اليابان تحتج على اختراق الصين مجالها الجوي والفلبين تطالب بإدانتها
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
احتجت اليابان على اختراق طائرة استطلاع صينية مجالها الجوي، معتبرة ذلك "انتهاكا خطرا للسيادة اليابانية"، في وقت يتزايد فيه التوتر بين الصين والفلبين على خلفية الاحتكاكات البحرية بينهما في بحر جنوب الصين.
وبحسب وزارة الخارجية اليابانية، استدعى نائب وزير الخارجية ماساتاكا أوكانو القائم بالأعمال في السفارة الصينية في طوكيو مساء أمس الاثنين و"أعرب له عن احتجاجه الشديد" لما جرى، مطالبا بكين باتخاذ إجراءات لتجنب تكرار هذا النوع من الأحداث.
وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية اليوم الثلاثاء إن طائرة عسكرية صينية دخلت المجال الجوي الياباني لفترة وجيزة أمس، واصفا الحادث بأنه "انتهاك إقليمي غير مقبول على الإطلاق وتهديد للسلامة".
وأوضح كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيماسا هاياشي في مؤتمر صحفي، اليوم الثلاثاء، أن طائرة استطلاع صينية من طراز "واي-9" دخلت لفترة وجيزة أمس المجال الجوي الجنوبي الغربي لليابان التي سارعت إلى إرسال طائرات عسكرية مقاتلة.
وأضاف أن "توغل الطائرات العسكرية الصينية في المجال الجوي الياباني ليس انتهاكا خطيرا لحقوقنا الإقليمية فحسب، بل إنه تهديد للسلامة أيضا وغير مقبول على الإطلاق".
وشدد هاياشي على أن النشاط العسكري الصيني حول اليابان أصبح "متوسعا ومكثفا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة". وقال هاياشي إن بلاده ستواصل مراقبة النشاط العسكري الصيني وستبذل قصارى جهدها للرد على الانتهاكات المحتملة للمجال الجوي.
وأفاد المسؤول الياباني بأن هذه هي المرة الأولى التي تكتشف فيها قوات الدفاع الذاتي اليابانية طائرة عسكرية صينية في المجال الجوي لبلاده.
وفي وقت متأخر أمس الاثنين، قالت هيئة الأركان المشتركة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية إن طائرة الاستطلاع الصينية "واي-9" حلقت فوق جزيرة دانجو قبالة الساحل الجنوبي الغربي لجزيرة كيوشو الرئيسية في جنوب اليابان لمدة دقيقتين، مضيفة أن المسؤولين كانوا يحللون أحدث الأنشطة العسكرية الصينية. وذكرت الهيئة أن اليابان أرسلت طائرات مقاتلة وحذرت الطائرة الصينية من المغادرة.
ووفقا للجيش الياباني، قامت الطائرات النفاثة بالإقلاع ما يقرب من 669 مرة بين أبريل/نيسان 2023 ومارس/آذار 2024، حوالي 70% من الوقت ضد الطائرات العسكرية الصينية، رغم أن هذا لم يشمل انتهاكات المجال الجوي.
ويشعر مسؤولو الدفاع اليابانيون بقلق متزايد بشأن التعاون العسكري المتنامي بين القوات الجوية الصينية والروسية، والنشاط الصيني المتزايد حول المياه والمجال الجوي الياباني، مما دفع طوكيو إلى تعزيز دفاعات جنوب غرب البلاد بشكل كبير، بما في ذلك الجزر النائية التي تعتبر أساسية لإستراتيجية الدفاع اليابانية في المنطقة.
في غضون ذلك، اعتبر وزير الدفاع الفلبيني جيلبرتو تيودورو الصين "أكبر معطل" للسلام في جنوب شرق آسيا، داعيا إلى "إدانة دولية أقوى لعدوانها في بحر جنوب الصين"، بعد منع الصين للسفن الفلبينية من توصيل الطعام إلى سفينة خفر السواحل في جزيرة سابينا شول.
وأدلى تيودورو بهذه التصريحات اليوم أمام مؤتمر عسكري دولي في مانيلا نظمته القيادة الأميركية للمحيطين الهندي والهادي، وسط تصاعد الاشتباكات بين الصين والفلبين في بحر جنوب الصين المتنازع عليه وفي مجالها الجوي.
وقال تيودورو في المؤتمر الذي حضره مسؤولون عسكريون ودبلوماسيون كبار من الولايات المتحدة والدول المتحالفة، إن الصين هي "أكبر معرقل للسلام الدولي" في جنوب شرق آسيا.
