ستيفن كورنيش*

في مثل هذا الوقت من العام الماضي، اطلعت على شهادة طفل نزح من الخرطوم مع عائلته في الأيام الأولى من الحرب بحثا عن مأوى في شرق السودان. وعلى الرغم من الأهوال من حوله، كان أشد ما يقلقه أن صوت إطلاق النار والغارات الجوية يعني أنه سيجوع. بالنسبة لهذا الطفل، كانت الحرب تعني فقدان الأساسيات الحياتية اليومية، كالحصول على الغذاء.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أمضى في الاعتقال 23 عاما.. موقف صادم أبكى المقدسي سامر متعبlist 2 of 2بين لحظات انكسار وإصرار.. طالبات أفغانيات يندبن ضياع أعمارهنend of list

اليوم، وأنا أقرأ الأخبار عن السودان، تتجه أفكاري إلى مفاوضات وقف إطلاق النار في جنيف، على بعد بضعة كيلومترات من المكان الذي أكتب فيه هذه المقالة.

تهدف محادثات السلام التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تستضيفها كل من المملكة العربية السعودية وسويسرا، إلى جلب الأطراف المتحاربة في السودان إلى طاولة المفاوضات. وهي خطوة أولى ضرورية في عملية طويلة وصعبة من بناء أساس للسلام في هذا البلد الذي مزقته الحرب. لكنها لا تعدو مجرد خطوة.

وفي حين أن الحوار السياسي ضروري، لكن الأمر سيتطلب أكثر بكثير من إسكات البنادق لاستعادة الكرامة والعافية والرعاية الصحية لملايين الأشخاص. يتطلب الطريق إلى السلام التزاما جماعيا على المدى الطويل من كلا الطرفين المتحاربين. ويجب احترام المرافق الصحية، ويجب السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين.

أزمة السودان متعددة الأوجه. نزح 10 ملايين شخص، أي حوالي خمس السكان، مما يجعلها أكبر أزمة نزوح في العالم. وينتشر سوء التغذية على نطاق واسع في العديد من المناطق، ويهدد حتى الخرطوم، التي تقع على خط المواجهة منذ أبريل/نيسان 2023.

وقد وصل سوء التغذية إلى مستويات كارثية، حيث عالجت أطباء بلا حدود أكثر من 20 ألف طفل يعانون من سوء التغذية بين يناير/كانون الثاني، ويونيو/حزيران 2024. وانهارت المنظومة الصحية، مع توقف 70-80% من المرافق عن العمل، تاركة عددا لا يحصى من الناس دون رعاية.

وبعد 16 شهرا من الحرب، يواصل الطرفان المتحاربان عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، ومنع المساعدات بشكل منهجي من الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها خصومهم. وغالبا ما يكون الوصول مقيدا، مع عدم وجود ضمانات لسلامة عمال الإغاثة، أو أحيانا، يكون الوصول غير متاح على الإطلاق.

وقد أجبرت هذه الظروف منظمة أطباء بلا حدود على تعليق بعض الأنشطة، ومع ذلك تواصل فرقنا العمل في 8 ولايات من أصل 18 ولاية في السودان.

ومنظمتنا هي واحدة من منظمات الإغاثة الدولية القليلة التي لا تزال تعمل في المناطق التي يسيطر عليها طرفا النزاع، لكن قدرتنا مستنفدة، والاحتياجات هائلة.

فر مليونا شخص إلى بلدان مجاورة مثل تشاد. وعندما زرت مخيم أدري المؤقت في شرق تشاد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان معظم اللاجئين السودانيين الذين قابلتهم قد غادروا بسبب ارتفاع مستويات العنف وبسبب قلة الطعام. وتمنع الحرب المزارعين من الزراعة والحصاد، مما يترك الأسواق فارغة أو الأسعار مرتفعة للغاية بحيث لا يستطيع الكثيرون تحمل تكاليف الغذاء.

ولمنع المزيد من التدهور، يجب منح إمكانية الوصول الآمن وغير المقيد لعملية إنسانية واسعة النطاق، بغض النظر عن أي وقف لإطلاق النار. ويجب أن تتوقف ممارسة تقييد أو تحديد أولويات المساعدات على أساس السيطرة على الأراضي، مع التركيز على ضمان الوصول والأمن والحماية للمدنيين والبعثات الإنسانية.

تعد المساعدات القادمة عبر الحدود أمرا حيويا، خاصة أن موسم الأمطار يجعل طرق الإمداد المعتادة غير قابلة للعبور. وقد تعطل الإنتاج الغذائي المحلي وأسواق الاستيراد التقليدية بشدة، وسيستغرق الأمر وقتا طويلا واستثمارا كبيرا للتعافي، وهي مدة لا يستطيع السكان تحملها.

