نجيب سيرة «نَجيب» وألا ما نجيبها
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
حقق نجيب محمد البطل الحقيقي لرواية حياة الماعز شهرة واسعة، بعد أن مثل البطل الهندي بريثفيراج سوكوماران (42 عاما) دور نجيب في الفيلم الذي يحمل العنوان ذاته وحصد إلى الآن (19) مليون دولار أمريكي، مُنذ عرضه قبل خمسة أشهر حسب المذكور في منصة (ويكيبيديا)، والفيلم من إخراج وإنتاج وسيناريو المخرج بليسي إيبي توماس (61 عاما).
وأمام اكتساح الفيلم لأعلى نسبة مشاهدة في السينما المنزلية (نيتفليكس)، وما أثار من ردود أفعال بين معجب وساخط، نتساءل «هل نجيب سيرة نجيب في الصحراء (1992- 1995) أم لا نجيبها؟»، فالبعض يرى في الفيلم إساءة لدول الخليج والبعض يناقض ذلك الرأي ويرى أنه يعكس الواقع وهناك حالات كثيرة شبيه بقصة نجيب ولكنها لم تُروَ إلى الآن.
وبين هذا الرأي وذاك لابد من صياغة رأي مختلف يمكن البناء عليه للخروج برأي مقنع بعيدا عن الأحكام المسبقة والاصطفافات المقيتة ومهاجمة الممثلين وأشخاصهم وبلدانهم وتراشق الاتهامات في وسائل التواصل الاجتماعي، فالبعض منح نفسه مصادرة حق الآخرين في حرية القرار وأقحم الأوطان والمجتمعات في تصرفات الأفراد، وهنا تغلبت العاطفة على المنطق وانتصر التهوّر على الحكمة.
كان بالإمكان عرض وجهات نظر مختلفة ومرتبطة بالفكرة الأساسية للفيلم وهي حسب رأيي تدور حول الهجرة إلى دول الخليج وقانون الكفيل، على سبيل المثال من يرى أن الكفيل الخليجي استغل العامل الوافد، عليه أن الوقوف على استغلال الوافدين لأبناء جلدتهم الذين يبيعون لهم تأشيرات العمل، وهذا ما حدث في فيلم حياة الماعز ومر المشهد سريعا على المشاهد، ومن يرى بأن منطقة الخليج وفرت فرصًا للقوى العاملة الآسيوية وأصبح البعض منهم أثرياء أكثر من المواطنين الخليجيين، عليه أن ينظر إلى الأغلبية التي لم تنل حظها من الثروة ورجعت خالية الوفاض من بلدان النفط، ومن ينتقد الدراما في تسليط الأضواء على الزوايا المعتمة في المجتمعات الخليجية، عليه أن يعلم بأن الثقافة وخاصة الفن والأدب هي الوسيلة الوحيدة الكفيلة بالنقد فبواسطتها يتم التعبير والإفصاح عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تتطلب معالجات تشريعية وقانونية تكفل للجميع حقوقهم، وأيضا من يلوم الممثل أو الفنان في المشاركة أو الإسهام في أي عمل أدبي وفني عليه أن يدرك بأن الفنان والمثقف بشكل عام حر ويجب أن يكون حرا في القرار والأداء والممارسة والتعبير، وهنا نُذكّر بالمسلسل السعودي «طاش ما طاش» الذي تناول قضايا القوى العاملة الوافدة والصعوبات التي يتعرض لها العامل وفي مقدمتها نظام الكفيل.