وفي وقت لاحق قال الوزير الفلبيني للصحفيين على هامش المؤتمر إن التصريحات الدولية التي تعبر عن القلق إزاء تصرفات الصين المتزايدة العدوانية في المياه المتنازع عليها وفي أماكن أخرى "ليست كافية".
وقال تيودورو "إن العلاج هو عمل جماعي أقوى متعدد الأطراف ضد الصين"، مضيفا أن الدبلوماسيين ومسؤولي الدفاع يجب أن يحددوا تلك الخطوات الأقوى.
وعندما ضغط عليه الصحفيون ليكون أكثر تحديدا، قال تيودورو "إن قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدين ويأمر بوقف الأعمال العدوانية الصينية سيكون خطوة قوية"، لكنه أقر بصعوبة متابعة ذلك، مضيفا أن "العالم ليس مثاليا إلى هذا الحد".
وقال تيودورو إن رابطة دول جنوب شرق آسيا "اهتمت بأفعال الصين العدوانية، ولكن ينبغي لها أن تفعل المزيد". وتضم الكتلة المكونة من 10 دول في جنوب شرق آسيا الفلبين وفيتنام وماليزيا وبروناي، التي لها مطالبات متداخلة في بحر جنوب الصين، فضلا عن مطالب الصين وتايوان.
واستدرك قائلا "لا يمكن لرابطة دول جنوب شرق آسيا، لكي تظل ذات صلة وذات مصداقية، أن تستمر في تجاهل ما تفعله بكين في بحر جنوب الصين".
وفي أحدث حادث في بحر جنوب الصين، قال مسؤولون فلبينيون إن الصين نشرت "قوة مفرطة" تتألف من 40 سفينة منعت سفينتين فلبينيتين من توصيل الغذاء وغيره من الإمدادات إلى أكبر سفينة خفر سواحل في مانيلا في منطقة سابينا شوال المتنازع عليها، في أحدث اشتعال للنزاعات الإقليمية بينهما في الممر البحري المزدحم.
وتبادلت الصين والفلبين اللوم في المواجهة التي وقعت أمس في سابينا شوال، وهي جزيرة مرجانية غير مأهولة يزعم كل من البلدين ملكيته لها، وأصبحت أحدث نقطة اشتعال في جزر سبراتلي، المنطقة الأكثر نزاعا في الممر البحري الذي يعد طريقا رئيسيا للتجارة والأمن العالمي.
وفي بكين، قال خفر السواحل الصيني إنه اتخذ تدابير مراقبة ضد سفينتين لخفر السواحل الفلبيني "توغلتا" في المياه قرب سابينا شوال.
وقال في بيان إن السفن الفلبينية صعدت الموقف بالاقتراب مرارا وتكرارا من سفينة خفر السواحل الصينية. ولم يذكر خفر السواحل الصيني تدابير المراقبة التي اتخذها.
وفي الأشهر الأخيرة نشرت الصين والفلبين سفن خفر السواحل بشكل منفصل في سابينا شوال للاشتباه في أن الطرف الآخر قد يتصرف للسيطرة على تلك المنطقة وبناء هياكل في جزيرة الصيد.
واشتدت الأعمال العدائية بشكل خاص بين الصين والفلبين منذ العام الماضي، وكانت المواجهة التي وقعت أمس هي السادسة التي أبلغ عنها الجانبان في أعالي البحار وفي الجو، وأثارت المواجهات مخاوف من صراع أكبر قد يشمل الولايات المتحدة، حليفة الفلبين منذ فترة طويلة.
والشهر الماضي، توصلت الصين والفلبين إلى اتفاق لمنع المواجهات العدائية المتزايدة في ثاني توماس شول، مما يسمح لسفينة فلبينية بتسليم الإمدادات الغذائية بعد أسبوع دون أي أعمال عدائية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات خفر السواحل الصینی فی بحر جنوب الصین الصین والفلبین جنوب شرق آسیا المجال الجوی فی جنوب
إقرأ أيضاً:
الصين تراقب وأمريكا في مأزق كبير.. صراع نووي محتمل بين الهند وباكستان
عواصم - الوكالات
تجدد التوتر العسكري والسياسي بين الهند وباكستان بعد هجوم مسلح مروع في منطقة كشمير أسفر عن مقتل 26 مدنيًّا هنديًّا، وأعاد الصراع المزمن بين الجارتين النوويتين إلى الواجهة. تبنت الهجوم جماعة "جبهة المقاومة" التي تُتهم بصلاتها بجماعة "عسكر طيبة" الباكستانية، ما دفع الهند إلى اتهام إسلام آباد بدعم غير مباشر للهجوم، وفتح الباب أمام سلسلة من التصعيدات غير المسبوقة منذ سنوات.
