"راوح مكانك"، تعبير دقيق يصف طبيعة الأزمة اللبنانية على الصُعد الرئاسية، الاقتصادية، السياسية والاجتماعية.
وفي ظل المراوحة وغياب مختلف انواع الحلول، بدا لافتاً الحديث عن "اللامركزية" كمدخل لبعض الانفراجات المُمكنة.
فما هي "اللامركزية"؟ وكيف قاربها "الطائف"؟
 
3 شروط لـ"اللامركزية"
في هذا الاطار أكد الاستاذ المحاضر في القانون في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف الدكتور رزق زغيب في حديث لـ "لبنان 24"، ان "وثيقة الاتفاق الوطني اي "اتفاق الطائف" الذي تم اعتماده في العام 1989 نصّ على اللامركزية الادارية الموسعة، واللامركزية بشكل عام تفترض 3 أمور اساسية:
1.

وجود مصالح مناطقية ومحلية تختلف عن المصالح العامة لكل الوطن.
2. انشاء هيئات محلية تتمتع بالشخصية المعنوية الخاصة بها، اي انها مستقلة عن الدولة المركزية ادارياً ومالياً.
3. تتولى هذه الهيئات اتمام المصالح المناطقية،المالية والادارية المُشار اليها".
وأضاف "في لبنان ليس لدينا حتى الساعة اي تجسيد لمبدأ اللامركزية الا على صعيد او مستوى واحد وهو المستوى البلديّ، وذلك وفقا لبعدين او درجتين متمثلتين في البلديات الخاصة بالمدن والقرى واتحادات البلديات". مجالس أقضية برئاسة القائمقام
ورأى زغيب ان "تعبير اللامركزية الادارية الموسعة ورد في وثيقة الوفاق الوطني من باب الاصلاحات المطلوبة، والوثيقة التي جاءت بعد مرحلة من الحرب شددت على ان الدولة اللبنانية دولة واحدة موحّدة ذات سلطة مركزية قوية، وأكدت الوثيقة ان تحقيق اللامركزية يتم عبر توسيع صلاحيات المحافظين والقائمقامين وتمثيل كل ادارات الدولة في المناطق الادارية على اعلى مستوى مُمكن، تسهيلاً لخدمة المواطنين وتلبية لحاجاتهم المحلية، وفي هذه النقطة بالذات هناك نوع من الخلط بين اللامركزية واللاحصرية، اي اعطاء صلاحيات لموظفين يتبعون للسلطة المركزية.
وجاء في وثيقة الوفاق الوطني ايضا: اعتماد اللامركزية الادارية الموسعة على مستوى الوحدات الادارية الصغرى، اي القضاء وما دون، وذلك عن طريق انتخاب مجلس لكل قضاء يرأسه القائمقام تأميناً لحسن المشاركة المحلية.
كما شدد الطائف على وجوب اعتماد خطة انمائية موحدة وشاملة للبلاد قادرة على تطوير المناطق اللبنانية وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً.
وبالتالي، يمكن القول ان الفكرة التي تم طرحها في الطائف وبناء لوجود البلديات التاريخيّ في لبنان، هي  اعتماد اللامركزية على صعيد القضاء، اي انشاء مجالس أقضية ( 26 قضاء في لبنان مع وضع خاص لمدينة بيروت) برئاسة القائمقام، تتولى مهمة انماء القضاء". الجباية والانماء المتوازن
اما في ما يخص اللامركزية المالية التي يتم الحديث عنها مؤخراً، فشدد زغيب على ان "الاستقلال المالي هو ضرورة لتحقيق اللامركزية الادارية، فاللامركزية الادارية التي تفترض انشاء هيئات محلية (مجالس اقضية)، تفترض ايضا ان تتمتع هذه الهيئات بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي.
والمقصود باللامركزية المالية وفقاً لما يتم تداوله حالياً، اذ لا يوجد اي نص يفسّر ما الهدف بالتحديد منها، لربما يكون ان تقوم كل منطقة ادارية بجباية ضرائبها، فتعمد من خلالها الى تلبية حاجات المنطقة والعمل على انمائها، وجزء بسيط من هذه الجباية يعود الى السلطة المركزية التي تعيد توزيعه على القطاعات العامة في الادارة المركزية.
وهنا لا بد من الاشارة الى موضوع النسبية في الجباية، فاذا كانت النسبة الاكبر من جباية المنطقة او القضاء تعود لها، فنكون حتماَ امام عرقلة لمبدأ الانماء المتوازن لمختلف المناطق.
كما انه لا بد من الاشارة الى التساؤل التالي: هل يمكن ضمن اطار اللامركزية ان يحدد كل مجلس قضاء طبيعة وقيمة الضرائب ويفرضها على المواطنين؟
وبحال اقدام كل قضاء على تحديد ضرائبه بمختلف تفاصيلها، لا بد من التساؤل هذه المرة عن فكرة الدولة المركزية الواحدة التي شدد عليها الطائف".
 
