جريدة زمان التركية:
2025-03-10@17:13:32 GMT

ولكنها تغفو أحيانًا

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

بقلم: دانيال حنفي

القاهرة (زمان التركية)ــ في وسط كل الضجيج الذي حدث والذي يحدث في بلد ما طرحت إحدى الشخصيات السياسية سؤالًا هامًّا وحيدًا لم يختلط بشيء من كدر: من يدير الدولة إذا بالفعل؟؟ وذلك على هامش الاستعدادات الوطنية للانتخابات الرئاسية.

وما زال السؤال يدوي بين جدران بئر الصمت والاستغراب العميق ويثير الحيرة كل يوم في قلوب وعقول المتابعين لهذا الفاصل المثير للدهشة على المستويين العالمي والوطني في هذا البلد الكبير.

لم يجب أحد على سؤال صغير واحد واضح.

وما زال الرجل الذي لا يدري من حوله -لعوامل صحية خاصة على ما يبدو- ولا يدري عما يتحدث أحيانًا، ولا يدري إلى من فى يتحدث فى لحظات ما يدير البلاد في مسرحية غريبة على أعين الناس. والإنسان وليد التجربة، ووليد المحاولة، ووليد النجاح والفشل في كل شيء تقريبًا، حتى ربما في المسائل الإيمانية والغيبية. فالتجربة وسيلة الإنسان إلى التعرف إلى الصواب وإلى الخطأ وإلى الأفضل وإلى الأسوأ. والسؤال جزء أصيل في بناء الفكر الإنساني وفي تعلم الإنسان وفهمه للتاريخ وللأحداث الجارية المشهودة، ولذلك ومن هذا المنطلق وجب السؤال.

ولذلك جرأت السيدة المشار إليها عالية على طرح سؤالها الحاسم المعنى: من يدير الدولة إذا؟ وتاه السؤال في خضم الأحداث الفائرة، ولم يعد إلى الظهور على السطح بعد هدوء الأحداث، مما قد يشير إلى سيطرة قبضة ما على الألسنة: الخوف -بمعناه العام- من ناحية والمصالح الخاصة والحزبية من ناحية أخرى. وهذه إجابة افتراضية تمليها الطبيعة البشرية، وتشير إليها الأحداث والظروف المحيطة بها. فإذا وصلنا إلى هنا، قد نفاجأ بأن الديمقراطية تسهو أو تغلق عينيها أحيانًا أو تغفو قليلًا لتمر أمور معينة لم تكن لتمر في يقظة الحراسة المنوطة بمبادئ الديمقراطية الحرة على أعين الناس وعلى مشهد من كل القوى الوطنية والمؤسسات والآليات القائمة على سلامة الممارسة الديمقراطية.

إن ما حدث ويحدث لا يدل ربما إلا على شيء مقتضاه أن المصالح الشخصية والحزبية -عند البعض- تعلو أحيانًا على كافة المصالح مهما إن كانت، وليكن ما يكن، فالناس تنسى وتشتغل بما يليها ويفرض عليها التزامات أكثر وأكبر كل يوم. ولطالما حدث من الأحداث ما حدث عبر دروب التاريخ، وأشرقت الشمس في صباح اليوم التالي. والديمقراطية جميلة المحيا باسمة الثغر ساحرة القوام، ولكنها تغفو أحيانا.

Tags: المصالح الشخصية والحزبية

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: أحیان ا

إقرأ أيضاً:

الديمقراطية السائبة: طوفان بلا سدود

8 مارس، 2025

بغداد/المسلة: كتب رياض الفرطوسي

إنها الريح العاتية حين لا تجد جداراً يوقفها، والماء المتدفق حين تُهدم السدود من أمامه، فتتلاعب به المنحدرات، وتأخذه حيث تشاء المصالح، لا حيث تقتضي المصلحة الوطنية. إنها الديمقراطية السائبة، حين يُرفع عنها الغطاء القانوني، وتُترك دون ضوابط تحدد مساراتها، فتصبح بلا هوية، تتأرجح بين الولاء للوطن والانصياع لجهات أجنبية تملي شروطها خلف ستائر المصالح الخفية.

الديمقراطية في العراق، كما وصفها السياسي المستقل الأستاذ عزت الشابندر، تعاني من فقدان الحدود الواضحة التي تحكمها، فهناك سياسيون يتنقلون بين السفارات كما يتنقل العابر بين محطات استراحة، يلتقون بمسؤولين أجانب، ويتفاخرون بالصور التي تجمعهم بهم، وكأنهم حصلوا على ختم القبول من جهات خارجية ترفع شأنهم في الداخل، فيصبح ولاؤهم معلّقاً بين طرفين، لا بين شعبهم ووطنهم.

إن خطورة الديمقراطية السائبة تكمن في أنها تفتح الأبواب لمن هبّ ودبّ ليقدم أوراق اعتماده في المزاد السياسي، متناسياً أن العمل السياسي هو مسؤولية لا مساحة للعبث فيها. حين تصبح الديمقراطية جسراً لعبور المصالح الأجنبية، تتحول إلى أداة اختراق تُضعف الدولة، وتجعلها هشّة أمام العواصف.

