عاد الحديث عن "حالة القوة القاهرة" في ليبيا، وهذه المرة مع إعلان السلطات في بنغازي، الاثنين، وقف إنتاج النفط.

فما الذي يحدث؟

أعلنت الحكومة، التي تتخذ من شرق ليبيا مقرا،  حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمرافق النفطية وإيقاف إنتاج وتصدير النفط حتى إشعار آخر.

وجاءت هذه الخطوة، وفق بيان، احتجاجا على قيام سلطات طرابلس، حيث يقع مقر الحكومة المعترف بها دوليا، بالسيطرة على مقر المصرف الليبي المركزي وإعفاء محافظه.

وفي رد على الإعلان الجديد من الشرق، أكدت حكومة طرابلس، برئاسة عبدالحميد دبيبة، أنها ستعمل على عدم إغلاق حقول النفط.

ويدور صراع على السلطة بين الفصائل الليبية للسيطرة على المصرف المركزي وعائدات النفط.

والحكومة، التي تتخذ من بنغازي مقرا لها غير معترف بها دوليا، لكن معظم حقول النفط تقع تحت سيطرة القائد العسكري، خليفة حفتر، قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي).

وليبيا منتج رئيسي للنفط، ولم تحظ سوى بالقليل من الاستقرار منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي، عام 2011. وانقسمت البلاد في عام 2014 بين فصائل متناحرة في الشرق والغرب.

وشرق ليبيا، حيث مقر البرلمان، يقع تحت سيطرة حفتر، في حين يرأس دبيبة حكومة الوحدة الوطنية، التي تتخذ من طرابلس مقرا، وتحظى باعتراف دولي.

ومصرف ليبيا المركزي الجهة الوحيدة المعترف بها دوليا في ما يتعلق بإيداع إيرادات النفط، وهي دخل اقتصادي حيوي للبلد المنقسم منذ سنوات بسبب القتال.

وشهد المصرف، خلال الأسابيع الأخيرة، سلسلة من التطورات المقلقة في ظل محاولات لتغيير قيادة المصرف، تكشف عن عمق الأزمة السياسية والأمنية التي تعصف بالبلاد.

وظهرت أحدث التوترات بعد مساعي هيئات سياسية للإطاحة بمحافظه، الصديق الكبير، وتعبئة الفصائل المسلحة المتنافسة على كل جانب.

وبدأت أولى التوترات، عقب إعلان المجلس الرئاسي عزمه تنفيذ قرار صادر عن مجلس النواب عام 2018،  يقضي بتشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف.

وردا على القرار، أكد محافظ البنك المركزي الصديق الكبير، ونائبه مرعي البرعصي، رفضهما لهذه الخطوة، معتبرين أن المجلس الرئاسي لا يملك صلاحية عزلهما، وأعلنا استمرارهما في مناصبهما.

المصرف المركزي.. جبهة صراع جديدة تهدد استقرار ليبيا في خضم توترات سياسية وأمنية متصاعدة، تخيم على ليبيا بوادر أزمة جديدة، محورها الصراع للسيطرة على المصرف المركزي، الذي تحول إلى جبهة تنافس تهدد استقرار البلاد.

والاثنين، قالت حكومة الشرق في بيان إنها بعد "الاعتداءات على قيادات وموظفي وإدارات مصرف ليبيا المركزي، من قبل مجموعات خارجة عن القانون، بتحريض ومساعدة من المجلس الرئاسي منتحل الصفة"، تعلن "حالة القوة القاهرة، على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات والمرافق النفطية".

وأضافت: "نهيب بكافة الجهات المختصة والتابعة لنا كل حسب موقعه ومسؤوليته، وضع هذا الأمر موضع التنفيذ".

وقالت وكالة الأنباء الليبية (لانا) إن دبيبة ناقش عددا من ملفات وزارة النفط والغاز، خلال اجتماعه مع الوزير المكلف خليفة عبد الصادق.

وأكد دبيبة خلال الاجتماع على "ضرورة متابعة أوضاع الحقول النفطية وعدم السماح بإقفالها تحت حجج واهية، وضرورة محاسبة من يقوم بهذه الأفعال المشينة وإحالته لجهات الاختصاص".

ولم تحدد حكومة الشرق المدة التي قد تظل فيها حقول النفط مغلقة.

وأفاد مراسل الحرة بأن بعض الشركات النفطية بدأت في خفض إنتاجها تمهيدا لعملية الإغلاق.

