أكد عدد من الخبراء وأساتذة الجامعات أن برنامج الحكومة يشمل محوراً هاماً، وهو بناء الإنسان، وهو المحور الذى يتضمن عدة محاور فرعية، منها الصحة، التعليم، الحماية الاجتماعية، والتشغيل والقوى العاملة، وتمكين الشباب والمرأة، والإسكان والمرافق.

وأعرب الخبراء فى تصريحات لـ«الوطن» عن تطلعهم لأن تشهد الفترة المقبلة المزيد من المناقشات والتشاورات بين الحكومة الجديدة ومجلس أمناء الحوار الوطنى، للعمل على تنفيذ مخرجات الحوار فى إطار ملف بناء الإنسان.

وقالت الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع السياسى، إن الدولة لديها فكرة عميقة عن كيفية تعزيز دور حقوق الإنسان وتنميته، لكن الظروف المحيطة سواء فى الخارج أو فى الداخل، تعيق تحقيق الهدف من فلسفة حقوق الإنسان وتعزيز رفاهيته، مؤكدةً أنه على الرغم من ذلك، بذلت الدولة جهوداً متواصلة فى جميع المجالات، من تعليم وصحة وتعزيز للحماية الاجتماعية، وتوفير سكن مناسب يليق بالمواطن.

وأضافت أن الدولة بذلت جهوداً متواصلة فى مجال الصحة، فأطلقت العديد من المبادرات، ضمن ملف بناء الإنسان ومنها مبادرة القضاء على فيروس «سى»، ومبادرة «100 مليون صحة»، التى استطاعت الدولة من خلالها أن تتخلص من أوبئة وأمراض كثيرة كانت منتشرة فى الريف المصرى منذ عقود.

وقالت إنه فيما يخص ملف التعليم، الذى كان دائماً مجالاً للشكوى وسوء الجودة منذ سنوات طويلة، بدأت الدولة تتخذ إجراءات ذات سياسة واضحة، من خلال التعديلات على المناهج، والعمل على حل مشكلات زيادة الكثافة الطلابية ونقص الكوادر التعليمية، وإجراء التعديلات على المنظومة التعليمية بأكملها بما يواكب التطورات الحادثة، مؤكدة أن مشكلة السكن من المشكلات العتيقة التى عملت الدولة، على مدار العشر سنوات الأخيرة، على إنهائها ووضع حلول جذرية لها، بهدف القضاء على العشوائيات، وتوفير سكن مناسب للمواطن المصرى، وظهر ذلك واضحاً فى المناطق العمرانية التى شيدتها الدولة فى الفترة الأخيرة لتصبح بديلاً أكثر آدمية لسكان العشوائيات.

وتابعت: «تم إجراء العديد من الدراسات على سكان العشوائيات، واكتشفنا أن هناك أعداداً هائلة من قاطنى العشوائيات فى ضواحى وأطراف القاهرة والمدن الكبرى، غير قادرين على العيش بالمدن الرئيسية، وهو الأمر الذى زاد من حرص الدولة على توفير مساكن إنسانية مناسبة للمواطن».

وأضافت أن الدولة استطاعت تقليل مخاطر العشوائيات من خلال المدن الجديدة، إذ كانت المناطق العشوائية على مدار سنوات عديدة منبعاً وأساساً للعادات السيئة والأخلاق الحقيرة، مؤكدة أن المناطق العشوائية كانت بيئة مناسبة لممارسة الأنشطة غير الأخلاقية وغير القانونية، لانعزال تلك المناطق عن عين وقلب المجتمع المصرى، إذ كانت الملجأ للهروب من القاعدة القانونية والمساءلة، مشددةً على ضرورة تضافر جميع الجهود الحكومية وغير الحكومية لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال مشاركة الجمعيات الخيرية بجانب المؤسسات الرسمية، للعمل فى إطار واحد، وتقديم أفضل الحلول والجهود، ولا سيما أنّ السنوات الأخيرة شهدت حالة من توافر الرؤى لدى المواطن والدولة، لكنها افتقرت للتفاعل والمشاركة من الطرفين.

وأكد الدكتور نجاح الريس، أستاذ العلوم السياسية، أن الحكومة الجديدة تضع بناء الإنسان المصرى على رأس أولوياتها، مشيراً إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى حرص فى التشكيل الجديد للحكومة، على إرساء دعائم التنمية البشرية بشكل مستدام، وهذا التوجه يظهر بوضوح من خلال إنشاء منصب نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة، ما يعكس التزام الدولة بتطوير الإنسان المصرى ووضعه على الطريق الصحيح.