في المحصلة يقول زغيب "لا بد من الاشارة الى ان كل ما اورده الطائف عن اللامركزية الادارية لم يدخل بالدستور انما بقي ضمن وثيقة الوفاق الوطني، وبالتالي لا قيمة قانونية له بحدّ ذاته، لذلك وبحال تم الاتفاق على المضي باللامركزية الادارية فنحن بحاجة الى قانون يصدر عن مجلس النواب في هذا الخصوص، علماً ان قانون البلديات صدر عن المجلس النيابي في العام 1977، فهل سيتم تطويره او سيتم العمل على اصدار قانون جديد يحدد مختلف التفاصيل المُتعلقة بطبيعة اللامركزية التي قد تشهدها البلاد بحال وجود اجماع عام عليها" المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لا بد من

إقرأ أيضاً:

جلسة في الواصلية!

 

يوسف عوض العازمي

@ alzmi1969

 

"وصلنا الطائف فكأني كنت أبشر، وكأن قلبي ينضج بالسرور ولا أجد لذلك سبباً إلّا انفساح حدها وطيب نسمتها" الأصمعي.

 

*****

 

قبل أكثر من يومين، وفي نسمات أنفاس مدينة الطائف التي تجتمع بها بوادر التاريخ، وعراقة الاسم، وشهرتها كإحدى مزارات السياحة خاصة في فصل الصيف، حيث الأجواء الماطرة، وخضرة الأرض، والنسيم العليل، وفي ليلة اجتمع بها الكرم المالكي، وعبق أجواء الطائف، وأحاديث تراوحت ما بين تاريخ ماض، وتراث لم يندثر، وبعضا من قصص التجارة في العقار، تخللها كرم المضيف الذي تكرم بالترحيب والنفس الطيبة، وإكرام ضيوف الجلسة بتقديم حليب الأبل الذي يوضع فيه حجر المرو، وهو أشبه بالجمرة التي توضع وسط الحليب.

تصور أن يُقدَّم لك إناء به حليب الأبل (حليب الخلفات) ويضع المضيف داخل الإناء حجر يأخذ من منقل معدني أوقد فيه بعضا من قطع الفحم والحجر على النار، سألت المضيف الكريم أبا مصعب وهومن قبيلة بني مالك العريقة عن سر ومعنى هذا الأمر، فقال أنه تقليد وعادة جبل عليها أهل بلاد بني مالك منذ الأزمنة، والحقيقة أن رائحة الحجر النفاذة التي اختلطت بالحليب الساخن كانت تحمل من اللذة الكثير.

