قلقيلية- بفارق زمني لم يطل به ألم الغياب بينهما أكثر من أسبوعين، ارتقى الشاب جبريل جبريل شهيدا، والتحق برفيق دربه طارق داود وبركب من سبقهم من الشهداء في مدينتهم قلقيلية؛ بعد أن استهدفه الاحتلال الإسرائيلي بقصف جوي أصابه ومقاومين آخرين داخل مخيم نور شمس بمدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية الليلة الماضية.

ورغم أن عمر كليهما لم يتجاوز 18 عاما، فقد تشابه حال الصديقين جبريل وطارق في الطفولة والأسر والمقاومة والاستشهاد، وحتى في الوفاء بما عاهدا عليه رفاقهم في الأسر والنضال لحظة تحررهما معا في المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى في "طوفان الأقصى"، بعد اعتقال دام أكثر من سنة، بأنهما لن يتوانيا في "سداد الدين للأسرى وغزة والثأر لها".

وتحت شعار "أمانة الثأر"، التحق الصديقان فور تحررهما بركب المقاومة في قلقيلية، وأشعلا جذوة النضال التي عمل الاحتلال طوال أشهر على إخمادها، عبر اغتياله مقاومين استنهضوا ثورة قلقيلية، أسوة بغيرها من مدن الضفة الغربية وخاصة الشمالية القريبة منها، مثل الشهيد وائل مشة الذي نعته كتائب القسام بعد تصديه لقوات الاحتلال في مخيم بلاطة في نابلس، وقد سبق أن تحرر في صفقة التبادل.

أحيوا مقاومة المدينة

تشابهت حالة المقاومة في قلقيلية مع غيرها من مدن الضفة بالعمل المقاوم الفردي، منذ ما يقارب عاما ونصف، ابتداء بالشهيدين علاء نزال ورفيقه أنس داود اللذين شكلا "مجموعات ليوث المجد" التابعة لكتائب شهداء الأقصى، المحسوبة على حركة التحرير الوطني "فتح".

وبعد ذلك انطلقت كتيبة قلقيلية التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عبر بيان تبنّت فيه تفجير عبوة ناسفة بآلية عسكرية إسرائيلية اقتحمت المدينة. أما كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي انطوى تحت مقاومتها الشهيدان جبريل وطارق، فسبق فعلها الكلام والإعلان.

وفي محاولة لوقف ظاهرة المقاومة، حرص الاحتلال على مطاردة الشهيدين طارق وجبريل، فاغتالهما بعد نحو 8 أشهر من تحررهما، إذ استهدف طارق بعملية تصفية مباشرة عند مدخل بلدة عزون شرقي قلقيلية في 12 أغسطس/آب الجاري، وأمس الاثنين اغتال جبريل في مخيم نور شمس في طولكرم.

قرب مدخل مدينة قلقيلية حيث نفذت كتائب القسام عمليات إطلاق نار واستهدفت مستوطنين (الجزيرة)

وإثر المطاردة، لم يترك الاحتلال سبيلا للتضييق على المقاومين والضغط عليهم لتسليم أنفسهم إلا وفعلها، فاقتحم منزلي الشهيدين واعتقل ذويهما عشرات المرات، مستهدفا الآباء والأمهات والإخوة، وسط حالة من الرعب والتهديد المتواصل لم يسبق لها مثيل لكن دون جدوى، فكان الشهيدان يصران على مواصلة المقاومة، ويؤكدان أنهما لن يعودا للعذاب والويل مجددا داخل الأسر.

وعن ذلك يقول أشرف جبريل شقيق الشهيد جبريل -للجزيرة نت- إن شقيقه نذر نفسه منذ لحظة تحرره "لسداد دين المقاومة وطوفان الأقصى، وإنه كما تحرر بصفقة بفعلهما فإنه سيرد هذا الدين لهما".

ويضيف "حمل جبريل ورفيقه طارق الفكرة نفسها والهدف نفسه، وأوفوا بما تعاهدوا عليه، وأحيوا مقاومة قلقيلية".

ويؤكد ذلك أيضا خالد داود شقيق الشهيد طارق، ويضيف -للجزيرة نت- أن الشهيدين "كانا وفيّان لبعضهما وفي سداد دينهما والعهد الذي قطعاه بالثأر من الاحتلال". ورغم كل الضغوط التي بات الاحتلال يمارسها على قلقيلية من اغتيال وملاحقة واعتقال، "فإن أثر المقاومة لم يخفت، وفي كل يوم يخرج مقاوم جديد"، حسب داود.

