لجريدة عمان:
2025-01-24@05:07:32 GMT

الدولة العربية .. تطورها ومآلها

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

الدولة العربية .. كانت بدايتها في العهد الإسلامي، ورغم أن المنطقة قبل الإسلام شهدت أشكالا من الحكم؛ لكنها لم تكن السلطة بها مهيمنة على كل مكونات المجتمع، إذ إن جزيرة العرب حينها أقرب ما تكون منطقة لَقاحية؛ أي لا تؤمن بهيمنة حاكم عليها، وإنما تسودها أعراف القبيلة. فشيخ القبيلة.. هو ممثلها وحاميها ومُطعمها ومذلل صعابها، يعطيها بلا حدود ويقودها في المعارك، لكي يحافظ على وجودها ويُؤَمّن العيش لأفرادها، دون فرض سلطته الخاصة عليها.

وأما الحضارات القديمة التي وجدت في المنطقة؛ فلا نعرف عنها الكثير، وكل ما عُرف فمن خلال حفائر العاديات والتنقيب عن البائدات، ثم محاولة الربط الحضاري بين المكتَشَفات، والذي لا يشكل معرفة ثابتة يمكن أن يعتمد عليها كثيرا حتى الآن.

أبدى الإسلام نفورا من الدولة؛ بنموذجيها السائدين حينذاك؛ الكسروية والقيصرية، وهذا لا يعني أنه لم توجد سلطة سياسية في العهد النبوي.. بل وجدت في إدارة النبي الأكرم للمدينة، وكانت جسرا للتحول من اللَقاحية إلى الأمة؛ وليست الدولة. إلا أن «حروب الردة» التي قادها أبو بكر الصديق (ت:13هـ) غرست البذرة الأولى للدولة، ثم ربت بسقيها ماء الفتوحات زمن عمر بن الخطاب (ت:23هـ)، وكان التحول أكبر من استعداد الإدارة السياسية على استيعابه والتحكم فيه، فانفجرت الأوضاع في عهد عثمان بن عفان (ت:35هـ). ثم حصل الاقتتال بين الأمة أيام علي بن أبي طالب (ت:40هـ)؛ نتج عنه ثلاث فرق كبرى: الأموية؛ ومنها خرجت مذاهب السنة، والعلوية؛ ومنها خرجت مذاهب الشيعة، والمحكمة؛ ومنها خرجت مذاهب الخوارج والإباضية.

بعد الفتنة الكبرى التي وقعت بين صحابة النبي.. قامت أول دولة عربية على يد معاوية بن أبي سفيان (ت:60هـ)، الذي اختار لبنائها النموذج الفارسي، لأسباب ذكرتها في كتابي «السياسة بالدين». وقد سارت عموما على هذا النموذج الدول المتعاقبة على المسلمين كالدولة الأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية. وأما في عمان فكان للدولة نموذجها المختلف نوعا ما، وهو نظام الإمامة الإباضية، وقد شهد تطورات اقترب فيها من نموذج الدولة العام لدى المسلمين.

بهذا التحوّل الكبير في البُنية السياسية لدى العرب؛ وترسّخ الملكية الوراثية، انقلب المزاج الاجتماعي من اللَّقاحية اللاسلطوية إلى الاستبداد المهيمن على مفاصل الحياة السياسية. حتى دخل القرن العشرون الميلادي، ووقعت المنطقة تحت نفوذ الاستعمار الغربي، ففكك البُنية السياسية القديمة بكافة أشكالها؛ وفي مقدمتها الخلافة العثمانية. ولمّا استقلت البلدان العربية؛ هيمن عليها نظامان: رئاسي وملكي. أما الرئاسي فترسّم تحت تأثير النظريات الشمولية التي عمّت العالم حينها كالشيوعية والنازية والفاشية. وقد ابتكر العرب لهم نظريتهم القومية، التي تبنى تطبيقها سياسيا الرئيس جمال عبدالناصر (ت:1970م) بعد ثورة 23 يوليو 1952م في مصر، وتبعتها بعض الدول العربية ذات الأنظمة الرئاسية في تبني القومية بأشكال مختلفة كالبعث العربي. مارست هذه الأنظمة السلطة الخشنة على شعوبها، ففشلت في إدارة دولها، وأغرقتها في الفساد المالي والتعصب الاجتماعي والقمع الأمني.

