ما العلاقة بين التعديل الحكومي الجديد بتونس والانتخابات وبقاء سعيد بالحكم؟
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، أن التعديل الوزاري الموسع والذي شمل 19 وزيرا و3 كتاب دولة، كان ضروريا نظرا لتعطل دواليب الدولة.
واعتبر سعيد، أن من يستغربون إجراء التعديل قبل موعد الانتخابات " هم من المفترين الكاذبين الذين لا يفرقون بين الدولة وأمنها القومي، والسير العادي لدواليبها وبين الانتخابات".
واتهم سعيد أطرافا لم يسمها "بنوايا إجرامية لتأجيج الأوضاع لغايات انتخابية مفضوحة"، مشددا على أنه ولو اقتضت المصلحة العليا للبلاد إدخال تحوير وزاري حتى بعد فتح مكاتب الاقتراع، لما تم التردد ولو للحظة واحدة في إجراء مثل هذا التعديل".
ويأتي التعديل الوزاري قبل 40 يوما على موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر / تشرين القادم، ما أثار انتقادات واسعة من السياسيين من مختلف الانتماءات الفكرية معتبرين أن قيس سعيد يعتمد سياسة الأمر الواقع والمرور بقوة وأنه على " يقين بمروره في الانتخابات وحكم البلاد خمسة أعوام أخرى." وفق تقديرهم.
3 رؤساء حكومات.. 18وزيرا لـ6 وزارات
والأحد أدخل سعيد، تعديلا موسعا على حكومة كمال المدوري الذي تم تكليفه منذ 3 أسابيع، تحوير لم يشمل وزيرة العدل التي حافظت على منصبها بالحكومة الثالثة على التوالي وشمل وزارات سيادية كالدفاع والخارجية .
ومنذ إعلان إجراءات 25 يوليو 2021، والتي تم من خلالها إعفاء حكومة هشام المشيشي،تداول على قصر الحكومة بالقصبة 3 رؤساء حكومات.
فكانت الحكومة الأولى مع نجلاء بودن وهي أول امرأة تكلف برئاسة حكومة في تاريخ البلاد ولكن لم يستمر حكمها أكثر من سنة ليتم عزلها وتكليف أحمد الحشاني خلفا لها فوجد بدوره نفسه معزولا وتم تعيين كمال المدوري خلفا له بتاريخ السابع من الشهر الجاري.
وفي كل تكليف يؤكد سعيد أن الوظيفة التنفيذية يمارسها رئيس الجمهورية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة، فالوزير هو للمساعدة وليس وزرا أو أن تكون له اختيارات خارج التي يضبطها رئيس الجمهورية ".
والتعديلات الوزارية بتونس في الثلاث سنوات الأخيرة،كانت عديدة ومتواترة بشكل لافت، ففي وزارات "الداخلية والخارجية، والتربية والفلاحة، والاجتماعية والتجارة " تتداول أكثر من 18 وزيرا على هذه الوزارات فقط، فهناك وزارات لا يستمر فيها الوزير أكثر من شهرين.
يشار إلى أن جميع الإعفاءات كانت تصدر في بلاغات رئاسية على الصفحة الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك " ودون أية توضيحات عن أسبابها.
"لا نية للخروج من الحكم"
وقال الوزير السابق والسياسي خالد شوكات إن " التعديل الحكومي زمن سعيد تحول إلى مجرد ترقيات وظيفية حيث أن أغلب المعينين وجوه مغمورة بلا ماض سياسي، وهم قادمون من الإدارة حيث كانوا يشغلون مناصب من قبيل مدراء عامين لأقسام وزارية أو شركات عمومية".
واعتبر شوكات في حديث لـ"عربي21"، "أن التعديل يجعل هذه الحكومة كسابقاتها من حكومات سعيد بعد انقلابه على الانتقال الديمقراطي سنة 2021، حكومة بلا برنامج سياسي أو تنموي تندرج ضمن سياق حكم ترقيعي يدير اليومي ويطفئ الحرائق المستجدة، حكم بلا أفق استراتيجي أو إصلاحي ".
