ما لم ينكشف في ردّ حزب الله.. رسالة قويّة تطال السنوار!
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
5 أسئلة محورية يجب طرحها بعد ردّ "حزب الله" وخطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله يوم الأحد الماضي على إسرائيل وهي: هل طوى الحزب صفحة الرّد حقاً؟ لماذا لم يكشف عن فيديوهات لعمليته؟ لماذا لا يعتمد على مبدأ الاغتيالات مقابل الاغتيالات؟ ما هي رسالته لغزة و"حماس" من هجومه؟ وما هي المعادلة الجديدة "غير المُعلنة" التي أرساها؟
بالنسبة للسؤال الأول، يبدو واضحاً أن "حزب الله" بات معنياً بمرحلة جديدة، ويمكن القول إن الرّد على اغتيال أحد أكبر قادته وهو فؤاد شكر، قد انتهى، والسبب الأبرز والأكثر بروزاً هو أن نصرالله أبلغَ من نزحوا عقب هجوم الضاحية بالعودة إلى منازلهم، وكأنه يقول لهم إنه الأمر انتهى رغم أنهُ فتح باب "التأويلات" لما قد يفعله الحزب لاحقاً في حال لم يجد أن نتيجة هجومه كانت مُرضية تماماً.
هنا، يمكن أن يكون "حزب الله" في هذا الإطار قد فرض حرباً نفسياً جديدة على إسرائيل ولكن بوتيرة أضعف من السابق، فيما الهدف من ذلك هو إبقاء إسرائيل "قيد التوتر" بانتظار أيّ عملية جديدة قد تشهد على تبدلات نوعية.
الخبير العسكريّ والإستراتيجي خالد حمادة يقول عبر "لبنان24" إنّ "حزب الله" قد "طوى صفحة الرّد التي كانت تُلقي بثقلها على لبنان"، مشيراً إلى أن الحزب لم ينفذ ردّه إلا بضوءٍ أخضر من إيران.
بالنسبة لحمادة، فإنه "حتى لو أنهى الحزب ردّه، إلا أن مواصلة العمليات العسكرية في الجنوب من ناحيته، يمثل استمراراً لإنتهاك القرار 1701"، وقال: "هناك مسؤولية على حزب الله تتحدد في تطبيق القرار المذكور، علماً أن لبنان ما زال في عين العاصفة، فيما إيران ترسم التسويات على طريقتها".
الأهم من كل ذلك هو أن ما فعله "حزب الله" عبر ردّه والاحتواء الذي حصل، يؤكد بشكل واضحٍ أن الأمور ذاهبة نحو "ستاتيكو" ما قبل اغتيال فؤاد شكر، أي إلى قواعد اشتباك كانت مرسومة قبل 30 تموز الماضي. لهذا، صحيح أن الحزب "قلب ورقة الرد"، لكنه لم يقلب ورقة التصعيد، فهي مستمرة وقائمة وبالتالي فإن جبهة الجنوب مفتوحة ومستمرّة مع استمرار جبهة غزّة.
على صعيد السؤال الثاني، كان واضحاً أن "حزب الله" لم يكشف عن أي فيديو يُظهر ويوثق العملية التي نفذها. خلال خطابه، تحدّث نصرالله عن إطلاق عشرات الطائرات المُسيرة، علماً أن هذه المسيرات بإمكانها تصوير الهدف الذي تتجه إليه، وقد أظهر "حزب الله" هذا الأمر سابقاً، ناهيك عن فيديو "الهدهد" الذي كشف قدرة الحزب على تصوير ما يريده فوق إسرائيل.
في هذا الإطار، يطرحُ مصدران متقطعان، الأول مُطلع على أجواء "حزب الله" والثاني "مناوئ" للأخير، سلسلة فرضيات بشأن الأمر المطروح وهي:
1- يمكن أن يكون الحزب قد التقط مقاطع فيديو للضربات عبر الطائرات التي تمكنت من الوصول إلى هدفها
2- إن كان الحزب قد وثق الهجوم والضربة، فإن الاحتفاظ بمضمون هذا الأمر قائم وبمثابة "تكتيك ما"، وقد يظهره في الوقت المناسب خصوصاً إذا أراد أن يُثبت أكثر زيف الإدعاءات الإسرائيلية التي تحدثت عن إفشال هجوم الحزب.
3- من الجائز تماماً أن تكون الطائرات التي تم إطلاقها والمجهزة بكاميرات قد أُسقطت، وبالتالي يتعذر توثيق ضربات أخرى قد تكون وصلت إلى الهدف.
4- حزب الله لم يكشف كافة أوراقه بشأن تلك الطائرات المسيرة التي عبرت، كما أنه لم يتحدث عن تلك التي وصلت والتي لم تصل، ما يطرح تساؤلات عن نجاح العملية بشكل كامل.
في ما خصّ السؤال الثالث المرتبط بأسباب عدم اعتماد "حزب الله" سياسة الاغتيالات، يجيبُ مصدرٌ معارض لـ"حزب الله" قائلاً إن "الحزب" قد لا يكون قادراً على هذا الأمر لاعتبارات استخباراتية وعسكرية، فالقوة بهذا الإطار غير معروفة كما أن مثل هذه العمليات تتطلب تقنيات كبيرة.
ضمنياً، قد يكون الحزب قد نأى بنفسه عن هذه الخطوة المرتبطة بالاغتيالات لأسباب ترتبط بمدى نجاحها، ولهذا السبب فإن مسألة التخطيط لرد من هذا النوع لا تحصل بين ليلة وضحاها، كما أن الوسائل المطلوبة لمثل هذه العمليات يجب أن تكون ضخمة، بينما إمكانية تنفيذها في هذا الظرف بالذات قد تصطدم بعقبات كثيرة.
