أسلحة تنفجر وصواريخ تطلق بشكل معكوس: حوادث غريبة لجيش الاحتلال بغزة
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
كشف المحلل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية يوآف زيتون اليوم الثلاثاء عن سلسلة من حوادث السلامة الغريبة التي تعرض لها جنود الاحتلال في قطاع غزة في الأيام الأخيرة، والتي أدت في إحداها إلى مقتل ضابط إسرائيلي.
وقال زيتون "إلى جانب تراجع عدد القوات، وجولات القتال المطولة التي يخوضها جنود الاحتياط لمدة عام تقريبا، كانت هناك سلسلة من حوادث السلامة التشغيلية في قطاع غزة مؤخرا.
وأضاف المحلل أن التفاصيل الأولية لتحقيق الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن خلية من 4 مقاتلين تمكنت في وضح النهار من التسلل إلى منطقة خاضعة لسيطرة عمليات الجيش الإسرائيلي في محور نتساريم الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبها، حيث أطلقوا النار على الضابط الإسرائيلي أورين، فأصابوه، ولكنه تمكن من الرد على النار وقتل أحد المهاجمين، وقُتل لاحقا متأثرا بجراحه".
ونقل زيتون عن رواية الجيش الإسرائيلي التي تقول "أثناء الهجوم، انفجر سلاح واحد على الأقل لضابط إسرائيلي نتيجة للأوساخ المتراكمة فيه. ووفقا للشهادات، عانى جندي آخر في القوة أيضا من عطل خطير في سلاح مماثل. كجزء من الدروس المستفادة من التحقيق، طلب من جنود الاحتياط الحفاظ على أسلحتهم نظيفة يوميا".
كما نقل عن مصادر جيش الاحتلال اعترافها بأن "هذه حادثة استثنائية يزداد فيها مستوى جرأة مقاتلي حماس الذين يصلون مسلحين إلى موقع دائم لجيش الدفاع الإسرائيلي في محور نتساريم".
وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد بثت مشاهد غير مسبوقة لكمين نصبته في محور نتساريم، وقالت إن 4 من مقاتليها تمكنوا من دخول المحور والإغارة على قوة إسرائيلية مكونة من جيبين، وتفجير عبوتين بأفرادهما، وإيقاع قتلى وجرحى في صفوفهما.
وتعليقا على الحادث، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي "في أعقاب الحادث المؤسف، يجري تحقيق، وبعد ذلك سيتم تعلم الدروس وتقديم نتائجه إلى العائلة الثكلى".
إطلاق عكسيأما الحادث اللافت الثاني الذي تعرض له جنود الاحتلال، فقد وقع قبل بضعة أيام، عندما أطلق جندي إسرائيلي صاروخا مضادا للدبابات محمولا على الكتف دخل حديثا للخدمة في الجيش الإسرائيلي، ولكنه استخدم القاذف بالاتجاه المعاكس، دون أن يتسبب ذلك بإصابات في جنود الاحتلال، لأنهم لم يكونوا خلف القاذف مباشرة وإنما على جانبه.
وأوضح المراسل العسكري أن سبب الخطأ الخطير هو أنه "تم وضع الملصق الذي يحدد اتجاه إطلاق النار رأسا على عقب، لذلك كان المقاتل مرتبكا"!
وشرح زيتون الحادث الثالث الذي قال إنه وقع صباح أمس، بالقول "خلال تفتيش روتيني للذخيرة لدبابة في موقع عملياتي على حدود غزة، وصل طاقم التسلح إلى الدبابة من أجل التحقق من سلامتها دون إبلاغ طاقمها الموجود بقربها.. قام الفاحصان من قاعدة "تسيلم" البرية بفحص برج الدبابة والكهرباء، وقام أحدهما أيضا بفحص نظام إطلاق الدبابة، وضغط على زناد الإطلاق للتأكد من أن النظام يعمل دون معرفة أن الدبابة محملة بقذيفة. في البداية، خشي فريق الفاحصين من أن يكون صاروخا مضادا للدبابات هو الذي أصاب الدبابة بسبب الانفجار القوي، ولكن سرعان ما أصبح واضحا أنه لم يصب أحد في الحادث".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی محور نتساریم قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
“غريبة الروح .. حكاية الشاعر الذي كتب وجعه بالحبر والحنين”
بقلم : سمير السعد ..
شاعر الاغتراب والحنين الذي صوّر وجعه على وتر الحياة و في زوايا مدينة الناصرية، تلك الأرض الخصبة بالإبداع والموشومة بحكايات العشق والخيبات، وُلد الشاعر جبار الغزي. شابٌ حمل في قلبه روحًا حساسة عكست وجدان الجنوب الجريح. لم تكن مسيرته إلا سلسلة من محطات الألم والاغتراب، حفرها الزمن بيدٍ قاسية في ملامحه وروحه.