الديمقراطية المنتجة التي يمكن أن يضع أسسها الراسخة البرلمان العراقي في مشروعه الإصلاحي، هي الديمقراطية التي يحرص على حمايتها وتطويرها بما يتماشى مع احتياجات التنمية والتطور في العراق، وفي إطار دستوري يجلب الاستقرار والرخاء والازدهار للجميع. إنها الديمقراطية التي تناسبنا، التي تعتبر امتداداً طبيعياً لتاريخنا وحضارتنا، وتراعي قيمنا ومبادئنا وثقافتنا والتطور التاريخي لمجتمعاتنا.

هذه الديمقراطية تختلف اختلافاً جذرياً عن الديمقراطية السائبة التي نرى إفرازاتها عند تصريحات ولقاءات بعض المسؤولين ونتائجها وعواقبها الوخيمة على مستقبل الوضع السياسي، وهو نوع من الانفلات. الأنكى من ذلك أن الغرب مؤمن أن نموذجه الديمقراطي هذا هو أحدث ابتكارات تراكمات الفكر السياسي عبر العصور، وأنه يصلح لكل مكان وكل أمة وشعب وتجمع بشري، ولذلك يعمل على نشر هذا النموذج في العالم، وقد ظهرت تجلياته في وضعنا السياسي من خلال الديمقراطية المشوّهة.

فرض ديمقراطية مستوردة من خارج الحدود هو أبشع أشكال الانفلات، فليس هناك من عاقل يكره الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ولكن الواعي وحده يعرف أن الغرب يستخدم هذه المفردات الجميلة لتحقيق مكاسب سياسية، وزعزعة المجتمعات المستقرة، والضغط على أنظمتها، وخلخلتها، والعبث بمساراتها التاريخية والاجتماعية، ثم السيطرة على مقدراتها بعد إنهاكها بالحروب والنزاعات والفتن.

تؤدي الديمقراطية السائبة إلى قلب مراكز القوة في الدولة على المستوى الإعلامي والسياسي، وتعطل وتعرقل مسيرة البناء، لأنها تساهم في عدم التزام سياسة واحدة، مما يغري الجميع على التجاوز والاستقواء بالخارج على حساب القرار السياسي الداخلي للدولة. الفيلسوف وعالم الاجتماع جان جاك روسو يقول: “هناك شخص يمكن أن يمثل أشخاصاً آخرين لمجرد أنه حاز على عدد أصوات أكبر في الانتخابات، لكن من المفروض أن يعمل لصالح الناخبين، فكيف به إذا عمل ضد مصالح الناخبين سراً وعلانية؟” هنا تأتي أهمية الرقابة البرلمانية، وعلى المسؤولين أن يدركوا أنهم لا يتمتعون بتفويض مفتوح من الناخبين ليقوموا بما يحلو لهم من أعمال.

نحتاج إلى نضج سياسي وبصيرة في الفصل بين الديمقراطية السائبة والديمقراطية المنتجة.

إصلاح المسار قبل فوات الأوان

إن الحاجة مُلحّة اليوم لتشريعات واضحة، تُحدد معايير التعامل مع الجهات الخارجية، وتضع فواصل دقيقة بين العمل السياسي المسموح، والتسيب الذي يؤدي إلى الإضرار بمصالح الدولة. هناك عراقيون يتصلون بمسؤولين أجانب ويزورون السفارات دون علم الحكومة، وبعضهم يحصلون على رواتب وأموال من الدولة ثم يستغلون مواقعهم ضد نظامهم السياسي، وهذا سلوك خطير يجب التصدي له عبر قوانين صارمة ورقابة مشددة.

لا بد أن تُعاد هيكلة الديمقراطية في العراق لتكون ديمقراطية ذات هوية واضحة، لا يعبث بها الانتهازيون، ولا تتقاذفها أمواج المصالح الخارجية. فالوطن أكبر من أن يكون ساحة للتجارب السياسية، وأمنه القومي أقدس من أن يُرهن باتصالات عابثة لا تخدم إلا أصحابها.

إن لم يوضع حد لهذه الديمقراطية المنفلتة، فسيظل العراق ساحةً مشرّعة للنفوذ الخارجي، وستبقى المصالح الوطنية في مهبّ الريح، يتلاعب بها من لا يهمه سوى بقاؤه السياسي، ولو كان ذلك على حساب الأرض والشعب.

فإما ديمقراطية محكومة بالقانون، أو فوضى تتلبّس قناع الديمقراطية، تجرّ الوطن نحو الضياع.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • عمان ترفع حظر استيراد الحيوانات الحية من اليمن
  • بالفيديو.. المفتي: لا تعارض بين العقل والنقل في القضايا الغيبية
  • صانع خطة الجنرالات يضع 3 خيارات أمام حكومة نتنياهو
  • المفتي: لا تعارض بين العقل والنقل في القضايا الغيبية.. فيديو
  • العرموطي لوزير المالية .. هل تم بيع ثلاثة أطنان من موجودات البنك المركزي من الذهب ؟
  • يوم المرأة العالمي: إعادة التفكير في الحرية التي لم تكتمل
  • جوائز مغرية.. مسابقة يمن موبايل رمضان 2025.. السؤال والإجابة ورابط الإشتراك
  • الأمم المتحدة تدعو إلى فتح باب تكافؤ الفرص أمام النساء والفتيات لصالح الجميع
  • الديمقراطية السائبة: طوفان بلا سدود
  • الكليبتوقراطية تحت مظلة الديمقراطية