في ظلال #طوفان_الأقصى “111”

#نتساريم و #فيلادلفيا في الاستراتيجيا الإسرائيلية جولانٌ جديدةٌ وغورٌ آخرٌ

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

آخر الأوراق التي أخرجها الساحر الصهيوني الكذاب بنيامين نتنياهو من جيبه، لإفشال المفاوضات، وعرقلة المحادثات، وتعقيد جهود الوسطاء، من أجل استمرار الحرب ومواصلة العدوان، وعدم التوصل إلى أي صيغةٍ أو اتفاق من شأنه وضع حدٍ لمغامراته الشخصية، ورهاناته الخاصة للخروج من مآزقه، والنجاة بنفسه، واستنقاذ ماضيه والحفاظ على مستقبله، وتحقيق أهدافه التي يحلم بها ويتمنى انجازها، ويرى أنها أهدافٌ صهيونية، تخدم الشعب اليهودي والدولة العبرية، وتحافظ على كيانهم وتؤمن في المستقبل وجودهم، وتحول دون تعرضهم لتهديداتٍ وجودية تشبه طوفان الأقصى أو تكون أكثر خطراً منه.

مقالات ذات صلة طبول الرقص في زمن الحرب 2024/08/26

إصراره على التمسك بمحوري فيلادلفيا أقصى جنوب قطاع غزة، ونتساريم التي تتوسطه وتشطره إلى شطرين، حيث أبدى رفضه الانسحاب منهما والتخلي عنهما، وكلف فريقه التفاوضي الذي قلص صلاحياته وقيدها، بالتمسك بهما، وعدم إبداء أي ليونةٍ بشأنهما، وكان جيشه قد باشر التجهيز فيهما للبقاء، وبناء التحصينات ونقل الآليات والمعدات اللازمة لمباشرة العمل فيها، وتنفيذ المهام التي يظنون أنها ستحقق أمنهم، وستحمي كيانهم، وستحول دون ترميم وتنامي قوة حماس، أو إعادة تنظيم صفوفها واستعادة ما خسرته خلال الحرب، التي أثرت كثيراً “بزعمهم” على تجهيزاتها وبنيتها التنظيمية، وأنفاقها وتسليحها وقدراتها القتالية، ونجحت في تقطيع مناطقها وصعوبة الوصل أو التواصل بينها.

لا يخفى على أحد أهمية هاتين المنطقتين بالنسبة للفلسطينيين عموماً وأهل غزة خصوصاً، فمحور فيلادلفيا يربط القطاع بمصر، ويحده معها غرباً، ويعتبر شريان الحياة الرئيس بالنسبة لهم، الذين يربطهم بالعالم من خلال معبر رفح المخصص لتنقل الأفراد، ومعبر صلاح الدين المعد لدخول الشاحنات التجارية، وقوافل المؤن والمساعدات الغذائية.

فقدان السيطرة عليه، وخضوعه بالكامل للسيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وغياب السيادة المصرية والفلسطينية عنه، يعني أن القطاع وأهله سيبقى رهينة العدو وحبيس سياساته، يحاصره متى شاء، ويفتح بواباته ومعابره متى يشاء، وبالقدر الذي يريد، ويخضع كل ما يدخل إليه لشروطه وضوابطه، ويقوم بأعمال التفتيش والرقابة والمنع والمصادرة، دون أي سلطةٍ تمنعه، أو قوةٍ تلزمه الخضوع للقانون، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والحياتية الفلسطينية.

أما محور نتساريم الذي يتوسط القطاع ويقسمه إلى قسمين، شمالي وجنوبي، ويمتد من الحدود الشرقية للقطاع وصولاً إلى حدوده البحرية غربياً، قاطعاً شارعي الرشيد وصلاح الدين، وهما شريان القطاع وشارعاه الأسياسان الحيويان، على امتداد أكثر من أربعين كيلو متراً هو طول القطاع، حيث يكاد لا يستغني عنهما كل سكان قطاع غزة، الذين يتنقلون من شماله إلى جنوبه والعكس، ويستخدمانه لعبور الشاحنات الكبيرة والحافلات ووسائل النقل المختلفة، التي تعني الحياة واستمرارها، وبدونهما تجمد وتتوقف مظاهرها، وتتعطل كل مرافق العمل وسبل التواصل بين المواطنين.

