أعلنت حملة المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس، أول أمس الأحد، جمع تبرعات إجمالية بقيمة نصف مليار دولار وهو ما وصفته ناطقة باسمها بأنه "مبلغ قياسي".

لكن المبلغ يؤشر في الحقيقة على الضرر البالغ الذي يلحقه المال السياسي بالديمقراطية الأميركية، خاصة منذ قرارات المحكمة العليا عام 2010 والتي رفعت كثيرا من القيود عن تمويل الحملات الانتخابية، وفق تحليل للكاتب فرانسواز بوغون أورده موقع ميديا بارت الفرنسي.

ووفق بوغون، فإن أموال الشركات والأوليغارشية (فئة قليلة من أصحاب المال والنفوذ) صارت تهدد بتدمير صمامات أمان الديمقراطية بعد أن بات كبار الأثرياء والشركات يضربون صغار المتبرعين في الصميم، مما جعل البعض يتحدث عن البلوتوقراطية أي حكومة يسيطر عليها الأثرياء، وأسست لها قرارات المحكمة العليا عام 2010 باسم حرية التعبير.

ووفق ميديا بارت فإن القرارات -لا سيما الصادرة في القضية الشهيرة "مواطنون متحدون ضد المفوضية الفدرالية للانتخابات"- فتحت الباب واسعا أما التمويل السياسي غير المحدود خاصة في انتخابات الرئاسة، بحيث تستطيع الشركات والنقابات والجمعيات والمنظمات التبرع دون حدود، شرط ألا تكون ثمة علاقة خضوع.

لعبة الأغنياء

ونقلت ميديا بارت عن الكاتبة المختصة في دراسة التمويل السياسي سيارا توريس سبيليسي قولها "سيطرة الأفراد على نظام تمويل الحملات يضر بنتائج الانتخابات لصالح الأغنياء أو من تتركز في يدهم الثروة مثل الشركات".

وفي كتابها "ثمن الديمقراطية" الصادر عام 2018، تصف الفرنسية جوليا كاجي تحكم المال في الديمقراطية الأميركية قائلة "كل الحصون تهدمت ولم يعد ثمة ما يمنع تدفق التبرعات من حيث جاء وحتى الشفافية قُضي غليها.. الحزبان الديمقراطي والجمهوري تحت سطوة المال، والسياسيون من اليمين واليسار لا يغنون إلا ما يطرب له آذان ميسوري الحال".

وعددت ميديا بارت بعض التبرعات الهائلة التي ضُخت في الحملة الحالية، وتشمل مثلا 100 مليون دولار قدمها الثريٌ تيموثي ميلون للمرشح الجمهوري دونالد ترمب ولمنافس مستقل قريب منه.

وميلون ينحدر من إحدى أغنى العائلات الأميركية وحفيد وزير لوحق عام 1930 بتهمة التهرب الضريبي بعدما جمع ثروة طائلة في قطاعيْ السكك الحديد والبنوك.

أما معسكر الديمقراطيين فيدعمه مانحون أثرياء مثل ريد هوفمان أحد مؤسسي شركة "لينكد إن" ومايكل بلومبيرغ العمدة السابق لنيويورك.

وتنقل ميديا بارت -عن موقع "أوبن سيكرتس" الذي يدقق عمليات التمويل السياسي بالاستناد إلى بيانات المفوضية الفدرالية للانتخابات- أرقاما قياسية ضُربت حتى قبل 4 سنوات.

وتظهر الأرقام أن ما أنفق بحملة انتخابات 2020 الرئاسية بلغ 5.7 مليارات دولار، ليكون إجمالي ما بذل في ذلك العام 14.4 مليار دولار (إذا أضيف إليه ما أنفق بانتخابات الكونغرس وهو 8.7 مليارات) أي أن كل ما أنفق بانتخابات الرئاسة والتجديد النصفي للكونغرس عام 2022 كان ضعف ما أنفق عامي 2016 و2018.

لكن هذا هو رقم قياسي جديد يسجل هذا العام على الأرجح.

الأرقام تشير إلى أن حملة ترامب تلقت تبرعات أقل من منافسته هاريس بالانتخابات الرئاسية (رويترز) مال مريب

وتشرح ميديا بارت كيف تجمع الأموال في حملات انتخابات الرئاسية عبر اللجان الرسمية بحملة المرشح من جهة، ومن جهة أخرى عبر لجان العمل السياسي التي زاد دورها منذ الأحكام الصادرة عام 2010، وباتت تستطيع جمع تبرعات من شركات ونقابات وجمعيات وخواص وكان إنفاقها من دون حد، بل وتستطيع إطلاق حملة لصالح مرشح معين أو ضده.

