كيف ستوفق بريطانيا بين نقص العمالة الصحية وقيود الهجرة؟
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
لندن- شهدت بريطانيا في الأيام الأخيرة أعمال شغب متصاعدة ضد المهاجرين، إثر حادث طعن بجنوب البلاد، ورأى العديد من المحللين أن خطاب حكومة المحافظين السابقة السياسي أسهم في إشعال الكراهية ضد المهاجرين.
وشكل هذا الملف محور خطط كل الأحزاب السياسية التي وعدت بتقليص أعدادهم، وأربك تقلص أعداد المهاجرين النظاميين وغير النظاميين المشهد، وكشف عن أزمة ربما تهدد استقرار النظام الصحي في بريطانيا إن لم تتدارك باكرا.
وأظهرت إحصائية انخفاض عدد الأشخاص الراغبين في القدوم من الخارج للعمل، خاصة في قطاع الصحة والرعاية الاجتماعية، إذ منحت حكومة المحافظين المنتهية ولايتها نحو 286 ألفا و382 تأشيرة عمل خلال العام الحالي حتى يونيو/حزيران الماضي، بانخفاض بنسبة 11% مقارنة بالعام السابق.
قيودبينما أوضحت بيانات وزارة الداخلية أن عدد التأشيرات الممنوحة لقطاع الصحة بلغ 89 ألفا و85 تأشيرة منذ بداية 2024 حتى يونيو/حزيران الماضي، بانخفاض بأكثر من 80% مقارنة بالفترة من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 2023.
ووضعت حكومة المحافظين السابقة قيودا على المهاجرين سواء أكانوا طلبة أو عمالا إذا كان دخلهم منخفضا، ومنعتهم من إمكانية استقدام الزوج والزوجة والأطفال إلى المملكة المتحدة، فدفع ذلك العديد منهم إلى العزوف عن التقدم للوظائف الشاغرة التي بلغت نحو 10 آلاف وظيفة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
وقد دعمت الحكومة خطة القوى العاملة وحددت هدفا لتوظيف 51 ألفا إلى 57 ألف ممرض دولي خلال 2023 و2024، لكن لم تنجح الهيئة سوى في تعيين 21 ألفا و511 ممرضا دوليا، أي أقل من نصف العدد المنشود وهو ما يزيد الضغط على النظام الصحي في البلاد.
وتُصدر الحكومة البريطانية قائمة تعرف باسم "قائمة المهن الملحة"، وأعلنت العجز عن استيفاء شروط تلك الوظائف من داخل الدولة، وخصّت في قائمة مستقلة العاملين بالصحة.
وصرح المتحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية -للجزيرة نت- بأن الإحصائيات أظهرت أن الطريق لا يزال طويلا لخفض مستويات الهجرة القانونية المرتفعة تاريخيا، وقال إن الهجرة تمنح بريطانيا العديد من الفوائد، و"لكن تجب السيطرة عليها وإدارتها حتى يكون النظام عادلا".
وأضاف أن العمل جارٍ لمعالجة الأسباب الجذرية وراء التوظيف الدولي المرتفع، وأنهم سيضمنون تدريب القوى العاملة المحلية ويعالجون هذا النقص في المهارات.
عجز كبيراطلعت الجزيرة نت على تحليل بيانات هيئة الخدمات الصحية الوطنية الحديثة، التي أوضحت أن جميع موظفيها في إنجلترا (1.4 مليون) أكثر من 17% منهم (264 ألفا و815) هم من المهاجرين، بينما أوضح فحص النسب المئوية للمهن ذات الصلة الطبية مثل التمريض أن قرابة 27% من ممرضي هذه الهيئة هم من المهاجرين (99 ألفا و856 من أصل 372 ألفا و605 ممرضين وزائرين صحيين مسجلين).
وتتصدر مصر قائمة أكبر الدول العربية المصدرة للأطباء في المملكة المتحدة منذ سنوات، واحتلت المرتبة الـ14 في قائمة جنسيات الأطباء غير الأوروبيين، في اقتراب شديد من نصيب باكستان التي تملك الحصة الآسيوية الأكبر بعد الهند.
ويقول طبيب من أصل عربي رفض ذكر اسمه -للجزيرة نت- إن هناك إحصائيات أكثر دقة عن مكان ولادة الأطباء وأصولهم وألوانهم، وإن "نسبة 40% على الأقل من الأطباء المسجلين على أنهم بريطانيون التي ذكرتها ستكون لأطباء تم تجنيسهم بحسب قانون تجنيس العمالة الماهرة بعد العمل 6 سنوات في المملكة المتحدة".
كما أوضحت الإحصائيات عجزا كبيرا في موظفي الرعاية الصحية والاجتماعية بلغ أعلى معدلاته في ديسمبر/كانون الأول 2021، وأن حكومة المملكة المتحدة خففت متطلبات الحصول على التأشيرة للعاملين في هذا المجال لمعالجة معدلات الشغور المرتفعة، مما أدى إلى تدفق العمال الأجانب، وخاصة من الهند ونيجيريا وزيمبابوي.