نَفَس الانتفاضة يعود

تقول الناشطة بقلقيلية في مجال الدفاع عن الأسرى أمينة الطويل إنه أمام إمعان الاحتلال في جرائمه بحق كل ما هو فلسطيني وخاصة الأسرى، ووضع القوانين لاستهدافهم بالقتل والإعدام، "بتنا نشهد ارتفاعا في حصيلة الشهداء الأسرى، سواء ممن هم داخل الأسر حاليا أو من أفرج عنهم".

وترى أمينة أن مدينة قلقيلية الحدودية مع الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 تعجّ بالمستوطنين، وتشهد انطلاقة متواضعة لعناصر المقاومة بعد عمليات اجتثاث وتطهير وتدمير لمقوماتها منذ سنوات. وتقول "من ثم، فلا عجب أن ينطلق هؤلاء الشبان لتجاوز كل العقبات التي وضعت أمام المقاومة، في ظل مشاهدتهم للجرائم اليومية في المنطقة من مصادرات واستيطان واعتقالات وغير ذلك".

وتضيف -للجزيرة نت- أن تأثر أهالي قلقيلية وخاصة الشبان بهؤلاء المقاومين كان واضحا، وانعكس ذلك بمتابعة أخبارهم ومطاردة الاحتلال لهم، رغم أنهم ظهروا كحالات منفردة ما زالت لا تقارن بالمجموعات المقاومة الأخرى في مناطق الضفة كجنين وطولكرم، وهذا يعكس سبب حرص الاحتلال على وأدها وإنهائها قبل أن تمتد إلى صفوف الشبان الآخرين.

كذلك ترك هؤلاء الشبان المقاومين رغم ضعف إمكاناتهم وقدراتهم أثرا كبيرا في نفوس ذويهم وأبناء المحافظة، وأعادوا للواجهة حقهم في إمكانية التحرر، حسب ما تقول الناشطة. وتضيف "يجمع محللون وخبراء سياسيون أيضا أنه بات من المؤكد أنه لا يمكن إنهاء هذه الحالة باستشهاد المقاومين، فالانتفاضة التي توقفت قبل سنوات عادت من جديد بوجوه جديدة وأساليب مبتكرة".

وربما بتشييع عائلة جبريل جبريل شهيدها اليوم الثلاثاء تبرد نارها رغم الحزن ووجع الفراق، بينما تظل عائلة طارق داود تنتظر جثمان ولدها الذي احتجزه الاحتلال بعد اغتياله مباشرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

ابوعبيدة يفاجئ الجميع بما قاله عن عملية صنعاء الفرط صوتية التي استهدفت الاحتلال

مقالات مشابهة يا قوة الله.. مشهد يوثق لحظة سقوط الصاروخ اليمني على مبنى في “رمات جان” وسط فلسطين المحتلة

‏29 دقيقة مضت

رد فوري وغير مسبوق.. صنعاء تهاجم تل ابيب بصواريخ فرط صوتية في ذات اللحظة التي كانت طائرات اسرائيلية تهاجم اليمن وتحدث دمار هائل

‏4 ساعات مضت

صاروخ باليستي يمني يدمر مبنى من طابقين وسط تل ابيب ويسويه بالارض.. شاهد بالفيديو

‏4 ساعات مضت

فلكي يكشف موعد بداية “وقوف الشمس”

‏19 ساعة مضت

طريقة استخدام الذكاء الاصطناعي Gemini في تطبيق الرسائل على هواتف أندرويد: تجربة ذكية لصياغة الرسائل

‏يوم واحد مضت

إضراب شامل لمعلمي تعز للمطالبة بحقوقهم المالية في ظل تجاهل حكومي

‏يوم واحد مضت

في تصريح جديد، ظهر الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، أبو عبيدة، متحدثا عن الهجوم الصاروخي الذي نفذته القوات المسلحة اليمنية في صنعاء باتجاه “قلب الكيان الصهيوني”، حيث أشاد بالعملية وباركها.

ووصف العملية بأنها تجسيد للتضامن العربي والإسلامي مع غزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، داعيا لتصعيد العمليات حتى يتوقف العدو عن طغيانه وحربه على الشعب الفلسطيني.

