جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-04@04:27:25 GMT

ذلٌ وأي ذل.. والعودة لأيام الزير سالم!

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

ذلٌ وأي ذل.. والعودة لأيام الزير سالم!

 

د. إبراهيم السيابي

 

يحكى عن أيام العرب في الجاهلية، بأنَّ الشاعر عدي بن ربيعة والملقب بالزير سالم المهلهل، والذي شنَّ حرباً لمدة 40 سنة وقيل أقل من ذلك، من أجل الثأر لدم أخيه كليب بن ربيعة والذي قتل على يد جسّاس بن مُرّة من أجل الصراع على ناقة قتلها كليب؛ لأنها كانت ترعى دون استئذان في مراعي كليب، هذه الناقة لامرأة تدعى البوسوس؛ وهي خالة جساس، لهذا سُمِّيت هذه الحرب باسم "حرب البسوس".

قتل جساس كليباً لأنَّ الأخير استهزأ به عندما جاء يُعاتبه على قتل الناقة التي كانت في حماه لذا طعنه في ظهره وأرداه قتيلًا.

الحرب دارت رحاها بين قبيلتين؛ قبيلة تغلب بن وائل وأحلافها ويمثلها عدي بن ربيعة والملقب بالزير سالم، وقبيلة شيبان بن بكر وأحلافها ويمثلها جساس بن مرة.

حرب استمرت أعواماً عديدة كما ذكرنا، قُتل فيها من قُتل من أجل الثأر لشخص واحد قُتل من أجل ناقة، ولم تفلح كافة المحاولات للصلح بين القبيلتين، ولقد أذاق الزير سالم قبيلة بكر الأمرّين وهزمهم في مواقع كثيرة وقتل منهم عددًا كبيرًا، لكنه في نهاية الأمر وبعد أن أمعن الزير في القتل وبغى ولم يرض بأي شروط للصلح، اجتمعت عليه الأحلاف وهزموه؛ فاعتزل الحرب وهام في البادية حتى طعِنَ في السن، لكنه عاد إلى قبيلته، بعد أن تصالحت مع قبيلة بكر ونصب ابن أخيه ملكًا على تغلب. فدعاه ابن أخيه أن يستقر في دياره بعد أن تصالح مع أخواله وانتهت الحرب.

هنا سأله الزير: ما هي شروط الصلح التي قادت لتنصيبه ملكاً؟ فرد ابن أخيه: بأن تترك قبيلة بني تغلب الحرب وينزع عنها السلاح وتُحرم من الخيل.

هنا ردَّ الزير سالم: وقال: "ذلٌ وأي ذل" كيف تكون ملكًا بدون خيول وبدون سلاح يا ابن أخي، أنا قد أعيش بدون حرب وبدون ثأر، لكن لا أستطيع العيش بدون كرامة، فترك قومه وعاد ليهيم في صحراء البادية من جديد.

ما دعاني لهذه المقدمة، والتذكير بقصة الزير سالم وكلامه، هو ما يحدث الآن، بمطالبات البعض لأهل غزة وأهل فلسطين بالتحديد بأنهم كأن عليهم الرضوخ للأمر الواقع والعيش بسلام، دون دولة، ودون  القدس، ودون الأقصى، ودون رأي أو حتى كرامة، ودون حرية حتى لممارسة الشعائر والطقوس الدينية والعبادة، بمعنى أصح دون وطن! يُمارَس عليهم كل أنواع الاستفزاز والقتل والتنكيل ومحاصرين بجدار الفصل العنصري من جميع الجهات، تُغتَصَب منهم أرضهم لإقامة المستوطنات، ويعيشون على الفتات من المساعدات بعد أن سُلِبَت منهم خيرات أرضهم، وأخيرًا يعيشون أغرابًا مُستضعفين في وطنهم، والبقية يعيشون نازحين ومُشرّدين في الشتات.

لا يزال مثل هؤلاء هذا ديدنهم وكلامهم عن استفزاز رجال المقاومة لدولة الاحتلال، وأن المقاومة هي السبب في هذه المآسي التي يتعرض لها أهالي غزة، وهم بذلك يُحرِّمون على أهل الأرض الأصليين حق المقاومة ورفض سياسة فرض الأمر الواقع وضياع حق قيام الدولة وتقرير المصير.

ذلٌ وأي ذل، أن نرى دولًا تمثل الشعوب العربية والإسلامية تترفف أعلامها بألوانها الزاهية عالية خفاقة في عاصمة دولة الاحتلال، رغم كل هذه الجرائم والتي استنكرتها شعوب العالم وخرجت بالملايين تندد بهذه الأفعال التي هي جريمة ضد الإنسانية ومن أبشع جرائم الحرب، من عمليات قتل متعمد للأطفال والشيوخ والنساء الذي فاق عددهم أكثر من 40 ألف شهيد، وأضعافهم من الجرحى، وعدد كبير لا يحصى من الشهداء مدفونون تحت ركام المباني، إضافة إلى تدمير كل ما يتعلق بالحياة والإنسان في قطاع غزة.