وبحسب منظمة "آيج يو كي"، تستمر معاناة قطاع الرعاية الاجتماعية حيث تظل معدلات الشغور مرتفعة بسبب انخفاض الأجور، وضعف التقدم الوظيفي، والاستخفاف بعمل الرعاية. وأوضحت أن هناك حاجة ماسّة إلى 480 ألف موظف إضافي بحلول عام 2035، وإلى خطة طويلة الأمد للقوى العاملة في مجال الرعاية الاجتماعية.
وتقدر المنظمة أن 1.6 مليون شخص في المملكة المتحدة لا يحصلون على مساعدة كافية في ما يتعلق برعايتهم، وأن 1.4 مليون آخرين يحتاجون إلى الدعم ولكنهم لا يحصلون عليه، كما تحدثت عن تكدس دور رعاية المسنين بهم وسط نقص حاد في العمالة لرعايتهم.
عزوف المهاجرينيسهم المهاجرون بنحو 83 مليار جنيه إسترليني سنويا في الناتج الاقتصادي للبلاد، ومع ذلك تسعى الحكومة البريطانية للحد من أعداد العمالة الأجنبية.
ومن المتوقع أن تقلص أيضا أعداد المهاجرين غير النظاميين المتقدمين بطلبات لجوء، وقد أظهرت الإحصائية الجديدة انخفاضا في عدد المهاجرين غير النظاميين بصفة طالبي لجوء.
وانخفض عددهم بنسبة 8% مقارنة بالعام السابق، مع أن 80% من طالبي اللجوء وصلوا عبر القوارب الصغيرة التي تعبر القناة الفاصلة بين المملكة المتحدة وفرنسا. وعلى الرغم من إغلاق بريطانيا طلبات اللجوء المقدمة عبر سفاراتها، فإنها ما زالت تتلقاها على أراضيها.
وفي وقت سابق، علقت الحكومة السابقة لحزب المحافظين معالجة طلبات اللجوء تمهيدا لترحيل طالبيه إلى رواندا، ولكن الحكومة الحالية -بقيادة حزب العمال– استأنفت معالجتها نظرا لتقلص فرص العودة إلى البلدان الآمنة، وأوقفت خطة الترحيل إلى رواندا.
وعن انخفاض أعداد المهاجرين غير النظاميين، قال المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية إنهم يتخذون خطوات واضحة لتعزيز أمن حدودهم وإنهاء عمليات عبور "القناة الخطيرة التي تعرّض الأرواح للخطر".
وتابع أن وزير الداخلية اتخذ إجراءات فورية "لتصفية" تراكم طلبات اللجوء وتعزيز قدرة الحكومة على إنفاذ قوانين الهجرة والعودة، وإعادة نشر مئات الموظفين لتعزيز العمليات الأمنية "لإبعاد أولئك الذين ليس لديهم الحق في الوجود هنا".
وأضاف مكتب الوزارة للجزيرة نت "نعلن هذا الأسبوع تجنيد ما يصل إلى 100 ضابط متخصص جديد في وكالة مكافحة الجريمة الوطنية الذين سيعملون جنبا إلى جنب مع قيادة أمن الحدود الجديدة لدينا لاستهداف وتعطيل وتفكيك عصابات التهريب الإجرامية التي تجني الملايين من الأرباح".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المملکة المتحدة غیر النظامیین
إقرأ أيضاً:
عدد قياسي من الأشخاص فقد أثناء الهجرة إلى إسبانيا
أعلنت منظمة غير حكومية، اليوم الخميس، أن 10457 مهاجرا على الأقل لقوا حتفهم أو اختفوا أثناء محاولتهم الوصول إلى إسبانيا عن طريق البحر عام 2024، وهي زيادة أكثر من 50 % عن العام الماضي.
وقالت منظمة حقوق المهاجرين "كاميناندو فرونتراس"، في تقرير يغطي الفترة من 1 يناير إلى 5 ديسمبر 2024، إن الزيادة بنسبة 58 في المئة تشمل 1538 طفلا و421 امرأة.
يبلغ متوسط الوفيات 30 حالة يوميا، ارتفاعا من حوالى 18 وفاة في العام 2023.
تجمع المنظمة بياناتها من الخطوط الساخنة التي أنشئت للمهاجرين على متن زوارق متعثرة لطلب المساعدة، وأسر المهاجرين المفقودين، ومن إحصاءات الإنقاذ الرسمية.
وقالت هيلينا مالينو، التي أسست هذه المنظمة، في بيان "هذه الأرقام دليل على الفشل العميق لأنظمة الإنقاذ والحماية. إن مقتل أو فقدان أكثر من 10400 شخص في عام واحد هو مأساة غير مقبولة".
وكان الضحايا من 28 دولة، معظمهم في أفريقيا، ولكن أيضا من آسيا.
ووقعت معظم الوفيات، أي 9757 حالة، على طريق الهجرة عبر المحيط الأطلسي من أفريقيا إلى جزر الكناري الإسبانية، والتي استقبلت عددا قياسيا من المهاجرين للعام الثاني على التوالي.
وبحسب خدمة الإنقاذ البحري الإسبانية في منشور على منصة "اكس"، فإن سبعة قوارب مهاجرين وصلت إلى الأرخبيل الأربعاء، يوم عيد الميلاد.