طالب ناشطون وقادة أهليون بولاية البحر الأحمر السودانية، بإعلان المنطقة الواقعة في محيط سد أربعات، كمنطقة كوارث، بما يسمح للمنظمات الدولية بتقديم العون للمواطنين، في وقت أعلنت فيه الحكومة السودانية عن إرسال طائرة مروحية لإنقاذ العالقين في الجبال.

وانهار سد أربعات، الذي يقع على بعد 40 كيلومتر شمال مدينة بورتسودان، السبت، مما أدى لخسائر في الأرواح والممتلكات بالمناطق المحيطة بالسد.



وأكدت وزارة الصحة السودانية غرق 4 أشخاص على الأقل بسبب مياه الفيضانات الناجمة عن انهيار السد، دون تقدير عدد المفقودين، وفق ما أوردت وكالة أسوشيتد برس.

ومع ذلك، قال مسؤول محلي لموقع "التغيير" الإخباري الإلكتروني السوداني إن "هناك ما لا يقل عن 60 قتيلا والعديد من المفقودين"، وفق الوكالة ذاتها.

وقال مسؤول الري الرئيسي لولاية البحر الأحمر، عمرو عيسى طاهر إن "الأضرار واسعة النطاق".

وذكرت صحيفة "مداميك" المحلية، أن أكثر من 100 شخص في عداد المفقودين، وأن كثيرا من القرويين الآخرين صعدوا إلى قمم الجبال والتلال لتجنب ارتفاع منسوب المياه.

وزار القائد العام للجيش، رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، الأحد، بعض المناطق المتضررة من انهيار السد، ووعد بإرسال طائر مروحية لإنقاذ العالقين في الجبال، وفق بيان لوزارة الصحة السودانية.

وفي مقطع فيديو، نشره الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر البرهان يسير عبر السهول الموحلة بجوار الوديان المليئة بمياه الفيضانات، والتقى برجال الإنقاذ.

وأكد البيان أن وزير الصحة السوداني وجّه فرق الطوارئ الصحية بتوفير الخدمات المتعلقة بمكافحة الأوبئة ونواقل الأمراض، "إذ أن تلك تتكاثر فيها نواقل الأمراض، خاصة الحمي النزفية".

وانتقد ممثلون للمجتمع المدني بالمناطق القريبة من سد أربعات، تعامل السلطات المختصة مع الحادثة، مشيرين إلى أن "تحركات الحكومة أقلّ من حجم الضرر".

وقال الناشط بمنظمات المجتمع المدني، أوبشار آدم، إن سكان عدد من القرى في حاجة عاجلة إلى الإنقاذ بواسطة طائرات مروحية، وبواسطة فرق إنقاذ مائي متخصصة.

وظهر آدم في مقطع فيديو من إحدى مناطق انهيار سد أربعات، مشيرا إلى أن تأخُّر عمليات الإنقاذ سيفاقم معاناة الأهالي، وسيزيد حجم الخسائر والأضرار الناجمة عن انهيار السد.

وشاركت قوة من الجيش، وقوات رسمية أخرى، في عمليات إنقاذ العالقين وسط المياه، التي غمرت مساحات واسعة بمحلية القنب والأوليب، وفق موقع "سودان تربيون" الإخباري.

وتساعد السدود المقامة في ولاية البحر الأحمر السودانية على تخزين والاحتفاظ بمياه الأمطار الموسمية، في مناخ صحراوي إلى حد كبير.

وتم بناء سد أربعات، لتخزين مياه الينابيع والأمطار، وكانت سعته التخزينية 25 مليون متر مكعب، بحسب موقع "التغيير" الإخباري.

وزار والي ولاية البحر الأحمر، مصطفى محمد نور، وقائد منطقة البحر الأحمر العسكرية، اللواء محمد عثمان، بعض المناطق المتأثرة بالانهيار.

وأمر الوالي بتوظيف كافة الوسائل والإمكانيات لدى القوات النظامية وحكومة الولاية، لإنجاح عمليات الإنقاذ، وفق الموقع ذاته.

وأشار الناشط المجتمعي، إمام هاشم بامكار، إلى أن "الوعود التي وعد بها والي الولاية لم تتحقق، ولم تصل الآليات والمعدات التي وجّه بتوظيفها في عمليات الإنقاذ".