وأكدت المؤسسة الوطنية للنفط، التي تسيطر على موارد النفط في ليبيا، على ذلك أيضا. وكانت المؤسسة، قد أعلنت في وقت سابق من أغسطس "حالة القوة القاهرة" في حقل الشرارة، أحد أكبر حقول النفط في البلاد، بسبب احتجاجات. وتبلغ الطاقة الإنتاجية للحقل 300 ألف برميل يوميا.

وبعيد صدور إعلان الشرق، الاثنين، قالت شركة الواحة للنفط، التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، إنها تعتزم خفض الإنتاج تدريجيا، وحذرت من توقف الإنتاج تماما.

والواحة تدير مشروعا مشتركا مع "توتال إنرجيز" و"كونوكو فيليبس" وتبلغ طاقتها الإنتاجية نحو 300 ألف برميل يوميا، تُصدر عبر ميناء السدرة في الشرق.

وتدير الشركة 5 حقول رئيسية في جنوب شرق ليبيا، تتضمن الواحة الذي ينتج أكثر من 100 ألف برميل يوميا، بالإضافة إلى جالو والفارغ والسماح والظهرة.

من جانبه، قال مصرف ليبيا المركزي في بيان الاثنين إنه "بالنظر للتطورات الأمنية الأخيرة التي خضع لها المقر الرئيسي لمصرف ليبيا المركزي في العاصمة طرابلس، فإن المصرف يعتذر لعملائه الكرام في الداخل والخارج لتوقفه عن تقديم خدماته بسبب الظروف الاستثنائية".

وقال إنه يأسف لما يسببه هذا التوقف المؤقت لكنه "يأمل في استئناف المصرف قريبا لنشاطه المعتاد، حال تراجع هذه المخاطر وعودة الأمور لطبيعتها".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: حالة القوة القاهرة المصرف المرکزی لیبیا المرکزی حقول النفط

إقرأ أيضاً:

مقال في فورين أفيرز: هذا ثمن سياسة القوة التي ينتهجها ترامب

لقد ولى عصر السلام الأميركي (باكس أميركانا) الذي وُلد مع الهجوم الياباني على الأسطول الأميركي الذي كان راسيا في قاعدته البحرية بميناء بيرل هاربر في جزر هاواي في 7 ديسمبر/كانون الأول 1941.

بهذه الفقرة استهل باحثان أميركيان مقالهما في مجلة فورين أفيرز، والذي ينتقدان فيه أسلوب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعلاقات بلاده الخارجية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وول ستريت جورنال: حماس تحوّل إطلاق سراح الرهائن إلى مشهد مهين لإسرائيلlist 2 of 2إعلام إسرائيلي يطالب بـ"إنجاز عسكري" في الضفة ويحذر من هبّة فلسطينيةend of list

ويرى إيفو دالدر الرئيس التنفيذي لمجلس شيكاغو للشؤون العالمية سفير الولايات المتحدة السابق لدى حلف شمال الأطلسي (ناتو) وجيمس ليندسي الزميل الأقدم والمتميز في مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن أن النظام الدولي القائم على القواعد قد "مات" مع تنصيب دونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية.

ووفق الباحثيْن، لطالما أكد الرئيس الأميركي أن لهذا النظام مساوئ أضرت بالولايات المتحدة من خلال تحميلها عبء مراقبة العالم وتمكين حلفائها من التلاعب بها واستغلال سذاجتها.

سلاح ضد أميركا

وتأكيدا لهذا الاستنتاج ضرب الكاتبان مثلا بتصريح لوزير الخارجية الأميركي الجديد ماركو روبيو قال فيه إن "النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية لم يعد مجرد نظام عفا عليه الزمن، بل أصبح الآن سلاحا يُستخدم ضدنا".

وفي هذا السياق، أشار دالدر وليندسي إلى أن تشكيك ترامب وعدم يقينه في دعم الولايات المتحدة أوكرانيا وتايوان، وحرصه على فرض الرسوم الجمركية، وتهديداته باستعادة قناة بنما وضم كندا والاستحواذ على غرينلاند كلها نوايا توضح أنه يريد العودة إلى سياسات القوة ومجالات الاهتمام التي كانت سائدة في القرن الـ19 حتى لو لم يصغ سياسته الخارجية من خلال تلك المصطلحات.

إعلان استنزاف لأميركا

ويزعم الباحثان في مقالهما أن ترامب لا يرى أن للولايات المتحدة مصالح مهمة كثيرة خارج نصف الكرة الغربي، ويعتبر التحالفات استنزافا للخزانة الأميركية، ويعتقد أن على واشنطن أن تهيمن على دول الجوار.

وهذه نظرة للعالم تستند -كما يقول دالدر وليندسي- إلى قول مؤرخ الحرب البيلوبونيسية الإغريقي ثوكوديدس إن "الأقوياء يفعلون ما يشاؤون، والضعفاء يقاسون بقدر ما يفرض عليهم من معاناة".

