لجريدة عمان:
2025-03-15@07:18:41 GMT

آفاق السلام تبتعد بعد هجوم إسرائيل على لبنان

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

كان التصعيد المفاجئ والمثير كثيرًا للقلق الذي شهدته نهاية الأسبوع في القتال بين إسرائيل وحزب الله في لبنان هو عين ما تعمل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بلا كلل من أجل اجتنابه منذ اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية زعيم حركة حماس في طهران قبل شهر تقريبا.

يمثل تجدد العنف ـ الذي سرعان ما خفتت حدته ولكن من الواضح أنه يمكن أن يشتعل مرة أخرى في أي لحظة ـ انتكاسة خطيرة محتملة لجهود السلام الدولية.

وهو ضربة إضافية للرئيس الأمريكي جو بايدن بصفة خاصة، إذ يرجو أن يحقق تسوية كبيرة في الشرق الأوسط قبل أن يترك مكتبه في حالة يرثى لها.

من المرجح أيضا أن يؤثر القتال سلبا على محادثات وقف إطلاق النار وإطلاق سرائح الرهائن بين إسرائيل وحماس، وهي المحادثات غير المباشرة والمترنحة بالفعل والجارية في القاهرة على خلفية استمرار العنف في غزة. فحزب الله في حلف وثيق مع حماس. وكلتا المنظمتين تعملان برعاية من إيران وبتوجيه منه إلى حد ما.

لقد تردد أن الضربات الجوية الإسرائيلية المستمرة لغزة في الأيام الأخيرة أدت إلى مصرع العشرات. وإجمالا بلغ عدد الموتى من الفلسطينيين، وأغلبهم من المدنيين، أربعين ألفا منذ هجمة حماس في السابع من أكتوبر التي أسفرت عن مقتل قرابة ألف ومائتي إسرائيلي. كما أن عنف المستوطنين الإسرائيليين والاستيلاء على الأرض يتسارعان في المناطق المحتلة.

والخوف اليوم، كما في الماضي، هو أن تتحد هذه الصراعات المريرة في حرب إقليمية واحدة ضخمة تجتذب وكلاء إيران الآخرين في اليمن وسوريا والعراق وتفرض بالتبعية ردا عسكريا من الولايات المتحدة وحلفائها وقد عززوا حضورهم العسكري خلال الأسابيع الأخيرة. والكابوس النهائي هو أن تواجه إيران نفسها إسرائيل (أو العكس) مواجهة مباشرة. وقد شهدنا لمحة من ذلك في ابريل حينما أطلقت طهران وابلا غير مسبوق من الصواريخ والمسيرات على إسرائيل، تم اعتراض أغلبها وإسقاطه.

وقد أعلن علي خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد اغتيال هنية في الحادي والثلاثين من يوليو أن إيران ملزمة بمعاقبة إسرائيل وبدا كمن يهدد بحرب شاملة. وحتى الآن لم يتحقق هذا التهديد. ولعل ما تطلق عليه إسرائيل العمل «الوقائي» من حزب الله كان دافعه جزئيا هو المخاوف من بدء هذا الانتقام الإيراني الموعود.

ولكن هناك شكوك أيضا في أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ربما انتهز الفرصة لتصعيد مواجهة حدودية مع حزب الله كانت مشتعلة منذ السابع من أكتوبر. فالمعارضون والمنتقدون يتهمون نتانياهو، ومعهم بعض الحق، بعرقلة اتفاق غزة في سعي غير واقعي إلى «النصر الكامل» - ولتعمد تأجيج الصراع الموسع لمساعدته على النجاة سياسيا.

لقد أدت استراتيجية نتانياهو العدمية الماضية في طريق مسدود إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية والسياسية داخل إسرائيل، وأثارت غضب عائلات رهائن غزة وأزعجت حلفاء إسرائيل. وقادة الأمن والجيش في البلد ثائرون. وعلاقات الحكومة الإسرائيلية مع الولايات المتحدة، وهي حاميتها الرئيسية ومورد أسلحتها، في أدنى مستوياتها على الإطلاق.

