محمد أحمد الراشد، مفكر وداعية إسلامي عراقي، وأحد أبرز مُنظِّري جماعة الإخوان المسلمين، ومن كبار مفكري الحركة الإسلامية المعاصرة. تغرب قسرا وسجن سنين. كتب عشرات المؤلفات في الفكر والتربية والسياسة، وأسس مجلس شورى أهل السنة والجماعة في العراق، وتنقل بين البلاد داعيا في الشرق والغرب، حتى توفي في المهجر بماليزيا عام 2024.

 

المولد والنشأة

 

عبد المنعم صالح العلي العزي، ويكنى بـ"أبي عمار"، واسمه الحركي "محمد أحمد الراشد"، ولد يوم الثامن من يوليو/تموز 1938 في حي الأعظمية بالعاصمة العراقية بغداد، وعُرف في صباه بشغفه بقراءة المجلات الأدبية.

 

وبدأ الراشد الاهتمام بالسياسة وهو في سن الـ12 عندما كان في المرحلة المتوسطة، وكانت القضية الفلسطينية أبرز اهتماماته، وحينها ظهر تأثره بفكر جماعة الإخوان المسلمين، التي بدأ الاهتمام بها لما بلغ الـ13.

 

الدراسة والتكوين العلمي

 

درس محمد الراشد المرحلة الابتدائية في مدرسة تطبيقات دار المعلمين، التي تعرف بأنها من أرقى مدارس العراق، كما درس في كلية الحقوق في جامعة بغداد، وتخرج فيها عام 1962.

 

تتلمذ على يد علماء سلفيين في العراق، منهم عبد الكريم الشيخلي وتقي الدين الهلالي ومحمد القزلجي الكردي وأمجد الزهاوي ومحمد بن حمد العشافي، كما تأثر بفكر محمد محمود الصواف، وبقصائد الشاعر وليد الأعظمي.

 

فكره

 

تمحور الفكر الديني والسياسي للراشد حول تعزيز دور أهل السنة في العراق من خلال تأسيس قيادة سياسية سنية تمثلهم بشكل فعال، وكان ذلك على عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

 

فقد سعى الراشد إلى توحيد التيارات السنية لتشارك بفعالية في السياسة العراقية، مع تركيزه على فتح قنوات الحوار مع جميع الأطراف السياسية لضمان استقرار البلاد.

 

وكانت القضية الفلسطينية في ذروة اهتماماته منذ نشأته، واهتم بالسياسة في فترة اندلعت فيها مظاهرات طالبت بإسقاط المعاهدة الإنجليزية العراقية "بورت سمورث"، التي نصت على السماح للجيوش البريطانية بالتمركز في العراق للاشتباك مع إيران.

 

وكان أديبا بليغا، وقرأ كثيرا لأدباء كثر من العصر العباسي، وتأثر بكتب الشيخ مصطفى صادق الرافعي وكتب الفقهاء المتقدمين.

 

أخذ التأليف حيزا كبيرا من حياته، كما شارك في ندوات ومحاضرات حول العالم الإسلامي، خاصة في مواضيع مثل الفتور وضعف التخطيط وقلة التجربة والتنازع بين الدعاة وأهواء النفس وأمراض القلوب والتقليد الأعمى والتعصب.

 

تجربته الدعوية

 

انضم الراشد لجماعة الإخوان المسلمين رسميا في مايو/أيار 1953 متأثرا بخطب كبارها، ومنهم قائدها في العراق آنذاك الشيخ محمود الصواف، والشاعر وليد الأعظمي.

 

انضم للجماعة في فترة النشاط العلني لها داخل العراق أيام العهد الملكي إبان ثورة 1958، لكنه قرر التفرغ للدراسة بتوجيه من أساتذته بعد التضييق الذي عانته الجماعة والضغوط التي تعرضت لها.

 

اضطر الراشد أوائل عام 1971 للتواري عن الأنظار 8 أشهر داخل العراق بسبب الظروف الأمنية، كما حكم عليه بالإعدام سنة 1987.

