لا يُمكن بتاتاً لحادثة الكحالة التي وقعت، أمس الأربعاء، أن تمرّ مرور الكرام بتفاصيلها المُربكة. حتماً، ما حملته الحادثة من تطوّرات دراماتيكيّة بدءاً من إنقلاب الشاحنة التابعة لـ"حزب الله" وصولاً إلى مقتل شخصين بإطلاق نار ، يُشكّلُ دلالة على أمرين أساسيين لا مفرّ منهما: الأوّل وهو أنَّ المنطقة كادت تشهدُ إنجراراً لفتنة غير محسوبة بسبب عناصر مسلحة ظهرت فيها فجأة، فيما الثاني يؤكد أنَّ خطوط نقل السلاح أو الذخيرة بين البقاع وبيروت قائمة ومستمرّة وفي وضح النهار.

 
اللافت وسط ما حصل هو إصدار "حزب الله" بياناً سريعاً اعترفَ خلاله بمسؤوليته عن الشاحنة التي انقلبت في الكحالة. وبتحليلٍ لما كشفه الحزب، فإن المنحى الذي سلكتهُ الأحداث في المنطقة شكّل عنصراً ضاغطاً على حارة حريك للإعلان عمّا تم إعلانه، وبشكلٍ أو بآخر ، فقد وجد الحزب نفسه مُجبراً على التوضيح وكشف ما يريده باعتبار أن هناك عناصر حزبية تابعة له ظهرت في المكان، ولأن أحد المنتمين إليه ويُدعى أحمد قصاص قد قُتل جراء الحادثة. بسبب ذلك، بات لزاماً على "حزب الله" الإقرارَ بما جرى، فمن جهة، لا يمكنه إنكارُ أن الشاحنة عائدة له بسبب ما حصل، ومن جهةٍ أخرى هناك قتيلٌ في صفوف عناصره، وبالتالي فإن التستر على هذا الأمر مستحيلٌ تماماً.  
ما أرستهُ الحادثة بمختلف حيثياتها كان قاسياً جداً لناحية سقوط قتلى وحصولِ توترٍ كبير، إلا أن الإرادة الإلهية أسّست لعاملٍ يمكن أن يساهم في تهدئة الأمور ويتمثل بأن القتيلين هما من الطرفين وليسا من طرفٍ واحد. لو كانت هناك ضحية واحدة من جهة الكحالة فقط، لكانت الأمورُ سلكت منحى تصعيدياً كبيراً، لكن مقتل عنصر من "حزب الله" في الحادثة كشفَ عن حصول اعتداء أيضاً على الأشخاص الذين واكبوا الشاحنة، وبالتالي وقع الضررُ على الطرفين، والدماءُ سالت من الجبهتين. 
الحديثُ في هذا الإطار ليس مُستحبّاً لكنه حقيقة، والسعيُ الآن يكمن في تحديد الجهة التي أطلقت الرصاصة الأولى. حالياً، فإنّ أوساط "حزب الله" ما زالت تتكتمُ على محتوى الشاحنة، لكن وبمعزلٍ عمّا تضمنته تلك الآلية، فإنّ هدف "حزب الله" اليوم بات يكمنُ في إثبات النظرية التي تشير إلى التالي: "الاعتداء في الكحالة حصل من قبل جهات كانت هناك وعلِمت أن الشاحنة تابعة للحزب، الأمر الذي دفعها لإستهداف عناصر المواكبة بإطلاق النار الذي حصل، وبالتالي حدوث إشتباك أدى إلى المشهدية التي باتت معروفة للجميع". 
قطبة مخفية 
من يضعُ تركيزه قليلاً في الحادثة التي حصلت، سيرى أنها كانت ستمرّ مرور الكرام لولا حصول أمر مفصليّ على أرض الشارع. في الواقع، فإنه من المعروف تماماً أن "كوع الكحالة" يشهدُ الكثير من حوادث السير، وبالتالي فإنه من المتوقع بشكلٍ يومي حدوث كارثة مماثلة لما حصل مع شاحنة "الحزب"، أمس الأربعاء. وفعلياً، وعند حصول أي حادث، تتولى القوى الأمنية عبر دراجين تسيير الحركة هناك، وقد ظهر ذلك بشكل واضح إذ تواجدت عناصر من "قوى الأمن الداخلي" في محيط الشاحنة إثر وقوعها. حينها، قد يكونُ حضور تلك العناصر قد حصل بعد مرور وقتٍ طويل نسبياً على وقوع الحادثة، وطبعاً سيكون المستجيب الأول في لحظة الحدث هو جميع المواطنين المتواجدين في المحلّة. ضمنياً، كل ما يقال هنا طبيعيّ جداً، لكنه من الممكن أن تكون لحظة الإنعطافة الدموية قد بدأت بعد النقطة الأخيرة المذكورة، فالشاحنة وبطبيعة الحال كانت تحت مواكبة أمنية خفيّة، وقد يكون اقتراب المواطنين من محتواها الموضب بشكل احترافي وعملية "الرشق بالحجارة" التي جرى الإقرار بها من قبل الأهالي، هو السبيل الذي دفع بعناصر "حزب الله" للتدخل فوراً ومباشرةً لإبعاد أي شخص عن المركبة. الأمرُ هذا قيل بشكل واضح في إطار متابعة الحادثة، لكن القطبة المخفية تكمنُ في تحديد الجهة التي باشرت بعملية القتل.. بالنسبة للبيئة المؤيدة للحزب، فإن إطلاق النار حصل من قبل شبان من الكحالة، في حين أن أطرافاً أخرى تشيرُ إلى أن الإشتباك الذي حصل بدأ بسبب عناصر "الحزب". هنا، فإن السؤال الذي يطرحُ نفسه هو التالي: من الذي أطلق رصاصة الجريمة الأولى؟ ومن الذي قُتل أولاً: فادي البجاني أم أحمد قصّاص؟  
كل هذه الأمور يجب أن تحسمها التحقيقات التي بدأت بضغطٍ سياسيّ كبير، وعلم "لبنان24" أنّ أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله ظلّ يواكب الملف حتى ساعات متأخرة من فجر اليوم الخميس، باعتبار أنّ ما حصل ليس عادياً. بحسب المعلومات، فإنّ نصرالله أجرى اتصالاتٍ مكثفة مع مختلف قادة الحزب بعد تلقيه تقارير واضحة بشأن ما جرى في الكحالة، والتوجيهات التي صدرت بإصدار بيان العلاقات العامّة أتت بشكلٍ أساسي منه باعتبار أنّ الملف حسّاس جداً.  
وإلى حين بزوغ شمس الحقيقة، أصبح "حزب الله" ملزماً بمعالجة ما حصل في الكحالة من باب الهدنة التي يحتاجها تماماً، والسبب هو أن ما جرى كان على طريقٍ تربط مناطقه ببعضها البعض. وعليه، فإنه ليس من مصلحة الحزب حدوث أي توتر هناك، فطريق الكحالة هي امتدادٌ لضهر البيدر وصلةُ وصل بين البقاع وبيروت، وبالتالي فإن أي ثغرة هناك ستنقلب على الحزب. كذلك، فإن ما حصل مع شاحنة الكحالة يمكن أن يتكرّر في أي منطقة، باعتبار أن أي مركبة مُعرضة لحادث سير.. والسؤال: كيف ستكون معالجة ما حصل؟ وهل سيأخذ "حزب الله" درب التصعيد لاحقاً في حال وجد أن طريق البقاع باتت مُهددة وتحت أنظار الكثيرين؟ الأيام المقبلة كفيلة بتقديم الإجابة...    المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی الکحالة حزب الله ما حصل