فما هي خطة نتانياهو؟ وهل لديه خطة أصلا؟ لأن أغلبيته الحاكمة في الكنيست، ومنصبه كرئيس للوزراء، يعتمدان على دعم حفنة من الوزراء والنواب المتدينين المتطرفين والقوميين اليهود، ولأنه قد يواجه السجن بتهمة الفساد فور خروجه من السلطة، يقول المعارضون إنه ليست لنتانياهو مصلحة في السلام على أي جبهة.

واقع الأمر أن هناك من يزعمون أنه ويحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، يشتركان في مصلحة تتمثل في إبقاء نيران الحرب والكراهية والانقسام مستعرة تنتشر منها ألسنة اللهب. لأنهما في حال الفشل في ذلك، فسوف يكونان هما من تأكله النار.

ولقد عبر إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، عن كل هذا في هجوم غير عادي على نتانياهو و«مجرمي الإرهاب» ـ على حد وصفه لوزيرين من اليمين المتطرف هما إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش ـ وقد نشرت صحيفة هآرتس هذا الهجوم بالتزامن مع اندلاع القتال الأخير في لبنان. كتب أولمرت أن نتانياهو «محتال نرجسي، غير أخلاقي، ضعيف الشخصية»، يقود دولة إسرائيل إلى الهاوية. وأضاف أن «نتانياهو لا يريد عودة الرهائن وفي غياب اتفاق للإفراج عن جميع الرهائن، لا توجد فرصة حقيقية لوقف التحرك العسكري الأخير في قطاع غزة».

«سيستمر هذا لأيام كثيرة أخرى. وفي الوقت نفسه، سوف يستمر الصراع العنيف في الشمال ... فيطلق حزب الله صواريخ بعيدة المدى، وإسرائيل ترد بمستوى لم نشهده بعد، ويمضي التدهور إلى حرب شاملة». وحذر أولمرت من أن المواجهة المستمرة متعددة الجبهات» هي الخيار الوحيد الذي يخدم أولويات نتانياهو، واحتياجات يحيى السنوار أيضا على ما يبدو». وأضاف أولمرت قائلا إن «السنوار ونتانياهو يرجوان أن تدخل إيران في النهاية في مواجهة مباشرة مع إسرائيل» ـ فمن شأن هذا أن يجبر الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على التدخل.

وفي معرض دعوته إلى وقف الحرب فورا، حث أولمرت كلا من وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، ورئيس أركان القوات المسلحة هيرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار، ورئيس الموساد ديفيد برنياع - الذين انتقدوا نتنياهو علنا - على الاستقالة. ويفترض أن يكون الهدف من هذا هو إسقاط نتانياهو: وهو هدف جدير بالثناء، وتأخر كثيرا.

لم يضع كل شيء. فحتى الآن على الأقل، لم يحدث الانفجار الذي يخشاه الجميع. والقتال الأخير بين إسرائيل وحزب الله، برغم كونه مذهلا، يبقى محدود النطاق. ويبدو أن كلا الجانبين تجنّبا إلى حد كبير استهداف الأهداف المدنية. والخسائر المعلنة في الأرواح طفيفة. ويقول حزب الله: إن «المرحلة الأولى» من هجومه انتهت. فالخصوم إذن يسيرون على حبل رفيع للغاية. ولكن الأمر يحتمل أن يكون أسوأ كثيرا.

عندما يحاول نتانياهو استخدام هذه المواجهة، وهو ما سوف يفعله بالتأكيد، ليثبت للأمريكيين والغرب أن إسرائيل معرضة لتهديد مميت فوري -أو في حال تصعيده مرة أخرى- فسوف يتعين على الحلفاء أن يفكروا مليا قبل أن يهبوا إلى نجدته. فالتهديد الأكبر الذي يواجه وجود إسرائيل ووقف إطلاق النار في غزة ليس خارجيا، ولكنه يأتي من الداخل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة حزب الله

إقرأ أيضاً:

ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟

خطا الرئيس السوري أحمد الشرع ثلاث خطوات مُهمة نحو إعادة توحيد سوريا، ومواجهة مشاريع تقسيمها. الأولى، إفشال التمرد المُسلّح الذي قادته خلايا النظام المخلوع في مناطق الساحل بهدف إسقاط الدولة الجديدة وإشعال حرب أهلية. والثانية، إبرام اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لدمجها في الدولة الجديدة، والثالثة، الاتفاق مع أهالي ووجهاء محافظة السويداء الجنوبية على دمجها الكامل في مؤسسات الدولة.

