كشف الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة في مصر، وما رافقه من انقطاعات متواصلة للكهرباء لساعات طويلة، عن أزمة في توفر الغاز، رغم إعلان الحكومة الاكتفاء الذاتي في أيلول/سبتمبر عام 2018 بفعل احتياطيات كبيرة اكتشفت في البحر المتوسط.

وتؤكد أزمة توفر الغاز في مصر، ما كشفته "عربي21" في تقرير لها قبل عامين، من أن حقل ظهر المصري للغاز شهد تراجعا في الإنتاج لأسباب فنية، فضلا عن عدم الاستفادة من فوائض الغاز في التصدير بسبب زيادة الاستهلاك المحلي.



إقرأ أيضا: خبراء: مصر لن تستفيد من ارتفاع أسعار الغاز لهذه الأسباب


وأثار انقطاع التيار الكهربائي هذا الصيف بشكل متكرر لساعات طويلة تساؤلات حول إمدادات الغاز، التي تمثل 77 بالمئة من توليد الكهرباء في مصر في عام 2022، حسبما ذكرت شركة "بي.إم.آي ريسيرش" للأبحاث.

وكانت الحكومة المصرية قد قررت في عام 2022 ترشيد استخدام الكهرباء، حتى تتمكن من تصدير المزيد من الغاز لجلب كمية أكبر من الدولارات، لكن زيادة الطلب المحلي ألغى خططها باستمرار تصدير الغاز حتى الخريف المقبل.

إلى جانب زيادة الطلب، انخفض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي انخفض إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، بحسب ما أظهرته أرقام صادرة عن مبادرة بيانات المنظمات المشتركة "جودي".

 
وزاد الطلب على الغاز محليا إلى ما يقرب من 63 مليار متر مكعب يوميا لتوليد الكهرباء من محطات الطاقة الجديدة الضخمة، وإمداد مصانع الحديد والصلب والأسمدة بالطاقة2020 مقارنة بـ 47 مليار متر مكعب عام 2015/2014.

وتم اكتشاف احتياطيات ضخمة في البحر المتوسط ودلتا النيل تقدر بنحو 2.1 تريليون متر مكعب، أدخل مصر نادي الدول المنتجة للغاز، وجعلها في المرتبة السادسة عربيا، وفقًا لشركة النفط والغاز "BP" في تقريرها السنوي الصادر تحت عنوان "المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية 2021".

وكان الباحث المتخصص في شؤون الطاقة والعلاقات الدولية، خالد فؤاد، قد توقع بدء انتهاء فترة الاكتفاء الذاتي نتيجة ارتفاع الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي بعد التوسع في استخدامه في إنتاج الكهرباء والمصانع والمنازل والسيارات، إضافة إلى إيلاء التصدير أولوية قصوى في إطار استعادة دورها الإقليمي في الشرق الأوسط .

دراسات تؤكد تراجع إنتاج الغاز
وكشفت العديد من الدراسات مؤخرا تراجع إنتاج حقل ظهر من الغاز، حيث ذكر موقع "ميدل إيست إيكونوميك سيرفاي" المعني بالدراسات الاقتصادية للشرق الأوسط، "تراجع إنتاج الحقل بنسبة 11 في المئة عن العام الماضي إلى 2.45 مليون متر مكعب في اليوم".

كما أظهرت أرقام صادرة عن مبادرة بيانات المنظمات المشتركة "جودي"، تراجع إنتاج الغاز الطبيعي من كانون الثاني/ يناير إلى أيار/ مايو، بواقع تسعة بالمئة على أساس سنوي، و12 بالمئة مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2021.

وخفضت وكالة فيتش في تموز/ يوليو توقعاتها لإنتاج الغاز في مصر في عام 2023، بواقع أربعة بالمئة، بعد أن توقعت في وقت سابق ارتفاعه واحدا بالمئة على أساس سنوي. وعزت الوكالة قرارها إلى انخفاض الإنتاج وارتفاع معدلات النضوب في الحقول الحالية.