وأضاف السياسي شوكات " فيما ما يتعلق بتغيير الحكومات، فقد تعود التونسيون على حكومات فاشلة يقع تعويضها بحكومات أكثر فشلا، وهي حكومات قصيرة النفس معدل أعمارها لا يتجاوز السنة…بل لعلها هذه المرة محاولة من سعيد لمسح يديه في الحكومة المقالة حتى يقول الناس أن من فشل هي الحكومة لا الرئيس، وهكذا يحسّن من حظوظه الانتخابية ".
وفي رده عن توقيت التعديل أجاب شوكات " التوقيت يعزز الاعتقاد بأنه لا نية لسعيد في الخروج من الحكم أو التداول السلمي على السلطة، فالمسألة ليست يقينا من نتيجة الانتخابات سلفا، لأن أي سياسي بصفر منجز وسيرة متأزمة يفترض به أن يخسر الانتخابات لا أن يربحها، لكننا في سياق هذا الانحراف السياسي الكبير نتوقع أي شيء".
"تعديل حملة الأمل"
بدوره قال القيادي بحركة النهضة و"جبهة الخلاص الوطني" بلقاسم حسن "إن مختلف التحويرات و التعديلات في تركيبات الحكومات منذ 25 تموز / يوليو 2021، لا تغير من موقفنا المبدئي في اعتبارها حكومات الانقلاب، و ما ينجم عن ذلك من قراءة لها في علاقة بالشرعية و بالتجربة الديموقراطية ".
وأضاف بلقاسم حسن في حديث خاص لـ"عربي21": "نعتبر كل من يشارك في التعديل من بين أطراف الانقلاب بقطع النظر عن اسمه، خاصة أننا نعرف حدود مسؤولياتهم و نعرف جيدا طبيعة ارتباطهم برئيس الجمهورية في ظل الصلاحيات التي حددها لنفسه بعد انقلاب 25 يوليو 2021".
وعن التعديل الواسع وتوقيته اعتبر بلقاسم حسن أنه "كان منتظرا منذ مدة أن يحصل، بالتحديد في علاقة بالموعد الانتخابي القادم الذي يتطلب الإتيان بوجوه جديدة ليس عليها ملاحظات تحملها مسؤوليات الفشل الحكومي الذي سوف يبقى بمثل هذا التعديل مرتبطا بالوزراء السابقين و برئيس الحكومة المقال و من سبقهم منذ 25 يوليو 2021".
ورأى القيادي بالنهضة أنه "أمر طبيعي أن تنحية وزراء ورئيس حكومة تعني عدم الرضا على أدائهم ويكونون بذلك عرضة لتحميلهم مسؤولية عدم النجاح وعدم الإنجاز وبث الأمل في نجاح المعينين الجدد، أما بالنسبة إلى من وقعت المحافظة عليهم، فذلك يعني بكل بساطة أنهم يحظون بثقة الرئيس و رضاه عنهم".
وتابع محدثنا "توقيت التعديل، حقيقة لا بد من ربطه بالموعد الانتخابي القادم و باستباق الحملة الانتخابية بحكومة جديدة ليس وراءها ما تم تسجيله من فشل و مشاكل و تكون فرصة للحديث عن برامج و وعود مستقبلية حتى يطمئن التونسيون لانتظارها طيلة السنوات الخمس القادمة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية التونسي سعيد الانتخابات تونس انتخابات حركة النهضة سعيد انقلاب سعيد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یولیو 2021
إقرأ أيضاً:
معتقل في قضية التآمر بتونس.. زوجة عصام الشابي: إنه يتعرض للتنكيل بالسجن
ككل عائلات السجناء في تونس، دأبت فايزة راهم، زوجة الأمين العام للحزب الجمهوري المعارض، عصام الشابي، كل يوم إثنين وخميس على إعداد الطعام بنفسها وحمله إلى زوجها الموقوف في سجن المرناقية منذ نحو 21 شهرا في قضية ما يعرف محليا بـ "التآمر على أمن الدولة".
الشابي واحد من بين عدد من المعارضين السياسيين من مختلف الأحزاب الذين تم اعتقالهم خلال الأشهر الأولى من سنة 2023 ويواجهون قضايا مختلفة أبرزها "التآمر على أمن الدولة".
