تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) تحالف سياسي سوداني تأسس عقب اندلاع الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023. يضم خليطا من القوى السياسية والمدنية ذات التوجهات الأيديولوجية المختلفة.

أجرت التنسيقية -التي يقودها رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك– عددا من المشاورات بهدف العمل على إنهاء الحرب وتحقيق السلام الشامل المستدام.

تباينت الآراء حول التنسيقية ودورها، ووجهت لها تهم إثارة الحرب ضد الدولة والتواطؤ مع قوات الدعم السريع، وهو ما اعتبرته التنسيقية اتهامات ذات طابع سياسي.

النشأة والتأسيس

في أعقاب اندلاع الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023، عقدت قوى سياسية سودانية -أبرزها أحزاب تحالف قوى الحرية والتغيير- ومنظمات مدنية وحركات مسلحة اجتماعات تحضيرية في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

وأعلنت هذه القوى أن هدف اجتماعاتها هو "بناء أوسع مظلة سودانية مدنية ديمقراطية تعمل على إنهاء الصراع وتأسيس الدولة السودانية".

عبد الله حمدوك (يسار) رئيس تنسيقية (تقدم) والقيادي فيها خالد عمر أثناء اجتماعات في أديس أبابا (موقع التنسيقية على فيسبوك)

تشكلت على إثر هذه الاجتماعات هيئة قيادية تحضيرية يرأسها حمدوك، وتضم 60 عضوا ومكتبا تنفيذيا، بهدف التحضير للمؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم).

دشنت الهيئة اجتماعات مع القوى السياسية مثل حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل، وحزب الأمة القومي الذي قدم رؤية لإصلاح تنسيقية (تقدم)، والحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال – جناح عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان – جناح عبد الواحد محمد نور، اللتين وقّع معهما حمدوك "إعلان نيروبي" بهدف إنهاء الحرب وتأسيس الدولة على أسس جديدة، أهمها الفصل بين الدين والدولة وحق تقرير المصير.

كما أجاز المكتب التنفيذي للتنسيقية مشروع "خارطة طريق" تتكون من 6 مراحل أساسية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام وتأسيس انتقال مدني ديمقراطي مستدام.

في أواخر مايو/أيار2024 عقدت التنسيقية مؤتمرها التأسيسي بأديس أبابا بمشاركة أكثر من 500 شخص يمثلون مجموعة من المكونات السودانية السياسية والمدنية، تُوجت بالإعلان التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في 30 مايو/أيار 2024.

الفكر والأيديولوجيا

تجمع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) خليطا من الأحزاب والحركات المسلحة والتنظيمات المدنية التي تتبنى أفكارا قومية مثل حزب المؤتمر السوداني واشتراكية مثل التجمع الاتحادي وليبرالية مثل الجبهة الثورية وإسلامية مثل المؤتمر الشعبي.

الأهداف

تقول تنسيقية (تقدم) في ميثاقها إنها تعمل من أجل تحقيق الأهداف التالية:

إنهاء الحرب في السودان وتحقيق السلام الشامل المستدام بما يؤدي لمنع اندلاع أي حروب مستقبلا في البلاد. تأسيس دولة قائمة على نظام حكم مدني ديمقراطي مستدام، تكون السلطة فيه للشعب، وتخضع فيه مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية للنظام المدني الدستوري. المحافظة على وحدة السودان أرضا وشعبا. تحقيق أهداف الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، وتفكيك نظامه واسترداد الأموال العامة. تحقيق العدالة والعدالة الانتقالية وتقديم المتهمين بارتكاب انتهاكات أمام القضاء المحلي والدولي. تأسيس علاقات إقليمية ودولية تقوم على حسن الجوار وتحقيق مصالح السودان وشعبه وتبادل المنافع بين الدول والشعوب الأخرى، وتعزيز التعاون لمحاربة "كافة أشكال التطرف والإرهاب". الأعلام والرموز عبد الله حمدوك

اقتصادي وسياسي سوداني ولد عام 1956 بولاية جنوب كردفان، وتخرج في جامعة الخرطوم في الاقتصاد الزراعي، ثم حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات الاقتصادية من جامعة مانشستر البريطانية.

شغل عددا من المناصب الإقليمية وتولى رئاسة الحكومة عقب الثورة الشعبية عام 2019، وقاد خلال توليه المنصب جهودا للإصلاح الاقتصادي وتحسين علاقات السودان الدولية.

وضع في الإقامة الجبرية بعد إجراءات من الجيش السوداني في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، قبل أن يعود لرئاسة الحكومة بعد شهر فقط، وظل بها فترة محدودة ثم استقال من منصبه في 2022، وعاد لاحقا رئيسا للهيئة القيادية لتنسيقية (تقدم).