في مطلع شبابه، وقع الغزي في حب فتاة جميلة أخلاقًا وشكلاً، ارتبطت مشاعرها به تأثرًا بعذوبة كلماته ودفء روحه الشاعرية. كان يخطّ لها قصائد تشبه ندى الصباح، ويرسلها كرسائل حب تفيض بالعاطفة. لكنها، كأغلب قصص العشق المأساوية، انتهت برفض قاطع من أهلها، تاركين جبارًا في مواجهة الفراغ العاطفي والخذلان.
لم يستطع أن يجتاز هذه النكسة بسهولة. هرب إلى بغداد، محاولًا دفن جرحه بين دروبها الصاخبة، ولكنه لم يجد في شوارعها وأزقتها سوى غربته التي صارت رفيقة ليله ونهاره. هناك كتب واحدة من أعذب قصائده، “غريبة الروح”، التي أظهرت عذابه الداخلي وصراعه مع الذكريات !
“غريبة الروح لا طيفك يمر بيها
ولا ديره التلفيها
صفت وي ليل هجرانك ترد وتروح
عذبها الجفه وتاهت حمامة دوح”
وسط هذا التيه، حملت بغداد له لقاءً يعيد دفءًا مؤقتًا لروحه، حين التقى أمه تحت نصب الحرية بعد سنوات طويلة من الفراق. كان المشهد أشبه بمسرحية حزينة، حيث اجتمع العناق بين دموع الفقد وشوق اللقاء. عكست هذه اللحظة جبار الإنسان، الذي حمل أوجاع الوطن وفقد الأحبة في آنٍ واحد.
مع مرور الوقت، تحوّل الحنين إلى حالة مستديمة في حياة الغزي. كان يتمنى عودة محبوبته، ولو كغريبة تعبر دروب بغداد. حمل في داخله شوقًا مكابرًا، كالعطش للماء الذي لا يرتوي أبدًا ! .
“تحن مثل العطش للماي تحن
ويلفها المكابر
ويطويها وانت ولا يجي ببالك
تمر مرة غرب بيها واهيسك جرح بجروحي
يمرمرني وتحن روحي”
حين كتب “غريبة الروح”، لم تكن مجرد كلمات على ورق؛ بل كانت هوية شعرية تحمل توقيعه الأبدي. جسّد الفنان حسين نعمة هذه المشاعر بصوته، مانحًا النص حياة جديدة تتخطى حدود الكلمات. أضاف الموسيقار فرحان محسن لحنًا يمزج بين الحزن والشجن، ليصبح العمل مرآةً صادقة لروح الغزي.
رغم محاولات الغزي لتجاوز خساراته، بقيت روحه غريبة في هذا العالم. استمر وجعه كشاعر يعكس معاناة كل من عاش الغربة والفقد. ربما لم ينصفه الزمن، لكن أعماله ستظل شاهدة على شاعر جعل من الحزن إبداعًا، ومن الألم قصيدة خالدة.
هكذا، يبقى جبار الغزي رمزًا إنسانيًا يحمل تفاصيل حكاية وطن بأكمله، حيث الحب والخذلان، الغربة والحنين، والشعر الذي يخلد الأرواح المتعبة.
رحلة الغزي لم تكن رحلة فردية، بل كانت انعكاسًا لمأساة جيلٍ بأكمله. جيل عاش تحت وطأة الظروف القاسية التي مزجت بين الحروب والخذلان والهجرة القسرية. في كل بيت شعري كتبه، كان ينطق بلسان المحبين المحطمين، وبصوت كل غريب حمل قلبه عبء الذكريات.
قصائده لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل صور شعرية مؤثرة عكست شعوره بالضياع والخذلان، وجعلت مستمعيه يشعرون وكأنهم جزء من قصته. كان الحزن حاضراً في كل حرف، كأن روحه نُقشت على الورق. لم يكن الغزي شاعرًا تقليديًا يكتب فقط للتسلية أو الوصف، بل كان شاعر القلب الجريح الذي استمد إلهامه من تجربة عاطفية وإنسانية عميقة.
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته قصائده، ظل الغزي أسير الحزن. لم تشفِ الشهرة جراحه ولم تملأ الفراغ الذي تركه حبّه الأول. حياته انتهت بمأساة لم تكن غريبة على مسيرته المليئة بالألم. ترك هذا العالم وهو لا يزال غريب الروح، باحثًا عن طيف محبوبته، وعن مدينته التي لم تلتئم جراحها في قلبه.
اليوم، وبعد عقود من رحيله، ما زالت كلماته تُتلى كأنها صلوات على أرواح المتعبين. “غريبة الروح” ليست مجرد قصيدة ، إنها مرآة لروحه ولأرواح كل من فقد شيئًا أو شخصًا أحبّه.
حمل الناصرية في قلبه وبغداد في غربته، ترك بصمة لا تمحى في تاريخ الشعر الشعبي العراقي. لم يكن مجرّد شاعر كتب عن الحب والفقد، بل كان صوتًا للروح العراقية المعذّبة، وصورة حيّة لصراع الإنسان مع أقداره.
ويبقى السؤال الذي تركه وراءه معلقًا في وجداننا ..
“هل يمكن للغريب أن يجد وطنًا لروحه، أم أن الغربة قدرٌ لا فرار منه؟”