ولكي لا نجلد الذات ونقسو عليها في مسألة النقد، نجد أن المجتمعات الغربية تنتقد بعض الأعمال التي تراها مسيئة لها ولتاريخها، فعلى سبيل المثال بعد أن عرض المخرج الدنماركي مارتن زاندفليت (53 عاما) فيلم «أرض الألغام» عُرض سنة 2015، وهو فيلم دنماركي ألماني مشترك، تعرض المخرج الذي كتب السيناريو أيضا إلى حملة واسعة من الانتقادات من قبل بعض الدنماركيين الذين اتهموه بالإساءة، فكان رد المخرج زاندفليت أن الإنسانية تحتاج إلى نبذ الكراهية والعنف، ويتناول الفيلم قصة حقيقية جرت أحداثها في الدنمارك عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وهزيمة ألمانيا ووقع الآلاف من الجنود الألمان في الأسر وأجبروا على العمل في البلدان التي هاجمها هتلر، تدور أحداث الفيلم على الساحل الدنماركي حيث أجبر عشرات المراهقين على إزالة الألغام في انتهاك صارخ لاتفاقية جنيف والذي يصنفها القانون جريمة حرب.
وحتى لا تتكرر مأساة نجيب الحقيقية أو المتخيلة لابد من تعديل قوانين العمل في دول الخليج ومنها قانون الكفيل وبما يتناسب مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق العمال لسد كل ثغرات استغلال البشر والمتاجرة بهم، وتنظيم سوق العمل، وطرح برامج تتعلق بإدماج القوى العاملة الوافدة في المجتمعات عبر منحهم دورات في اللغة العربية والثقافة الوطنية، واشتراط اللغة العربية في الحصول على الوظيفة وتأشيرة العمل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: علیه أن
إقرأ أيضاً:
“معرض جدة للكتاب” يستحضر سيرة وعبق تاريخ كسوة الكعبة المشرفة
جدة : البلاد
شهدت محاضرة “كسوة الكعبة والخط العربي”، ضمن فعاليات معرض جدة للكتاب 2024، تفاعلًا واهتمامًا من زوار المعرض، للتعرف على تاريخ كسوة الكعبة المشرفة ومراحل تطورها عبر العصور، وعلى جماليات الخط العربي وخصوصية المواد المستخدمة في صناعتها.
وافتتحت المحاضرة بالكشف عن نوع الخط المُستخدَم في كتابة النصوص على الكسوة، وهو خط الثلث الجلي المركب، الذي يُعرف بجماله وصعوبته، ويُلقب بـ”أم الخطوط”، وعن سبب اختياره وذلك لمكانته الفنية بين الخطوط، وجماله الفريد، ومرونته التي جعلته الخيار المثالي لتزيين بيت الله الحرام.
وعرضت خلال المحاضرة، الأشكال الزخرفية المميزة لخط الثلث على الكسوة، والعناصر المختلفة مثل المستطيلات ذات الجوانب نصف الدائرية، التي تظهر على الحزام وبعض أجزاء الستارة، والمستطيلات ذات الجوانب المقوسة المستخدمة في الستارة، بالإضافة إلى الدوائر والقناديل مثل “يا رحمن يا رحيم”، و “وأفوض أمري إلى الله”.
وتناولت تفاصيل قطع الكسوة الست، بدءًا من الثوب الخارجي الذي يحمل كتابات مخفية تُعرف بـ”الجاكارد”، الذي يعود تاريخ كسوته بالكامل لأول مرة إلى عصر ما قبل الإسلام، إضافة إلى الحزام (الطراز)، وهو الشريط المزخرف أعلى الكعبة، وبدايات ظهور النصوص عليه في القرن الثالث الهجري.
واستعرضت المحاضرة قطعًا أخرى مثل ستارة باب الكعبة (البرقع)، التي ظهرت لأول مرة في القرن الخامس الهجري، وستارة باب التوبة الداخلية التي يرجع تاريخها إلى العصر المملوكي، والكسوة الداخلية التي زُيِّنت بها الكعبة من الداخل منذ العصر العباسي الثاني، وأخيرًا كيس مفتاح الكعبة المشرفة، الذي كان يُرسل بانتظام منذ العصر المملوكي، كما ألقت الضوء على كسوة مقام إبراهيم عليه السلام، والزخارف النباتية التي تزين الكسوة حاليًا وتنوع أشكالها ومواقعها الدقيقة حول النصوص والركنيات.