وقال محللون ومصدر في قطاع الغاز إن الإنتاج تقلص بسبب مشكلات تتعلق بتسرب المياه في حقل ظهر، الذي تُقدر احتياطاته من الغاز بنحو 30 تريليون قدم مكعب، وتبلغ قدرته الإنتاجية 3.2 مليار قدم مكعب يوميا.


وتوقع كبير محللي الغاز الطبيعي المسال في بورصة لندن، أولوميد أجايي: أن"يكون لانخفاض الإنتاج من الحقل تأثير ملحوظ على إنتاج الغاز، الذي يوفر الحقل نحو 40 بالمئة من إجمالي إنتاج الغاز في البلاد".
خيارات مصر لمواجهة تراجع إنتاج الغاز والبدائل

في تقديره الجديد لأزمة بخصوص تراجع إنتاج الغاز، يرى الباحث المتخصص في شؤون الطاقة والعلاقات الدولية، خالد فؤاد، أن "تراجع إنتاج الغاز ليس معناه استمرار تراجع الإنتاج، وهناك حلول فنية قادرة على وقف هذا التراجع وتبقي على معدلات الإنتاج الحالية، وهناك مساران لمواجهة الأزمة، المسار الأول، هو زيادة الاستثمارات في الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز، إلا أن نتائجها تظهر على المدى البعيد من 3 إلى 5 سنوات".

وأضاف لـ"عربي21": "لكنها خطوة مهمة وضرورية لمواجهة العجز الحالي، وفي هذا الصدد أعلنت وزارة البترول المصرية عن وجود استثمارات بقيمة 1.8 مليار دولار لحفر آبار للتنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط ودلتا النيل خلال العامين القادمين ولكنها غير كافية؛ لأن مصر بحاجة إلى استثمارات من الشركات الصغيرة والمتوسطة لكنها تواجه مصاعب بسبب أن الأوضاع الاقتصادية غير مشجعة على الاستثمار إلى جانب عدم استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري".

وتابع فؤاد: "المسار الثاني والأهم والذي توقعناه من فترة وهو أن مصر سوف تتعرض لانتهاء الاكتفاء الذاتي من الغاز لأن معدلات استهلاك الغاز أعلى معدلات الإنتاج ولذلك يجب أن تكون هناك خطة بعيدة المدى لمواجهة العجز من بينها الاعتماد على استيراد الغاز ولكن ليس الغاز الإسرائيلي لأن الاعتماد عليه بشكل منفرد دون أن يكون هناك بدائل أخرى يجعل إسرائيل تستخدم الغاز كأداة ضغط سياسي، لذلك يجب تنويع مصادر الاستيراد".

خلل فني وخسارة إنتاجية
بدوره، أكد خبير شؤون النفط والطاقة، الدكتور نهاد إسماعيل، وجود عيوب فنية أدت إلى تراجع إنتاج الحقل، وقال: "هناك خلل فني يتعلق بتسرب المياه الى الحقل، هذا أمر فني ويمكن معالجته بمساعدة شركات طاقة مثل إيني وشل ولكن الخسارة الإنتاجية حوالي 9 بالمئة".


وأضاف في حديثه لـ"عربي21": أن "إنتاج مصر من الحقل بلغ 2.7 مليار قدم مكعب يوميا قبل تسرب الماء والآن حوالي 2.3 مليار قدم مكعب يوميا"، مشيرا إلى أن "حقل ظهر يحتوي على احتياطيات من الغاز تقدر بنحو 33 تريليون قدم مكعب".

أما فيما يتعلق بخيارات الحكومة للتعامل مع أزمة نقص الغاز، أوضح إسماعيل أن "الحقل قادر على إنتاج 3.2 مليار قدم مكعب يوميا، الانخفاض ويمثل 40 بالمئة من الإنتاج العام وقد تضطر الدولة لاستيراد غاز من مصادر أخرى لتعويض النقص، لكن هذه الأزمة ستكون قصيرة الأمد".