حرب شعواء يشنها مجرمو الحرب في هذه الدولة الغاصبة عن طريق قصف ممنهج مع سبق الإصرار والترصد وأمام أنظار العالم وبمساندة فاضحة من دول الشر التي سقطت هي الأخرى في شر أعمالها وبانت سوءاتها وسقطت أقنعتها بحديثها المخجل عن ضرورة تمسك الأمم بالقيم الإنسانية وتشجيع الحريات؛ وذلك عن طريق المنظمات الحقوقية التي تتطالب بالتفسخ والانحلال والشذوذ عن الفطرة الإنسانية بتشجيع المثلية الجنسية وغيرها من سلوك لهدم ما تبقى في هذا العالم من أخلاق بينما شعب بأكمله يباد ولا يحرك أحدهم ساكناً بل العكس فهذه الدول تساند هؤلا المجرمين بكل ما أوتيت من قوة في حرب الإبادة التي فرضت على أهل غزة.

"ذلٌ وأي ذل" عندما، عندما تنتشل الجثث من المجمعات السكنية والمدارس والمستشفيات للأبرياء العزل الذين لا حول لهم ولا قوة إلّا أن يقولوا ربنا الله، ولا زلنا نتحدث عن شيء اسمه العلاقات والاحترام المتبادل بين الدول والشعوب. ذلٌ وأي ذل عندما يصل الأمر الى تداول أخبار عن اغتصاب الرجال وترويع النساء وحرق نسخ من المصاحف وتدنيس دور العبادة والمساجد، بينما الإخوة في الدين والعروبة بلا حس ولا خبر، إلّا الاستنكار والإدانة، فأين أنت أيها الخجل وأين حمرتك؟!

في الختام.. يا غزة إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع وإنا على الدماء الزكية التي تراق في ترابك والله لمحزونون، ولكنا لا نملك إلّا دعاءً خالصًا والابتهال إلى الله عز وجل أن يخلصك من محنتك، وينصر أهلك على عدوهم وأن ينالوا مطالبهم وحقوقهم لإقامة دولتهم المستقلة في كافة أرضهم، وليس ذلك على الله بعزيز.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

سموتريتش: قررنا عدم إدخال المساعدات إلى غزة.. المرحلة المقبلة ستكون قطع الكهرباء والمياه والعودة إلى القتال لتحريك خطة ترامب

أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أن الاحتلال قرر عدم إدخال المساعدات إلى غزة، وأن المرحلة المقبلة هي قطع الكهرباء والمياه والعودة إلى القتال لتحريك خطة ترامب، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في خبر عاجل.

التهجير وقطع الكهرباء والمياه.. سموتريتش يطلق تهديدات جديدة ضد غزةجريمة مستنكرة.. الأزهر يدين منع الاحتلال الصهيوني دخول المساعدات إلى قطاع غزة


واستنكرت حركة المقاومة الفلسطينية حماس، الابتزاز الذي تمارسه حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو واستخدام المساعدات كورقة ضغط، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في خبر عاجل.


وذكرت حركة حماس، أنّ الاحتلال الإسرائيلي يدفع بإعادة الأمور إلى نقطة الصفر والانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، مطالبة بالضغط على الاحتلال للبدء بمفاوضات المرحلة الثانية.

في سياق آخر التقى د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة اليوم الاثنين مع الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، وزير خارجية مملكة البحرين الشقيقة.

وأشاد الوزير عبد العاطي بالعلاقات الأخوية والوطيدة التي تربط مصر والبحرين، مؤكدًا على الدور المحوري الذي تلعبه البحرين بصفتها الرئيس الحالي لمجلس جامعة الدول العربية، مشيرًا إلى أهمية مواصلة التنسيق والعمل المشترك للارتقاء بمستوى التعاون المتميز بين البلدين الشقيقين والانتقال بها لآفاق أرحب في كافة المجالات، مبديًا الحرص على التعاون في الملفات الإقليمية.

واستعرض الوزيران مستجدات الأوضاع فى قطاع غزة، والتنسيق الجاري بين البلدين الشقيقين فيما يتعلق بالإعداد للقمة العربية التي تستضيفها القاهرة في الرابع من مارس، مشددين على ضرورة ضمان استدامة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كافة بنوده بمراحله الزمنية الثلاث، وأهمية المضي قُدمًا في مشروعات وبرامج التعافي المبكر وإعادة الإعمار، دون خروج الفلسطينيين من قطاع غزة، والسعي نحو التوصل لحل سياسي دائم وعادل للقضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
 

مقالات مشابهة

  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • حمدان: الاحتلال سعى لإفشال اتفاق غزة والعودة للعدوان
  • حمدان: محاولات مفضوحة من الاحتلال للتنصل من الاتفاق والعودة لنقطة الصفر
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يماطل حفاظا على حكومته والعودة للحرب ليست خيارا
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • سموتريتش: قررنا عدم إدخال المساعدات إلى غزة.. المرحلة المقبلة ستكون قطع الكهرباء والمياه والعودة إلى القتال لتحريك خطة ترامب
  • بن غفير يُطالب بقطع الكهرباء والمياه عن قطاع غزة والعودة للحرب
  • "بن غفير" يطالب بقطع الكهرباء والمياه والعودة للحرب فى قطاع غزة
  • بعد احتجازها لأيام.. الإفراج عن عشرات مقطورات الغاز والأسواق تترقب!
  • القناة 13: نتنياهو يميل لتمديد وقف إطلاق النار في غزة لأيام