ورغم أن لجان العمل السياسي يفترض فيها أن تكشف عن مانحيها، فإن الوصول إلى هؤلاء شبه مستحيل عمليا، ومن الصعب بمكان معرفة من يقف فعلا وراء شركة أو جمعية معينة، ومن هنا يأتي الحديث عن "المال المريب".

وتعرف سيارا توريس سبيليسي المال المريب بأنه "ينفق في الانتخابات الأميركية من دون كشفه لعامة الشعب بحيث لا يستطيع معرفة مصدره بالضبط".

وحسب سبيليسي مؤلفة كتاب "دكتاتورية الشركات: كيف نحمي الديمقراطية من المال المريب والسياسيين الفاسدين" فإن مشكلة هذا النوع من التمويل قديمة "لكنها تفاقمت بعد قرار المحكمة العليا عام 2010" فبات صعبا معرفة المانح، وأصبح أي كان يستطيع التستر مثلا وراء مؤسسة غير ربحية، ناهيك عن احتمال التدخل الأجنبي.

وتشرح خطورة هذا المال قائلة "عندما تصل رسالة سياسية إلى ناخب من دون أن يعرف من يحاول التلاعب بصوته، فإن من الصعب للغاية تقييم مصداقية الرسالة. فإذا كنت تعرف أنها قادمة من شيفرون (عملاق قطاع الطاقة الأميركي) فإن تأويلك لها يختلف عنه إن كانت قادمة من غرينبيس. لكن ماذا لو استطاعت شيفرون التخفي وراء اسم هو ستار للتلاعب به، كما تفعل الشركات في كثير من الأحيان، حينها سيلتبس الأمر على الناس".

وتظهر أحدث الأرقام (بالاستناد إلى منظمة أوبن سيكرتس ورويترز) أن مجموع ما تلقاه المعسكر الديمقراطي من تبرعات في حملة انتخابات الرئاسة الحالية بلغ مليار دولار، مقابل نحو 472 مليونا لترامب.

زمن الإجماع

وحسب ما أوردته ميديا بارت فإن الزمن -الذي كان يجمع فيه الحزبان (الديمقراطي والجمهوري) على ضرورة ضمان شفافية التمويل السياسي- قد ولى، فبعد استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون (الذي تلقى في حملته ضد الحزب الديمقراطي تبرعات دفعها أثرياء وشركات) تبنى الكونغرس إصلاحات حاسمة لتعزيز التمويل العام وتقليل إنفاق المرشحين وتحجيم المصالح الخاصة، ثم جاء قانون آخر أقره الحزبان عام 2002 برعاية الجمهوري جون ماكين والديمقراطي روس فينغولد، كان بين أبرز بنوده وضع سقف لتمويل الحملات الانتخابية.

وتضيف سبيليسي -التي ترى أن الجمهوريين أكثر حرصا على رفض وضع سقف للتمويل- أن الإجماع تحطم عام 2010 بصدور قرار المحكمة العليا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التمویل السیاسی المحکمة العلیا میدیا بارت ما أنفق عام 2010

إقرأ أيضاً:

توقعات مؤسسات التمويل الدولية للاقتصاد المصري في 2025| وتفاؤل مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية والصعوبات الناجمة عن نقص العملة الأجنبية، تتوالى مؤسسات التمويل الدولية بكشف توقعاتها المتفائلة بشأن أداء الاقتصاد المصري في عام 2025، وهذا التفاؤل يأتي على خلفية الإصلاحات الاقتصادية الجريئة التي نفذتها الحكومة، بما في ذلك تحرير سعر الصرف وزيادة قرض صندوق النقد الدولي، فضلا عن الاتفاقات الاقتصادية الكبيرة للدولة. 

توقعات المؤسسات الدولية لاقتصاد مصر

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن توقعات المؤسسات الدولية لاقتصاد مصر في 2025 تعكس مزيجا من التفاؤل والحذر بناءا على الأداء الاقتصادي الأخير وخطط الإصلاح الحكومية.

وأضاف الإدريسي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "يتوقع صندوق النقد الدولي  (IMF) أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر إلى 4.1% في 2025، مقارنة بـ2.7% في 2024، ويعد هذا النمو مدفوع بتحسن بيئة الاستثمار، زيادة تدفقات النقد الأجنبي، واستمرار المشروعات القومية الكبرى".