وظهر بامكار في مقطع فيديو من إحدى مناطق انهيار السد، بينما جرفت الأمواج المتلاطمة بعض ممتلكات المواطنين، بما فيها السيارات الثقيلة.

وطالب بامكار الحكومة السودانية بإعلان منطقة القنب والأوليب التي يوجد بها سد أربعات كمنطقة كوارث، داعيا المنظمات الإقليمية والدولية لتقديم الإعانات العاجلة للمتضررين.

ولفت الناشط المجتمعي إلى أن الهلال الأحمر وفّر كميات من الوجبات والمياه لبعض السكان الذين تضرروا من انهيار السد.

وقال بامكار، الذي درج على الظهور في مقاطع فيديو، من مناطق انهيار السد، متحدثا عن آخر التطورات، إن "عدد ضحايا الانهيار تجاوز أكثر من 100 شخص".

وحاول موقع الحرة الحصول على تعليق من السلطات السودانية، لكن لم يحصل على تعليق حتى نشر هذا التقرير.

وبدوره، أشار الصحفي السوداني، عبد القادر باكاش، إلى أن الطائرة المروحية التي وعدت بها السلطات لإنقاذ العالقين، لم تصل إلى المناطق المحاصرة بالمياه.

وقال باكاش لموقع الحرة، إن الوضع يحتم على السلطات المختصة التدخل العاجل، حتى لو كان ذلك من خلال إرسال طائرات من دون طيران استطلاعية، كخطوة أولى لتحديد مواقع العالقين، ورسم صورة أولية عن حجم الأضرار، وتحديد مسارات الإنقاذ.

وأضاف "للأسف، حتى هذا لم يحدث، في حين أن المؤشرات ترشح أوضاع العالقين لمزيد من التدهور".

وحذرت منظمات محلية من تفشي الأمراض من جراء المعدلات العالية للسيول في عدد من الولايات السودانية، خاصة الكوليرا. في وقت طالبت فيه نقابة أطباء السودان برفع الاستعداد لمواجهة انتشار الوباء، بعد إعلانه رسميا.

وكانت وزارة الصحة السودانية، أعلنت الأسبوع الماضي، انتشار وباء الكوليرا في عدد من الولايات، خاصة ولايتي كسلا والقضارف بشرق البلاد.

وفي أحدث إحصائية، أعلنت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، عن إصابة أكثر من 650 شخص ووفاة 28 بالكوليرا في خمس ولايات سودانية.

والكوليرا عدوى حادة تنتج عن تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا ضمة الكوليرا. ويتسبب المرض بالإسهال والجفاف الشديد الذي قد يؤدي إلى الوفاة خلال ساعات.

وكانت منظمة الصحة العالمية، قالت في مايو الماضي، إن نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار، بينما تُدمر المرافق الصحية وتتعرض للنهب وتعاني نقصا حادا في الموظفين والأدوية واللقاحات والمعدات.

وقال المتحدث باسم المنظمة، كريستيان ليندميير، إن ما بين 20 إلى 30 بالمئة فقط من المرافق الصحية تعمل في السودان، منوها إلى أن أكثر تلك المرافق يعمل بالحد الأدنى.

وأشار ليندميير إلى أن الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 بالمائة من الاحتياجات، لافتا إلى أن بعض الولايات مثل دارفور "لم تتلق الإمدادات الطبية خلال العام الماضي".

الحرة / خاص - واشنطن  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: البحر الأحمر انهیار السد فی السودان سد أربعات إلى أن

إقرأ أيضاً:

“خطورة الميليشيات الإسلامية المسلحة: بين إرث الماضي وتحديات المستقبل”