إن آمال السلام في حالة من الفوضى حاليا وستتطلب التزاما منسقا وطويل الأجل من المجتمع الدولي لإعادة ترسيخها وتمويلها بشكل كافٍ. حتى مع اختتام محادثات السلام، ستستمر الأزمة الإنسانية في السودان.

سيتطلب الطريق نحو التعافي في السودان أكثر من مجرد استجابات طارئة. تحتاج البلاد إلى شركاء على المدى الطويل -منظمات إنسانية ووكالات تنمية وصناديق إعادة إعمار- يلتزمون بمساعدة الشعب السوداني على إعادة بناء حياته.

تعد محادثات جنيف للسلام ضرورية لتهيئة بيئة للتقدم السياسي، لكن الدبلوماسية وحدها لن تكون كافية لمعالجة الأزمة الإنسانية الملحة والاحتياجات المتصاعدة لبلد مزقته الحرب الأهلية لأكثر من عام.

يجب أن تكون عملية السلام مصحوبة بإجراءات ملموسة على الأرض، إجراءات تضمن حماية المدنيين إلى جانب الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والخدمات الأساسية لجميع السودانيين.

العمل الحقيقي ينتظرنا. عندها فقط يمكننا أن نأمل في رؤية سودان تسكت فيه البنادق، ويمكن لشعبه أن يعيش بكرامة وأمن وأمل في المستقبل.

* المدير التنفيذي لمركز عمليات أطباء بلا حدود في سويسرا

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حريات فی السودان أکثر من

إقرأ أيضاً:

عيساوي: لغة الأرقام

الحكومة تكشف بالأرقام لمجلس حقوق الإنسان تفاصيل وجرائم وإنتهاكات الدعم السريع.وكانت مرافعة السودان هي: إخراج (٢٥٠) مستشفى من الخدمة. نهب وتدمير (٢٦) مصنع أدوية. وكذلك (٢٠) مصرفا. الاعتداء على (١٨) بعثة دبلوماسية. احتلال وتدمير (٤٥٠) ألف من الأعيان المدنية. إضافة لعدد (١٠٠٢) مسجد. وكذلك (٥١) كنيسة. تجنيد وقتل (٤٨٥٠) شخص. إطلاق صراح (١٩٤٨١) نزيلا من السجون وبعضهم من الإرهابيين. عدد (٩٦٦) ضحية اغتصاب. إجمالي قتلى الإنتهاكات (٢٧٥٩٤) فرد. وعدد الجرحى (٤٢٦٦١). السؤال في بريد المرتزقة وجناحها السياسي. هل كل هذا الدمار الشامل الممنهج كان بحثا عن الديمقراطية. ومحاربة دولة (٥٦) والكيزان؟؟؟. الغريب في الأمر كانت بعض قيادات تقزم داخل قاعة المؤتمر. وعندما احتج ممثل السودان. كانت المفاجأة من المنظمين بأن هؤلاء أعضاء في منظمة غربية تهتم بحقوق الإنسان (تصور). وخلاصة الأمر باسم الشعب الصامد نزجي التحية لكل الدول المحبة للسلام. ونخص تلك التي دعمت موقف السودان في هذا المؤتمر. وساندت عدالة قضيته. ومن بينها جزيل الشكر لدولتي: أريتريا وروسيا.

د. أحمد عيسى محمود
عيساوي
الخميس ٢٠٢٤/٩/١٢

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: تل أبيب تدرس إيقاف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • الشعر وفوائده الصحية: أكثر من مجرد مظهر
  • عيساوي: لغة الأرقام
  • الأغذية العالمي: العمليات الإنسانية في قطاع غزة أصبحت أكثر صعوبة
  • اليونسيف: تم تطعيم أكثر من 100 ألف طفل ضد شلل الأطفال في شمال قطاع غزة
  • أمريكا تعزز المساعدات الإنسانية لجنوب السودان
  • مصادر أممية: الأمطار في السودان فاقمت الازمة الإنسانية وأصابت مناطق واسعة في السودان
  • مصافحة باردة أعقبتها مواجهة ساخنة.. المناظرة الرئاسية الأمريكية أكثر من مجرد 90 دقيقة
  • الأغذية العالمي : العمليات الإنسانية في غزة أصبحت أكثر صعوبة
  • رئيس ألمانيا: مصر تقوم بدور محوري فى إيصال المساعدات الإنسانية لغزة