 

مع ذلك، تبقى مُعضلة الجنوب السوري إشكالية ضاغطة على سوريا؛ بسبب التحركات التي بدأتها إسرائيل منذ الإطاحة بنظام الأسد واحتلالها أجزاء جديدة من الأراضي السورية ومحاولتها تأليب دروز الجنوب على إدارة الرئيس الشرع.

 

على الرغم من أن إسرائيل سعت في البداية إلى تسويق تحرّكاتها العدوانية في سوريا في إطار مواجهة مخاطر أمنية مزعومة تُهددها، فإن النهج الإسرائيلي أصبح بعد ذلك أكثر وضوحًا، خصوصًا بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 فبراير/ شباط الماضي عن نوايا إسرائيل الإستراتيجية في سوريا. وتتضمن هذه النوايا تحقيق أربعة أهداف متوسطة وبعيدة المدى.

 

أولًا، تكريس احتلال المنطقة العازلة في الجولان وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية كأمر واقع من خلال ربط التواجد الإسرائيلي فيهما بالتهديدات المزعومة بعيدة المدى التي تواجه إسرائيل من سوريا، وليس القريبة المدى. وبالنظر إلى أن المناطق المُحتلة الجديدة ليست كبيرة من حيث الحجم، فإن إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بها، إما بهدف ضمها لها بشكل نهائي، أو بهدف تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية مُحتملة مع النظام الجديد في سوريا.

 

ثانيًا، محاولة إحداث شرخ كبير بين الدروز في جنوب سوريا والإدارة الجديدة كبوابة لتأسيس كيان درزي كمنطقة عازلة بينها وبين سوريا. ولا تقتصر وسائل إسرائيل بهذا الخصوص على تشجيع النزعة الانفصالية بين الدروز، وتقديم نفسها كحامٍ لهم، بل تشمل كذلك طرح مطلب تحويل جنوب سوريا إلى منطقة منزوعة السلاح وعدم انتشار الجيش السوري الجديد فيها، فضلًا عن اعتزام السماح للدروز بالعمل داخل إسرائيل.

 

ثالثًا، تدمير ما تبقى من الأصول العسكرية التي أصبحت ملكًا للدولة السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد من أجل إضعاف القدرات العسكرية لهذه الدولة، وتقويض قدرتها على امتلاك عناصر القوة لبسط سيطرتها على كافة أراضيها وللتعامل مع التحديات الأمنية الداخلية التي تواجهها، خصوصًا مع الأطراف: (قسد، خلايا النظام في الساحل، والتشكيلات المسلحة في الجنوب). وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن أهداف إسرائيل في تشجيع النزعات الانفصالية على الأطراف لإضعاف السلطة المركزية في دمشق.

 

رابعًا، تقويض قدرة تركيا على الاستفادة من التحول السوري لتعزيز دورها في سوريا، وفي المنافسة الجيوسياسية مع إسرائيل في الشرق الأوسط. ولهذه الغاية، تعمل إسرائيل على مسارات مُتعددة، ليس فقط محاولة إيجاد موطئ قدم لها بين الدروز في الجنوب، بل أيضًا شيطنة الإدارة السورية الجديدة للتأثير على القبول الدولي بها، والضغط على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدم الاعتراف بالرئيس الشرع، وإبقاء العقوبات على سوريا كسيف مُصلت عليها لتحقيق مصالح إسرائيل، والضغط كذلك على واشنطن لإقناعها بالحاجة إلى بقاء الوجود العسكري الروسي في سوريا كضرورة لمواجهة نفوذ تركيا.

 

حتى في الوقت الذي يبدو فيه تقسيم سوريا أو فَدْرلتها أو تحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح (عدم وجود الجيش السوري فيها)، غير مُمكن وغير واقعي، فإنه من المرجح أن تحتفظ إسرائيل باحتلال المنطقة العازلة وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية لفترة طويلة.

