأقلام والخطابات السمجة تدعو الفلسطينيين للاستسلام لمستعمرهم، وتصف كل مخلب ينمو في أيديهم ضده بلا فائدة ويجب تقليمه، والدخول بمنتهى البؤس في حفلة التزوير والكذب الصهيوني ضد قضية لا تحتاج بديهياتها لشرح أكثر من فضح هذه الجوقة العربية وتعريتها. فولع بعض نخب الثقافة بشقها المعارض لأنظمة الحكم وللاستبداد والالتقاء فيما بينهم بنفس الوظيفة؛ هو أسوأ ما يستطيع العربي قراءته في زمن الإبادة الفلسطينية، والتفاصيل المخزية لسطور هذه الكتابات والمنابر تدل على حماقة تسويق كل شيء فاشل في حياتنا، وأن النجاح يكمن في استكانتنا لهذا الإرهاب والقمع والإبادة.
نخب غربية في أعمدة صحف غربية محسوبة الولاء على إسرائيل والغرب؛ تجد أقلاما وعقولا تمتلك شجاعة ونُبلا أخلاقيا بوصف إسرائيل دولة استعمارية تطبق نظام الفصل العنصري وتمارس إبادة جماعية، وتدعو للاعتراف بالحقوق الفلسطينية وضرورة عزل إسرائيل ومحاسبتها عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بينما صاحبنا مهووس بالفترة العثمانية على طريقة ديكتاتور السوريين لإخفاء جرائمه، رغم أنه يدعي معارضته
نعم، هناك لغة جديدة، وغور في أعماق القضايا بتسطيحها ويوازي هذا الدجل المؤدلج انحدار معرفي بالواقع وبالتهكم على كل شيء يفعله ضحايا المستعمر الصهيوني؛ من التشكيك بتاريخهم في أرضهم وأصلانية وجودهم فوقها، وبالحط المستمر من قياداتهم شهداء معركة التحرير الوطني، إلى التشكيك بكل من يثني على صمودهم. وبالمقارنة بنخب غربية في أعمدة صحف غربية محسوبة الولاء على إسرائيل والغرب؛ تجد أقلاما وعقولا تمتلك شجاعة ونُبلا أخلاقيا بوصف إسرائيل دولة استعمارية تطبق نظام الفصل العنصري وتمارس إبادة جماعية، وتدعو للاعتراف بالحقوق الفلسطينية وضرورة عزل إسرائيل ومحاسبتها عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بينما صاحبنا مهووس بالفترة العثمانية على طريقة ديكتاتور السوريين لإخفاء جرائمه، رغم أنه يدعي معارضته.
أخيرا، لا يحتاج الشعب الفلسطيني لتعريف إسرائيل وتقديمها للمثقف والسيناريست العربي، فهي تعرّف عن نفسها منذ 1948، وتاريخها التلفيقي الأول يحاول المثقف الوهمي أن يستدعي زمنين متباعدين من الاحتلال العثماني ومسألة قبوله، ورفضنا للتعايش مع المستعمر الصهيوني، وهذا يحيلنا في دلالته الحقيقية إلى التضليل الذي يمتهنه مثقف الوهم من على منابر مختلفة، وطنية وثورية، يتسلل منها المثقف ببدلته وخطابه الذي يومئ بالتزوير والتدليس للمستعمر، ولكل ذلك، لن يصالح الفلسطينيون الدولة العنصرية الفاشية التي قامت على أنقاض نكبتهم، وتستمر بحرب الإبادة لتحقيق الخرافة التوراتية التلمودية، أما كل تجرؤ على الشعب الفلسطيني وكل عار يصدر عن تلك الأبواق الممجوجة منذ طوفان الأقصى، فهو للرغبة الدفينة عند الجميع بالبقاء بالقرب من الهزيمة التي يزيفها السيناريست ويسخر من كل مقاومة يبديها أبطال فلسطين، ويسخر من أحلامهم وإيمانهم بالحرية، لأجل ذلك عرفنا أيضا لماذا يتصالح مثقف الخيار والفقوس مع إسرائيل سرا وعلانية، ويعادي الطاغية علنا ويدعو لقبول حكم المستعمر على طريقة حكم الطاغية الأبدي؛ بابتكار نغمة تزوير تسر دانيال هاغاري وسموتيرتش وبن غفير، ولمَ لا، فلدينا خطيب ببدلة ملطخة بعار التزوير.
x.com/nizar_sahli
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل الفلسطيني إسرائيل فلسطين المقاومة مثقفين مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
دفع الله الحاج.. او الرجل الذي يبحث عنه البرهان ..!!