وفي أثناء الأحاديث الشيقة، تحدث أبا مصعب عن ضروريات البيت في بلاد بني مالك والتي تقع جغرافيا حول مدينة الباحة في غرب المملكة العربية السعودية حفظها الله، إذ قال بأن الكثير من أهل بني مالك لابد أن يحتفظوا بالبيت بثلاثة أشياء ضرورية لا يمكن أن تجد بيتا يخلو منها وهي الرمان والعسل والسمن (سمن الأغنام أو البقر)، وهي تستخدم للعلاجات الشعبية غير أن كونها غذاءً مفضلًا، وهذا يثبت بأن الناس منذ عقود زمنية طويلة يستخدمون ويعرفون كيفية الاستخدام الأمثل للمنتجات الغذائية التي تتميز بها بلادهم، فهم أي أهل بني مالك كانوا يستخدمون بعض الأغذية كغذاء ودواء أيضا، ومما لفت نظري أن أبي مصعب شدد على أنه لا يتم وضع قطع الرمان متلاصقتين بجانب بعض؛ حيث إن الناس يعتقدون أن الأفضل فصلهما عن بعض، ولاشك لهذا التصرف غاية يفهمها هؤلاء الطيبين، وممكن عن ممارسة أو تجارب مسبقة.

كانت الجلسة تضم الصديق أبا ناصر رفيق السفر، والأخ مشاري ابن أبو مصعب، وكانت الجلسة ممتعة بأجوائها الشتوية الطائفية، ومفيدة في المعلومات التراثية والتاريخية، ولاشك ظروف المكان حيث تواجدنا بمزرعة بمنطقة الواصلية بالطائف بها من الشجر والأبل، وظروف الزمان؛ حيث نعايش الأيام العشر الأواخر المباركة من الشهر الفضيل قد أعطت للجلسة وللقاء جوًا وديًا سيطرت نفحاته على الجلسة.

لمدينة الطائف أو "الطائف المأنوس" كما يلقبها محبوها، أجواؤها الجميلة في كل فصول السنة، فهي مدينة كل الفصول، وفي زيارتي هذه لاحظت التطور الواضح فيها، من خلال الإنشاءات الجديدة من مرافق وأسواق حديثة، وأعتقد شخصيًا أننا في الحليج نملك عدة مدن لو تم استغلالها سياحيًا بالشكل الأمثل من تقديم خدمات متطورة ومطارات حديثة، وبنية تحتية ممتازة، وفنادق على أعلى مستوى، وكذلك تقديم الأسعار المنافسة، أتوقع أن الكثير سيتوجه لها، لدينا مدن سياحية بها مقومات تضاهي العديد من المناطق التي يجوبها السياح في العالم، وهي في الحقيقة ثروات ضخمة للدول وشعوبها، فقط تحتاج لاهتمام أكثر، ونظرة أعمق لتطويرها وفق خطط واقعية طموحة طويلة الأجل، فباستطاعتها تعزيز الناتج القومي، وبناء اقتصاد مستدام منتج ومنجز، وتوفير فرص عمل للعمالة الوطنية.

الجلسة في مزرعة الواصلية، وأحاديث التراث والتاريخ، ذكرى طيبة لا تنسى، أسأل الله جل في علاه في هذه الأيام والليالي المباركة أن يجعلنا من العتقاء من النار، ويكتب لنا الأجر الطيب، ويتجاوز عنا في هذا الشهر المبارك الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مع انقلاب حالة الطقس .. توصيات عاجلة من الزراعة للفلاحين
  • ايلولة جهاز تطوير وتعمير مدينة وادي حلفا وبحيرة النوبة لصالح وحدة حلفا الادارية
  • ماذا قال ترامب عن المسيرات الإيرانية التي تستخدمها روسيا لضرب أوكرانيا؟
  • عن الصواريخ التي أُطلقت من لبنان.. هذا ما كشفه وزير الإعلام
  • حزب الله: لا علاقة لنا بالصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان
  • الجيش الإسرائيلي يقول إنه رصد إطلاق صاروخين من لبنان وكاتس يهدد بيروت
  • هطول البرد على الطائف ..فيديو
  • هذه التعيينات القضائية التي أٌقرّت في مجلس الوزراء
  • وزيرا الاتصالات والمالية يشهدان الملتقى الثاني للمهنيين المستقلين "Freelancers"
  • جلسة في الواصلية!