هكذا قُرئ خطاب نصرالله الأربعيني؟
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
بعد "الردّ الأربعيني" لـ "حزب الله" بساعات قليلة أطلّ أمينه العام السيد حسن نصرالله، الذي شاء ألا يترك لمخيلة البعض الذهاب بعيدا في التحليل والاستنتاج والشطط، واضعًا النقاط على حروف هذا الردّ، الذي طال انتظاره، وراسمًا الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة توازيًا مع ما يجري في القاهرة وفي الدوحة من مفاوضات، وإن بدت متعثّرة، ستؤول في نهاية المطاف إلى صيغة أممية لوضع حدّ لمأساة غزة، التي طالت.
وقد اختلف الداخل والخارج على قراءة المواقف التي ساقها السيد نصرالله في خطابه، فأعتبر بعض الذين يعارضون في الأساس "مصادرة" قرار السلم والحرب أن ما ورد في كلامه لم يكن في مستوى التطورات قياسًا إلى ما يمكن أن يترتب عنها من معادلات وتوازنات جديدة تفرضها طبيعة المرحلة، فيما رأى من يدور في فلك قوى "الممانعة" أن "سيد المقاومة" قد وضع النقاط على حروف الحرب النافرة، وأعطاها بعدًا جديدًا لا يقّل أهمية عمّا سبق من مواقف كانت تصب بمجملها في خانة تقوية الموقف اللبناني الرسمي تجاه عدو لا يفهم إلا بلغة الحديد والنار.
وبين هذين الموقفين المتناقضين، نهجًا وممارسة، توقفت أوساط مراقبة عند خطاب نصرالله، مبدية الملاحظات التالية:
أولًا، تبرير التأخير في الردّ، حيث أكد "أن الرد هو جزء من العقاب وكنا نحتاج إلى بعض الوقت لدراسة ما إذا كان المحور سيرد كله أو كل جبهة لوحدها وتريثنا لإعطاء الفرصة للمفاوضات، لأن هدفنا هو وقف العدوان على غزة".
ثانيًا، ضوابط الردّ بحيث لا يكون "مدنيًا" ولا يطال "بنى تحتية"، بل أن يكون الهدف عسكريًا على صلة بعملة الاغتيال.
ثالثًا، تحديد الهدف، "فوجدنا مجموعة من الأهداف وفق مواصفاتنا قرب تل أبيب وحددنا قاعدة "غليلوت" وهي قاعدة مركزية للاستخبارات "الإسرائيلية" وفيها الوحدة 8200"، وهي تبعد عن حدود لبنان 110 كلم وعن حدود تل أبيب فقط 1500 متر ما يعني أنها من ضواحي تل أبيب".
رابعًا، نجاح المهمة إذ كشف نصرالله "أن المقاومة الإسلامية أطلقت في العملية، وللمرة الأولى مُسيّرة من منطقة البقاع وعلى رغم بعد المسافة تجاوزت الحدود الفلسطينية المحتلة. مؤكدًا أن أي منصة إطلاق للمقاومة الإسلامية لم تصب قبل العملية ولم تتعرض مرابض المسيّرات لأي أذى لا قبل العملية ولا بعدها. وبناءً على معطياتنا فإنَّ عددًا معتدًّا به من المُسيّرات وصلت إلى الهدفين المحدّدين، ولكن العدو يتكتم إلا أنَّ الأيام والليالي هي التي ستكشف حقيقة ما جرى هناك".
خامسًا، التهديد بما هو أدهى من "الكاتيوشيا" والمسيرات، فقال نصرالله في خطابه إن "المقاومة أخذت قرارًا وأقدمت فقام العدو بإغلاق "تل أبيب" والمطارات وفتحوا الملاجئ لمجرد استخدامنا الكاتيوشا والمُسيّرات فكيف إذا استخدمنا أكثر من ذلك"؟
سادسًا، عدم استهداف المدنيين، إذ أن العدو في رده صباح اليوم لم يجرؤ على استهداف المدنيين لأن هناك مقاومة وبيئة مقاومة وهذه المعادلة التي عدنا لتكريسها اليوم".