يريد نتنياهو وحكومته التحكم في هاتين المنطقتين، ويدعى أنهما منطقتان أمنيتان استراتيجيتان، لا يمكنه الاستغناء عنهما، أو الانسحاب منهما، فالأولى تتحكم في المسافرين من وإلى القطاع، وتسيطر على الشريط الطولي بين القطاع ومصر، وهو الشريط الذي كان يزخر بالأنفاق وينشط بأعمال التهريب ونقل السلاح، ومكن حركة حماس والقوى الفلسطينية من بناء قدراتها العسكرية الضخمة، التي أهلتها لخوض معركة طوفان الأقصى، ومن قبل الصمود في كل الحروب الأخرى، ولهذا يرى أن السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية عليه ستحول دون العودة إلى الأوضاع التي كانت سائدة.

أما الثانية وهي الأخطر في وسط القطاع، فهي تشطره إلى قسمين، تصغر مساحته، وتخلق فيه كيانين منفصلين، وتضيق حركة أهله، وتخنقهم وتتحكم بهم، وتسهل على الجيش اعتقال من يريد منهم، أو منع انتقال من يشاء من الجنوب إلى الشمال والعكس، فضلاً عن حبس الشاحنات وحجزها، وتفتيشها ومصادرة محتوياتها، وفرض الحصار والتشدد في إجراءاته.

ويستطيع انطلاقاً منه تنفيذ عملياتٍ عسكرية يومية، والقيام بغاراتٍ ومدهماتٍ واعتقالات، والدخول إلى كل مناطق القطاع بسهولةٍ ويسرٍ، تماماً كما تفعل حكومته في الضفة الغربية، التي قسمتها إلى كانتونات صغيرة، ومعازل محاصرة، وقطعتها بالشوارع والطرقات والمستوطنات والمعابر والحواجز ومراكز الجيش وغيره.

هذه السيطرة من شأنها تعطيل أي نشاطٍ مقاومٍ، وإحباط أي عمليةٍ بسهولةٍ، ومنع بناء شبكاتٍ وخلايا عسكرية وتنظيمية وتفكيك بناها، فضلاً عن أن التواجد الإسرائيلي في هذا المحور وبواباته ومعابره الأمنية، سيتيح للمخابرات الإسرائيلية فرصة اختراق الفلسطينيين، وبناء شبكات تجسس، وربط العملاء وتجنيدهم، وتنسيق عملهم وتوجيههم.

كأن الإسرائيليين يكررون أنفسهم من جديد، ويجترون نفس المبررات التي استخدموها لتبرير ضم هضبة الجولان السورية المحتلة، باعتبار أنها هضبة استراتيجية مهمة، وأن الاستغناء عنها والانسحاب منها سيعرض أمنهم للخطر ووجودهم للزوال، ونجحوا في إقناع الإدارة الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية بصوابية موقفهم، ووجاهة مبرراتهم، وصحة مخاوفهم، فسكتوا عن إجراء حكومتهم، وقبلوا بموقفها، الذي أصبح مع مرور الزمن وكأنه حق طبيعي مشروعٌ لهم.

وهو الأمر نفسه الذي تعلن عنه الحكومات الإسرائيلية بشأن غور الأردن، الذي صنفوه “ج” ضمن اتفاقية أوسلو للسلام، تمهيداً لضمه وبسط السيادة الإسرائيلية الكاملة عليه، باعتبار أنه منطقة حدودية تشكل خاصرة الكيان الأمنية الشرقية الضعيفة مع الأردن، ولهذا قاموا بتفريغه من السكان وطردهم، والسيطرة على أرضهم، والتضييق على من بقي منهم وحرمانهم، وزرعوا فيه عشرات المستوطنات والثكنات ومعسكرات الجيش وحقول التدريب والمطارات العسكرية، تمهيداً لبسط السيادة الكاملة عليه، ومنع أي مطالبة فلسطينية به في المستقبل، وفي أي مفاوضات حل نهائي وإن كانت غير متوقعة.