تقول فايزة لـ"الحرة" محاولة إخفاء حزنها الذي سرعان ما تكشفه دموعها من حين إلى آخر "أقسى ما يمكن أن تمر به الأسرة من ألم الفقد والبعاد هو غياب الأب عن العائلة في المناسبات الدينية من أعياد وخلال شهر رمضان، حيث يظل مكانه على مائدة الطعام شاغرا، فلا أحد يجلس مكانه، ذلك ما تعيشه أسرة عصام الشابي.
السياسي التونسي المعتقل عصام الشابيوتتابع الحديث بتأثر شديد "لم أكن يوما أتوقع أنه عقب مناخ الحريات الذي أتاحته الثورة التونسية منذ 2011، سأستفيق على واقع اعتقال عصام الشابي والزج به في السجن، وهو الذي دأب على ممارسة نشاطه السياسي في إطار ما يسمح به دستور البلاد. كان الأمر مؤلما جدا لي ولأبنائي وأحفادي الذين تغلبهم دموع الشوق إليه كلما ذكرت سيرته".
قضية التآمروقضية "التآمر على أمن الدولة" في تونس هي ملف قضائي شمل العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية، خاصة من المعارضة، وبدأت التحقيقات بشأنها في فبراير 2023.
تشمل القضية تهمًا موجهة إلى عدد من الشخصيات السياسية في حركة النهضة وغيرها من الأطراف المعارضة، بزعم "التآمر على أمن الدولة الداخلي وتهديد استقرار النظام السياسي". وقد تم توقيف العديد من السياسين والنشطاء فيها، ومن بينهم شخصيات بارزة مثل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي أُلقي القبض عليه في 17 أبريل 2023، وتم سجنه بتهمة التحريض على الفوضى.
تونس "تفتح تحقيقات جديدة" ضد شخصيات بارزة بشبهة التآمر على أمن الدولة قالت محامية لرويترز، الأربعاء، إن قاضيا تونسيا فتح تحقيقات جديدة تشمل شخصيات سياسية بارزة بينها رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد والمديرة السابقة لمكتب الرئيس قيس سعيد وراشد الغنوشي زعيم حزب النهضة المعارض بشبهة التآمر على أمن الدولة.ومنذ بداية التحقيقات، تم توجيه اتهامات لأكثر من 120 شخصًا، مع إصدار قرارات بالمنع من السفر ضد حوالي 40 آخرين من المتهمين.
ومن بين المعتقلين، عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، وهو أحد أبرز الشخصيات المعارضة في البلاد. وقد تم توقيفه في فبراير 2023.
الطعام وسيلة اتصاللم تكن فايزة تعرف قائمة الأكلات المسموح بإدخالها إلى السجن وتلك الممنوعة، فلا توجد قائمة معلنة بما يمكن إدخاله للسجن أو تجنبه، ولكن بتتالي الزيارات إلى زوجها باتت تحرص على إعداد الوجبات التي تتماشى ونظام السجون في تونس. وفي هذا الصدد تقول "حمل الطعام إلى السجين بات وسيلة للشعور بالتواصل معه والقرب منه".
وتضيف أنه على امتداد سنة وتسعة أشهر، وفي كل زيارة تقوم بها، لا تتمكن من لقاء زوجها عصام الشابي بشكل مباشر لأنه مصنف كـ"إرهابي خطير" والتواصل معه لا يكون إلا من خلف حاجز زجاجي وباستعمال الهاتف، إضافة إلى أن هذه الزيارة تدوم دقائق معدودات.
تنقل فايزة الطعام لزوجها بشكل دائم في فرصة تتيح لها زيارته"أول سؤال أبادر به زوجي هو هل أعجبك الطعام؟، ذلك أن الأكلات أعدها بكل حب وودّ لشخص يتعرض للظلم والتنكيل لأنه يتم منع إدخال أكلات عديدة من بينها الفاصوليا والجلبانة والتمور بمختلف أنواعها، والعنب والحلويات والفواكه الجافة والأجبان إلى السجين، وكأنه يعاقب مرتين، مرة بسلبه الحرية، والثانية بحرمانه من بعض الأكلات دون إبراز الأسباب التي تقف وراء هذا المنع"، تردف فايزة.
