لجريدة عمان:
2025-03-11@12:31:14 GMT

آفاق السلام تبتعد بعد هجوم إسرائيل على لبنان

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

كان التصعيد المفاجئ والمثير كثيرًا للقلق الذي شهدته نهاية الأسبوع في القتال بين إسرائيل وحزب الله في لبنان هو عين ما تعمل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بلا كلل من أجل اجتنابه منذ اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية زعيم حركة حماس في طهران قبل شهر تقريبا.

يمثل تجدد العنف ـ الذي سرعان ما خفتت حدته ولكن من الواضح أنه يمكن أن يشتعل مرة أخرى في أي لحظة ـ انتكاسة خطيرة محتملة لجهود السلام الدولية.

وهو ضربة إضافية للرئيس الأمريكي جو بايدن بصفة خاصة، إذ يرجو أن يحقق تسوية كبيرة في الشرق الأوسط قبل أن يترك مكتبه في حالة يرثى لها.

من المرجح أيضا أن يؤثر القتال سلبا على محادثات وقف إطلاق النار وإطلاق سرائح الرهائن بين إسرائيل وحماس، وهي المحادثات غير المباشرة والمترنحة بالفعل والجارية في القاهرة على خلفية استمرار العنف في غزة. فحزب الله في حلف وثيق مع حماس. وكلتا المنظمتين تعملان برعاية من إيران وبتوجيه منه إلى حد ما.

لقد تردد أن الضربات الجوية الإسرائيلية المستمرة لغزة في الأيام الأخيرة أدت إلى مصرع العشرات. وإجمالا بلغ عدد الموتى من الفلسطينيين، وأغلبهم من المدنيين، أربعين ألفا منذ هجمة حماس في السابع من أكتوبر التي أسفرت عن مقتل قرابة ألف ومائتي إسرائيلي. كما أن عنف المستوطنين الإسرائيليين والاستيلاء على الأرض يتسارعان في المناطق المحتلة.

والخوف اليوم، كما في الماضي، هو أن تتحد هذه الصراعات المريرة في حرب إقليمية واحدة ضخمة تجتذب وكلاء إيران الآخرين في اليمن وسوريا والعراق وتفرض بالتبعية ردا عسكريا من الولايات المتحدة وحلفائها وقد عززوا حضورهم العسكري خلال الأسابيع الأخيرة. والكابوس النهائي هو أن تواجه إيران نفسها إسرائيل (أو العكس) مواجهة مباشرة. وقد شهدنا لمحة من ذلك في ابريل حينما أطلقت طهران وابلا غير مسبوق من الصواريخ والمسيرات على إسرائيل، تم اعتراض أغلبها وإسقاطه.

وقد أعلن علي خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد اغتيال هنية في الحادي والثلاثين من يوليو أن إيران ملزمة بمعاقبة إسرائيل وبدا كمن يهدد بحرب شاملة. وحتى الآن لم يتحقق هذا التهديد. ولعل ما تطلق عليه إسرائيل العمل «الوقائي» من حزب الله كان دافعه جزئيا هو المخاوف من بدء هذا الانتقام الإيراني الموعود.

ولكن هناك شكوك أيضا في أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ربما انتهز الفرصة لتصعيد مواجهة حدودية مع حزب الله كانت مشتعلة منذ السابع من أكتوبر. فالمعارضون والمنتقدون يتهمون نتانياهو، ومعهم بعض الحق، بعرقلة اتفاق غزة في سعي غير واقعي إلى «النصر الكامل» - ولتعمد تأجيج الصراع الموسع لمساعدته على النجاة سياسيا.

لقد أدت استراتيجية نتانياهو العدمية الماضية في طريق مسدود إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية والسياسية داخل إسرائيل، وأثارت غضب عائلات رهائن غزة وأزعجت حلفاء إسرائيل. وقادة الأمن والجيش في البلد ثائرون. وعلاقات الحكومة الإسرائيلية مع الولايات المتحدة، وهي حاميتها الرئيسية ومورد أسلحتها، في أدنى مستوياتها على الإطلاق.

فما هي خطة نتانياهو؟ وهل لديه خطة أصلا؟ لأن أغلبيته الحاكمة في الكنيست، ومنصبه كرئيس للوزراء، يعتمدان على دعم حفنة من الوزراء والنواب المتدينين المتطرفين والقوميين اليهود، ولأنه قد يواجه السجن بتهمة الفساد فور خروجه من السلطة، يقول المعارضون إنه ليست لنتانياهو مصلحة في السلام على أي جبهة.

واقع الأمر أن هناك من يزعمون أنه ويحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، يشتركان في مصلحة تتمثل في إبقاء نيران الحرب والكراهية والانقسام مستعرة تنتشر منها ألسنة اللهب. لأنهما في حال الفشل في ذلك، فسوف يكونان هما من تأكله النار.