وتابع «الريس» أن هذا الاهتمام يتجلى أيضاً فى الخطوات التنفيذية المهمة التى تتخذها الدولة لدعم الشباب فى المؤتمرات والندوات، من خلال المركز القومى للتدريب، حيث يتم تثقيف الشباب وإعدادهم ليكونوا ذخيرة المستقبل، مشيراً إلى أن الحكومة تضع على عاتقها مسئولية كبيرة تجاه الشباب، مؤكداً أن الوقت الحالى هو الأمثل للبدء فى إعداد هؤلاء الشباب لمستقبل أفضل.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن الدولة بدأت بالفعل فى تنفيذ سياسة إشراك الشباب فى المناصب القيادية، مثل تعيين نواب للمحافظين والوزراء، وتدريب كوادر إدارية لتكون جاهزة لتحمل المسئولية فى المستقبل، وهذه الخطوات بدأت تؤتى ثمارها، حيث نرى اليوم وجوهاً شابة فى مناصب قيادية، معتبراً أنها خطوة إيجابية، مقارنةً بما كان يحدث فى الماضى، معرباً عن أمله فى أن يرى قريباً نتائج ملموسة على أرض الواقع، تسهم فى النهوض بمصر، وتحقيق تطلعات الدولة فى بناء مستقبل مشرق.

وأشار إلى أن الدولة تولى اهتماماً كبيراً بهذا الملف الحيوى، وتابع: «نتمنى أن نرى فى المستقبل ثمار هذه الجهود، ونشهد إنجازات جادة، تلبى تطلعات الشعب المصرى، وتدفع البلاد نحو التقدم والازدهار».

وقال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من المناقشات والتشاورات بين الحكومة الجديدة ومجلس أمناء الحوار الوطنى، للعمل على تنفيذ مخرجات الحوار الوطنى فى إطار ملف بناء الإنسان، مضيفاً أن القضايا المطروحة على طاولة الحوار والموضوعة ضمن برنامج الحكومة الجديدة، الذى تم عرضه على مجلس النواب، هى قضايا تمس المواطن المصرى بشكل كبير.

وتابع أن هناك أهمية كبيرة للعمل على ملف بناء الإنسان لتنمية الوعى والثقافة، وزيادة الإنتاج وتحقيق التنمية المستدامة، التى تؤدى بدورها إلى تحسين مستوى معيشة المواطن، من خلال المبادرات الرئاسية، التى أطلقها الرئيس السيسى، ضمن ملف بناء الإنسان وأبرزها مبادرة «حياة كريمة»، و«التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى».

وأشاد «بدر الدين» بدور مبادرة حياة كريمة فى تطوير المجتمع المصرى، خاصةً قرى الريف ومحافظات الصعيد، مشيراً إلى أن المبادرة استطاعت خلال السنوات القليلة الماضية، أن تحقق لمواطنى تلك القرى حياة كريمة تليق بهم وبالمواطن المصرى، عن طريق تطوير البنية التحتية الأساسية، من الكهرباء والغاز والإنترنت والمياه والصرف الصحى، إلى جانب تطوير المنشآت التعليمية، والعمل على خفض نسبة الفقر، وتوفير فرص عمل بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة للفئات الفقيرة فى المناطق الأكثر احتياجاً.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الاستثمار بناء الإنسان التماسك المجتمعي ملف بناء الإنسان الحکومة الجدیدة أن الدولة من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

خبراء ومسؤولون يناقشون تعزيز الهوية الوطنية خلال ملتقى «مفكرو الإمارات»

