الأسبوع:
2024-09-13@16:20:45 GMT

مطلب شرعي وواجب وطني

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

مطلب شرعي وواجب وطني

إتقان العمل والصنعة أمر من الله ورسوله، وهو مطلب شرعي، وواجب وطني، وعمل إنساني ومسؤلية مجتمعية، ومقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، والكل مطالب بهِ، والكل محاسب عنه بين يدي الله، والإتقان يكون في أعمال الدين والدنيا، فلا يصح أن يكون الإنسان متقنا في أمور الدين، وليس متقنا في أمور الدنيا، فالقيام للصلاة من العبادات والسعي في الأرض والكد والتعب من العبادات أيضا، لهذا لا يعتري الإنسان العجب ولا الدهشة حين يجد بين دفتي المصحف، أمرا من الله تعالى بالانصراف من المسجد عقب قضاء صلاة الجمعة للعمل والكد والتعب: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [سورة الجمعة ـ الآيتان: 9 و10]

فهاتان الآيتان توضحان المنهج القويم للدين الإسلامي العظيم، وسماته الرفيعة، وصلاحيته لكل زمان ومكان، وشمولية منهجه، وتوازن أحكامه، ومخاطبته للعقل والروح والمادة، فلا يعتني بجانب ويهمِل الآخر، ولكنه يوازن بين متطلبات الروح والمادة واحتياجاتهما، فخلق نفوسا سوية، ومجتمعات متحضرة، حال الأخذ بأسبابها، فقد حض الإسلام المؤمنين على الجمع بين أَداء العبادات والطاعات، والمحافظة عليها في أوقاتها، دون غفلة أو تضييع، وبين الحرص على العمل بجد وكفاح وإتقان، دون تضييع لأحدهما.

ويكفي كل صانع شرفا أن الصناعة كانت حرفة بعض الأنبياء، فقد كان نبي الله إدريس - عليه السلام - خياطا، وكان نوح - عليه السلام - نجارا، يصنع الفلك الذي اتخذه طريقا للنجاة من الطوفان، وكان خليل الله إبراهيم - عليه السلام - بناءً، وهو الذي بنى الكعبة - البيت الحرام - وعاونه في عملية البناء ولده إسماعيل - عليه السلام -، وكان داود - عليه السلام - حدادا يصنع الدروع.

والله تعالى عظم قيمة العمل في أشد المواقف وأصعبها على الإنسان، ففي يوم قيام الساعة، الذي قال فيه سبحانه وتعالى: "يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ" [ سورة الحج: آية 2]، أمر النبي أمرا مؤكدا بالعمل وتعمير الأرض، حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إن قامتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكم فسيلةً، فإن استطاعَ أن لا تقومَ حتى يغرِسَها فليغرِسْها".

وإذا أتقن الإنسان العمل سمي صانعا أو محترفا، وقد وردت مادة صنع في القرآن الكريم بمشتقاتها في عشرين موضعا، حيث وردت في ستة عشر موضعا بصيغة الفعل، من ذلك قوله سبحانه: "إن الله عليم بما يصنعون" (فاطر:8) ووردت بصيغة الاسم في أربعة مواضع، منها قوله سبحانه: "صنع الله الذي أتقن كل شيء" (النمل:88). وأكثر ما وردت مادة صنع ومشتقاتها في القرآن بمعنى الفعل ـ خيرا أو شرا ـ ومنه قوله تعالى: "وحبط ما صنعوا فيها" (هود:16)، ومنه أيضاً قوله سبحانه: "ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة" (الرعد:31)، ومنه أيضا قوله سبحانه: "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" (الكهف:104)، وجاءت مادة (صنع) في موضع واحد بمعنى البناء والتشييد، وذلك قوله تعالى على لسان نبيه هود عليه السلام مخاطباً قومه: "وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون" (الشعراء:129).

فيا أمتنا الإسلامية، لن تقوم لنا قائمة، ولن ينصلح لنا حال، إلا بما صلح به عصر النبوة والصحابة والتابعين، الذين عملوا بكل جد وإخلاص وإتقان فى أمور دنياهم كأنهم يعيشون أبدا، وفى الوقت نفسه عملوا لآخرتهم كأنهم يموتون غدا، فيا ليتنا ننتبه جميعا، قبل أن نندم بعد فوات الأوان، وحيث لا ينفع الندم.

[email protected]

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: علیه السلام قوله سبحانه

إقرأ أيضاً:

خطيب المسجد النبوي: هناك قومٌ لم يسمعوا بالمولد وفازوا برسول الله

ألقى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي خطبة الجمعة اليوم، من المسجد النبوي الشريف عن ما يلقاه المرء من الشدائد والمحن والابتلاءات في دنياه، مبيناً أن من ثبت على الدين الحقّ، وملازمة التقوى، وطاعة الله تعالى، ومجانبة هوى النفس والشبهات المحرمات، نال رضوان الله والفوز بالجنات والنجاة من النار.

ولد الهدى فالكائنات ضياء.. موضوع خطبة الجمعة القادمة خطبة اليوم الجمعة من المسجد النبوي.. الموت مآل كل إنسان


وقال الشيخ علي الحذيفي أن الله تبارك وتعالى خلق بني آدم لأمر عظيم وشأن كبير، تخلّت أن تحمله السموات والأرض، وأشفقت من القيام به خوفاً من أن تضيّعه، فتعذّب أو تقصر فيه، فتلام ويصيبها بما قصرت فيه حساب الله وعقابه، ألا إن هذا الأمر العظيم وهو عبادة الله تبارك وتعالى، بإحسان وإصلاح الأرض بشرع الله واجتناب المظالم المحرمات.