الهادي إدريس

سياسي من مواليد غرب السودان، قاد حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي التي خاضت حربا ضد نظام البشير، وترأس تحالف الجبهة الثورية السودانية المكون من مجموعة من الفصائل المسلحة.

في أعقاب اندلاع الثورة الشعبية في السودان وتوقيع "اتفاق جوبا للسلام" عُين الهادي إدريس عضوا في مجلس السيادة الانتقالي وظل في منصبه حتى إعفائه في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

اختارته الهيئة القيادية لتنسيقية (تقدم) في 1 يونيو/حزيران 2024 نائبا لرئيسها عبد الله حمدوك.

صديق الصادق المهدي

سياسي سوداني، وأحد أبناء الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة القومي السوداني ورئيس الوزراء الأسبق.

عقب وفاة والده، أصبح مساعدا لرئيس الحزب فضل الله برمة ناصر، وقياديا بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.

اختارته الهيئة القيادية لتنسيقية (تقدم) في 1 يونيو/حزيران 2024 أمينا عاما للتنسيقية.

عمر الدقير

سياسي سوداني من مواليد عام 1962، متزوج وأب لـ3 أبناء، درس في العاصمة السودانية وحصل على بكالوريوس هندسة ميكانيكية في جامعة الخرطوم، وانتقل إلى الخارج حيث درس ماجستير إدارة المشاريع الهندسية في جامعة غلامورغان بالمملكة المتحدة.

خلال دراسته الجامعية تولى رئاسة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم عام 1985 وأصبح عضوا بالأمانة العامة للتجمع النقابي السوداني، وانضم لحزب المؤتمر السوداني قبل أن يتولى رئاسته عام 2016.

قاد مع آخرين تحالف قوى الحرية والتغيير، وأصبح عضوا بمجلس شركاء الفترة الانتقالية عقب الثورة الشعبية عام 2019.

ساهم الدقير في تأسيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) واختير عضوا في هيئتها القيادية.

فضل الله برمة ناصر

ولد بـ"دار المسيرية" الواقعة جنوب غرب إقليم كردفان عام 1939، ودرس مراحله التعليمية بمدينتي لقاوة والدلنج.

انضم مطلع عام 1962 إلى الجيش السوداني برتبة ضابط وعمل به حتى تقاعده عقب انتفاضة 1986 برتبة لواء، وانضم عقبها لحزب الأمة القومي.

أصبح أحد نواب رئيس الحزب، وكلف برئاسته عقب وفاة الصادق المهدي إلى حين عقد المؤتمر العام للحزب.

ساهم برمة ناصر في تأسيس تنسيقية (تقدم) واختير عضوا في هيئتها القيادية.

أبرز المحطات

سعت التنسيقية لإجراء مشاورات مع قائدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ووقعت مع الأخير "إعلان أديس أبابا" في يناير/كانون الثاني 2024 الذي ركّز على القضية الإنسانية، ووقف الأعمال العدائية وتحقيق السلام.

وأوضحت تنسيقية (تقدم) أنها وجهت دعوة مماثلة لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في إطار مساعي السلام، غير أنه لم تتم الاستجابة للدعوة.

لقاء بين عبد الله حمدوك (يمين) وحميدتي في أديس أبابا للتشاور حول السبل الكفيلة بوقف الحرب (مواقع التواصل الاجتماعي)

شاركت التنسيقية في 15 أبريل/نيسان 2024 بوفد برئاسة حمدوك في مؤتمر إنساني دولي حول السودان في العاصمة الفرنسية باريس، والتقى الوفد على هامش المؤتمر وزراء من عدة دول لبحث الأوضاع الإنسانية في السودان وجهود وقف الحرب.

كما حضر وفد من التنسيقية مؤتمرا للقوى السياسية والمدنية السودانية عُقد في العاصمة المصرية القاهرة، بحضور ممثلين لمنظمات إقليمية ودولية، ودبلوماسيين دوليين، بهدف التوصل لحل سياسي شامل للأزمة السودانية.

تباينت الآراء حول التنسيقية، وأصدرت اللجنة الوطنية لجرائم الحرب وانتهاكات قوات الدعم السريع (لجنة قضائية) أمرا بالقبض على عدد من قادة تنسيقية (تقدم) وعلى رأسهم حمدوك.

