لجريدة عمان:
2025-04-28@04:48:21 GMT

شهادات الغزيين على تحولات الأرض الزراعية

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

في أحضان قطاع غزة تتسرب الحكايات من بين الجدران، كل منزل يحمل قصة، وكل نافذة تطل على حلم مؤجل.

الأطفال الذين كانوا يلعبون بالكرة في الشوارع، أصبحوا يجلسون على أعتاب البيوت الخاوية على عروشها، يتأملون العالم من بعيد، ويحلمون بمستقبل قد يكون أكثر إشراقًا.

الأمهات اللواتي كن يتبادلن الأحاديث والضحكات أثناء تحضير الطعام، أصبحن يتشاركن الهموم والقلق على مائدة الغداء الخاوية.

وفي الأفق، ترتسم صورة المدينة التي كانت يومًا تعج بالحياة، حيث كان السوق يفيض بالخضار والفاكهة، وكان البائعون ينادون على بضاعتهم بصوت عالٍ ومرح.

الآن، تلك الأصوات قد خفتت، والألوان أصبحت باهته، والحياة تسير بوتيرة أبطأ، وكأن الزمن قد توقف للحظة، ينتظر شروق شمس جديدة تعيد الدفء إلى القلوب والأمل إلى العيون.

يقف المزارع مصعب الكرنز، بعينيه التي تعكس خبرة السنين والأيام، ينظر إلى حقوله التي كانت يومًا ما تموج بالخضرة والحياة، والآن لا تبقى منها سوى الذكريات.

يتحدث بنبرة ملؤها الحنين والأسى، قائلاً لـ«عُمان» خلال حديثه: «كانت هذه الأرض تعطي بلا حدود، الطماطم والخيار والبطيخ، كل شيء كان هنا».

ويضيف: «الخضراوات والفواكه أصبحت كالكنوز النادرة ولا تكفي جميع الناس، الأسعار تحلق في السماء، والفلفل وصل سعره إلى 70 دولارًا، بعد أن كان سعرة دولار واحد».

وتابع: «الناس هنا، باتوا بلا رواتب، ولا يجدون محلات صرافة لقبض ما تبقى من أموالهم».

ويشير وقد امتلأت عيناه بالدموع: «لقد جرفت الجرافات الإسرائيلية كل شيء، الأراضي التي كانت تنبض بالحياة، الآن مجرد صحراء قاحلة، لا محاصيل، لا إنتاج، والمياه والكهرباء أصبحتا من الأحلام».

تتجسد في كلماته صورة الحياة اليومية في غزة، حيث تتشابك أزمات المياه والغذاء، وتتعانق الأمل والألم في رقصة البقاء على قيد الحياة في القطاع المكلوم.

وفي كل زاوية من زوايا هذه المدينة الصامدة، تجد قصة إنسان تحتضنها الجدران، وحلم ينتظر الفجر ليولد من جديد.

وفي زاوية أخرى من المدينة يقف محمد عبدالعال متأملًا ما آلت إليه الأحوال، يروي بنبرة تختلط فيها الأسى بالأمل، «كانت الأرض هنا تعطي بلا حدود، حماماتنا الزراعية كانت مصدر فخرنا، والشمس كانت حليفتنا في كل موسم».

ويكمل: «كنا نزرع ونحصد، ثم نصدر الخضراوات والفاكهة إلى خارج حدودنا، تلك الأراضي التي كانت تروى بعرق الجبين والماء العذب».

الأسواق خاوية والأسعار خيالية

يتنهد الرجل بعمق ويواصل حديثه: «لكن الحرب لم ترحم، فقد أخذت منا الكثير، واليوم نعاني من نقص المياه والغذاء والكهرباء».

ويؤكد: «الأراضي الزراعية التي كانت تنبض بالحياة، أصبحت جرداء بفعل الاحتلال الإسرائيلي، والمعدات التي كانت تساعدنا في الزراعة، كالحمامات الزراعية والشمسية، أصبحت ذكرى من الماضي حيث جرفت بفعل الآلة الحربية الإسرائيلية».

ويشير إلى الأسواق، حيث كانت الألوان تتراقص بين الأخضر والأحمر والأصفر، ويقول: «اليوم، الأسواق خاوية، والأسعار تكاد تكون خيالية. كيلو الطماطم الذي كان بدولارين، أصبح الآن بخمسين دولارًا، نحن نمر بمجاعة لا ترحم».

ويضيف: «تحول قطاع غزة من مصدرين للخيرات كالفواكه والخضراوات، إلى مستوردين للضروريات، وكل ذلك بسبب الحرب التي أغلقت المعابر وحرمتنا من أبسط مقومات الحياة».

وفي عينيه بريق أمل خافت، يختتم حديثه، «لكننا شعب لا ييأس، وسنعيد بناء ما تهدم، وسنزرع مرة أخرى، وستعود الحياة إلى أرضنا، فالأمل لا يموت في قلوبنا، وإن طال الليل، فلا بد للفجر أن ينشق».