ناقش الخبراء والمسؤولون في النسخة الثانية من ملتقى «مفكرو الإمارات» الذي عقد أمس، أهمية تعزيز الهوية الوطنية الإماراتية وسبل التعامل مع التحديات المستقبلية.
وتناول المشاركون دور الشباب في تحقيق رؤية الإمارات 2071، مؤكدين ضرورة دمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في مجالات التنمية المستدامة.
وشددوا على أهمية التعليم المستمر وتطوير المهارات لتلبية احتياجات سوق العمل مع الدعوة إلى تكاتف الجهود الوطنية لتحقيق أهداف مئوية الإمارات.
وأكد سهيل بن محمد المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية، خلال مشاركته في الجلسة الأولى بعنوان «إستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031”، أن دولة الإمارات أصبحت وجهة رئيسية للشركات العالمية في مجال الطاقة المتجددة.
ولفت إلى أن الدولة تسعى إلى الاستثمار في مراكز بيانات ضخمة لدعم تطوير حلول نقل مستدامة، مشيرا إلى أن وزارة الطاقة والبنية التحتية تركز على تقليل استهلاك الطاقة المفرط وخفض الانبعاثات الكربونية باستخدام سيارات كهربائية، بهدف بناء مدن المستقبل النظيفة والمستدامة.
وأوضح أن الوزارة تستهدف أن تكون 50% من وسائل التنقل بحلول عام 2050 عديمة الانبعاثات.
وفي جلسة بعنوان»الهوية الإماراتية.. التوازن الوطني والعالمي«، أدارها الدكتور سلطان محمد النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، شدد الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس لجنة شؤون الدفاع والخارجية والداخلية في المجلس الوطني الاتحادي، على ضرورة تعزيز القيم المشتركة التي توحد المجتمعات، مثل العدالة والدين والتراث، مؤكداً أنها الأساس في بناء مجتمع متماسك.
وأوضح أن بعض التحديات التي تواجه المجتمعات قد تكون نتيجة لأجندات خارجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار.. وقال «إن هناك حاجة إلى تعزيز دور القدوات الوطنية في تشكيل الهوية الإماراتية».
وفي الجلسة نفسها، أكد معالي الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، أن الهوية الوطنية الإماراتية هي بصمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، مشيراً إلى ضرورة تركيز المناهج الدراسية على الهوية الوطنية، والثقافة المحلية، وتاريخ الدولة، لتطوير مهارات التفكير النقدي لدى الشباب، مما يعزز المساهمة في رفعة الوطن.
وأضاف أن الخدمة الوطنية أسهمت في إعداد جيل يتحلى بالمسؤولية تجاه وطنه، وقادر على مواجهة التحديات بروح وطنية صادقة.
وفي جلسة «الشباب.. التعليم المستمر وسوق العمل»، أدارها الدكتور سلطان محمد النعيمي، أكد عبد الرحمن العور، وزير الموارد البشرية والتوطين ووزير التعليم العالي والبحث العلمي بالإنابة، أن المسؤولية الأساسية للتعلم المستمر تقع على عاتق الفرد نفسه، وهو أمر يجب ترسيخه منذ المراحل المبكرة عبر جهود الأسرة والمدرسة.
وأوضح أن مؤسسات التعليم العالي يجب أن تتبنى نهجاً مرناً لمواكبة التغيرات، مشيرا إلى أن سوق العمل في دولة الإمارات شهد نمواً ملحوظاً في الفترة الأخيرة بفضل السياسات الحكومية الداعمة لبيئة الأعمال.
كما تحدث الدكتور سلطان النيادي، وزير الدولة لشؤون الشباب، في الجلسة نفسها عن أهمية امتلاك الشباب ثلاث صفات رئيسية: المهارات الرقمية، والقدرات التحليلية والتفكير النقدي، بالإضافة إلى المهارات الاجتماعية مثل الذكاء العاطفي.
وأكد أن من أبرز التحديات التي تواجه الخريجين الجدد هي توافر الخبرة، مشيراً إلى ضرورة أن تركز جهات التوظيف على المهارات الشخصية بدلاً من عدد سنوات الخبرة.
وفي جلسة «شيخوخة المجتمع.. أين نحن الآن؟»، تحدث الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، عن اهتمام صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بقضايا المجتمع. مشيراً إلى مشكلة انخفاض معدل الخصوبة التي تؤدي إلى شيخوخة المجتمع.
وأضاف أن دولة الإمارات طبقت الكثير من المبادرات لمواجهة هذه الظاهرة، مثل «نافس»، «مديم»، و«عُونية العرس»، التي تهدف إلى تشجيع الشباب على الزواج.
وأكد الدكتور سلطان محمد النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن الحظ حالف الملتقى بأن يتزامن مع تغريدة لصاحب السموّ رئيس الدولة، بإعلانه عام 2025 «عام المجتمع».
وأشار إلى أن الملتقى يهدف إلى الخروج بأفكار وطنية خلاقة تسهم في إحداث أثر حقيقي في مجتمع الإمارات، وأضاف أنه يسعى إلى الإضاءة على الفكر الإماراتي عالمياً، وإبراز جهود الدولة في دعم الكفاءات الوطنية، ما يرسخ موقعها كمنارة فكرية إقليمية ودولية.
كما أكد أهمية دور الشباب في تحقيق رؤية الإمارات المستقبلية بإشراكهم في حوارات استراتيجية تساهم في صياغة حلول مبتكرة.

مقالات مشابهة

  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • مكمن صلابة مصر
  • خبراء ومسؤولون يناقشون تعزيز الهوية الوطنية خلال ملتقى «مفكرو الإمارات»
  • وزير الخارجية: الدولة ملتزمة بتعزيز حقوق الإنسان وصون الحريات في الجمهورية الجديدة
  • مصر دولة الحقوق والحريات.. الحكومة تستعرض في جنيف تقريرها الشامل لتحسين أوضاع مواطنيها
  • محمد بن زايد: الإمارات تواصل نهجها في بناء الشراكات المستدامة
  • التنمية المحلية: تصعيد المتميزين ببرنامج إعداد قادة المستقبل لمناصب قيادية
  • ندوة لـ«تريندز» تطرح رؤى وتصورات مستقبلية حول «تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة التنمية المستدامة»
  • مايا مرسي: مصر ماضية بعزم في تنفيذ خطط تضع الإنسان في قلب التنمية المستدامة
  • هل تستمتع الحكومة إلى مطالب القطاع الخاص؟| مدبولي يشكل لجنة استشارية من خبراء تقدم تقارير استشارية دورية تتضمن توصيفًا للتحديات.. ويؤكد أن القطاع الخاص هو الأجدر على الإدارة والتشغيل