إقرأ أيضاً:

بيزشكيان المعتدل يفوز برئاسة إيران.. الرئيس الجديد حصل على 53% متفوقًا على جليلي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تم الإعلان عن مسعود بيزشكيان، المعتدل نسبياً بين اثنين من المرشحين النهائيين، الرئيس التاسع لإيران بعد حصوله على 53.3 في المائة من الأصوات في جولة الإعادة التي أجريت في 5 يوليو ضد المتشدد سعيد جليلي الذي حصل على 44.3 في المائة. 

وكان بيزشكيان، الذي يعتبر نفسه مستقلا، مدعوما من جبهة الإصلاح في الانتخابات المبكرة التي أجريت في 28 يونيو والتي أعقبت وفاة الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في 19 مايو. 

حصل المرشح المؤيد للإصلاح على أكثر من 7 ملايين صوت أكثر من الجولة الأولى وما يقرب من 3 ملايين صوت أكثر من منافسه المتشدد، وفقا للأرقام الرسمية التي أعلنتها الحكومة. 

وقاطعت الجولة الأولى من الانتخابات، التي انخفضت فيها نسبة المشاركة إلى مستوى قياسي بلغ حوالي 40%، على نطاق واسع من قبل مختلف الجماعات السياسية والناشطين والإيرانيين المحبطين. 

ووفقاً للأرقام الرسمية، التي يتحداها كثيرون في المعارضة، ارتفعت نسبة المشاركة في انتخابات الإعادة التي جرت يوم الجمعة بنحو عشرة في المئة إلى 49.8 في المئة. 

وفي العملية الانتخابية التي تسيطر عليها الحكومة الإيرانية بشدة، لا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، ولقد قدم الرئيس الجديد العديد من الوعود خلال حملته الانتخابية، ولكن كما كان الحال مع المرشحين الآخرين، كانت الخطط التفصيلية غائبة. 