 

ويذكر الراشد محنة الجماعة عام 1971 قائلا "تعرضت جماعتنا في الشهر الرابع سنة 1971 إلى محنة شديدة، وأُلقِي القبض على قيادتها وجمهرة كبيرة من دعاتها وتعرضوا لعذاب، وآنذاك انتهت المحنة الشديدة بتدخل شخصي من الرئيس أحمد حسن البكر".

 

تحولت الجماعة بعدها إلى العمل السري نتيجة فرض الرقابة الشديدة عليها، فقرر الراشد مغادرة البلاد عام 1972 باتجاه الكويت، وعمل محررا في مجلة "المجتمع"، التي أصدرتها جميعة الإصلاح الاجتماعي، وكان من أبرز ما كتبه فيها سلسلة مقالات بعنوان "إحياء فقه الدعوة".

 

وظهر حينها اسمه الحركي "محمد أحمد الراشد"، فالعمل الدعوي في الكويت كان نشطا وحرا مكثفا، وانخرط فيه بكل جوارحه، وكان له تأثيره في تربية شباب الجمعية، فبدأت المخابرات العراقية تحاول التضييق عليه هو وعدد من المعارضين المهاجرين.

 

قرر بعدها الراشد العمل متسترا وراء اسم مستعار، ويقول إن سفره وتنقله خارج العراق جعله معروفا بين أفراد جيله من العاملين في الصحوة الإسلامية، مما وفر له قنوات مع هذه الأجيال في كل بلد من البلاد.

 

ترك الكويت نحو الإمارات وهناك استمر في نشاطه الدعوي، وبدأ يلقي دروسا ويشرف على دورات تدريبية للشباب والدعاة. ثم بدأ بالتنقل بين ماليزيا وإندونيسيا والسودان وسويسرا، لنشر العلم الشرعي وفقه الدعوة.

 

عارض الداعية العراقي مفاوضات أوسلو عام 1993، مع عدد من الدعاة الآخرين، فقد رأى فيها كما يقول "انحيازا للجانب اليهودي، مما ولد إحباطا في الوسط الإسلامي" الأمر الذي عرّضه للمضايقات كما يقول.

 

عاد بعدها إلى بغداد وأسس "مجلس شورى أهل السنة والجماعة في العراق" بهدف توحيد كلمة أهل السنة في مرحلة التحول السياسي. وكرس وقته للعمل مع الحزب الإسلامي العراقي والتنظير له.

 

وعقب الاحتلال الأميركي للعراق، أصدر عدة دراسات وكتب سلطت الضوء على الوضع في البلاد، منها "صحوة العراق" و"عودة الفجر" و"رؤى تخطيطية" و"رمزيات حمساوية" و"بوارق العراق" و"معا نحمي العراق".

 

وبقي الراشد يتنقل بين ماليزيا ودول أخرى خاصة في أوروبا، لإلقاء دروس ومحاضرات بهدف نشر فقه الدعوة بين الدعاة.

 

المؤلفات

 

نشر الراشد خلال مسيرته عددا من المقالات في مجلة المجتمع، وله عدد من المحاضرات والكتب بعضها عن فكر جماعة الإخوان المسلمين وبعضها في منهج الدعوة والتربية، وترجمت للغات أخرى، ومن أبرز مؤلفاته:

 

في مجال الدعوة:

 

"المنطلق"، طبع في بيروت عام 1975.

"الرقائق"، طبع في بيروت عام 1984.

"منهجية التربية الدعوية"، طبع في كندا عام 2003.

"المسار"، طبع في مصر عام 2004.

"رسائل العين".

"صناعة الحياة".

سلسلة مواعظ داعية (الرسالة الأولى "صراطنا المستقيم"، الرسالة الثانية "آفاق الجمال").

في العلوم الشرعية:

 

"دفاع عن أبي هريرة"، طبع في بيروت عام 1973.