ومع إقرارهما بأن حقبة السلام الأميركي حققت إنجازات "غير عادية" مثل ردع الشيوعية والازدهار العالمي غير المسبوق والسلم النسبي فإنها غرست أيضا بذور فنائها حتى قبل صعود نجم ترامب بوقت طويل.

وطبقا للمقال، فقد أدت "الغطرسة" الأميركية إلى حروب مكلفة ومذلة في أفغانستان والعراق، وحطمت الأزمة المالية في عامي 2008 و2009 الثقة بكفاءة الحكومة الأميركية ووصفاتها السياسية.

ساحة غريبة على أميركا

ويقول الباحثان إنه يمكن فهم الأسباب التي تجعل بعض الأميركيين يشعرون أن بلادهم أفضل حالا في عالم مختلف تصنع القوة فيه الحق.

ويضيفان أنه قد يبدو أن للولايات المتحدة يدا طولى في مثل هذا النظام، لأنها تملك أكبر اقتصاد في العالم، وجيشها الأكفأ كما يمكن القول إنها تحتل أقوى وضع جغرافي.

لكنهما يستدركان بأنها تعاني من عيب لا يحظى بالتقدير الكافي، وهو قلة الممارسة، ثم إن سياسة القوة المجردة هي ساحة نشاط غريبة على الولايات المتحدة، لكنها مألوفة لمنافسيها الحاليين.

ولطالما استاء الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من نظام "باكس أميركانا" لأنه يحد من طموحاتهما الجيوسياسية، وفق المقال الذي يعتقد كاتباه أن هذين الزعيمين تعلما العمل معا لمواجهة النفوذ الأميركي، خاصة في جنوب الكرة الأرضية، كما أنهما لا يخضعان لضوابط وتوازنات مثل ترامب.

سياسة غير مؤكدة النتائج

ويمضي المقال إلى استخلاص العبر من الدروس السابقة، مشيرا إلى أن عودة الولايات المتحدة إلى انتهاج سياسات القوة التي كانت مهيمنة في القرن الـ19 لن تسفر على الأرجح عن الثراء الذي وعد به ترامب.

إعلان

ومع ذلك، فإن دالدر وليندسي يريان أن التخلي عن هذه الميزة سيكلف الولايات المتحدة ثمنا باهظا، إذ لن يقتصر الأمر على أن حلفاءها السابقين لن يسيروا خلف قيادتها فحسب، بل قد يسعى العديد منهم أيضا إلى التماس الأمان من خلال التحالف بشكل أوثق مع روسيا والصين بدلا منها، كما أنها قد تواجه انتكاسات مماثلة على الجبهة التجارية.

لا يفهم غير القوة

وخلص المقال إلى أن الشيء الوحيد الذي يفهمه ترامب هو القوة، وإذا عمل حلفاء الولايات المتحدة معا يمكنهم مواجهته بالكثير من قوتهم، وإذا نجحوا في تعبئة مواردهم بشكل جماعي فقد يتمكنون أيضا من كبح بعض أسوأ اندفاعاته ونزواته في السياسة الخارجية.

ويحذر الباحثان في ختام مقالهما من أن فشل حلفاء الولايات المتحدة في مواجهة ترامب يعني أن "حقبة أكثر قتامة من سياسات القوة المنفلتة تنتظرنا، حقبة أقل ازدهارا وأكثر خطورة على الجميع".

مقالات مشابهة

  • كواليس درجات الحرارة..ماذا يحدث اليوم بشأن حالة الطقس
  • ماذا يحدث للجسم عند تناول البروكلي؟
  • الحاجي: تصريحات الحكومة عن اقتراضها من المصرف المركزي تتناقض مع ادعاءات استقرار الاقتصاد الليبي
  • مقال في فورين أفيرز: هذا ثمن سياسة القوة التي ينتهجها ترامب
  • مجلس إدارة المصرف المركزي يعقد اجتماعه الأول لعام 2025 في درنة ويبحث تأسيس صناديق استثمارية
  • الغرياني: المصرف المركزي يستنزف ثروة ليبيا ببيعه 5 مليارات دولار للمواطنين والشركات
  • دبرز يعترض على زيارة محافظ المصرف المركزي إلى الشرق ويصفها بالمستغربة
  • ماذا يحدث في الساحل الإفريقي؟
  • المصرف المركزي وصندوق التنمية يبحثان مشاريع إعادة الإعمار في درنة
  • المصرف المركزي يعقد اجتماعه الأول للعام الجديد في درنة