 وتابع:  "الإصلاحات الهيكلية وزيادة مساهمة القطاع الخاص ستلعب دورا رئيسيا في تعزيز النمو، وتوقع البنك الدولي  بنمو الاقتصاد المصري بين 4-4.3%، خاصة مع توسع قطاعي الصناعة والتكنولوجيا، ورفعت وكالة فيتش  التصنيف الائتماني لمصر مؤخرا إلى "B"، وتوقعت تحسنًا في الأداء الاقتصادي، مع انخفاض معدلات التضخم واستقرار الجنيه المصري". 

وأكد الخبير الاقتصادي: "تتوقع المؤسسات  تباطؤ التضخم في 2025 نتيجة لسياسات نقدية متشددة وسيطرة الحكومة على الأسواق، وتوقعت تراجع التضخم إلى مستويات اقل من 20% مقارنة بالمستويات المرتفعة في 2023 و2024". 

  وأوضح: "تشير التوقعات إلى زيادة ملحوظة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بفضل إصلاحات بيئة الأعمال، وتحسين التشريعات وحوافز الاستثمار، واستقرار أوضاع النقد الأجنبي بعد زيادة الاحتياطيات، وتوقع البنك الدولي تحقيق استثمارات أجنبية تتجاوز 12 مليار دولار في 2025، مع تركيز على قطاعات الطاقة المتجددة والصناعة".

وأشار الإدريسي: "أما عن القطاعات الواعدة في 2025، ستكون الصناعة والتصدير، حيث أنها ستعزز مصر صادراتها خاصة في قطاعات الغاز الطبيعي، الكيماويات، والصناعات التحويلية، ومن الممكن أن تنمو صادرات مصر بنسبة تتراوح بين 15-20% مع زيادة الاتفاقيات التجارية، أما عن الطاقة المتجددة، فبفضل مشروعات مثل "بنبان للطاقة الشمسية"، يتوقع أن تصبح مصر مركزا إقليميا للطاقة".

تباطؤ التضخم .. الإدريسي يوضح كيفية تحقيق الاقتصاد المصري نموا مستداما في 2025الرئيس السيسي يوجه بضرورة استمرار التنسيق بين البنك المركزي والمالية لدعم الاقتصادالتحديات المحتملة التي ستواجه الاقتصاد

وأردف: "لكن هناك العديد من التحديات المحتملة"، ومنها:
    •    الديون الخارجية:
    •    رغم تشكيل لجنة لإدارة الدين، تظل خدمة الدين عبئا كبيرا على الموازنة.
    •    التركيز على إعادة هيكلة الدين مطلوب للحفاظ على الاستدامة المالية.
    •    الإصلاحات الهيكلية:
    •    الإصلاحات في السوق والتوسع في دور القطاع الخاص يجب أن تكون أسرع لتحقيق النمو المتوقع.
    •    الوضع الجيوسياسي، واستمرار الأزمات العالمية مثل الحرب الروسية الأوكرانية قد تؤثر على سلاسل الإمداد وأسعار المواد الخام.

واختتم:  "رأي أن توقعات المؤسسات الدولية تبدو واقعية، خاصة مع جهود الحكومة في تعزيز النمو الاقتصادي، والتركيز على القطاعات الواعدة مثل الصناعة والطاقة المتجددة، إلى جانب تحسين بيئة الاستثمار، سيكون له أثر كبير على تحقيق هذه التوقعات، ومع ذلك، تظل معالجة التحديات الهيكلية مثل تضخم الديون ودعم القطاع الخاص مفتاحا للوصول إلى معدلات النمو المستهدفة، وإذا استمرت مصر في تنفيذ الإصلاحات وتعزيز الشراكات الدولية، فإن الاقتصاد المصري سيحقق نموا مستداما في 2025". 

ومؤسسات التمويل الدولية تتوقع انتعاش الاقتصاد المصري في 2025 بعد الإصلاحات الاقتصادية

توالت مؤسسات التمويل الدولية بالكشف عن توقعاتها المتفائلة بشأن أداء الاقتصاد المصري في عام 2025، بعد أن تمكنت مصر من عبور الأزمة الاقتصادية التي شهدتها خلال عامي 2022 و2023، والتي تفاقمت نتيجة لنقص العملات الأجنبية. هذه التوقعات جاءت بعد سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الجريئة التي نفذتها الحكومة المصرية، والتي دفعت العديد من مؤسسات التمويل الدولية إلى تعديل توقعاتها بما يخص معدلات النمو، التضخم، والدولار.