بالنسبة للسؤال المتعلق برسالة "حزب الله" إلى "حماس"، فإن الأساس في إجابته هو أن "الحزب" لم يُلبّ مُجدداً رغبة الحركة في فتح جبهة كبيرة ضد إسرائيل، وذلك لاعتبارات خاصّة به.
في الواقع، فإن "حماس" ضغطت كثيراً على الحزب لشنّ ضربة كبيرة وموسعة، لكن الأخير آثر الردّ المضبوط والمدروس. هنا، تقولُ مصادر معنية بالشأن العسكريّ إنّ "حزب الله التزم العملية المرسومة وفق قواعده وليس وفق قواعد حماس التي كانت ترغب في توريط الحزب بحرب أكبر، لكن هذا الأمر لم يحصل".
كذلك، فإن "حزب الله" وبرسالته من الضربة، خاطب زعيم "حماس" يحيى السنوار قائلاً له إنه "ليس كل ما يتمناه المرءُ يدركه".. فإذا كان السنوار يريد من الحزب حرباً، فإن الأخير سيكون بمنأى عنها، وكان بإمكانه بدء ذلك منذ فترة وليس الآن.
بشأن السؤال عن المعادلة الجديدة "غير المُعلنة" التي أرساها "ألحزب"، بكل بساطة، فإن "حزب الله" بإطلاقه طائرات مُسيرة باتجاه عمق أكثر من 100 كلم داخل إسرائيل، يشير إلى أن معادلة الجغرافيا لا تقف عائقا أمام قدرات الحزب الجوية. أيضاً، فإن ما يظهر هو أن "حزب الله" أراد الرد على إسرائيل بضربة في العمق عبر القول لها: إذا كنت تعتقدين أنك باستطاعة ضرب البقاع في عمق الـ100 كلم، فإننا قادرون على استهدافكم في عمق مماثل".
لهذا السبب وأكثر، فإن المعادلة التي أرساها "الحزب" هي معادلة "100 كلم مقابل 100 كلم"، و "تل أبيب مقابل بيروت"، بينما المعادلة الميدانية اليومية تتصلُ بطرح الحزب مواقع إسرائيلية جديدة لتدخل ضمن دائرة نيرانه مثلما حصل، أمس الإثنين، مع ثكنة شراغا، والتي تبعد 15 كلم عن الحدود وقد قصفها الحزب لأول مرة منذ بدء الحرب يوم 8 تشرين الأول الماضي.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: هذا الأمر حزب الله
إقرأ أيضاً:
أيّ أوراق قوّة يملكها لبنان لدفع إسرائيل إلى الانسحاب؟
كتبت سابين عويس في" النهار": إن كان الزخم العربي والدولي نجح في إنتاج سلطة جديدة، فإن التحدي الأبرز، الاستثمار في هذا الزخم لاستكمال تنفيذ القرار الدولي. وعند هذه النقطة، يصبح السؤال مبرراً حول أوراق القوة التي يمتلكها لبنان للمضيّ في هذا القرار، الذي يشترط أولاً إلزام إسرائيل باستكمال انسحابها، لكي يصبح في الإمكان بعدها الالتفات إلى الداخل وسحب ذريعة السلاح من يد الحزب.في أولى الخطوات التي أراد فيها العهد إظهار التضامن السياسي بين مكوّنات الدولة، جاء اجتماع الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا، وإرفاقه ببيان ليعكس الحرص على ترجمة موقف رسمي موحّد، خصوصاً أن الحكومة لم تنل بعد ثقة المجلس لتنطق بالموقف الرسمي. وأهم ما فيه أن لبنان قرر السير بالطرق الديبلوماسية للضغط على إسرائيل لاستكمال انسحابها، وذلك عبر التوجّه إلى مجلس الأمن للمطالبة بوقف الخروق، وعبر اللجنة التقنية العسكرية للبنان و"الآلية الثلاثية" اللتين نصّ عليهما إعلان ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٤. ولم يغفل المجتمعون ربط هذه التوجهات بما يشبه التهديد المبطن وذلك من خلال التذكير بحق لبنان باعتماد كل الوسائل لانسحاب العدو الإسرائيلي.
ترافق البيان مع ما كان أعلنه الرئيس أمام نقابة المحررين "أننا سنعمل بالطرق الديبلوماسية، لأن خيار الحرب لا يفيد ولبنان لم يعد يحتمل حرباً جديدة، وسلاح الحزب سيأتي ضمن حلول يتفق عليها اللبنانيون". فعن أي خيارات سيلجأ إليها لبنان؟
الأكيد أن لبنان لا يملك الكثير من أوراق الضغط والقوة وهو الخارج من حرب مدمّرة ومنهك اقتصادياً واجتماعياً ومالياً. لكنه حتماً يملك القرار السياسي بمراقبة حدوده ومنع إعادة تسليح الحزب، كما يتمتع بامتياز استثناء الجيش من وقف برامج المساعدات الأميركية، ما يستدعي العمل للحصول على الدعم الذي يؤهّل الجيش لاستكمال انتشاره وضمان حدوده شمالاً وجنوباً.
في المقابل، يواجه لبنان تحدياً داخلياً يتمثل بالمخاوف الكامنة في تحويل الاستفتاء الشعبي المنتظر في تشييع الأمين العام السابق للحزب إلى استفتاء على دور المقاومة واستمرار الحاجة إليها لتحرير النقاط المحتلة، ما يمكن أن يعيد الأمور إلى مربعها الأول!