حملات الانتخابات.. سطوة المال السياسي تهدد التعددية الأميركية
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
أعلنت حملة المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس، أول أمس الأحد، جمع تبرعات إجمالية بقيمة نصف مليار دولار وهو ما وصفته ناطقة باسمها بأنه "مبلغ قياسي".
لكن المبلغ يؤشر في الحقيقة على الضرر البالغ الذي يلحقه المال السياسي بالديمقراطية الأميركية، خاصة منذ قرارات المحكمة العليا عام 2010 والتي رفعت كثيرا من القيود عن تمويل الحملات الانتخابية، وفق تحليل للكاتب فرانسواز بوغون أورده موقع ميديا بارت الفرنسي.
ووفق بوغون، فإن أموال الشركات والأوليغارشية (فئة قليلة من أصحاب المال والنفوذ) صارت تهدد بتدمير صمامات أمان الديمقراطية بعد أن بات كبار الأثرياء والشركات يضربون صغار المتبرعين في الصميم، مما جعل البعض يتحدث عن البلوتوقراطية أي حكومة يسيطر عليها الأثرياء، وأسست لها قرارات المحكمة العليا عام 2010 باسم حرية التعبير.
ووفق ميديا بارت فإن القرارات -لا سيما الصادرة في القضية الشهيرة "مواطنون متحدون ضد المفوضية الفدرالية للانتخابات"- فتحت الباب واسعا أما التمويل السياسي غير المحدود خاصة في انتخابات الرئاسة، بحيث تستطيع الشركات والنقابات والجمعيات والمنظمات التبرع دون حدود، شرط ألا تكون ثمة علاقة خضوع.
لعبة الأغنياءونقلت ميديا بارت عن الكاتبة المختصة في دراسة التمويل السياسي سيارا توريس سبيليسي قولها "سيطرة الأفراد على نظام تمويل الحملات يضر بنتائج الانتخابات لصالح الأغنياء أو من تتركز في يدهم الثروة مثل الشركات".
وفي كتابها "ثمن الديمقراطية" الصادر عام 2018، تصف الفرنسية جوليا كاجي تحكم المال في الديمقراطية الأميركية قائلة "كل الحصون تهدمت ولم يعد ثمة ما يمنع تدفق التبرعات من حيث جاء وحتى الشفافية قُضي غليها.. الحزبان الديمقراطي والجمهوري تحت سطوة المال، والسياسيون من اليمين واليسار لا يغنون إلا ما يطرب له آذان ميسوري الحال".
وعددت ميديا بارت بعض التبرعات الهائلة التي ضُخت في الحملة الحالية، وتشمل مثلا 100 مليون دولار قدمها الثريٌ تيموثي ميلون للمرشح الجمهوري دونالد ترمب ولمنافس مستقل قريب منه.
وميلون ينحدر من إحدى أغنى العائلات الأميركية وحفيد وزير لوحق عام 1930 بتهمة التهرب الضريبي بعدما جمع ثروة طائلة في قطاعيْ السكك الحديد والبنوك.
أما معسكر الديمقراطيين فيدعمه مانحون أثرياء مثل ريد هوفمان أحد مؤسسي شركة "لينكد إن" ومايكل بلومبيرغ العمدة السابق لنيويورك.
وتنقل ميديا بارت -عن موقع "أوبن سيكرتس" الذي يدقق عمليات التمويل السياسي بالاستناد إلى بيانات المفوضية الفدرالية للانتخابات- أرقاما قياسية ضُربت حتى قبل 4 سنوات.
وتظهر الأرقام أن ما أنفق بحملة انتخابات 2020 الرئاسية بلغ 5.7 مليارات دولار، ليكون إجمالي ما بذل في ذلك العام 14.4 مليار دولار (إذا أضيف إليه ما أنفق بانتخابات الكونغرس وهو 8.7 مليارات) أي أن كل ما أنفق بانتخابات الرئاسة والتجديد النصفي للكونغرس عام 2022 كان ضعف ما أنفق عامي 2016 و2018.
لكن هذا هو رقم قياسي جديد يسجل هذا العام على الأرجح.
الأرقام تشير إلى أن حملة ترامب تلقت تبرعات أقل من منافسته هاريس بالانتخابات الرئاسية (رويترز) مال مريبوتشرح ميديا بارت كيف تجمع الأموال في حملات انتخابات الرئاسية عبر اللجان الرسمية بحملة المرشح من جهة، ومن جهة أخرى عبر لجان العمل السياسي التي زاد دورها منذ الأحكام الصادرة عام 2010، وباتت تستطيع جمع تبرعات من شركات ونقابات وجمعيات وخواص وكان إنفاقها من دون حد، بل وتستطيع إطلاق حملة لصالح مرشح معين أو ضده.
