قبل بدء العام الدراسي.. رسائل إلى وزارة التربية
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
ناصر العموري
بعد إجازة طويلة ها هو العام الدراسي أوشك على البدء ووزارة التربية والتعليم أمامها ملفات دسمة تتعلق بقضايا تهم الطلبة منها ما تطرقنا إليه خلال العام الدراسي الفائت وما نعاود ذكره عبر هذا المقال للتذكير على أمل إيجاد الحلول، بما سوف ينعكس إيجابًا على مستوى أبنائنا الطلبة خلال العام الدراسي الحالي.
الحقيبة المدرسية: طالعنا منشوراً خلال الأسبوع المنصرم صدر عن وزارة التربية والتعليم وهو منشور جميل في تصميمه ومحتواه، ولكن ماذا عن الالتزام بتطبيقه خصوصًا لطلبة الحلقة الأولى؛ علما بأن الأسواق ضجت بالمتسوقين فور نزول الرواتب واشتراطات مواصفات حقيبة معينة بناءً على ما صدر، من شأنه أن يستغله بعض ضعاف النفوس في زيادة أسعار الحقائب والترويج لها على أنها هي النموذج المطلوب؟! وهنا يأتي دور الجهات الرقابية مثل هيئة حماية المستهلك. وما صدر من تخفيف الجداول الدراسية ونوعية الحقيبة المدرسية أراها حلولا مؤقته بعض الشيء ويا حبذا مستقبلًا لو تُستبدل الحقائب المدرسية بالأجهزة اللوحية لتحل محل الكتب الدراسية ودفاتر الواجبات، خاصة وأن أكثر أطفال هذا الجيل لهم معرفة باستخدامات التطبيقات الذكية.
الحافلات المدرسية: وهو موضوع قديم يتجدد كل عام دراسي، وما أقصده موضوع طراز الحافلات وتطبيق مبادئ الأمن والسلامة وكم من المآسي حصلت جراء ذلك دفعنا ثمنها أرواح الطلاب، وللأسف ما زلنا نرى حافلات متهالكة يقودها سائقون غير ملتزمين بقواعد السياقة الآمنة وغير حريصين على أرواح الطلبة. لذا ينبغي على وزارة التربية والتعليم أن تكون مسألة سلامة الطلاب في الحافلات المدرسية من أولوياتها وفي مقدمة الملفات التي يتيعن إيجاد حلول جذرية لها، وليس حلولًا مؤقتة كتلك التي نراها كل عام دراسي. والعديد من أولياء الأمور استأجروا وسائل نقل خاص لأبنائهم بعدما رأوا حال بعض الحافلات المدرسية الذي لا يسر ولا يطمئن إطلاقًا، وأعتقد أن الحوادث التي وقعت فيما مضى لا يتمنى أحد تكرارها بطبيعة الحال. ولهذا على الوزارة ان تقف وقفة جادة مع هذه المعضلة لإيجاد حل ناجع.
درب السلامة: وحتى لا نذهب بعيدًا عن موضوع الحافلات المدرسية مشروع "درب السلامة"، وهو مشروع جيد من جانب وزارة التربية والتعليم ومن شأنه أن يساعد في إضفاء معايير الأمن والسلامة للطلبة والرقابة على سائقي الحافلات، هذا فقط في حال جاز للمشروع التطبيق الأمثل مبكرًا منذ بداية العام الدراسي، من ناحية توزيع البطاقة المُمغنطة على الطلبة لكي يتيح كل ولي أمر متابعة أبنائه؛ ابتداءً من الصعود للحافلة المدرسية وحتى موعد العودة للمنزل، وذلك من خلال قنوات معينة وإعداد قوائم للحافلات المدرسية ومسارها وربط الطلاب بتلك الحافلات. كل هذا من شأنه أن يضفي نوعًا من التنظيم ويُعالج مشاكل الحافلات المدرسية ولو جزئيًا.
فلنرتقِ في مناهجنا: أعتقد أن بعض المناهج بحاجة إلى إعادة مراجعة في تدريسها للطلاب خصوصًا تلك المناهج التي تدرس للطلاب المرحلة الأساسية فنجد أنها مشحوة حشوًا تجعل الطالب صغير السن ينفر منها؟! ومن المفترض أن تكون مرحلة التعليم الأساسي مرحلة تلقين بأسلوب معرفي سهل ومرن محبب للنشء، لا أن تكون مشحوة بمعلومات كثيرة لا تناسب أبدًا وعقلية الطالب الذي يبدأ مشواره الدراسي. كما أتمنى تدريس الطلبة مادة عن السمت والعادات والتقاليد العمانية الأصيلة من مكارم الأخلاق وبر الوالدين وصلة الرحم ومساعدة المساكين والمحتاجين وكيفية التعامل مع الضيوف والترحيب بهم، مع العلم أن بعض هذه الموضوعات مُضمَّنة في مواد التربية الإسلامية والدراسات وحتى اللغة العربية. لكن في هذا العصر الذي تراجع فيه دور السبلة العمانية إلّا في بعض المناطق وأصبح الأبناء- خصوصًا طلبة الصفوف من الخامس الى السابع- بحاجة لمثل هذه المواد، في ظل العولمة وتدفق الأفكار السلبية والشاذة، ويمكن إضافة هذه الموضوعات التي أراها في غاية الأهمية لتعزيز القيم لدى الطلاب إلى مادة المهارات الحياتية.
