الجزيرة:
2024-12-22@08:08:34 GMT

ردّ حزب الله والقصف الاستباقي

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

ردّ حزب الله والقصف الاستباقي

في فجر يوم 25 أغسطس/آب 2024، نفّذ حزب الله وعده بالردّ على اغتيال الشهيد السيد فؤاد شُكر (المعروف بالحاج محسن)، الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة أركان المقاومة الإسلامية، الجناح العسكري لحزب الله.

وتجسّد الردّ بتوجيه ضربة بمسيّرات، لموقع جهاز المخابرات في غليلوت التي تبعد عن لبنان 110 كيلومترات، أي في عمق الكيان الصهيوني، بما يُعتبر من ضواحي تل أبيب، كما وجّه ضربات للقاعدة العسكرية الجويّة في عين شيمرا أيضًا، في العمق، وهي بعيدة من لبنان بخمسة وسبعين كيلومترًا.

ولكن قبل الوصول إلى هذين الهدفين، أطلقت المقاومة 340 صاروخًا من طراز كاتيوشا المعدّل، فضلًا عن مئات المسيّرات.

الأمر الذي اخترق القبة الحديدية، وضرب هدفين على مستوى هام من الناحية العسكرية، ولبّى الجزء الأساسي من الردّ المطلوب من حيث الموقع الجغرافي، في العمق المطلوب، ومن حيث المستوى العسكري والأمني، إضافة إلى ما مثله من الناحية العملياتية المعقدة، وما حققه من مستوى لائق إلى حد بعيد.

تفاهم غير مباشر

وقد اعتبر السيد حسن نصر الله قائد المقاومة، والأمين العام لحزب الله، أن هذا الردّ استوفى الشروط المطلوبة، بما يجعله كافيًا ومُرضيًا، شريطة ألّا يقدم نتنياهو على ما يجعله، ردًّا أوليًا يتبعه ردّ آخر. وهو ما يشكل تهديدًا لجيش الكيان الصهيوني، إذا ما ردّ بدوره، ولم يكتفِ بما قصف، أو ما ادّعاه ردًّا استباقيًا، قبيل الردّ، وفي أثنائه وبعده. وقد جاء متقيّدًا بتجنب قتل المدنيين، كذلك.

وبهذا يكون الوضع قد تجاوز أزمة اغتيال الشهيد السيد فؤاد شُكر، سواء أكان من ناحية، ما التزم به حزب الله، بالردّ على عملية الاغتيال، أم بالنسبة إلى ما التزم به الكيان الصهيوني، من ردّ على الردّ من خلال القصف الاستباقي. وما تلاه خلال اليوم الخامس والعشرين من أغسطس/آب الجاري.

ما يعني أن المطلوب، ولنقل اصطلاحًا، بعد الانتهاء من خطاب السيد حسن نصر الله، هو العودة بالوضع إلى ما كان عليه، قبل الاغتيال.

وهو الأمر الذي سمح بالاستنتاج أن ثمة "تفاهمًا" غير مباشر من خلال الوسيط، أو الوسطاء، على السقف الذي "يراعيه" ردّ حزب الله، كما على السقف الذي على الكيان الصهيوني أن يراعيه بعد الردّ، وبعد مساء الخامس والعشرين من أغسطس /آب اللهاب، والقابل للالتهاب.

ما يعني العودة إلى الحياة العادية، ضمن السقف السابق لقواعد الاشتباك، بين الجيش الصهيوني والمقاومة الإسلامية في لبنان. وهو أقرب إلى تقاطع موضوعي، وليس توافقًا أو "صفقة". وذلك تمامًا، كما حدث طوال الوقت، بالنسبة إلى قواعد الاشتباك التي مرّ عليها أكثر من عشرة أشهر.

فالإشارة في الخطاب بالعودة إلى الهدوء، أي إلى الحالة التي حكمت الوضع، قبل التصعيد الحاد الذي أدّى إليه اغتيال الشهيد السيد فؤاد شُكر، أي العودة إلى التقاطع الموضوعي والذاتي العدائي، كما عبّرت عنه قواعد الاشتباك السابقة.

وبهذا يكون اليوم السادس والعشرون وما بعده من الشهر الجاري، قد أخذا الوضع إلى مرحلة جديدة، تختلف عن سابقتها، مهما تشابهتا من حيث الشكل، بين المرحلتين.