سابعًا، حقّ الرد، حيث قال "كان الرد مرضيًا وسنعتبر أن الرد كافٍ على جريمة الاغتيال وإن لم نره كافيًا سنحتفظ بحق الرد حتى إشعار آخر".
ثامنًا، ربط العملية بما يجري من مفاوضات في شأن مستقبل غزة، فقال "عمليتنا قد تكون مفيدة للطرف الفلسطيني أو للطرف العربي بالنسبة للمفاوضات والرسالة للعدو ومن خلفه الأميركي بأن أي آمال بإسكات جبهات الإسناد هي آمال خائبة رغم التضحيات خصوصًا في الجبهة اللبنانية".
تاسعًا، رسالة تحذير إلى الإسرائيليين الذين عليهم "أن يفهموا طبيعة لبنان والتغيرات الاستراتيجية. فلم يعد لبنان ضعيفًا تحتلونه بفرقة موسيقية، بل قد يأتي اليوم الذي نجتاحكم بفرقة موسيقية".
وهكذا يبقى تاريخ 25 آب على ارتباط وثيق بـ 7 تشرين الأول برمزيته وأهدافه، على أن تكون كلمة الفصل إمًا لمفاوضات القاهرة – الدوحة، وإمّا للميدان، مع ما شهدته الساعات الأخيرة من مشهدية رباعية الأبعاد.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: تل أبیب
إقرأ أيضاً:
كيف سيؤثر سقوط الأسد وهدنة لبنان على حرب غزة؟
بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان بين حزب الله وإسرائيل في سياق تطورات كبيرة ومتسارعة تشهدها المنطقة تُطرح تساؤلات عن مصير الحرب الإسرائيلية على غزة والتأثيرات المحتملة على "محور المقاومة"، بما في ذلك المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرهما.
ووفقا لآراء خبراء ومحللين سياسيين تحدثت إليهم الجزيرة نت، قد تسهم هذه التغيرات في تشكيل تحالفات إستراتيجية جديدة في المنطقة، مع تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على القضية الفلسطينية، سواء في غزة أو الضفة الغربية.
حرب غزةوبشأن تأثيرات هذه التغيرات في المنطقة على مسار الحرب بغزة، يستبعد الكاتب المصري والباحث في العلوم السياسية الدكتور خليل العناني أن تنتهي هذه الحرب، لأن الاحتلال يصر على البقاء هناك بشكل أو بآخر.
وأضاف العناني للجزيرة نت "قد نشهد توقفا مؤقتا نتيجة لضغوط داخلية وخارجية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن ما دام هناك احتلال هناك مقاومة"، وفق رأيه.
ويتابع "صحيح أن الظرف الإقليمي لا يبدو في صالح المقاومة، ولكن هذه أوضاع مؤقتة ومتغيرة ولن تحسم المعركة في المدى المنظور".
ويتفق الكاتب والخبير في الشأن الإسرائيلي سليمان بشارات مع العناني في توقعه باستمرار الحرب على غزة، مؤكدا للجزيرة نت أن ظلال هذه الحرب ستبقى موجودة إلى فترة تقدر بعام أو أكثر.
إعلانويوضح بشارات أن استمرار الحرب لا يعني بالضرورة شراسة القتال وضراوته بقدر أن تبقى تفاعلاتها، قائلا "حتى وإن وصلنا في مرحلة معينة لوقف تام للحرب على القطاع لكن ارتداداتها ستبقى حاضرة، والوجود الإسرائيلي في قطاع غزة سيبقى إلى حد ما حتى وإن كان ضمن تموضع في محاور معينة".
ويشير الخبير في الشأن الإسرائيلي إلى أن الوضع الإنساني الحالي في غزة وجرائم الإبادة والانتهاكات التي تمارسها إسرائيل ربما تفتح المجال أمام ضغوط كبيرة قد تمارس على مستوى قانوني وحقوقي، سواء على الولايات المتحدة أو حتى على بعض من الدول الإقليمية أو حتى على إسرائيل، وربما تفضي إلى تسوية سياسية على حساب الخيار العسكري.