ورغم أن التوترات بين البلدين ليست جديدة، إلا أن خطورة التصعيد هذه المرة تكمن في اتخاذه منحى غير تقليدي؛ حيث أعلنت الهند تعليق العمل بـ"معاهدة مياه السند" الموقعة عام 1960، ما اعتبرته باكستان "إعلان حرب"، وردت بإغلاق أجوائها ووقف التجارة البينية، إضافة إلى تبادل قصف عنيف على طول خط السيطرة في كشمير.
يأتي التصعيد في وقت كانت فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية تأمل في التركيز على المواجهة الإستراتيجية مع الصين، دون الانشغال بجبهات فرعية أخرى. إلا أن الانفجار المفاجئ في جنوب آسيا أعاد إلى الواجهة تناقضات السياسة الأميركية في المنطقة، لا سيما مع علاقاتها المتشابكة مع كل من نيودلهي وإسلام آباد.
ويقول مراقبون إن التصعيد بين الجارتين النوويتين يضع واشنطن في موقف حرج، خاصة أنها لا ترغب في دفع باكستان بالكامل إلى الحضن الصيني، ولا في إضعاف شراكتها المتنامية مع الهند التي تُعد حجر الأساس في إستراتيجية احتواء الصين.
ربما لا يُحدث تعليق العمل بمعاهدة مياه السند تأثيرًا فوريًّا على الإمدادات المائية لباكستان، لكن دلالاته السياسية عميقة. فالمعاهدة ظلت صامدة رغم الحروب السابقة، وخرقها الآن يُفهم كمؤشر على انزلاق التصعيد إلى مستوى غير مسبوق.
المخاوف من انفلات الوضع تتعاظم، لا سيما مع الخلفية المتطرفة لحكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، التي تبنّت منذ سنوات سياسة دمج كشمير بالكامل في الاتحاد الهندي، وفرضت إجراءات قانونية وأمنية صارمة في الإقليم، ما زاد من التوترات مع باكستان.
الهند سبق أن تجاوزت خطوطًا كانت تعتبر "محظورة" في الماضي، حين نفذت ضربات جوية داخل باكستان بعد هجوم بولواما عام 2019. واليوم، لا يستبعد خبراء أن تقدم نيودلهي على خطوات مشابهة، بما فيها عمليات عبر خط السيطرة أو هجمات دقيقة ضد أهداف تعتبرها ذات صلة بالمسلحين.
وفي المقابل، قد ترد باكستان عبر تصعيد محدود، أو عبر استخدام أسلحة تقليدية دقيقة لضرب أهداف هندية، مما يفتح الباب أمام احتمالات خطيرة لتوسع النزاع.
أميركا في مأزق: توازن مستحيل؟
تعكس هذه التطورات عمق المعضلة الأميركية في جنوب آسيا. فبينما تستثمر واشنطن في شراكتها مع الهند، تسعى في الوقت ذاته إلى عدم خسارة باكستان، التي بدأت مؤخرًا بإظهار إشارات على استعداد للتعاون، خاصة في مجالات اقتصادية مثل استثمار الثروات المعدنية الضخمة التي تملكها.
ويرى محللون أن الولايات المتحدة ستكون مطالبة بتحرك عاجل لضبط الأوضاع، وربما دفع الطرفين إلى العودة للحوار، لأن أي مواجهة مفتوحة بين نيودلهي وإسلام آباد تعني تقويضًا لركائز الإستراتيجية الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ.
صراع نووي محتمل؟
رغم أن الطرفين أبديا في السنوات السابقة حرصًا على ضبط التصعيد، إلا أن دخول المتغير النووي على الخط، يجعل من أي حرب بين الهند وباكستان واحدة من أخطر النزاعات المحتملة في العالم اليوم.
يقول الباحث الأمني كامران بخاري إن "ما يُكسب هذا الصراع طابعًا استثنائيًّا هو أنه المواجهة الوحيدة بين قوتين نوويتين منذ النزاع الصيني السوفياتي عام 1969".
ويعتبر تصعيد كشمير الأخير ليس مجرد توتر حدودي، بل إشارة واضحة إلى هشاشة النظام الإقليمي في جنوب آسيا. وإذا لم تتدخل القوى الكبرى — خصوصًا الولايات المتحدة — بشكل فعّال، فإن سيناريو الحرب قد لا يكون مستبعدًا، لا سيما في ظل حكومات قومية متشددة وأجندات داخلية قد تدفع إلى التصعيد بدلًا من التهدئة.