عزلة نتنياهو

وكذلك تتشابه، إلى حدّ بعيد، حالة التفاوض التي تتشكل الآن في ظل أزمة التصعيد التي يريد نتنياهو إفشالها، وتكريس استمرارية الحرب البريّة، وحرب الإبادة في غزة، ولكن مع عزلة أشد لنتنياهو، بالرغم من زيادة الدعم له من "جمهور" المستوطنين (سكان الكيان الصهيوني) الذين زاد تأييدهم له، بعد الحفاوة التي استُقبل بها في الكونغرس الأميركي.

هذه العزلة زادتها سياسة بايدن المزدوجة، أو كما لا يمكن أن يراها البعض، سوى منافقة، لا خلاف داخلها بين بايدن ونتنياهو. أما وصف "مزدوجة" فليشدد على ما بين أميركا والكيان الصهيوني من علاقة عضوية، إلّا أن ثمة تناقضًا بينهما، من دون توقف الدعم الأميركي للكيان الصهيوني، عسكريًا وسياسيًا وماليًا. بل استمرار الانحياز في مرحلة التفاوض، وذلك من حيث الانحياز ضد حماس، وتبرئة نتنياهو من مسؤولية إفشال المفاوضات.

إن مصدر كل من هذه الازدواجية، والنفاق، هو بايدن الذي يتناقض مع نتنياهو، في موضوعَين:

الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، حيث تحتاج أميركا لإنجاز اتفاق يخدم الحزب الديمقراطي، ومرشحته كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية القادمة. وفي تجنب الانتقال بالوضع بعد قرار نتنياهو، اغتيالَ الشهيدين الكبيرين في كل من طهران وضاحية بيروت، إلى وضع يتجه لاندلاع حرب إقليمية. نفاق وازدواجية

فأميركا لا تجد أن المرحلة الراهنة، هي الأنسب بالانتقال إلى الحرب الإقليمية، فيما نتنياهو يريد دفع أميركا وأوروبا للتورط بحرب مع إيران وحزب الله، فضلًا عن مشاركة نتنياهو في الحرب ضد المقاومة والشعب في قطاع غزة.

هذا ما يفسّر السياسة المزدوجة، والنفاق الأميركي، كما يفسّر لماذا إلحاح أميركا لإنجاح المفاوضات، ولماذا يسعى نتنياهو بكل أنيابه ومخالبه لإفشالها.

تبقى ثمة ضرورة لاستكمال تقدير الموقف الراهن هذا، وهي أن يُشار إلى أن المقاومة في غزة ومحور المساندة، يجدان في قواعد الاشتباك السابقة، أفضل لهما من الذهاب إلى حرب إقليمية. وهي حرب ستكون شديدة الضراوة، كثيرة الخسائر، بالرغم من أن النصر فيها سيكون إلى جانب محور المقاومة.

فالمتضرر والخاسر عسكريًا وسياسيًا وأخلاقيًا، طوال أحد عشر شهرًا، هو نتنياهو. وهو الذي يجد في استمرار الحرب في غزة، أو في اندلاع الحرب الإقليمية، منجاة له من أزمته الشخصية الداخلية، والتي ينتظره السجن مع نهايتها.

في 25 أغسطس/آب 2024، انتهت أزمة اغتيال الشهيد فؤاد شُكر بنتيجة كانت فيها الغلبة لحزب الله. وقد جاءت رياح موازين القوى بشكل عام بما لا يخدم مصلحة نتنياهو.

طبعًا هنا يجب عدم إغفال، ما يتلقّاه نتنياهو من دعم أميركي – أوروبيّ، ودعم داخليّ لسياساته، مما يسمح له بالبقاء، وتعطيل كل اتفاق لوقف إطلاق النار، كما التصعيد، وصولًا إلى الحرب الإقليمية، إن أمكن.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الکیان الصهیونی اغتیال الشهید حزب الله من حیث

إقرأ أيضاً:

من هو النبي الذي قتل جالوت؟.. تعرف على القصة كاملة

تأتي العبر والدروس من عجائب القصص، ومن بينها قصة قتل جالوت، التي تكثُر حولها الأسئلة عن النبي الذي قتله، ومن هو؟، فهناك العديد من النقاط التي نجيب عنها في هذا التقرير، استنادا إلى كتب العلماء وفي المقدمة تفسير الإمام محمد متولي الشعراوي (رحمه الله).