تدرك المقاومة الفلسطينية المرامي والأهداف الإسرائيلية، وتعرف أبعاد ومخاطر الخضوع والقبول بمخططاتهم، وتعلم تماماً أنه لا يوجد معنى لكلمة “مؤقت” في قاموسهم، وأن أي تهاونٍ أو قبولٍ بطلباتهم أو استسلامٍ لشروطهم، يعني ضياع القطاع واحتلاله، وتشتيت أهله وطرد سكانه، وهو ما لن يكون أبداً، ما ولن يتحقق بإذن الله، بثبات هذا الشعب العظيم وصمود مقاومته الباسلة.

بيروت في 26/8/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى فيلادلفيا

إقرأ أيضاً:

أبو الغالي يقدم تفاصيل جديدة عن "النزاع التجاري" الذي أفضى إلى تجميد عضويته في "البام"

عاد صلاح الدين أبو الغالي، عضو الأمانة العامة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، في بيان ثان، إلى النزاع التجاري الذي قدم أساسا لتجميد عضويته في قيادة الحزب، مهددا ببدء ملاحقة قضائيين ضد قياديين بسبب تلميحاتهم إلى تورطه في قضية « نصب واحتيال »، مطالبا رئيس الفريق النيابي لحزبه، أحمد التويزي، بالتراجع عن نصريحاته في هذا الشأن.

أبو الغالي الذي بث بيانا أول كال فيه انتقادات شديدة إلى المنسقة الوطنية لحزبه، فاطمة الزهراء المنصوري، قدم في بيانه الثاني تفاصيل جديدة عن هذا النزاع التجاري الذي شمل عضوين آخرين في حزبه وهما عبد الرحيم بنضو، وإبراهيم مجاهد، وكلاهما مسوؤلان كبيران في هذا الحزب.

ردا على التعليقات التي قيلت بشأن قضيته في ندوة أربعة أعضاء للمكتب السياسي يتقدمهم زميله عضو القيادة الجماعية، المهدي بنسعيد، أمس الأربعاء، أوضح أبو الغالي عائلته « تمتلك 9 هكتارات من الأراضي في مديونة منذ حوالي 40 سنة، والمسؤول عنها والمكلّف بها قانونيا هو شقيقي عبد الصمد، الموقع على الوعد بالبيع، والمعتمد لتدبير عقارات العائلة، وهذه الهكتارات التسعة موضوعة تحت الرهن لفائدة أحد البنوك المغربية… وفي سنة 2022، اتفق شقيقي عبد الصمد مع مسؤول جهوي، على أن يبيعه ستة (6) من تلك الهكتارات، على أساس أن يقدّم مبلغ البيع إلى موثّق، وهو أحد أعضاء البام بدوره، ليستكمل مسطرة أداء دين البنك لرفع الرهن البنكي، وباقي الحجوزات، وتمكين المشتري من تملّك العقار المُباع، وعلى هذا الأساس، أُنجز وعدٌ بالبيع مدّة صلاحيته 6 شهور مغلقة… والحال أن الأمر طال حوالي سنتين دون تمديد للوعد بالبيع أو إتمامه، وجراء ذالك تكبّد شقيقي عبد الصمد خسارة مالية جسيمة ارتفعت فيها فوائد دين البنك لأكثر من مليار سنتيم! ولكي يخرج شقيقي من هذه الوضعية المأزومة، إتخذ قرار اللجوء إلى مشترٍ آخر بعد انتهاء صلاحية الوعد بالبيع المذكور لأكثر من سنة ونصف، ليتمكن من أداء دين البنك ووقف نزيف الفوائد، ورفع اليد عن الحجوزات الأخرى، خصوصاً أن البنك كان قد هدد باللجوء لبيع العقار المرهون بالمزاد العلني ».

