قصة وعبرة.. وسنشدّ عضدك بأخيك
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
قيل إن أهل قرية كانت لهم بئر يشربون منها، وحصل أنهم كلما أدخلوا الدلو في البئر أتى الحبل بلا دلو.
وتكررت هذه الحادثة حتى كانت مصدر إزعاج لعدم معرفة السبب، حتى قالوا أنها بئر مسكونة من الجن وقالوا فيما بينهم نريد أحدًا من أهل القرية يدخل هذه البئر ويأتنا بالخبر.
وأبوا أن يدخلوها خوفا من مغبتها. فتبرع أحدهم لتلك المهمة أن يربط بحبل وينزل البئر.
فاستغرب أهل القرية من شرطه وطلبه، وهم مجموعة وأقوياء للقيام بهذه المهمة، وحاولوا إقناعه دون جدوى، ولم يكن أخوه وقتئذ حاضرا.
وافق أهل القرية على طلبه، وأتوا بأخيه، ليمسك معهم الحبل، ودخل الرجل في هذه الغياهب، ليستشرف الخبر.
فوجد قردًا داخل البئر هو الذي يفك الدلو داخل البئر، فحمل القرد على رأسه دون أن يخبرهم. وقال لهم اسحبوا الحبل فلما دنا من فم البئر نظروا شيئًا غريبًا خارجا من البئر، فظنوا أنه شيطان.
فتركوا الحبل وولوا هاربين ولم يبقى أحد يمسك بالحبل إلا أخوه، فظل ماسكا بالحبل خوفًا على أخيه.
خرج أخوه من البئر، وحينها عرف الجميع أن الله قد جعل أخاه سببا في نجاته ولولا ذلك لتركوه يسقط ليلقى حتفه داخل البئر.
الحكمة والعبرة:
يقول الله سبحانه: ﴿ سنشد عضدك بأخيك ﴾ و لم يختر الله من اﻷقارب لشد العضد، إلا الأخ. فتحاشى كل ما يوتر علاقتكما. فلن تجد بالدنيا شخصا يشد عضدك مثل أخيك.
وفي الآية ثانية: ﴿ وقالت لأخته قصيه ﴾، لن يتفقدك ويبحث عنك ليطمئن عليك، مثل أختك فاحرص أن تكسب ودها. فلن تجد من يتقصى أمرك مثلها.
تمسكوا بإخوانكم وأخواتكم، اهتموا بهم فلا يوجد أجمل من الإخوة والأخوات بعد الوالدين. فلا يغرنك كثرة من حولك، ففي وقت الشدة لن تجد إلا أخوانك.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
الصوم والمطعوم
أثار عجبي وأسفي أن محلاً للفول في حارتنا بجدة، أغلق أبوابه قبيل شهر رمضان الحالي. وددت لو كان عندي رقم جوال صاحب المحل، أو أحد العاملين من الجنسية البخارية، الذين كانوا يعملون في ذلك المطعم. لكن لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم. ورمضان هو الموسم الأول لبيع الفول على اختلاف أنواعه. ولذلك تجد محلات الفول والتميس مزدحمة قبل المغرب، بل وتنشأ مماحكات، وربما مضاربات بين الزبائن المتسابقين للحصول على هذا الإدام، إلا إذا كان الفوَّال حازماً، فلا يسمح لأحد الزبائن أن يغتصب مكاناً في الطابور متقدماً عن مكانه. وأهل لحج بالقرب من عدن عندهم مثل يقول: “أمرك ولا أمر الجليحي”. والجليحي كان فوّالا شهيرا هناك، والويل لمن يتقدم في الصف عمن سبقه من الزبائن.
وقد انتقلت محبة الفول إلى المناطق الأخرى، حتى لقد قيل أن شاباً سافر إلى الرياض ليعمل هناك، وكان له حاسد، يشكوه إلى أبيه في البادية كلما لقي مسافراً. وفي آخر رسالة قال الحاسد: وإن كنت لا تصدقني ترى ابنك صار يفطر على الفول. تعجب الوالد وقرر أن يزور ولده في الرياض. وهناك قدم الولد لأبيه الفطور فأكل منه وأعجبه. فسأل ابنه: ما هذا؟ فقال له: هذا يسمونه الفول. فقال الأب: إذا كان هذا هو الفول فأطعمنا منه كل يوم.
والفول طعام الفقراء بسبب رخصه، إذ لا تسمح لهم ظروفهم المادية بشراء اللحم أو حتى الدجاج. وكان طلبة الجامع الأزهر الفقراء يعيشون عليه ليلا ونهارا. وقال اللغوي الكبير الأستاذ أبو تراب الظاهري -رحمه الله-: إن الفول هو الذي يساعد هؤلاء الطلبة المعدمين على تفكيك معضلات المتون والحواشي التي يطالعونها. ولولا الفول ما نجحوا في فهمها لأن الفول يفتق الأذهان كما قال.
وقد نظم الشيخ السوري محمد الحامد رحمه الله قصيدة طريفة في هذا المطعوم الشهي اخترت منها قوله:
ألا يا محبّ الفولِ أصغِ لقولتي
فقد صار هذا الفولُ موضعَ فتنتي
يسيلُ لعابي إن شممْتُ عبيره ويخذلُني صبري وتضعفُ قوتي
وعينيِ قرّتْ مذ رأتْنيَ مقبلا
عليه بقلب صـــــادق وبهمّـــــة
ففولٌ فؤولٌ فاحترس من تشاؤمٍ فإن اسمه يقضي بحسن المظنةِ
فكُلهُ بليمونٍ وزيت طحينـــة وثوم وفجل واصطحبه بشــطةِ
ألا ليت شعري هل أدوم مصاحبا له
إن بُعدي عنه يسفك عبرتي
عسى قدرة الفوال يعبق ريحها فيظهر فضل الفول في كل بقعةِ
لقد أحببت الترويح عن القراء في شهر التراويح. لكن المهم أن نتفقد بعين المرحمة إلعاجزين عن توفير اللحم أو حتى الفول لأهليهم في هذا الشهر الكريم، فنكرمهم ممّا أفاء الله علينا. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في شهر رمضان.