لم تكن المذيعة المرموقة تتوقع خشونة من ضيفها الدبلوماسي السوداني والذي سالته حول التسوية مع قوات الدعم السريع ..أصر دفع الله ان تقرن المذيعة صفة قوات الدعم السريع المتمردة قبل الإجابة على اي سؤال.
اليوم تم تعيين السفير دفع الله الحاج علي قائما بأعمال رئيس الوزراء او في رواية اخرى رئيس وزراء مكلف..من هنا تبدّأ العقدة.. لكن دعونا ننظر لماذا اختيار دفع الله في هذا التوقيت.
١-ابو الدفاع كما يحلو لانداده مناداته ولج إلى السلك الدبلوماسي قبل ميلاد الإنقاذ بنحو عقد من الزمان فبالتالي ليس مشتبها في ان يكون اسلاميا بالميلاد وفي ذات الوقت خدم نحو ثلاثة عقود في عهد الإنقاذ بالتالي يحقق الوزنة التي يبحث عنها الجنرال البرهان وهى التعامل مع الإسلاميين دون تحمل التكلفة السياسية خاصة مع الأشقاء والأصدقاء غربا.
٢- السفير دفع الله نجح وساعدته الظروف في العبور بالعلاقة بين الخرطوم والرياض من التردد إلى التفهم ثم إلى تطابق وجهات النظر وقد اتضح ذلك مؤخرا في مؤتمر لندن حول الأزمة السودانية..وهذا يعني ان الحكومة السودانية لن تتجه شرقا كما توقع البعض بل ستظل في ذات المحطة تلوح بالانعطاف شمالا دون ان تغادر المسار الحالي.
٣- السفير دفع الله عرف بين اقرانه بقوة الشخصية والإبانة في المواقف السياسية وحينما تردد وزير الخارجية السابق على الصادق في تأييد إجراءات اكتوبر ٢٠٢١ ومن بينها تكليفه بمنصب وزير الخارجية كان الحاج اكثر وضوحا وهو يعمل وكيلا لوزارة الخارجية ثم مبعوثا للبرهان عقب اندلاع الحرب في منتصف أبريل ٢٠٢٣ فهذا يعني انه خيار مجرب يتمتع بقوة الشخصية في الحد المعقول والذي لا يحدث صراع بين العسكريين والقائم بأعمال رئيس الوزراء.
٤- تمثل خطوة تكليف دفع الله بالمنصب الكبير جس نبض في تمدين السلطة التنفيذية ان مضى الأمر بسلاسة ربما تصبح الخطوة القادمة في تعيين الرجل او غيره في منصب رئيس وزراء بكامل الصلاحيات وان تعثرت الخطوة يتم استخدام الكوابح والتي من بينها انه مجرد قائم بالأعمال.
٥- تعيين دفع الله يمثل القسط الأول في سياسية الحفر بالإبرة في كل الاتجاهات ..لان تعيين رئيس وزراء جديد تترك له مهمة اختيار وزرائه بالكامل غير مطروحة الان عند البرهان ورفاقه بمنطق لا صوت يعلو على صوت المعركة.
٦- اختيار السفير دفع الله هو امتداد لسياسة ( الرجل الذي نعرف خير من الذي لا نعرف)حيث من الصعب استيعاب لاعب جديد في الساحة وفي ذات الوقت يعتبر امتدادا لحكومة كبار الموظفين حيث لا يفضل البرهان الذي يتميز بالغموض التعامل مع الغرباء .
٧- وفقا للذين يعرفون السفير دفع الله فهو يتميز بالهدوء والوضوح وقوة الشخصية و فوق ذلك له خبرة أربعين سنة في الدبلوماسية..حينما تخلط كل ذلك تجد الرجل الذي يبحث عنه البرهان.
-عبدالباقي الظافر