يشدد أبو الغالي على أن « الخلاف التجاري بين متعاملين اثنين هما: عبد الصمد أبو الغالي والمسؤول الجهوي، وأن صلاح الدين أبو الغالي عضو القيادة الجماعية للبام لا علاقة قانونية له بالملف، ليس هو من باع ولا من اشترى، بل شقيقه عبد الصمد المعني المباشر بالملف ».

متحدثا عن « أساليب غامضة » يجري بواسطتها تقديم قضيته، ينتقد هذا المسؤول الحزبي « حديث أربعة أعضاء من المكتب السياسي عن « شكايات » هكذا بالعموميات، وبطريقة غامضة وملبسة وملتوية بشكل مقصود للإيحاء بأن الشكايات ذات صلة بملفات الفساد، رغم محاولة تبرئة الذمة بالاعتراف بأن « القضية عبارة عن مشكل تجاري خاص » »، مضيفا أن « الأمر وصل إلى حد انتحال صفة وكيل الملك وتوجيه تهمتي « النصب والاحتيال »، ثم انتحال صفة القاضي وإصدار حكم بالإدانة ».

مستغربا من صدور هذه التعليقات « في شبه « باشوية » أنشئت داخل حزب الأصالة والمعاصرة »، يؤكد أبو الغالي على أن « ليست هناك قضية أصلا، ويتحدثون عن شكاية، ولا وجود لأي شكاية لدى المصالح القانونية المختصة، وإلاّ كانوا وزعوا نسخاً منها ». ويخلص إلى أن « الهدف هو افتعال قضية الغاية منها تلطيخ سمعتي لإبعادي قسريا في هذه المحطة السياسية بالذات، التي تستفرد منسقة القيادة الجماعية فاطمة الزهراء المنصوري(..) بكل ما يتعلق بمشاورات التعديل الحكومي، بدل تشكيل لجنة لذلك ».

وجدد أبو الغالي انتقاداته إلى قرار تجميد عضويته، وإحالة قضيته على اللجنة الوطنية للأخلاقيات، معتبرا أن
« ليس من الأخلاقيات، البتة، إدخال التجارة في الحزب، وإلا ستتحوّل الأحزاب إلى تجار وسماسرة ومتربّحين، تماما مثلما كنّا ننادي بالتصدي لإدخال الدين في السياسة ». مشيرا إلى أنه « يمكن لأي عضو بالحزب أن يتأكد من الوجوه الساعية إلى التوتير والإقصاء وحتى التصفية، لتخلو للبعض كل الأجواء داخل الحزب، خصوصا في هذه الفترة بالذات، المقبلة على مشاورات التعديل الحكومي، خوفاً من إبعاد أحدهما من الاستوزار ».

كلمات دلالية أبوالغالي أحزاب البام المغرب المنصوري سياسية

مقالات مشابهة

  • القوات الإسرائيلية تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ130 على التوالي
  • ما أبرز حالات الفشل التي أدت إلى استقالة قائد وحدة 8200 الإسرائيلية؟
  • "هآرتس": القوات الإسرائيلية الخاصة التي تسلّلت إلى سوريا بإنزال جوي صادرت ملفات ووثائق من مبنى للحرس الثوري الإيراني
  • أبو الغالي يقدم تفاصيل جديدة عن "النزاع التجاري" الذي أفضى إلى تجميد عضويته في "البام"
  • القوات الإسرائيلية تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ129 على التوالي
  • تبسيط الإفراجات وحد للغرامة.. ما تفاصيل التسهيلات الضريبية التي أعلنت عنها الحكومة؟
  • تبسيط الإفراجات و حد للغرامة.. ما تفاصيل التسهيلات الضريبية التي أعلنت عنها الحكومة؟
  • أبرز الفعاليات التي تُقام في الدول المختلفة للاحتفال بمولد النبي عليه السلام
  • القوات الإسرائيلية تواصل احتلال معابر غزة وإغلاقها لليوم الـ128 على التوالي
  • أمين عام الأمم المتحدة يندد بشدة بالضربة الإسرائيلية التي أسقطت شهداء في منطقة مخصصة للنازحين في غزة