توقعات صندوق النقد الدولي 

في مارس الماضي، أعلنت الحكومة المصرية عن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، أبرزها تحرير سعر الصرف للقضاء على السوق الموازية لتجارة العملة، بالإضافة إلى استئناف قرض صندوق النقد الدولي وزيادته من 5 مليار إلى 8 مليار دولار. 

وهذه الإصلاحات تزامنت مع توقيع مصر في فبراير على اتفاقية مع شركة أبوظبي التنموية القابضة التابعة لحكومة الإمارات بقيمة 35 مليار دولار لتطوير مشروع رأس الحكمة، الذي يمتد على مساحة 170 مليون متر مربع، وهو ما اعتُبر طوق نجاة لمصر من أزمة اقتصادية طاحنة.

توقع صندوق النقد الدولي أن يسجل الاقتصاد المصري معدل نمو يبلغ 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو 2025، ويعود ذلك إلى الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة. 

وعلى المدى المتوسط، يتوقع الصندوق أن يصل النمو إلى 5%. كما أشار تقرير الصندوق إلى أن تحقيق هذا النمو يعتمد على استقرار الأوضاع في المنطقة وهدوء التوترات في البحر الأحمر خلال النصف الأول من 2025.

أما وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، فقد توقعت أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر إلى 3.7% في السنة المالية 2025، في ظل زيادة الثقة في الاقتصاد المصري وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، بالإضافة إلى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. 

توقعات بإنتعاش الإقتصاد المصري 

فيما توقعت وكالة ستاندرد آند بورز أن يشهد الاقتصاد المصري انتعاشا إلى 4.2% خلال الفترة من 2025-2027، بفضل تعديل سعر الصرف وتخفيف أسعار الفائدة.

أما فيما يتعلق بمعدلات التضخم، فقد توقع صندوق النقد الدولي أن يقترب معدل التضخم العام في مصر من 16% بحلول نهاية السنة المالية 2024/2025، مع استمرار البنك المركزي في اتباع سياسة نقدية تشددية. 

ومن جهة أخرى، توقعت وكالة فيتش أن يتباطأ التضخم في مصر إلى 12.5% بنهاية السنة المالية 2025، مع إمكانية تراجعه إلى 10.6% في يونيو 2026، في ظل استقرار سعر صرف العملة.

وفيما يتعلق بتوقعات البنوك العالمية، أشار بنك جولدمان ساكس إلى أن التضخم السنوي في مصر قد ينخفض إلى نحو 10% بنهاية 2025. 

بينما رجحت كارلا سليم، الخبيرة الاقتصادية في بنك ستاندرد تشارترد، أن يصل معدل التضخم في مصر إلى حوالي 20% في 2025، بفضل تحسن الأوضاع الاقتصادية.

وفيما يخص المعدل السنوي للتضخم، فقد تراجع إلى 25.5% في نوفمبر 2024 مقارنة بـ 26.5% في سبتمبر من نفس العام، وتوقع البنك المركزي أن يسجل متوسط معدل التضخم 26% بنهاية العام الجاري، متخطياً المستهدف البالغ 7% بزيادة أو نقص 2%.

 وفي بيان سابق، قرر البنك المركزي تمديد الأفق الزمني لمستهدفات التضخم إلى الربع الرابع من عام 2026، عند مستوى 7% (± 2 نقطة مئوية)، وذلك بناءً على توقعات التضخم وتطوراته الشهرية.

اقتصاد تونس ينمو بمعدل 1.6% مع نهاية 2024نمو اقتصاد الإمارات 3.6% في النصف الأول من 2024

مقالات مشابهة

  • توقعات مؤسسات التمويل الدولية للاقتصاد المصري في 2025| وتفاؤل مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية
  • الذهب يلمع في أفضل أداء سنوي منذ 2010
  • الذهب يتجه لتسجيل أفضل أداء سنوي منذ 2010
  • متألقة بالأسود.. زوجة أحمد زاهر بإطلالة تشعل السوشيال ميديا
  • أيمن يونس: السوشيال ميديا جننت اللاعبين في مصر
  • سكرتير عام البحر الأحمر يشهد فعاليات الدورة التدريبية (powerpoint 2010)
  • الفارسي: سيكون العام 2025 مليئا بالمفاجأت بشأن الاستقرار السياسي
  • أونصة الذهب تحقق أعلى عائد سنوي منذ 14 عامًا
  • المشاط: 14.5 مليار دولار حزم التمويل التنموي للقطاع الخاص منذ 2020
  • الانتخابات الليبية.. ما الحلول التى تراها الأمم المتحدة للتغلب على الجمود السياسي؟