وعلى الجانب الآخر من سوق الخضراوات يقف رجل عجوز يتأمل الأرفف الخالية، ويحكي بصوت مبحوح، «كان هذا المكان يومًا مليئًا بالخيرات، الخيار والفلفل كانا يملآن المحلات، والأسعار في متناول الجميع، كنا نفخر بأننا نغذي العالم بمحاصيلنا».

ويستطرد قائلا: «لكن الآن، الحرب قد حولت الخصوبة إلى قحط، والوفرة إلى ندرة، نبحث عن خيار أو فلفل، ولكن كل ما نجده هو الغلاء الفاحش، الأسعار التي كانت في متناول اليد، أصبحت الآن كالسراب».

ينظر حوله بعينين تبحثان عن أمل ضائع، ويقول: «لقد انقلبت الأمور رأسًا على عقب، من مصدرين للخضرة إلى مستوردين لها، الأسواق التي كانت تعج بالخضراوات والفاكهة، أصبحت الآن صامتة، تنتظر الإنعاش الذي لا يأتي».

يتوقف للحظة، يجمع أفكاره، ويضيف بصوت يحمل وقع الحزم، «سنجد طريقة لنعيد الحياة إلى أسواقنا، سنزرع مرة أخرى، وسنحصد مرة أخرى، وسنعود لنكون مصدر الخير للعالم، فالأمل ينبت في الأرض الخصبة، وقلوبنا لا تزال خصبة بالإيمان والعزيمة».

وبينما تتصاعد مخاوف الجوع وسوء التغذية، يُطلق العاملون الإنسانيون في الأمم المتحدة نداءً عاجلاً للتحذير من أن الأنشطة الزراعية في غزة، لا تزال متوقفه بسبب الحرب.

تقلص الإنتاج المحلي

من جهة أخرى، تُشير الأمم المتحدة إلى أن الخضراوات المحلية المتاحة في شمال غزة محدودة وتُباع «بأسعار مرتفعة»، محذرة من أن النقص في البذور والأسمدة وغيرها من المدخلات الضرورية للإنتاج الزراعي والحيواني يُعيق بشكل كبير استعادة الإنتاج الغذائي المحلي.

كما يُشير المكتب إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية قد تسببت في أضرار جسيمة في رفح وأدت إلى المزيد من النزوح هذا الأسبوع من شرق خان يونس، حيث كان يتركز الإنتاج الزراعي بشكل كبير قبل النزاع.

وبالإضافة إلى الأضرار الأخيرة التي لحقت الدفيئات البلاستيكية الزراعية، وأصبحت الأراضي الزراعية في غزة مهجورة.

ويُحذر مكتب الأمم المتحدة من أن «تفويت الموسم الزراعي القادم قد يُدمر بشكل كبير سبل العيش للسكان»، ويُشير التقرير الأخير للأمم المتحدة حول مستويات الجوع في غزة إلى أن 96% من السكان - أي ما يقرب من 2.15 مليون نسمة - يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی کانت فی غزة

إقرأ أيضاً:

تحولات السوق العالمية تهز عرش العلامات الفاخرة الأوروبية.. والتباطؤ الاقتصادي يُنذر بأفول نجم أسواق الرفاهية

 

 

الشركات المشهورة تخسر ربع تريليون دولار من قيمتها السوقية

 

الرؤية- سارة العبرية

بعد أن تكبدت شركات الرفاهية الأوروبية خسائر في قيمتها السوقية بلغت نحو ربع تريليون دولار خلال الأشهر الأخيرة، قد تشهد هذه الشركات مزيدًا من التراجع في نفوذها داخل أسواق الأسهم، مع تفاقم التباطؤ الاقتصادي في الصين.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة The Economic Times، فإن شركات الرفاهية الأوروبية فقدت ما يقرب من 240 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ ذروتها في مارس، مع تعرض علامات تجارية مثل Gucci وHugo Boss   لأكبر الخسائر؛ حيث انخفضت قيمتها السوقية بنسبة تقارب 50% خلال العام الماضي.

وفي سياق آخر، أشارت بيانات  Goldman Sachs إلى أن المؤشر الخاص بأسهم الرفاهية العالمية فقد ما يقارب من ربع تريليون دولار منذ ذروته في الربع الأول من 2024، لتصبح خسائر هذا القطاع من بين الأشد في أسواق المال العالمية.

والضربة الأقوى جاءت من الصين؛ حيث تراجع الإنفاق من قبل المستهلكين الأثرياء الذين كانوا سابقًا زبائن أوفياء في متاجر باريس وميلانو وهونغ كونغ.

وفي السابق، كانت تُعتبر هذه الشركات بمثابة "الرد الأوروبي" على عمالقة التكنولوجيا الأمريكية المعروفين بـ"السبعة العظام"، إلا أن أسهم الشركات المنتجة للأزياء الفاخرة وحقائب اليد والمجوهرات أصبحت راكدة، نتيجة لانكماش في الإنفاق الاستهلاكي، وما يثير القلق أكثر هو المؤشرات التي تفيد بأن الأثرياء الصينيين الذين اعتادوا التهافت على المتاجر الفاخرة في باريس وميلانو وهونغ كونغ قد لا يعودون، بعد أن أضعف الانحدار الاقتصادي شهيتهم للمنتجات الباهظة.