وأكد أبو عبيدة على أهمية تصعيد الهجمات ضد الاحتلال حتى يُجبر على إنهاء حرب الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني.

كما أدان الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين في اليمن، واصفاً إياها بأنها دليل إضافي على أن الاحتلال يشكل تهديداً لجميع شعوب الأمة الإسلامية، وهو ما يستوجب تضافر جهود الأمة لمواجهة جرائمه ودعم صمود الفلسطينيين باعتبارهم خط الدفاع الأول عنها.

نص تغريدات ابوعبيدة:

– نبارك الهجوم الصاروخي الذي نفذه إخوان الصدق “أنصار الله” في اليمن باتجاه قلب الكيان، ونشيد بوقوفهم الصلب إلى جانب غزة، وندعوهم إلى تصعيد هجماتهم حتى يرضخ الاحتلال ويوقف حرب الإبادة.

– كما ندين الهجمات الإرهابية التي نفذها الكيان على أهلنا في اليمن والتي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأنه عدوٌ للأمة أجمع؛ ما يحتم على كل مكوناتها التصدي لإجرامه ودعم صمود الفلسطينيين خط الدفاع الأول عن الأمة.

ذات صلة السابق يا قوة الله.. مشهد يوثق لحظة سقوط الصاروخ اليمني على مبنى في “رمات جان” وسط فلسطين المحتلةاترك تعليقاً إلغاء الرد

يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.

آخر الأخبار ابوعبيدة يفاجئ الجميع بما قاله عن عملية صنعاء الفرط صوتية التي استهدفت الاحتلال ‏39 ثانية مضت يا قوة الله.. مشهد يوثق لحظة سقوط الصاروخ اليمني على مبنى في “رمات جان” وسط فلسطين المحتلة ‏29 دقيقة مضت رد فوري وغير مسبوق.. صنعاء تهاجم تل ابيب بصواريخ فرط صوتية في ذات اللحظة التي كانت طائرات اسرائيلية تهاجم اليمن وتحدث دمار هائل ‏4 ساعات مضت صاروخ باليستي يمني يدمر مبنى من طابقين وسط تل ابيب ويسويه بالارض.. شاهد بالفيديو ‏4 ساعات مضت فلكي يكشف موعد بداية “وقوف الشمس” ‏19 ساعة مضت طريقة استخدام الذكاء الاصطناعي Gemini في تطبيق الرسائل على هواتف أندرويد: تجربة ذكية لصياغة الرسائل ‏يوم واحد مضت إضراب شامل لمعلمي تعز للمطالبة بحقوقهم المالية في ظل تجاهل حكومي ‏يوم واحد مضت ناشطة يمنية: إذا أعلن الحوثيين وقف العمليات العسكرية ضد إسرائيل سيتم الاعتراف بهم دولياً وتسليمهم السلطة والثروة في اليمن ‏يومين مضت ارتفاع أسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 ‏يومين مضت الأرصاد تحذر الجميع من أجواء شديدة البرودة وتشكل الصقيع في 8 محافظات ‏يومين مضت صرف الريال يفاجئ الجميع بسعر جديد.. اسعار الصرف في عدن وصنعاء الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 ‏يومين مضت اجتماع طارئ في الرياض لتوحيد البنك المركزي اليمني واستئناف صرف المرتبات ‏يومين مضت © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة   |   لموقع الميدان اليمني

مقالات مشابهة

  • عائلات أسرى الاحتلال تطالب بصفقة شاملة وإنهاء العدوان لضمان عودتهم
  • محافظ عدن طارق سلام: اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي بات البوصلة التي تتجه نحوها أنظار العالم
  • الولايات المتحدة تعقد صفقة مع الشركة المصنعة للطائرة التي رصدت السنوار
  • خلافات حادة بين عبدالرحيم دقلو وعصام فضيل وأبشر جبريل
  • بالفيديو: آلاف المصلين يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى رغم قيود الاحتلال
  • 35 ألف مصل يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك
  • 35 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • الاحتلال ينفذ عملية عسكرية واسعة في مخيم طولكرم
  • «بلينكن»: متفائلون بإمكانية التوصل لاتفاق مع «حماس»
  • ابوعبيدة يفاجئ الجميع بما قاله عن عملية صنعاء الفرط صوتية التي استهدفت الاحتلال