وأما النظام الملكي.. فهادن الأنظمة الغربية، وبنى دوله بالسلطة الناعمة، واهتم بتعميرها، وجسّر العلاقة مع الشعب بالهبات والإقطاعات التي منحها لمراكز القوى؛ القبلية والاقتصادية والدينية. واللافت للنظر أن الدول التي لم تسمح بقيام أحزاب سياسية هي أكثر استقرارا، والدول الملكية التي بها أحزاب سياسية أقل استقرارا في إدارة مؤسساتها، ولكنها أحسن وضعا من الدول الرئاسية.

تمكنت الدولة العربية بنموذجيها؛ الملكي والرئاسي من فرض هيمنتها على شعوبها، وعدم السماح بنمو أي نموذج سياسي آخر منافس لها، سواء بالقوة الناعمة أم القوة الخشنة. تيار الإسلام السياسي.. هو الوحيد الذي ظل يقلقها، لكنه كذلك كان مقلقا للغرب، فأعلنت أمريكا مع بداية التسعينيات حربها على ما أسمته «الإرهاب الإسلامي»، فكانت أملا للأنظمة العربية للخلاص من هذا التيار. ومع بداية هذا القرن شن «تنظيم القاعدة» هجمات على أمريكا في 11 سبتمبر 2001م، فحصل تحول في الموقف الأمريكي، فعمل على تغيير الأوضاع في الوطن العربي، واتجه نحو الشعوب العربية بتحريضها على نيل حقوقها واختيار من يحكمها، فثارت بالربيع العربي أواخر عام 2010م، ودخلت المنطقة في اضطراب كبير؛ دُمّرِت فيه دول، ونشأت مليشيات دينية عاثت في الأرض الفساد، ففُجِّرت المساجد والمؤسسات، وسُبي الأطفال والنساء، وأُحرق الرجال ومُثّل بجثثهم. وما زال بعض دول المنطقة تعاني من ويلات هذا الربيع الدامي.

وبعد تلك التجارب المؤلمة؛ فإن المنطقة العربية ساعية في تبني نظام الدولة الوطنية، وفقا للرؤية الملكية، التي لا تقتصر على الحكم الوراثي.. بل تشمل ما في حكمه مثل: حكم العسكر والحزب الواحد. ولذا؛ ستعيد الدول العربية بناء أنظمتها على أساس من المحددات الآتية:

- إعادة بناء المناهج التعليمية والثقافية والإعلامية.. وفقا للمكتسبات السياسية والحضارية والتأريخية لكل دولة، والابتعاد عن الشعارات والممارسات المؤدلجة كالقومية والإسلامية، دون التخلي عن العروبة والإسلام، وإنما سيُعاد تأويل النصوص والوقائع لصالح العقيدة الوطنية.

- السعي إلى استقرار المنطقة سياسيا، والخروج من دوامة الحروب.. وهذا يستلزم تقديم ماعون المساعدة للدول الضعيفة سياسيا والفقيرة اقتصاديا والمتأخرة إداريا، بشرط أن تكون قادرة بنفسها على النهوض بشعبها ومؤسساتها؛ وفقا لنموذج الدولة الوطنية.

- مكافحة الفساد المالي والإداري.. بتشريع قوانين تحاربه، وإنشاء مؤسسات رقابية تتتبعه، وهذا لن يحصل بين عشية وضحاها، فالفساد.. مُعَرِّق في أرض المنطقة، وإنما لابد من المضي في الإصلاح الإداري والمالي، لأن الفساد من أهم أسباب تخلف هذه الدول، وهو سبب الثورات، وسيظل معول هدم في الاجتماع البشري ما لم تتدارك الدول نفسها بالقضاء عليه بأكبر قدر ممكن.

- تعميم «نموذج برلمانات الشعب» في الدول العربية.. بديلا عن نظام الأحزاب السياسية، وقد لا تُلغى الأحزاب لكنها ستُصاغ بما يتلاءم مع هذا النموذج، وسيشهد توسيعا في صلاحياته التشريعية والرقابية، ويصبح لممثلي الشعب دور إجرائي أكبر بمرور الأيام، دون التدخل في السياسات العليا للدولة.