ورغم أن لجان العمل السياسي يفترض فيها أن تكشف عن مانحيها، فإن الوصول إلى هؤلاء شبه مستحيل عمليا، ومن الصعب بمكان معرفة من يقف فعلا وراء شركة أو جمعية معينة، ومن هنا يأتي الحديث عن "المال المريب".
وتعرف سيارا توريس سبيليسي المال المريب بأنه "ينفق في الانتخابات الأميركية من دون كشفه لعامة الشعب بحيث لا يستطيع معرفة مصدره بالضبط".
وحسب سبيليسي مؤلفة كتاب "دكتاتورية الشركات: كيف نحمي الديمقراطية من المال المريب والسياسيين الفاسدين" فإن مشكلة هذا النوع من التمويل قديمة "لكنها تفاقمت بعد قرار المحكمة العليا عام 2010" فبات صعبا معرفة المانح، وأصبح أي كان يستطيع التستر مثلا وراء مؤسسة غير ربحية، ناهيك عن احتمال التدخل الأجنبي.
وتشرح خطورة هذا المال قائلة "عندما تصل رسالة سياسية إلى ناخب من دون أن يعرف من يحاول التلاعب بصوته، فإن من الصعب للغاية تقييم مصداقية الرسالة. فإذا كنت تعرف أنها قادمة من شيفرون (عملاق قطاع الطاقة الأميركي) فإن تأويلك لها يختلف عنه إن كانت قادمة من غرينبيس. لكن ماذا لو استطاعت شيفرون التخفي وراء اسم هو ستار للتلاعب به، كما تفعل الشركات في كثير من الأحيان، حينها سيلتبس الأمر على الناس".
وتظهر أحدث الأرقام (بالاستناد إلى منظمة أوبن سيكرتس ورويترز) أن مجموع ما تلقاه المعسكر الديمقراطي من تبرعات في حملة انتخابات الرئاسة الحالية بلغ مليار دولار، مقابل نحو 472 مليونا لترامب.
زمن الإجماعوحسب ما أوردته ميديا بارت فإن الزمن -الذي كان يجمع فيه الحزبان (الديمقراطي والجمهوري) على ضرورة ضمان شفافية التمويل السياسي- قد ولى، فبعد استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون (الذي تلقى في حملته ضد الحزب الديمقراطي تبرعات دفعها أثرياء وشركات) تبنى الكونغرس إصلاحات حاسمة لتعزيز التمويل العام وتقليل إنفاق المرشحين وتحجيم المصالح الخاصة، ثم جاء قانون آخر أقره الحزبان عام 2002 برعاية الجمهوري جون ماكين والديمقراطي روس فينغولد، كان بين أبرز بنوده وضع سقف لتمويل الحملات الانتخابية.
وتضيف سبيليسي -التي ترى أن الجمهوريين أكثر حرصا على رفض وضع سقف للتمويل- أن الإجماع تحطم عام 2010 بصدور قرار المحكمة العليا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التمویل السیاسی المحکمة العلیا میدیا بارت ما أنفق عام 2010
إقرأ أيضاً:
الأبيض: مع التمويل من البنك الدولي سنطور مراكز متخصصة لدعم استدامتها
أقيم في قاعة الإدارة العامة لمستشفى "أوتيل ديو دو فرانس"، برعاية وحضور وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض، حفل إعلان توقيع اتفاقية تعاون بينها وبين مستشفى جزين الحكومي.
وتهدف هذه الاتفاقية، التي هي ثمرة تعاون بناء، إلى إطار تعزيز التعاون الطبي وتطوير الخدمات الصحية، في منطقة جزين. وتعتبر هذه الشراكة الاستراتيجية خطوة هامة لتعزيز الروابط بين المؤسستين وتحسين الوصول إلى خدمات صحية ذات جودة عالية للسكان المحليين.
حضر الحفل إلى الوزير الأبيض: رئيس جامعة القديس يوسف رئيس مجلس إدارة مستشفى "أوتيل ديو"الأب اليسوعي سليم دكاش، المدير العام لشبكة مستشفيات "أوتيل ديو" نسيب نصر، رئيس لجنة الصحة النائب بلال عبدالله ونواب حاليون وسابقون من المنطقة.