التغذية المدرسية: من قاعدة أن الجسم السليم يحتاج إلى أكل سليم، فإنني أتمنى ان تختار كل مدرسة ما يليق بصحة الطلاب مقرونة بأسعار معقولة عند التعاقد مع مُقدِّمي الأغذية المدرسية، وأن تكون النظافة هي معيار الاختيار الأول؛ فهناك حالات- وإن كانت قليلة- أصيبت بتسمم جراء تناولهم وجبات من مقصف المدرسة، تبيّن لاحقًا أن الوجبة المُباعة كانت بعيدة عن النظافة تمام البعد، ولذلك أصبح العديد من الطلبة يشترون وجباتهم التى ربما اغلبها غير صحي مسبقًا، ويتجاهلون المقصف المدرسي. من هنا ولأن الصحة هي إكسير الحياة، فيجب الاهتمام بالمقاصف المدرسية والبعد عن الوجبات سريعة التعفن مثل السندوتشات والفطائر التي تحتوي على اللحوم والدواجن. ومن الضروري ان تكون هناك رقابة جادة على المقاصف من قبل لجنة التغذية بالمدرسة والمختصين في التغذية ومفتشي البلدية، حتى يستشعر مُقدِّم الخدمة أن هناك رقابة مستمرة لما يُقدِّم بما ينعكس إيجابًا على الأغذية المُقدَّمة وعلى صحة الطلبة ومستواهم الدراسي على حد سواء.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
معضلة التسرُّب الدراسي.. هل من حل؟ (1- 2)
سعيدة بنت أحمد البرعمية
التقيت العام الدراسي المنصرم إحدى الإخصائيات النفسية في إحدى مدارس المحافظة ضمن البحث عن مشكلة تسرّب الطلبة من الحصص الدراسية، حيث كان عليّ أن أبحث في مشكلة ميدانية وفق فروض دراستي، وجهتُ لها عددا من الاستفهامات، التي تدور جميعها حول أسباب المشكلة ودور كلّ من التكنولوجيا والمعلم والأقران والمنهاج وولي الأمر والعوامل النفسية للطالب في وجود مشكلة التسرّب، وقد أوضحت الإخصائية النفسية أن هذه العوامل بالفعل جميعها لها علاقة مباشرة وغير مباشرة في تسرّب الطلبة من الحصص الدراسية وتولّد الضجر من الحصص لدى الطلبة.
وعن الإجراءات المتبعة للحدّ منها، أجابت: "أنه في حال وقوع الطالبة في هذه المشكلة للمرة الأولى يتم عمل ملف كاستمارة خاصة بالطالبة يدون فيه اسمها ووقت التسرب مع توجيه نصيحة لها بعدم تكرار الحدث، وفي حال تكرر الحدث يتم إخطار ولي الأمر واستدعائه للمدرسة".
وحول إمكانية تكرار الحدث بعد إخطار وليّ الأمر أجابت: "أن الحدث يقل تكراره أو يتلاشى بعد إخطار وليّ الأمر"، وأردفتْ: "إنّ نشر الوعي بين الطالبات من أهم الإجراءات المتبعة للحدّ من هذه المشكلة".
ومن خلال قراءتي واطلاعي على بعض الدراسات التي تناولت المشكلة، وجدت أن المشكلة متفشية في الكثير من الدول، وتؤثر بدورها على عمليتي التعلم والتعليم، ويمكن أن يكون هذا التسرب نتيجة لعدة عوامل مثل قلة التركيز، وعدم فهم المواد الدراسية وثقل المنهاج وعدم ملامسته روح الطالب.
أحاول في هذا المقال التطرق إلى أهم النقاط التي تناولها بحثي واطلاعي عن المشكلة والوقوف عليها وعرض أسبابها والآثار المحتملة، ثم توضيح دور كل من المنهاج والتكنلوجيا والأقران والمعلم وولي الأمر والمرشد الأكاديمي؛ للوصول إلى الاقتراحات والتوصيات التي يمكن أن تحدّ منها؛ فقد تطورت المشكلة من كونها ظاهرة إلى أن وصلت حدّ المعضلة، فهى إلى الآن لم تجد الحل الشافي ولا تخلو مدرسة منها على مدارالأسبوع الدراسي؛ بالرغم من كافة ما يبذله المعلمون والمعلمات والأطقم الإدارية من إجراءات لتفاديها، وقد أرهقتهم وأخذت من جهدهم ونفسياتهم وأهدرت الكثير من وقتهم ووقت حصصهم دون حل!