كل ما يجري في السودان اليوم هو نتيجة مباشرة لصنيع قادة الحركة الإسلامية الذين يتحملون مسؤولية كبرى عن الانتهاكات المرتكبة من قبل طرفي القتال. هذه الأزمة التي تفاقمت منذ عام 1989، تعتبر تجسيدًا لعقود من البراغماتية السياسية للإسلاميين، حيث قادت مغامراتهم للاستيلاء على السلطة البلاد إلى شفا الانهيار.
لقد بدأت ملامح عدم التعافي السياسي مع حادثة معهد المعلمين في الستينيات، والتي رسّخت وجود الإسلاميين في المشهد السياسي بدعم من قوى حزبية مدنية تعرضت للمزايدة والإرهاب. وكان تبني الدستور الإسلامي بمثابة الشرارة الأولى التي عمّقت الصراع مع الجنوب، وزادت من تعقيد العلاقات بين التيارات السياسية المختلفة.
الإسلام السياسي وجذور الأزمة
منذ استقلال السودان، هيمنت قضايا الإسلام السياسي على المشهد، مما استنزف طاقة النخبة السياسية وأدخل المجتمع في دوامة من التشظي والانقسام. أما ظهور الحركة الإسلامية في السلطة عبر انقلاب 1989، فقد عمّق الصراعات السياسية والاجتماعية وأوصلها إلى مستوى غير مسبوق من التعقيد.
وبرغم سقوط نظام الإنقاذ، فإن الإسلاميين استمروا في التحكم بمفاصل الدولة من خلال اختراق القوات النظامية، وتحويل الخدمة المدنية إلى أدوات لخدمة أجندتهم. تساهلت حكومة الفترة الانتقالية في معالجة إرث المشروع الحضاري، مما سمح للإسلاميين بإعادة تنظيم صفوفهم والتخطيط لاستعادة السلطة.
الميليشيات الإسلامية في المشهد الحالي
في ظل الحرب الحالية، تسعى الميليشيات الإسلامية المسلحة لإعادة تموضعها في المشهد السياسي. تنظيمات مثل "البراء بن مالك" تُذكرنا بسنوات ازدهار داعش في الشرق الأوسط، حيث تمارس الأساليب ذاتها من الترهيب والقتل والتطرف الدموي.
ما يثير القلق هو أن هذه الميليشيات تُسهم في استدامة الحرب بممارسات تعيدنا إلى زمن استبداد الإسلاميين في عهد المؤتمر الوطني. تلك الحقبة شهدت تعذيب المعارضين، واغتصاب النساء، وقمع الحريات، وهي ذات السياسات التي تسعى هذه الجماعات لتكرارها تحت مسميات جديدة.
التحدي الديمقراطي
النخبة السودانية المستنيرة تواجه اليوم تحديًا وجوديًا: إما بناء سودان موحد وديمقراطي، أو الخضوع لهيمنة الإسلاميين ومتطرفيهم. إن بروز تيارات داعشية جديدة داخل الحرب يعكس خطرًا كبيرًا يتمثل في تحول السودان إلى بؤرة للإرهاب والتطرف.
ولذلك، فإن تشكيل رأي عام مدني وديمقراطي قوي، يعارض استمرار الحرب ويدعم السلام الشامل، يمثل السبيل الوحيد لمنع السودان من الوقوع في قبضة التطرف مرة أخرى.
الحرب الحالية ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل الصراع الذي قادته الحركة الإسلامية منذ عقود. إذا لم تُتخذ خطوات حاسمة لإنهاء الحرب، وتفكيك البنية الفكرية والتنظيمية للإسلام السياسي، فإن مستقبل السودان سيظل رهينة لمشاريع متطرفة تهدد وجوده كدولة حرة ومستقلة.

زهير عثمان

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • “خطورة الميليشيات الإسلامية المسلحة: بين إرث الماضي وتحديات المستقبل”
  • بيعت في مناطق حدودية وجنوب السودان”.. اتهامات لسلطات جوبا بإهمال مناشدات ضبط الآثار السودانية المسروقة
  • الحرب السودانية وتداعياتها الإنسانية !
  • “بيعت في مناطق حدودية وجنوب السودان”.. اتهامات لسلطات جوبا بإهمال مناشدات ضبط الآثار السودانية المسروقة
  • ضربة جوية مستحيلة
  • “الأونروا” تحدد ثلاثة مطالب لاستمرار مهامها الإنسانية في غزة
  • كان عرضة لغارات التحالف.. انهيار أحد جسور “العاصمة صنعاء”
  • “الأونروا” تحدد 3 مطالب لاستمرارها في أداء مهامها الإنسانية بغزة
  • الشهادة السودانية كرقصة التانغو (1-2)
  • مصادر ملاحية “ترومان” مستمرة في التحرك الى “اطراف” البحر الأحمر