ولقد عبر إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، عن كل هذا في هجوم غير عادي على نتانياهو و«مجرمي الإرهاب» ـ على حد وصفه لوزيرين من اليمين المتطرف هما إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش ـ وقد نشرت صحيفة هآرتس هذا الهجوم بالتزامن مع اندلاع القتال الأخير في لبنان. كتب أولمرت أن نتانياهو «محتال نرجسي، غير أخلاقي، ضعيف الشخصية»، يقود دولة إسرائيل إلى الهاوية. وأضاف أن «نتانياهو لا يريد عودة الرهائن وفي غياب اتفاق للإفراج عن جميع الرهائن، لا توجد فرصة حقيقية لوقف التحرك العسكري الأخير في قطاع غزة».

«سيستمر هذا لأيام كثيرة أخرى. وفي الوقت نفسه، سوف يستمر الصراع العنيف في الشمال ... فيطلق حزب الله صواريخ بعيدة المدى، وإسرائيل ترد بمستوى لم نشهده بعد، ويمضي التدهور إلى حرب شاملة». وحذر أولمرت من أن المواجهة المستمرة متعددة الجبهات» هي الخيار الوحيد الذي يخدم أولويات نتانياهو، واحتياجات يحيى السنوار أيضا على ما يبدو». وأضاف أولمرت قائلا إن «السنوار ونتانياهو يرجوان أن تدخل إيران في النهاية في مواجهة مباشرة مع إسرائيل» ـ فمن شأن هذا أن يجبر الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على التدخل.

وفي معرض دعوته إلى وقف الحرب فورا، حث أولمرت كلا من وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، ورئيس أركان القوات المسلحة هيرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار، ورئيس الموساد ديفيد برنياع - الذين انتقدوا نتنياهو علنا - على الاستقالة. ويفترض أن يكون الهدف من هذا هو إسقاط نتانياهو: وهو هدف جدير بالثناء، وتأخر كثيرا.

لم يضع كل شيء. فحتى الآن على الأقل، لم يحدث الانفجار الذي يخشاه الجميع. والقتال الأخير بين إسرائيل وحزب الله، برغم كونه مذهلا، يبقى محدود النطاق. ويبدو أن كلا الجانبين تجنّبا إلى حد كبير استهداف الأهداف المدنية. والخسائر المعلنة في الأرواح طفيفة. ويقول حزب الله: إن «المرحلة الأولى» من هجومه انتهت. فالخصوم إذن يسيرون على حبل رفيع للغاية. ولكن الأمر يحتمل أن يكون أسوأ كثيرا.

عندما يحاول نتانياهو استخدام هذه المواجهة، وهو ما سوف يفعله بالتأكيد، ليثبت للأمريكيين والغرب أن إسرائيل معرضة لتهديد مميت فوري -أو في حال تصعيده مرة أخرى- فسوف يتعين على الحلفاء أن يفكروا مليا قبل أن يهبوا إلى نجدته. فالتهديد الأكبر الذي يواجه وجود إسرائيل ووقف إطلاق النار في غزة ليس خارجيا، ولكنه يأتي من الداخل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة حزب الله

إقرأ أيضاً:

محمد أبو هاشم: الإمام أبو حنيفة وضع أساس الاجتهاد الفقهي الذي يسر على المسلمين

قال الدكتور محمد أبو هاشم، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إن الإمام أبو حنيفة النعمان كان من أبرز الأئمة الذين أسسوا الاجتهاد الفقهي وساهموا في تيسير الفقه الإسلامي بما يتناسب مع واقع الناس وحياتهم اليومية.  


وأوضح أبو هاشم، خلال تصريحات له، أن الإمام أبو حنيفة، ولد في الكوفة عام 80 هـ، ونشأ في بيئة علمية، حيث تتلمذ على يد كبار العلماء مثل عامر الشعبي ونافع مولى ابن عمر، حتى أصبح من أبرز فقهاء عصره، معتمدًا على الرأي والحجة في اجتهاداته.  

أحمد عمر هاشم: شق صدر النبي حدث 4 مراتكادت تشعل نزاعا.. أحمد عمر هاشم يروي كيف عالج الرسول أشد الأزمات بحكمتهعمر هاشم: أخلاق النبي ليست مستمدة من الشريعة قبل البعثة بل فطريةأحمد عمر هاشم: للبيت النبوي مكانة عظيمة عبر التاريخ وحفظه الله من كل دنس

ولفت إلى أن المذاهب الفقهية الأربعة لم تخلق دينًا جديدًا، بل اجتهد أصحابها في فهم النصوص الشرعية، مما يسر على المسلمين تطبيق الشريعة في حياتهم اليومية، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه."  