كما حضر رئيس اتحاد بلديات جزين خليل حرفوش ومدير مستشفى جزين الحكومي الدكتور الياس مسعد، بالإضافة إلى العديد من شخصيات وفعاليات المنطقة وعميد كلية الطب في جامعة القديس يوسف ومديري ورؤساء أقسام المستشفى في "أوتيل ديو".
بعد كلمة ترحيبية للحضور، أكد نسيب نصر: "إن هذه المبادرة مع المستشفى الحكومي في جزين تجسد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي دعمها مستشفى "أوتيل ديو دو فرانس، والذي عمل دائما من أجل مصلحة المجتمع بفضل إرادة معالي وزير الصحة، تم وضع مشروع للتعاون بهدف دعم مستشفى جزين والمنطقة".
أضاف :"هذه الشراكة تهدف إلى التوسع تدريجيا لتشمل المزيد من المواطنين، ويمكن أن تكون نموذجا في مجالات أخرى، خاصة في مجال الصحة".
وأمل نصر "أن نساهم كشبكة مستشفيات في نهضة البلد بعد كل ما مر به من صعوبات"، معبرا عن "شكره وامتنانه العميق لمعالي وزير الصحة، تقديرا لجهوده الاستثنائية خلال فترة ولايته، خصوصا أنها كانت فترة أزمات اقتصادية وأمنية".
من جانبه، تحدث النائب الدكتور شربل مسعد، وقال:" "يشرفني أن أكون هنا اليوم في هذه اللحظة المهمة، التي تمثل خطوة كبيرة مع توقيع اتفاقية التعاون. تعكس هذه الشراكة رؤيتنا المشتركة لتعزيز القطاع الصحي في جزين، ووضع الإنسان وصحته في قلب أولوياتنا".
أضاف :"الصحة هي حق أساسي لكل مواطن، وتتطلب جهودا مشتركة لتقديم خدمات صحية عالية الجودة. من خلال هذه الشراكة، نؤكد التزامنا بتوفير خدمات صحية حديثة وتطوير تدريب المهنيين المحليين.
وقد شكر في ختام كلمته "كل من ساهم في هذه المبادرة".
بدوره، البروفيسور سليم دكاش، قال في كلمته: "هذا المشروع هو بركة وفرصة لتذكير الجميع بأن مستشفى أوتيل ديو دو فرانس وجامعة القديس يوسف حاضران دائمًا لخدمة المجتمع ويحملان رسالة مشتركة. منذ القرن السابع عشر، كان اليسوعيون في صيدا وجزين، وهي منطقة عزيزة على قلوبنا وعلى قلوب جميع اللبنانيين. وجودنا في هذه المناطق هو وجود للتنمية والبركة".
وأكد "نحن مستمرون في هذه المهمة مهما كانت التحديات، ونحن ملتزمون بشكل خاص بتطوير الإنسان، مع التركيز على التعليم الجامعي والمدرسي، وكذلك الصحة والخدمات الطبية. معا، سننقذ لبنان".
من جهته، أكد الدكتور فراس الأبيض: "أنا سعيد جدا بوجودي هنا في هذه اللحظة التي أعتبرها مهمة جدا، أولا للشعب اللبناني، وثانيا لقطاع الصحة، وبشكل خاص لوزارة الصحة. نعلم جميعا أن إحدى أكبر المشاكل كانت الوصول إلى الخدمات الصحية المتطورة. نحن في وزارة الصحة نركز على تعزيز خدمات الرعاية الصحية الأولية، ونولي اهتماما خاصا أيضا للخدمات الثانوية التي تلي هذه الخدمات".
أضاف :"مع التمويل من البنك الدولي، سنطور مراكز متخصصة بالقرب من المستشفيات الحكومية لدعم استدامتها. هذه المهمة لا يمكن أن نحققها بمفردنا، ولذلك كان التعاون مع القطاع الخاص أمرا أساسيا. اليوم، نبدأ هذا التعاون بين القطاعين العام والخاص في أوتيل ديو."
وختم الأبيض : "أنا فخور جدا بإرث ومستوى جامعة القديس يوسف ومستشفى أوتيل ديو، الشريك الرئيسي لوزارة الصحة".
وفي ختام اللقاء، قال الدكتور إلياس مسعد: "بالنيابة عن إدارة مستشفى جزين، أشكركم على كل الدعم الذي قدمتموه لنا وعلى المساندة التي ساعدتنا في تحقيق هذه اللحظة. نأمل أن يكون هذا التعاون بداية مرحلة جديدة لمستشفى جزين".
وفي ختام كلمته، قدم مسعد هدايا رمزية من منطقة جزين للمسؤولين عن هذا الحدث، تعبيرا عن الشكر لكل الجهود التي بذلت".