ويقول فلافيو سيريدا مدير استثمار في شركة GAM بالمملكة المتحدة: "هذا العام أكثر تقلبًا وأكثر إيلامًا، لأنه يأتي بعد فترة من النمو المفرط"، مشيرًا إلى الفترة التي أعقبت الجائحة مباشرة، عندما اندفع المستهلكون المتحررون من الإغلاق إلى الإنفاق على التسوق والسفر.

أما بالنسبة لشركة بربري البريطانية الشهيرة بصناعة المعاطف المطرية، فقد أدى هذا التراجع إلى استبعادها من مؤشر الأسهم FTSE 100 في لندن، بعدما انخفضت قيمتها السوقية بنسبة 70%. وبينما كانت بربري هي العلامة الكبرى الوحيدة التي فقدت موقعها في المؤشر، فإن مؤشرًا لأسهم الرفاهية جمعته شركة جولدمان ساكس فقد 240 مليار دولار من ذروته في مارس الماضي.

وكانت شركتا كيرينغ المالكة لعلامة Gucci وهيوغو بوس الأكثر تضررًا؛ إذ فقدتا ما يقرب من نصف قيمتهما السوقية خلال العام الماضي. وكانت كيرينغ تصنف سابقًا ضمن أكبر 10 شركات في مؤشر CAC 40 الفرنسي، لكنها الآن في المرتبة 23، أما عملاق الصناعة LVMH  فلم يكن في مأمن هو الآخر.

ويظهر انكماش فقاعة الإنفاق التي أعقبت الجائحة بشكل جلي في تقارير الأرباح الأخيرة، حيث أصدرت شركات كيرينغ وبربري وهيوغو بوس تحذيرات بشأن الأرباح، في حين سجلت وحدة السلع الجلدية الأساسية لشركة LVMH نموًا عضوياً بنسبة 1% فقط في إيراداتها الفصلية، مقارنة بـ21% في العام السابق.

وحدها العلامات التجارية التي تستهدف الأثرياء جدًا، مثل Hermès International وBrunello Cucinelli، نجت من التأثير الكامل لهذا التباطؤ في الأرباح.

ويأمل سيريدا من شركة GAM الذي يشارك في إدارة صندوق استثماري يركز على أسهم الرفاهية في أن تعود المبيعات للنمو العام المقبل، على الأقل إلى مستويات "منتصف الأرقام الأحادية" التي يرى أنها تمثل الاتجاه طويل الأمد للقطاع. لكنه يتساءل: "ماذا لو أصبحت الإيرادات الأضعف وهوامش الربح الأضيق هي الوضع الطبيعي الجديد؟"، وبعض المحللين يعتقدون أن هذا قد يكون بالفعل هو الواقع القادم.

الأسباب الرئيسية وراء الانهيار

جاء الانهيار الكبير في سوق العلامات التجارية الفاخرة نتيجة تداخل عدة عوامل ضاغطة، أول هذه العوامل هو التباطؤ الاقتصادي في الصين؛ حيث تُعد الصين سوقًا محوريًا للعلامات الفاخرة، إلا أن التراجع الاقتصادي الخير إلى جانب غياب الحوافز الحكومية القوية، قد أضعف ثقة المستثمرين والمستهلكين بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، شهدت فترة ما بعد الجائحة تحولًا ملحوظًا في سلوك المستهلكين؛ إذ باتوا أكثر تحفظًا في الإنفاق، ما أدى إلى تراجع واضح في الطلب على المنتجات الفاخرة. أما العامل الثالث فيتمثل في تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، بما في ذلك النزاعات التجارية العالمية وارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، وهو ما زاد من الضغوط على القطاع وأدى إلى تآكل ثقة الأسواق بالشركات العاملة فيه.

 

 

مقالات مشابهة

  • بنعلي تدعو إلى تحولات جذرية في منظومة الطاقة
  • تحولات كبرى في المشهد الإقليمي.. السعودية وقطر.تسددان ديون سوريا للبنك الدولي
  • أمير تبوك: نشهد تحولات كبيرة وإنجازات فريدة
  • تحولات السوق العالمية تهز عرش العلامات الفاخرة الأوروبية.. والتباطؤ الاقتصادي يُنذر بأفول نجم أسواق الرفاهية
  • ارتجت الأرض.. انفجار كبير بميناء رجائي في إيران
  • ما هي الإمتيازات التي كانت تدافع عنها د. هنادي شهيدة معسكر زمزم
  • تقرير: ليلة الآليات المحترقة .. حين تُقصف الأذرع التي تساعد غزة على النجاة
  • محيطات الأرض بالكامل كانت خضراء يوما ما
  • صحف عالمية: إسرائيل تفاقم معاناة الغزيين وكذب جديد يلاحق جيشها
  • السيسي: نرفع الهامات إجلالًا للقوات المسلحة التي قدمت الشهداء دفاعًا عن الأرض والعرض