ودعا إمام وخطيب المسجد النبوي العباد إلى التفكّر في مبدأ أمر خلقهم ونهايته، وما بين البداية والنهاية من الأحوال المتقلبة، إذ يلاقي الإنسان شدائد الدنيا والآخرة ومشاقها ثم يكون النعيم بعد ذلك للصابرين المتقين، والعذاب لمتّبعي الهوى والشهوات المحرمة.


وذكر أن عبارة حسبنا الله ونعم الوكيل كلمة يعدّها النبي - صلى الله عليه وسلم - للشدائد والكربات والملمات والنوازل، ويوصي بها أصحابه، فقالها إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - حين ألقي في النار، مذكراً بالأمور العظام التي سيلقاها الإنسان في حياته الدنيا وفي الآخرة، وبعد الحياة الدنيا يكون السؤال في القبر لكل أحد، مستشهداً بما رواه أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إذا وُضع الميّت في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال له انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدك من الجنة فيراهما جميعاً، وأما الكافر والمنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين) رواه البخاري ومسلم.


وأضاف الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي أن الله تعالى يثبّت الذين آمنوا ويضلُ المنافقين الكافرين، فلا تنفعهم شهادات الدنيا ثم يتابع الله تعالى مساءلة الأنبياء عليهم السلام هل بلغتم أممكم من نوح - صلى الله عليه وسلم - إلى خاتم الأنبياء سيد البشر محمد - صل الله عليه وسلم - ثم يسأل الله كل إنسان عن خاصة نفسه، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ) رواه الترمذي


وتابع فضيلته مذكراً أن الحساب عسير، وأن الناقد بصير، وأن الله لا يخفى عليه شيء وهو عليم بذات الصدور، ولن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة ولن تنتقل من مكانها لجواز الصراط المضروب على متن جهنم إلى الجنة حتى يُسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه يوماً بعد يوم وليلة بعد ليلة، فإن أجاب ربه بالصدق وأفنى عمره في طاعات مولاه فيا فوز الطائعين، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، فالمال الحلال يدخل به الصالح أعلى الجنات، والمال الحرام يشقى به صاحبه في حياته، ويشقى به ورثته لشؤمه بعد وفاته.


وبيّن الشيخ علي الحذيفي عِظم مسؤولية المال وكثرة شرّه وفساده لمن أنفقه على الشهوات، وحرم المستحقين منه، مضيفاً : كما يسأل المرء عن علمه ماذا عمل به، فالعمل بالعلم هو تعليمه لمن يحتاج إليه والأمر فيه بالخير والنهي فيه عن الشر، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فأعظم إحسان هداية الإنسان للهدى ونهيه عن الردى, منوهاً أن من قصّر في جواب ربه، فيما سلف من حياته، وأصلح وتاب، قبِلَ الله توبته، وتغمده برحمته، وأدخله جنته، ومن كذب على الله في جوابه عن هذه الأربع كذبه الله تعالى وشهدت عليه أعضاؤه.


وأضاف فضيلته مذكراً العباد بوجوب تقوى الله جل وعلا حق التقوى والتمسّك بالعروة الوثقى ليفوزوا بالخير والنجاة من الشرور والمهلكات، مضيفاً أن ما من خير يناله المسلم في هذه الدنيا والآخرة إلا أجراه الله على يديه، فحق رسوله - صلى الله عليه وسلم - بعد حق الله تعالى، مبيناً أن اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأداء حقّه على العبد يكون بمحبته وتقديمها على كل شيء وطاعة أمره، واجتناب منهياته، وتصديق أخباره وأن لا يُعبد الله تعالى إلا بشرعه، قال عليه الصلاة والسلام : (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) رواه البخاري ومسلم


وختم الخطبة قائلاً : قد حطّ الرحال مع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار قومٌ لم يسمعوا حتى بالمولد ففازوا باتباع السنن والعمل بها ومجانبة البدع كلها.

مقالات مشابهة

  • بعد الجدل المثار.. الإفتاء تكشف سبب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف
  • في خطوتين.. مرصد الأزهر يوضح حل تنظيم الوقت
  • العالمي للفتوى: شراء حلاوة المولد من باب الفرح والسرور
  • خطيب المسجد النبوي: هناك قومٌ لم يسمعوا بالمولد وفازوا برسول الله
  • نرجو من الله سبحانه وتعالى الخير كل الخير في العام الدراسي الجديد وان يتوقف هدير المدافع ويعلو صوت الأقلام والكراريس والكتب
  • ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟.. أحمد عمر هاشم يُجيب (فيديو)
  • أبرز الفعاليات التي تُقام في الدول المختلفة للاحتفال بمولد النبي عليه السلام
  • طقوس وممارسات الاحتفال بمولد النبي عليه السلام
  • سيدة: زوجى بخيل؟.. وأمين الفتوى: صلى على النبي يفرج أمرك (فيديو)
  • سنحتفل بمولد النور رغم أنف كل كافر ومنافق