"الفقه اللاهب"، في تهذيب كتاب الغياثي للجويني، طبع في كندا عام 2002.

"أصول الإفتاء والاجتهاد التطبيقي"، (4 أجزاء)، طبع في كندا عام 2002.

الوفاة

توفي محمد أحمد الراشد يوم الثلاثاء 27 أغسطس/آب 2024 في أحد مستشفيات العاصمة الماليزية كوالالمبور عن عمر ناهز 86 عاما.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: الإخوان المسلمین محمد أحمد الراشد أهل السنة فی العراق طبع فی

إقرأ أيضاً:

خبير قانوني:الإتفاقيات التي أبرمت بين العراق وإيران لا تحتاج إلى المصادقة البرلمانية

آخر تحديث: 12 شتنبر 2024 - 4:42 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- علق الخبير القانوني علي التميمي، اليوم الخميس (12 أيلول 2024)، بشأن مذكرات التفاهم التي وقعها العراق وايران وحاجة التصويت على فقراتها من قبل مجلس النواب.وقال التميمي في حديث صحفي،” إن “الاتفاقيات التنفيذية والعقود ومذكرات التفاهم بين العراق وايران لا تحتاج الى مصادقة البرلمان العراقي، وما تم ابرامه بين العراق وايران هي مذكرات تفاهم وعقود مع شركات ايرانية لتنفيذ مشاريع في العراق وستكون نافذة بمجرد التوقيع عليها ولا يحتاج الى مصادقة البرلمان عليها وفق المادة 2 من قانون عقد الاتفاقيات رقم 35 لسنة 2015”.وأضاف: “أما الاتفاقية أو المعاهدة فهي التي تبرم من قبل الدولة مع أشخاص القانون الدولي وتمر بمراحل التفاوض والتحرير  والتصديق من قبل البرلمان وفق المادة 61 رابعا من الدستور العراقي، كما ان الاتفاقيات الدولية التي تحتاج البرلمان للمصادقة عليها هي المتعلقة بالصلح والتحالف والسلام أو التي ترهق موازنة الدولة”، مبينا أن “مثل هذه الاتفاقيات يصادق عليها ابتداء مجلس الوزراء ثم تحول إلى البرلمان للمصادقة عليها وتحول الى قانون ينشر في جريدة الوقائع بعد مصادقة رئيس الجمهورية وفق المادة 73 من الدستور العراقي”.وختم الخبير في الشأن القانوني قوله، إن “ما تم ابرامه مع الشركات الايرانية لأغراض الاستثمار والتجارة والدراسات وغيرها، كلها عقود ومذكرات التفاهم لا تحتاج الى مصادقة البرلمان العراقي”.وقعت الحكومة العراقية، امس الأربعاء، 14 مذكرة تفاهم مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفي مجالات مختلفة.

مقالات مشابهة

  • الأوسي رئيساً للاتحاد العربي فرع العراق لمكافحة التزوير والتزييف وغسيل الاموال
  • أحدث نقلة نوعية.. أول طبيب عراقي يجد حلاً لمشكلة “صعبة عالمياً”  
  • الكشف عن الجهة التي استهدفت السفارة الأمريكية في العراق
  • السفارة الأمريكية في بغداد تكشف الجهة التي استهدفتها
  • الصور الأولى للسفينة التي كانت متجهة إلى مصر وقصفتها روسيا
  • خبير قانوني:الإتفاقيات التي أبرمت بين العراق وإيران لا تحتاج إلى المصادقة البرلمانية
  • مسؤولية المفكر في الأزمات التي نعيشها
  • انقضاء الدعوى الجنائية في اتهام أحمد صلاح حسني بتدمير سيارة موظف بالتجمع
  • الدعيع: هدف كادش الثاني ذكرني برأسية أحمد جميل في تصفيات كأس العالم 94 أمام كوريا
  • بغداد تحتضن المنتدى العربي الثاني لتعزيز الشفافية والحكم الرشيد