واشار إلى بعض اجتهادات الإمام أبي حنيفة التي أثرت في حياتنا اليوم، مثل جواز الوضوء من الصنبور، وهو ما كان موضع خلاف عند ظهوره، حتى أقره الإمام أبو حنيفة، ومن هنا جاء اسم "الحنفية" المستخدم حتى اليوم.  

وأكد أن المحاكم الشرعية في مصر تعتمد على مذهب الإمام أبي حنيفة في قضايا الزواج والطلاق، حيث اشترط أن يكون الشاهد مسلمًا فقط دون الدخول في تفصيلات العدالة التي قد تُعسر الأمر على الناس.  

وبين أن الإمام أبو حنيفة توفي عام 150 هـ ودُفن في حي الأعظمية ببغداد، حيث ظل مذهبه من المذاهب المعتمدة لدى أهل السنة والجماعة، داعيًا الله أن يوفق المسلمين لما يحبه ويرضاه.
 

الإمام أبو حنيفة

حفظ الإمام أبي حنيفة، القرآن الكريم في صغره، وحجّ البيت الحرام وهو ابن ستّ عشرة سنة مع أبيه، ويروى أنّ والده ثابت قد عاصر عليًّا بن أبي طالب -كرّم الله وجهه- فدعا له بالخير ولذريّته كذلك، وقد أخذ العلم عن شيوخ بلغوا أربعة آلاف شيخ، منهم سبعة من الصحابة، وثلاثة وتسعون من التابعين، ومن بقي منهم من تابعي التابعين، وقد أخذ الفقه عن حمّاد بن أبي سلمة.


ومن شيوخه أيضًا عطاء بن أبي رباح والشعبي وعمرو بن دينار ومحمّد الباقر -والد الإمام جعفر الصادق- وابن شهاب الزُّهري، وأخذ عنه العلم خلق كُثُر منهم القاضي أبو يوسف ووكيع -شيخ الإمام الشافعي- وعبد الرزاق بن همام شيخ الإمام أحمد بن حنبل.


محنة الإمام أبي حنيفة

 تعرّض الإمام أبو حنيفة النعمان لمحنة في عهد الدولة الأموية وأخرى في عهد دولة بني العباس، وقد عاصر الإمام الدولتين وكانت معظم حياته أيّام الأمويّين، ففي أيّام الأمويين طلب ابن هُبيرة -وكان والي الكوفة وقتها- من الإمام أبي حنيفة أن يتولى قضاء الكوفة، فرفض الإمام أبو حنيفة النعمان ذلك، فجلده ابن هبيرة مائةسوط ورفض الإمام ولم يلِن، فعندما رآه ابن هبيرة كذلك خلّى سبيله، ثمّ لمّا ولِيَ أبو جعفر المنصور خلافة العباسيين طلب من الإمام أبي حنيفة أن يكون قاضي القضاة، وهذا منصب له أوزار كثيرة كما يرى الإمام أبو حنيفة النعمان، فرفض ذلك، فأقسم المنصور أن يكون أبو حنيفة القاضي، وأقسم أبو حنيفة النعمان ألّا يستلم ذلك المنصب، فحبسه المنصور وأذاقه من الويلات في سجنه ما لا يحتمله من هو في ريعان الشباب بل أن يحتمله ابن السبعين عامًا، فتوفّي -رحمه الله- في سجنه، وكان ذلك سنة 150هـ بعد أن قضى حياته عابدًا صائمًا ساجدًا راكعًا وقد حجّ خمسًا وخمسين مرّةً، وكان يختم القرآن في كلّ يوم مرّة، وعندما مات صلّى عليه النّاس ستّ مرّات لشدّة ازدحامهم عليه.

مقالات مشابهة

  • محمد أبو هاشم: الإمام أبو حنيفة وضع أساس الاجتهاد الفقهي الذي يسر على المسلمين
  • قاسم لا يستبعد مواجهة مع إسرائيل ويكشف وضع حزب الله بعد الانكشاف الأمني
  • التحديات والآمال في ظلّ رئاسة جوزاف عون
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: معظم الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب مع حماس
  • حزب الله: لا اتفاق سري مع إسرائيل وعلى الاحتلال الانسحاب من جنوب لبنان
  • هل تغيّر موقف إسرائيل من إيران بعد عودة ترامب؟
  • رئيس وزراء قطر يُحذر: أي هجوم على منشآت إيران النووية قد يؤدي لكارثة بيئية بالمنطقة
  • إسرائيل تغتال عنصرا لحزب الله في جنوب لبنان
  • إسرائيل تعلن استهداف عنصر من حزب الله جنوب لبنان
  • هل تخلت إسرائيل عن ضرب منشآت إيران النووية بسبب ترامب؟