- الاعتماد على الخطاب الثقافي في إدارة الشعب.. بديلا عن الخطاب الديني الذي ساد القرن الماضي، لأن الثقافة أكثر انفتاحا على معطيات العصر، وأكثر استيعابا للتنوع الفكري الذي أحدثه الفضاء الرقمي، وهي أكثر بُعدا عن الأدلجة. والخطاب الثقافي لن يقصي الدين.. بل سيعتبره أحد أعمدته، وسيوفر للمجتمع عبر الثقافة الانسجام النفسي للإنسان، ورابطة اجتماعية متينة بين الشعب، دون أن يؤثر على التنوع المذهبي والتعدد الديني في البلاد.

- توطين الدولة المهاجرين الذين أسهموا في بنائها، واعتبارهم من مكوناتها الوطنية.. ستظهر مشكلات بينهم وبين السكان الأصليين، ولذا؛ ستسعى الحكومات إلى إيجاد حلول ثقافية وقانونية واجتماعية، وهي حلول ليست بالضرورة في صالح السكان الأصليين إن أصبحوا الأقل في بلادهم.

- مع بقاء الهيمنة الأمريكية؛ ستفرض على الدولة الوطنية التطبيع مع إسرائيل في مقابل «حل الدولتين».. ويبدو أن طوفان الأقصى لن يؤثر كثيرا على هذا التوجه.

أما تبني الديمقراطية الغربية -بغض النظر عن إيجابياتها وسلبياتها- فالمنطقة العربية لم تصل إلى مرحلتها، ولا أظنها أنها قادرة على ذلك قريبا، ولا يمكن أن نقيسها بالغرب، لأن شرط نجاح تطبيق الديمقراطية أن يتبنى العرب هيكلة الاجتماع الغربي، وهذا من الصعب حدوثه، ليس لدى العرب وحدهم.. بل عموم العالم، والوضع القائم حاليا شاهد على ذلك. وما نجده مقتربا من الديمقراطية الغربية كاليابان، فلأنها تبنت هيكلة الاجتماع الغربي. هذا بالإضافة إلى ما كشف عنه طوفان الأقصى من السقوط الأخلاقي للديمقراطية بوقوفها مع الكيان الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية التي تطحن الشعب الفلسطيني بغزة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی إدارة

إقرأ أيضاً:

أسعار هواتف سامسونج Galaxy S24 و S24 Ultra في بعض الدول العربية

أعلنت شركة سامسونج رسميًا هواتفها الجديدة من سلسلة Galaxy S25 التي تضم 3 هواتف مختلفة، منها إصدار أساسي وإصدار بلس Galaxy S25 Plus بالإضافة إلى إصدار ألترا Galaxy S25 Ultra، وقد بدأت الشركة الكورية إتاحة طلب تلك الهواتف في بعض الأسواق العربية موضحةً أسعارها مع بعض العروض المغرية لجذب العملاء.

وتركز هواتف سامسونج الجديدة على ترقية المواصفات الفنية، إذ تأتي كافة هواتف سلسلة Galaxy S25 بمعالج Snapdragon 8 Elite الذي يُعد أحدث معالجات كوالكوم المتوفرة للأجهزة المحمولة، مع ذاكرة عشوائية قدرها 12 جيجابايت.

وتعِد سامسونج بتجربة رائدة على مستوى التصوير بالكاميرات وعرض المحتوى في أكثر الشاشات تطورًا في السوق مع صوت عالي الجودة، كما تستمر الشركة بتقديم مزايا الذكاء الاصطناعي كما هو الحال مع الإصدارات السابقة.

وتتميز هواتف Galaxy S25 من سامسونج بواجهة One UI 7 مع مزايا أمان متقدمة، وتحسينات بصرية، وإدماج مساعد جوجل الذكي Gemini بنحو أعمق، إذ يُمكن تفعيله بالضغط المطوّل على زر التشغيل والتفاعل معه عبر تطبيقات سامسونج وجوجل وتطبيقات أخرى.

وتُقدّم سامسونج اشتراكًا مجانيًا لمدة قدرها ستة أشهر في Gemini Advanced مع مساحة تخزين سحابية قدرها 2 تيرابايت.