من هو جالوت؟

من الأسئلة الشائعة في قصة جالوت، «من هو جالوت؟ وما هي علاقته بـ«طالوت» ملك بني إسرائيل، وبالفعل جاء اسم جالوت مرتبطا باسم الملك طالوت ملك بني إسرائيل، ولكن لم يكن هذا الارتباط نتيجة لمحبة أو علاقة طيبة، بل كانت بسبب عداوة شديدة بينهما وحروب دامت لفترات طويلة.

سبب صراع جالوت وطالوت

تناول كتاب «الهداية إلى بلوغ النهاية»، لـ«مكي بن أبي طالب القيسي أبو محمد»، صراع جالوت وطالوت، حيث ارجع الصراع لكونهما من الملوك الذين ارتبط اسمهما ببني إسرائيل؛ فطالوت هو من سِبط ابن يامين بن نبي الله يعقوب -عليه السلام-. وقد بعثه الله -تعالى- ملكًا في بني إسرائيل، وكانوا قد استنكروا ذلك ورأوا أنّهم أحق منه في المُلك؛ لكونه من سِبط ابن يامين، وهم من سِبط يهوذا.

ذكر الله، في كتابه العزيز- عن قصة طالوت: (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).

وهي الآيات التي تشير إلى خروج طالوت وجنوده للقاء جالوت، فابتلاهم الله -تعالى- بنهر ليُميّز الكاذب من الصادق، بعدما أصابهم التعب والعطش، وقد سُمح لهم أن يشربوا غرفة واحدة من النهر، فمن شرب الغرفة الواحدة عبره بسلام.

أما من شرب أكثر فأصابه التعب ولن يقوى على عبور النهر. ولمّا عبروا النهر قالوا لطالوت إنهم لا يقدرون على قتال جالوت، إلّا فئةً قليلة ثبتت مع طالوت قالوا بأنّ الله -تعالى- قادر على نصرهم بإذنه.

ثمّ قال الله -تعالى-: (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).

وعندما التقى جيش طالوت بـ«جيش جالوت» دعوا الله أن يرزقهم الصّبر والنصر، ويُثبتهم في أرض القتال، فاستجاب سبحانه وتعالى لدُعائِهم ونَصرهم بإذنه.

من النبي الذي قتل جالوت؟

ويأتي سؤال من النبي الذي قتل جالوت؟، من الأسئلة المهمة في تلك القصة، وبالذهاب إلى تفسير الشيخ الشعراوي، للآية الكريمة (251) من سورة البقرة: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}.

واوضح الشعراوي، في تفسيره، أنّ المعركة دارت بين جيشي جالوت وطالوت فخرج جالوت من بين صفوف جيشه طالباً المبارزة فلم يخرج أحدٌ من صفوف جيش طالوت لعلمهم بقوة جالوت وطغيانه، فنادى مرةً أخرى فلم يخرج أحدٌ لمبارزته،و هنا تدخل الملك الصالح طالوت فقال لجيشه من يبارز جالوت ويقتله، زوجته ابنتي، وجعلته قائداً للجيش، فخرج من بين الصفوف شاب صغير السن وكان هذا الشاب هو " داوود عليه السلام" فاستغرب جنود طالوت كيف يستطيع هذا الشاب مبارزة جالوت، إلا أنّ داوود كان معتمداً على قوة إيمانه فقتله، لتنتهي المعركة بسقوط جالوت وهزيمة جيشه، ليصبح داوود عليه السلام، ملكاً على بني إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • من هو النبي الذي قتل جالوت؟.. تعرف على القصة كاملة
  • فريق الأمم المتحدة يزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الصهيوني بميناء الحديدة
  • حزب الله يحاذر الرد على الخروقات الإسرائيلية وانتشال جثث الشهداء متواصل
  • دعاء يوم الجمعة الذي يغير الأقدار للأفضل
  • نتنياهو يتوعد الحوثيين في اليمن .. ماذا قال؟
  • الرد على من زعم أن الإمام البخاري ليس فقيهًا
  • شاهد / الاضرار التي خلفها العدوان الصهيوني على صنعاء وميناء الحديدة ..صور
  • القوات المسلحة تعلن استهداف هدفين عسكريين للعدو الإسرائيلي في يافا المحتلة.. وتصدر هذا البيان
  • شظايا تسقط قرب مقر الكنيست خلال التصدي للصاروخ اليمني
  • أنصار الله: استهدفنا تل أبيب بالتزامن مع القصف الأمريكي لمحطات الكهرباء اليمنية