ويدعو بيزشكيان إلى المشاركة في محادثات بناءة مع القوى الغربية لإحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات التي يقول إنها أصابت الاقتصاد الإيراني بالشلل منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018. ولم يقدم أي خطط ملموسة لمثل هذا الأمر، وهي خطوة تتطلب موافقة المرشد الأعلى علي خامنئي. 

كما أصر على أن إيران بحاجة إلى الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية المنصوص عليها في مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال للسماح بالعلاقات المصرفية الدولية. وإيران مدرجة على القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي منذ فبراير 2020.

ومن المرجح أن يتم اختيار وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، الذي قام بحملة لصالح بيزشكيان بلا هوادة في الأسابيع القليلة الماضية، نائبًا للرئيس في حكومته، ويقال إن منصب وزير الخارجية مخصص لنائب ظريف السابق والمفاوض النووي عباس عراقجي. 

وقال بيزشكيان خلال مناظرات الحملة الانتخابية إن الإيرانيين ذوي الدخل المنخفض والضعفاء لن يدفعوا الضرائب إذا فاز في الانتخابات. كما تعهد بتقديم رعاية صحية مجانية لذوي الدخل المنخفض والأسر الضعيفة. 

ويُعتقد على نطاق واسع أن علي طيب نيا، الخبير الاقتصادي ووزير التجارة السابق في حكومة حسن روحاني (2013-1017)، هو على رأس الفريق الاقتصادي لبيزيشكيان. ويعتقد أن الطيب نيا هو دعم لاقتصاد السوق الحر، حيث تعاني إيران من السيطرة والملكية الحكومية الساحقة. 

واعترف جراح القلب البالغ من العمر 70 عامًا، والنائب والنائب الأول لرئيس البرلمان (2016-2020)، والمحارب القديم في الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) في مناسبات مختلفة بالمساعدة في فرض الحجاب على النساء في أوائل القرن العشرين. 

وبيزشكيان معروف بخطبه النارية في البرلمان ضد حملة القمع الدموية التي شنتها الحكومة على المتظاهرين في عام 2009، وفي تغريدة بعد يوم من وفاة أميني، انتقدت بيزشكيان بشدة العنف ضدها وقالت إن اعتقال فتاة بسبب حجابها وتسليم جثتها إلى عائلتها" أمر غير مقبول في إيران ومخزٍ. 

وقال لاحقًا إن مجلس صيانة الدستور منعه من الترشح في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في مارس 2024 بسبب احتجاجه على مقتل أميني، كما انتقد الإقامة الجبرية لقادة الحركة الخضراء الذين تم احتجازهم في منازلهم منذ عام 2011.

وكان بيزشكيان قد شغل منصب وزير الصحة في عهد الإصلاحي محمد خاتمي من عام 2001 إلى عام 2005، وكان خاتمي الذي امتنع عن التصويت في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مارس احتجاجاً على الاستبعاد الواسع النطاق لغير المتشددين، قد دعم بيزشكيان وصوت له. 

ومن المرجح أن الأصوات الإضافية التي حصل عليها بيزشكيان في جولة الإعادة جاءت من بعض أولئك الذين قاطعوا الجولة الأولى، وكذلك من بعض أنصار رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي خسر في الجولة الأولى. 

وكانت موافقة بيزشكيان على خوض الانتخابات من قبل مجلس صيانة الدستور المتشدد للغاية بمثابة مفاجأة. وكان قد سجل سابقًا للرئاسة في عام 2013 لكنه انسحب وسجل مرة أخرى في عام 2020، ليتم استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور.

 

مقالات مشابهة

  • صاروخ من الحزب أصاب مواطنها.. أميركا تعلّق وهذا ما قالته
  • عملية لـحزب الله تكشف عن مسؤول مهم
  • بشكل مفاجئ، اليسار يقترب من أن يكون القوة السياسية الأولى في فرنسا لكن دون أغلبية
  • ‏إذاعة الجيش الإسرائيلي: حزب الله أطلق نحو 60 صاروخا باتجاه الشمال الإسرائيلي منذ الصباح
  • مؤتمر القاهرة وحالة التباعد بين السياسيين
  • موندو ديبورتيفو تكشف أزمات خط وسط برشلونة
  • بيزشكيان المعتدل يفوز برئاسة إيران.. الرئيس الجديد حصل على 53% متفوقًا على جليلي
  • هذا ما يتجنّبه حزب الله
  • إيران.. مسعود بزشكيان يفوز بانتخابات الرئاسة
  • تقارير: زوج لونا الشبل وشقيقها أوقفا قبل أسبوع من الحادثة