 

كما ستسعى لاستثمار الفترة الطويلة التي ستستغرقها عملية بناء الدولة الجديدة ومؤسساتها العسكرية والأمنية من أجل مواصلة شن ضربات على امتداد الأراضي السورية؛ بذريعة مواجهة تهديدات مُحتملة، أو خطر وقوع مثل هذه الأسلحة في أيدي جماعات تُشكل تهديدًا لإسرائيل.

 

إن هذا النهج الإسرائيلي المُحتمل ينطوي على مخاطر كبيرة على سوريا وإدارتها الجديدة، لأنه سيُقوض من قدرتها على تحقيق استقرار داخلي كامل وبناء مؤسسة عسكرية قوية. ولا تبدو احتمالية الدخول في حرب مع إسرائيل واردة على الإطلاق على جدول أعمال الرئيس الشرع، خصوصًا في هذه المرحلة التي تفرض عليه تركيز أولوياته على إنجاح المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، وبناء علاقات جيدة مع الغرب من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا وإطلاق عملية إعادة الإعمار.

 

لقد شدد الشرع في القمة العربية الطارئة، التي عُقدت في القاهرة، على ضرورة العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد. ويعمل الشرع على ثلاثة سياقات لمواجهة التحدي الإسرائيلي.

 

التأكيد على التزامه باتفاقية فض الاشتباك لإظهار رغبته في تجنب أي صدام عسكري مع إسرائيل.

 

تقويض قدرة إسرائيل على استثمار الانقسامات الطائفية والمجتمعية والعرقية في سوريا من خلال السعي لدمج الحالات على الأطراف: (الشمال الشرقي، الساحل، الجنوب) في الدولة الجديدة.

 

تعزيز القبول الدولي به لإقناع القوى الفاعلة في المجتمعين: الإقليمي والدولي بالضغط على إسرائيل للحد من اندفاعتها في سوريا، والعودة إلى الوضع الذي كان قائمًا في الجنوب قبل سقوط نظام بشار الأسد.

 

علاوة على ذلك، يُحاول الشرع توسيع هامش المناورة لديه في مواجهة التحدي الإسرائيلي من خلال تعميق الشراكة الجديدة لسوريا مع تركيا.

 

على الرغم من وجود مشروع لاتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، فإن الشرع لا يزال متريثًا في الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات مُتعددة. لكنه في حال تصاعد خطر التحدي الإسرائيلي على استقرار سوريا ووحدتها، فإنه قد يلجأ إلى هذه الاتفاقية للحصول على دعم تركي في تسليح الجيش السوري الجديد، وتعزيز قدرته على مواجهة هذا التحدي.

 

والخلاصة أن التحدي الإسرائيلي يُوجد عقبات كبيرة أمام نجاح التحول في سوريا، لكنه يُوجد في المقابل فرصًا للشرع لبلورة إستراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا التحدي، وتعزيز القبول الدولي به كضمان لمنع اندلاع حرب بين سوريا وإسرائيل في المستقبل.


مقالات مشابهة

  • وزراء خارجية مجموعة السبع يشيدون بالاجتماع الذي عُقد بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في المملكة
  • هل اقترب السلام بين إسرائيل ولبنان؟
  • ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
  • إسرائيل تقصف منشأة أسلحة لحزب الله في لبنان
  • إسرائيل تشنّ غارة جوية على منشأة أسلحة لحزب الله في لبنان
  • لبنان سيشكلها.. ما هي مهام اللجان الـ3 المكلفة حل النقاط العالقة مع إسرائيل؟
  • لم نستلم وثائق..عباس يكذب حديث أولمرت عن إهدار فرصة للسلام مع إسرائيل
  • خامنئي ضمن الأهداف.. خبير يكشف تفاصيل هجوم إسرائيل المتوقع على إيران
  • الرئيس عباس يرد على تصريحات أولمرت بشأن "خارطة السلام" 
  • إسرائيل تقتل قياديا في حزب الله وتفرج عن خمسة معتقلين لبنانيين