بشارات: استمرار الحرب لا يعني بالضرورة شراسة القتال وضراوته بقدر أن تبقى تفاعلاتها (الجزيرة) إضعاف المقاومةومن ناحية أخرى، يقول أستاذ العلوم السياسية وحل النزاعات في الجامعة العربية الأميركية بجنين أيمن يوسف إن ما حدث في سوريا ولبنان مؤخرا ربما أضعف جبهة "المقاومة والممانعة" التي تقودها إيران.
ويتوقع يوسف في تصريحات للجزيرة نت أن تغيّر إيران سياساتها في المنطقة، ليس فقط تجاه لبنان وسوريا، بل وحتى تجاه غزة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خاصة أن فصائل المقاومة تتلقى مساعدات من إيران، وبالتالي فإن عدم وجود مسار عسكري قوي تدعمه إيران يعني وجود مسار تفاوضي سياسي.
العناني: المقاومة الفلسطينية تعول على الحق المشروع في مقاومة المحتل الغاصب (الجزيرة)وفي السياق نفسه، يؤكد العناني أن سقوط نظام الأسد في سوريا شكّل خسارة كبيرة لإيران وحزب الله، وهو ما قد يفرض ضغوطا على المقاومة الفلسطينية بسبب علاقة الحزب بإيران.
ويتوقع أن تسعى إسرائيل وأميركا إلى الاستفادة من الوضع الجديد للضغط على حماس لتقديم تنازلات فيما يخص وقف إطلاق النار وصفقة الرهائن، مؤكدا أن هذا كله مؤقت ومرتبط بتوجهات الإدارة الجديدة في سوريا، وهل ستكون مع أو ضد المقاومة، وهذا أمر متروك للزمن، وفق تعبيره.
إعلانوبحسب الباحث المصري، فإن المقاومة الفلسطينية تعول على أمرين هما "الحق المشروع في مقاومة المحتل العنصري الغاصب، وهذه مسألة مهمة للغاية وتمثل ركيزة في نضالات الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه".
أما الأمر الآخر فهو التعويل على شعبية المقاومة، خاصة بين الشباب الذين يرفضون الاستسلام للاحتلال "وهو ما نرى تجسيده في الضفة الغربية وفي قدرة حماس على تجنيد أعضاء جدد رغم الحرب الدموية على القطاع".
بدوره، يشير أيمن يوسف يشير إلى أن هناك تراجعا واضحا في قوة المقاومة الفلسطينية، خاصة بعد استهداف القيادات العليا في حركة حماس، وفي الضفة الغربية تسعى السلطة الفلسطينية إلى إظهار قدرتها على ضبط الأوضاع الأمنية، مما يعزز دورها في ترتيبات إعادة إعمار غزة، لكن الانقسام الفلسطيني الداخلي يعقّد المشهد، خاصة مع اختلاف ترتيبات غزة عن الضفة.
مستقبل الضفةوثمة مخاوف أيضا من خطط إسرائيلية بشأن الضفة الغربية استغلالا للأوضاع الحالية، وهو ما يشير إليه بشارات بقوله "الاحتلال يسعى لتحويل وجوده في الضفة الغربية إلى صوره مماثلة لوضعه غزة، مما يمكنه من التمركز وبناء المستوطنات وتنفيذ عملياته الأمنية والعسكرية من دون قيود، مما يعيد مفهوم الاحتلال العسكري المباشر".
وأضاف بشارات أن الاحتلال يربط بين غزة والضفة في إطار صفقات سياسية محتملة من الممكن أن تشمل التنازل عن السيطرة الكاملة على غزة مقابل ضوء أخضر لضم الضفة الغربية واعتبارها امتدادا للدولة اليهودية، وهذا سيؤدي إلى القضاء على مشروع الدولة الفلسطينية بشكل كامل.
أما خليل العناني فلا يستبعد سقوط السلطة الفلسطينية "نتيجة فقدانها الشرعية وبسبب قمعها كتائب وحركات المقاومة في الضفة الغربية، وهو ما سينقلب عليها وقد يؤدي إلى انهيارها"، وفق تحليله.