اطلعتُ على ورقة عمل أعدها د. محمد عيسى إبراهيم قنديل، تناول فيها وجود ظاهرة تسرّب الطلبة في مجموعة من الدول العربية كالأردن وسوريا وفلسطين ومصر واليمن والسعودية وأرتيريا والإمارات، معرفاً التسرّب على أنه "إهدار تربوي هائل وضياع لثروات المجتمع المادية والمعنوية، وتخلّف ثقافي عند شريحة من المجتمع قد تقل وقد تتسع وفقاً لطبيعة ومكونات المجتمع الثقافية".
وكان أهم هدف للدراسة التي أعدها الدكتور هو تسليط الضوء على هذه الظاهرة؛ كونها ظاهرة سلبية في الميدان التربوي، وقد أوضح الدكتور أن التسرّب له عدة أشكال منها: التسرّب الفكري وهو الشرود الذهني من جو الحصة، التأخر الصباحي عن الحضور للمدرسة، الغياب الكلّي أو الجزئي عن المدرسة، الانقطاع الكلّي عن المدرسة.
وقد أوضح الدكتور من خلال دراسته أنّ هذه المشكلة لها أسباب رئيسية تؤثر تأثيرا قويا ومباشرا، وأخرى ثانوية تأثيرها غير مباشر، كما أوضح أنه لا يخلو أيّ نظام تربوي من ظاهرة التسرّب مهما كانت فاعليته، ولكن يمكن أن تتضافرالجهود للحدّ منها كقلة التفاعل والإشراف، أيّ عدم وجود تفاعل كافٍ بين المعلمين أو المرشدين التعليمين وهذا بدوره يؤدي إلى فقدان الاهتمام لدى الطالب ويفضّل الانشغال بأمور أخرى، كذلك صعوبة المواد الدراسية، أيّ أنّ عدم فهم الطلبة للمقررات الدراسية تجعلهم يشعرون بالإحباط ويفضّلون نبذ الحصص، والحياة الشخصية للطالب، بمعنى أن الطالب قد يعاني من بعض المشاكل العائلية التي تؤثر سلبا على تحصيله وتجعله ينشغل بها ويفقد التركيز ويفضل الإنزواء، ولقلة التحفيز والتفاعل دور في ذلك؛ فعدم وجود الدافعية يُقلل من اهتمام الطلبة ويدفعهم للتخلي عن الحصص الدراسية والهروب منها، إضافة إلى التكنلوجيا أيّ أنّ بعض الطلبة يصطبون هواتفهم النقالة للمدرسة ويتسربون من الحصص لاستخدامها والتواصل من خلالها مع منصات التواصل الاجتماعي.
ولتأثير الأقران دور في المشكلة مثلما لهم دور مهم في توفير الدعم والتعلّم المتبادل وخلق التحفيز والمنافسة الإيجابية وتحسين الأداء الأكاديمي؛ فالمتسرّبون يؤثرون على بعضهم البعض سلبا بهذا السلوك.
وإذا نظرنا للمنهاج نجد أيضا أنّ له يدّ في ذلك؛ فكلما كان المنهاج الدراسي يلبي احتياجات الطالب ويعمل على تزويده بما يرغب من المعارف ويلامس شعوره وقريب من بيئته وثقافته، كلما استطاع المنهج جذب الطالب إليه وتقديم الدعم الفردي له، فيفهم المنهاج من جهة ويواجه تحدياته الشخصية من جهة أخرى؛ وذلك بتنظيم الأنشطة التفاعلية والإثرائية لضمان بقاء شغف الطالب بالمادة العلمية.
وللمعلم دور بالغ الأهمية في جذب الطلبة للحصص الدراسية أو نفورهم منها، فعندما يحضّر المعلّم للدرس بشكل مبسط واستخدم وسائل واستراتيجيات تجعل من الطالب شريك له في إنجاز الدرس، كلما زاد اهتمام الطالب بالحصة والعكس تماما حين يكون أسلوب المعلم تقليديا ومكررا؛ لذلك على المعلم أنّ يجيد دوره في التوجيه والإرشاد وخلق الدافعية، ومراقبة تقدّم الطلبة وتحديد الأسباب المحتملة لمشكلة التسرب واتخاذ الإجراء اللازم للعلاج.
كما إن لوليّ الأمر دوره المُهم؛ حيث يتوجب على وليّ الأمر الحرص على متابعة تقدّم الطالب والتحدّث مع ابنه عن القضايا التي يمكن أنّ تؤثر في السلوك وتأخر التحصيل المعرفي وتوفير الدعم العائلي من خلال اشعار الطالب بالمتابعة والاهتمام وتقديم المساعدة وتنظيم الوقت وخلق التحفيز لضمان استمرار التفوق الدراسي وتحسين السلوك.
وللحديث بقية.
رابط مختصر