واتهمت اللجنة قادة التنسيقية بإثارة الحرب ضد الدولة والتحريض والمعاونة والاتفاق وتقويض النظام الدستوري وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، واعتبرتها التنسيقية "اتهامات ذات طابع سياسي" و"استخداما معيبا" للقانون لتصفية الخصوم السياسيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تنسیقیة القوى الدیمقراطیة المدنیة الثورة الشعبیة الجیش السودانی عبد الله حمدوک وتحقیق السلام سیاسی سودانی الدعم السریع إنهاء الحرب فی السودان أدیس أبابا

إقرأ أيضاً:

أزمة السودان.. جهود دولية إنسانية دون حل سياسي في الأفق

مع استمرار الحرب في السودان تزداد معاناة ملايين المدنيين من انعدام الأمن الغذائي، بينما لا تلوح في الأفق أي مؤشرات لحل سياسي ينهي القتال الدائر في البلاد منذ 15 أبريل 2023.
الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون أكد أنه لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان.
ويرى أن تركيز الجهود الدولية حاليا يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، ولا جهود تتعلق بالعملية السياسية في السودان، مشيرا إلى أن مساعي واشنطن في جمع الأطراف المتحاربة في السودان لم تنجح.
وأعلنت واشنطن الخميس عن تخصيصها مبلغا إضافيا بقيمة 200 مليون دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، ليرتفع بذلك إجمالي المساعدات الأميركية إلى 2.3 مليار دولار.
وأضاف هدسون أن واشنطن أيضا لم تنجح في وضع حدود للقوى الدولية التي تغذي الصراع في السودان، لافتا إلى أن الولايات المتحدة “في وضع صعب” فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة في السودان، خاصة مع تبقي شهر واحد لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.
ولا يعتقد أن الأزمة في السودان تتصدر أولويات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.
منذ أبريل 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي.
وقال هدسون إن تقديم المساعدات لوحدها للسودان غير كافية، ولكن ما نحتاج إليه هناك هو حل سياسي للأزمة، مشيرا إلى أن واشنطن لم تستخدم كل الأدوات المتاحة لها للضغط في هذا الإطار، إذ لم تفرض عقوبات، ولم يتم إيقاف تغذية الصراع من قوى إقليمية.
والخميس، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن السودان قد يشهد أكبر مجاعة في التاريخ الحديث، مع 1.7 مليون شخص في البلد إما يعانون الجوع أو هم معرضون له، إضافة إلى ذلك، يعاني حوالي 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في البلد.
وأوضح هدسون أنه تم فرض عقوبات على بعض الأفراد في قوات الدعم السريع، والتي لم تكن فعالة لتغيير سلوكيات هذه القوات، وفي الوقت الذي ظهرت فيه دلائل على تقديم دولة الإمارات لأسلحة في السودان إلا أن واشنطن لم تتحدث بصرامة معها بهذا الشأن، تم الاكتفاء بنفي أبو ظبي إرسال أسلحة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة تفضل علاقاتها مع الإمارات وإن كان ذلك على حساب مقتل العديد من المدنيين في السودان.
وقال هدسون إن رد وكالات الأمم المتحدة لم يكن كافيا في السودان، وهذا يعود للتمويل وللأولويات التي تفرضها الدول الأعضاء على المشهد، إذ أنها لا تحظى بذات الأولوية مثل ما يحدث في حرب أوكرانيا، أو حرب إسرائيل في غزة.
وتسيطر قوات الدعم السريع بشكل شبه كامل على إقليم دارفور ومساحات واسعة من منطقة جنوب كردفان ومعظم وسط السودان، بينما يسيطر الجيش النظامي على شمال وشرق البلاد.
وحتى الآن، لم يتمكن أي من المعسكرين من السيطرة على كامل العاصمة الخرطوم التي تبعد ألف كيلومتر شرق مدينة الفاشر.
وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف وشردت أكثر من 11 مليون شخص وتسببت بما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة.
ويتهم الجيش وقوات الدعم السريع باستهداف المدنيين والمرافق الطبية بشكل عشوائي، وبقصف مناطق سكنية عمدا.

الحرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • فايرستاين: ضعف قوة إيران سيوفر للسعودية نفوذا جديدا لإنهاء الحرب في اليمن
  • السودان: ثورات تبحث عن علم سياسي (1-2)
  • باحث سياسي: توقف «أونروا» عن عملها سيلحق الضرر بمئات الآلاف من الفلسطينيين
  • أزمة السودان.. جهود دولية إنسانية دون حل سياسي في الأفق
  • الحرب في السودان: تداعيات الأفلات من العقاب من منظور سياسي/ أقتصادي
  • تقدم: ندعو أطراف الحرب لاتخاذ قرار شجاع بوقفها
  • لعمامرة في نواكشوط: حان الوقت لإنهاء المعاناة المفجعة في السودان
  • 25 قتيلا في السودان ودعوة أممية لإنهاء حصار الفاشر
  • 42 حزبًا سياسيًا يرحبون بإعلان القاهرة.. ويؤكدون: قمة دول الثماني تحمل فرصًا كبيرة للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية
  • 21 تنظيماً تعلن ميلاد «التنسيقية النسوية الموحدة لوقف الحرب»