وأعلنت الحكومة في تموز/ يوليو الماضي، تدشين برنامج تصل قيمته إلى 1.8 مليار دولار لحفر آبار للتنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط ودلتا النيل، واستكشاف حقل نرجس البحري الذي يُتوقع أن يصل حجم احتياطاته إلى نحو 2.5 تريليون قدم مكعب.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصر الغاز الطبيعي الجنيه المصري مصر الجنيه المصري الغاز الطبيعي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی البحر المتوسط الغاز الطبیعی متر مکعب الغاز فی من الغاز حقل ظهر فی مصر

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد يشيد بأداء الاقتصاد المصري.. تراجع التضخم ونمو ملحوظ.. وخبير يكشف الأسباب

يشهد الاقتصاد المصري تحولات متسارعة في ظل التغيرات العالمية والتحديات الإقليمية، مما يفرض الحاجة إلى متابعة دقيقة للتأثيرات المحتملة، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة. في هذا السياق، تتباين وجهات النظر بشأن انعكاسات السياسات الاقتصادية الدولية، لا سيما الأمريكية منها، على الأداء الاقتصادي المحلي، في حين تبرز مؤشرات إيجابية تُعزز الثقة في المسار الإصلاحي الذي تنتهجه الحكومة المصرية بالتعاون مع مؤسسات دولية كصندوق النقد الدولي.

قال صندوق النقد الدولى، خلال مؤتمر صحفى خاص بتقرير آفاق الاقتصاد العالمى، إنه من المتوقع أن يسجل معدل التضخم فى مصر خلال العام المالى الحالى 2024 - 2025، نسبة 19.7% متوقعاً أن ينخفض التضخم إلى نسبة 12.5% العام المالى المقبل 2025 - 2026.

ويعد تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادر عن صندوق النقد الدولى أحد أبرز التقارير التى يصدرها صندوق النقد خلال اجتماعات الربيع الحالية التى انطلقت فى العاصمة الأمريكية واشنطن.

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصاد مصر إلى 3.8% خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي في يونيو 2025 مقابل 3.6% في توقعات سابقة، بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.

كان معدل نمو اقتصاد مصر سجل انكماشا 2.4% خلال العام المالي الماضي بسبب أزمة نقص النقد الأجنبي التي مرت بها مصر وانعكاس ارتفاع التوترات في منطقة البحر الأحمر على إيرادات قناة السويس.

لكن الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، توقعت في وقت سابق ارتفاع معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 4% خلال العام المالي الحالي.

رفع الصندوق توقعاته أيضا لنمو الناتج المحلي المصري للعام المالي المقبل إلى 4.3% من 4.1% في توقعات سابقة، بحسب ما جاء في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.

وتوقعت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ارتفاع معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 4.5% في العام المالي المقبل (2025-2026)، رغم التحديات الناتجة عن السياسات التجارية الحمائية العالمية.


التأثيرات المباشرة محدودة.. ولكن الحذر مطلوب

أكد جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن القرارات التجارية الأمريكية الأخيرة، بما في ذلك رفع التعريفات الجمركية، لن يكون لها تأثير مباشر كبير على الاقتصاد المصري. ويُعزى ذلك إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة لا يمثل نسبة كبيرة من النشاط التجاري الكلي لمصر.

ومع ذلك، شدد أزعور خلال مؤتمر صحفي عُقد الخميس، على ضرورة الانتباه للتأثيرات غير المباشرة التي قد تنجم عن هذه السياسات، لا سيما من خلال قنوات مثل تدفقات رؤوس الأموال، والاستقرار المالي العالمي. كما أشار إلى أن اتساع هوامش العائد على السندات خلال السنوات الأخيرة قد يفرض ضغوطًا على البلدان ذات الدين المرتفع، ومنها الدول متوسطة الدخل، فيما يتعلق بتكاليف الاقتراض.