وأشارت إلى أن "أكثر الأشياء إيلاما لها" هو محاولة إدخال حذاء وأدوية وكتب لزوجها، إذ تقول إن ذلك "يستغرق أشهرا لتصله"
معنويات وضعفوفي أبريل الماضي، أعلن الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام داخل سجن المرناقية بتونس، احتجاجا على استمرار سجنه بعد نهاية فترة الإيقاف التحفظي.
وفي هذا الصدد، تؤكد زوجته فايزة راهم أن وضعيته الصحية تدهورت بسبب الإضراب، إذ نحف جسمه وفقد ما يقارب 30 كيلوغراما من وزنه. "خشينا أن يفقد حياته بسبب هذه الإضرابات"، تستطرد قائلة.
من السجن.. الوزير السابق الشواشي يعلن ترشحه لرئاسة تونس أعلن الناشط السياسي والوزير التونسي السابق، غازي الشواشي، عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في السادس من أكتوبر المقبل، من داخل السجن.وتتابع بالقول إن "وضعيته الصحية اليوم جيدة ومعنوياته مرتفعة عكس بعض رفاقه الذين يعانون وضعا صحيا صعبا"، من بينهم الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي المعارض غازي الشواشي، والناشط السياسي خيام التركي، والقيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي.
تضامن حقوقيوفي ما يتعلق بتضامن المنظمات والهيئات الحقوقية مع المعتقلين السياسيين، تقول زوجة عصام الشابي إنها تواصلت مع عدد من المنظمات الحقوقية، من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واللتان أعربتا عن مساندتهما للمعتقلين من خلال إصدار بيانات تضامن.
وسبق لرابطة عائلات المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في تونس أن أطلقت مطلع سبتمبر الماضي حملة وطنية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وللتعبير عن رفضهم لما يعتبرونه "احتجازهم تعسفيا".
كما نظمت هذه العائلات في مناسبات عدة وقفات احتجاجية تضامنية لتسليط الضوء على المعتقلين في السجون التونسية. وفي هذا الخصوص تؤكد فايزة راهم أنها وجهت عديد الرسائل إلى الرئيس التونسي قيس سعيد وذلك عبر وسائل الإعلام تدعوه فيها إلى الاطلاع على ملف "التآمر على أمن الدولة" باعتباره رجل قانون وانصاف "المظلومين".
وتختم المتحدثة ذاتها بالقول "ما يحدث للمعتقلين السياسيين هو عبث ورسالتي إلى السلطات التونسية هي مطالبتهم بإعادة فتح هذا الملف لأنه خاو وفارغ".
موقف الرئيسوفي المقابل، يتشبث الرئيس التونسي قيس سعيد بمحاكمة وإدانة المتهمين في قضية "التآمر على أمن الدولة"، منتقدا ما اعتبرها "إطالة أمد الإجراءات القضائية" في بلاده، كما طالب بسرعة محاكمة المتهمين في الملف.
منذ حل البرلمان.. اعتقالات قيس سعيد للمعارضين تتزايد تعيش تونس على وقع أزمة سياسية منذ أن قرر الرئيس التونسي، قيس سعيّد، احتكار السلطات، في عام 2021، وشملت قراراته حل البرلمان وشن حملة اعتقالات، وصفتها منظمات حقوق الإنسان الدولية بـ "العنيفة"، آخرها طالت المعارضة التونسية البارزة، عبير موسي.وقال، في أبريل الماضي، خلال إشرافه على اجتماع لمجلس الأمن القومي "بالنسبة لمَن تآمروا على أمن الدولة، وما زال عدد منهم يتآمرون على أمن الدولة، آن الأوان لتتم محاكمتهم محاكة عادلة".
ويؤكد الرئيس سعيد أن "منظومة القضاء مستقلة ولا يتدخل في عملها"، بينما تتهمه المعارضة بـ"استخدام القضاء" لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو 2021، من بينها حل مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.