وتتوفر هواتف Galaxy S25 و Galaxy S25 Plus بألوان مختلفة مثل الأخضر والأزرق والفضي والأسود والذهبي. وتطرح سامسونج هواتفها الجديدة بسعر يبدأ من 800 دولارٍ أمريكي للإصدار الأساسي Galaxy S25، و 1000 دولارٍ أمريكي لهاتف Galaxy S25 Plus. وأما هاتف Galaxy S25 Ultra فيتوفر بألوان مثل الأزرق والرمادي والأسود والفضي، ويبدأ سعره من 1300 دولارٍ أمريكي.

Galaxy S25 Ultra

وفي الإمارات العربية المتحدة، يمكن للعملاء الراغبين في اقتناء تلك الهواتف الحصول عليها بسعر يبدأ من 3200 درهم إماراتي للإصدار الأساسي بسعة تخزين قدرها 128 جيجابايت مع إمكانية الحصول على ضعف السعة التخزينية بالسعر نفسه عند الشراء المبكر، أو الحصول على قسيمة مشتريات من الشركة قيمتها 400 درهم إماراتي.

وأما هاتف Galaxy S25 Plus فسيكون متاحًا بسعر يبدأ من 3900 درهم إماراتي للسعة البالغة 256 جيجابايت مع إمكانية الحصول على السعة المُضاعفة بالسعر نفسه لمدة محدودة.

وتتيح سامسونج أيضًا هاتف Galaxy S25 Ultra في الإمارات العربية المتحدة بسعر يبدأ من 5100 درهم إماراتي للسعة الأساسية البالغة 256 جيجابايت، وتتيح أيضًا مضاعفة السعة التخزينية بالسعر نفسه أو الحصول على قسيمة شراء قيمتها 500 درهم إماراتي لمدة محدودة.

وفي المملكة العربية السعودية، تتيح الشركة الكورية الإصدار الأساسي بسعر يبدأ من 3400 ريال سعودي، وإصدار بلس بسعر يبدأ من 4150 ريالًا سعوديًا، وإصدار ألترا بسعر يبدأ من 5400 ريال سعودي، مع عرض السعة التخزينية المُضاعفة وقسائم الشراء السابق الإشارة إليها.

وفي قطر، تُتاح هواتف سامسونج الجديدة بسعر يبدأ من 3150 ريالًا قطريًا للإصدار الأساسي، و 3850 ريالًا قطريًا لإصدار بلس، و 5000 ريال قطري لإصدار ألترا، مع عرض مُضاعفة السعة التخزينية مجانًا، أو الحصول على سماعة سامسونج Galaxy Earbuds مجانًا.

وفي الكويت، يمكن شراء هواتف سامسونج الجديدة بسعر يبدأ من 258 دينارًا كويتيًا للإصدار الأساسي، و 314 دينارًا كويتيًا لإصدار بلس، و 414 دينارًا كويتيًا لإصدار ألترا، مع عرض مُضاعفة السعة التخزينية مجانًا عند الشراء المبكر.

ولمزيد من المعلومات في أي دولة، يُرجى مراجعة الموقع الرسمي لسامسونج أو وكلائها المعتمدين.

مقالات مشابهة

  • فهمي بهجت: موقف القاهرة الثابت تجاه فلسطين يكشف المخططات التي تستهدف الدولة
  • عطاف: الأوضاع المتأزمة في ثلث الدول العربية تتصدر أجندة مجلس الأمن
  • عاجل | حزب الله: التسريبات عن تأجيل انسحاب العدو تستدعي من الجميع والسلطة السياسية الضغط على الدول الراعية للاتفاق
  • حزب المصريين: القيادة السياسية تسعى لتحقيق التنمية المنشودة للشعب الصومالي الشقيق
  • ماهي الدلالات السياسية التي تحملها زيارة وزير الخارجية السعودي إلى لبنان؟
  • أسعار هواتف سامسونج Galaxy S24 و S24 Ultra في بعض الدول العربية
  • هذه الدول التي لديها أطول وأقصر ساعات عمل في العام 2024 (إنفوغراف)
  • الجامعة العربية والجزائر تبحثان مستجدات القضايا السياسية
  • الخليفة يصدر جزئين من "ذاكرة تأبى النسيان" يوثق فيها أبرز الأحداث السياسية في البرلمان
  • حصاد حرب غزة ومآلها