مؤشرات إيجابية تعكس تعافي الاقتصاد

من جانبه، يرى الدكتور هاني الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، أن توقعات صندوق النقد الدولي بشأن الاقتصاد المصري تحمل الكثير من الإشارات الإيجابية. وأوضح أن تحسن الأداء الاقتصادي يعكس استقرار سوق الصرف، وزيادة تدفقات النقد الأجنبي، إلى جانب استمرار برنامج الطروحات الحكومية، ما يعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.

وأكد الشامي أن التحسن في معدلات النمو الاقتصادي يعني ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، وهو مؤشر على تنشيط قطاعات رئيسية كالسياحة، والصناعة، والخدمات. كما أن هذه العودة القوية للنشاط الاقتصادي تُمهد الطريق لخلق فرص عمل وتحفيز الاستثمار.

انخفاض التضخم.. وتأثيره على المواطن

وفيما يتعلق بالتضخم، أشار الشامي إلى أن انخفاض معدله يدل على تباطؤ وتيرة ارتفاع الأسعار، مما ينعكس إيجابًا على القوة الشرائية للمواطنين. ويرى أن هذا التحسن غالبًا ما يكون نتيجة لاستقرار سعر الصرف، وتحسن السياسة النقدية، وتوافر السلع الأساسية.

وشرح أن من بين أبرز أسباب التحسن في الوضع الاقتصادي، التزام الحكومة ببرنامج إصلاح اقتصادي شامل بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، إلى جانب تحسن إيرادات قطاعات حيوية مثل قناة السويس والسياحة، وارتفاع تحويلات المصريين من الخارج، فضلاً عن جذب استثمارات أجنبية مباشرة.

الطريق نحو استقرار اقتصادي طويل الأمد

في ختام حديثه، أكد الشامي أن هذه المؤشرات الإيجابية ليست عشوائية، بل تعكس جهدًا حكوميًا منظمًا لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار المالي. ويؤكد أن هذه الجهود، إذا ما استمرت، ستسهم في تعزيز النمو الاقتصادي المصري على المدي المتوسط والبعيد.

وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن مصر تسير في طريق متوازن بين التحديات الخارجية والفرص الداخلية، معتمدة على رؤية اقتصادية واضحة وشراكات دولية استراتيجية.

في ضوء المعطيات الحالية، يظهر أن الاقتصاد المصري يسير بخطى ثابتة نحو التعافي والاستقرار، مستفيدًا من تحسن المؤشرات الاقتصادية وتزايد ثقة المستثمرين. ورغم محدودية التأثيرات المباشرة للسياسات التجارية العالمية، إلا أن الحذر والتخطيط الاستباقي يظلان ضروريين لمواجهة أي تداعيات غير مباشرة. ومع استمرار الإصلاحات والدعم الدولي، تملك مصر فرصة حقيقية لبناء اقتصاد أكثر صلابة وشمولية في المستقبل.

طباعة شارك الاقتصاد التضخم الاقتصاد العالمى الحكومة مصر واشنطن

مقالات مشابهة

  • الحكومة المصرية: لن نقطع الكهرباء خلال فصل الصيف
  • الذهب يتراجع في السعودية.. خسارة مفاجئة اليوم رغم الارتفاع القياسي العالمي
  • لواء احتياط إسرائيلي: لهذه الأسباب لن يتمكن الجيش من هزيمة حماس في غزة
  • البترول: نوفر 1.5 مليار دولار من فاتورة استيراد الغاز كل 6 أشهر
  • البترول: زيادة الإنتاج وفرت 1.5 مليار دولار من الفاتورة الاستيرادية منذ يناير
  • انخفاض أسعار البيض والدواجن.. شعبة المواد الغذائية تكشف الأسباب
  • خبير عسكري: لهذه الأسباب تلزم إسرائيل جنودها بالبقاء بعد انتهاء خدمتهم
  • الدينار ينتعش والدولار يتراجع.. مستشار حكومي يكشف الأسباب
  • 10.3 مليار متر مكعب إنتاج الغاز و88.8 مليون برميل نفط خلال الربع الأول 2025
  • صندوق النقد يشيد بأداء الاقتصاد المصري.. تراجع التضخم ونمو ملحوظ.. وخبير يكشف الأسباب