بيروت- دعا البابا فرنسيس الاثنين 26أغسطس2024، إلى "الحقيقة والعدالة" في ما يتعلق بالانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت قبل أربع سنوات وأدى إلى مقتل أكثر من 220 شخصا وإصابة أكثر من 6500 آخرين.

وقال خلال استقباله أفراداً من عائلات الضحايا "معكم أطالب بالحقيقة والعدالة اللتين لم تتحققا بعد، الحقيقة والعدالة.

كلنا نعلم أن الموضوع معقد وشائك، وأن قوى ومصالح متضاربة تؤثر عليه".

واضاف الحبر الأعظم الأرجنتيني "لكن الحقيقة والعدالة يجب أن تسودا. لقد مضت أربع سنوات، من حق الشعب اللبناني وأنتم في المقام الأول، في أن يرى أقوالا وأفعالا تعكس المسؤولية والشفافية".

في 4 آب/أغسطس 2020، دمر أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ أحياء بأكملها في العاصمة اللبنانية، وأسفر عن مقتل أكثر من 220 شخصا وإصابة أكثر من 6500 آخرين.

وإثر الانفجار، عيّنت السلطات محققاً عدلياً، لكن سرعان ما تمت تنحيته في شباط/فبراير 2021 إثر ادعائه على رئيس الحكومة حينها وثلاثة وزراء سابقين.

واصطدم خلفه القاضي طارق البيطار بالعراقيل ذاتها مع إعلان عزمه على استجواب رئيس الحكومة، تزامناً مع إطلاقه مسار الادّعاء على عدد من الوزراء السابقين، بينهم نواب، وعلى مسؤولين أمنيين وعسكريين.

وامتنع البرلمان السابق عن رفع الحصانة عن النواب المذكورين، ورفضت وزارة الداخلية منحه إذناً لاستجواب قادة أمنيين ورفضت قوى الأمن كذلك تنفيذ مذكرات توقيف أصدرها.

كما استنكر البابا أن يدفع لبنان "ثمن" الحرب في الشرق الأوسط حيث "يموت عدد كبير من الأبرياء" كل يوم.

وغداة غارات اسرائيلية متعددة استهدفت الأراضي اللبنانية لاحباط هجوم لحزب الله، أكد على أن "لبنان هو مشروع سلام ويجب أن يبقى كذلك".

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

هنا والآن .. في بيـروت «1»

هنا والآن، أسجل أنني في بيروت. لأول مرة في العمر، لأول مرةٍ في التاريخ، تاريخي الشخصي على الأقل. دون أن تخلو دهشة اللقاء الأول من إحساس دخيلٍ بالعودة، وكأن المسافر الزائر قد عاد. هل عدتُ حقًا؟ زرقةُ الأبيض المتوسط من نافذة الطائرة ليست جديدة تمامًا عليّ، وهذه ملاحظة أولى.

تبهط السيارة في ليل ماطر بلا كهرباء، على الطريق المعتم من مطار رفيق الحريري إلى الحازمية. بنايات شبحية مهجورة، وأشباح بنايات لم تعد موجودة. ليل ومطر. ورائحة حرب طازجة. أستعين بصوت محمود درويش على أرق الانتظار: «يا فجر بيروت الطويلا/ عجِّل قليلا» حتى يولد الضوءُ الأول الذي سيغسل المدينةَ رويدًا رويدًا من بقايا الليل على زجاج نافذة الفندق. أريد أن أرى الهواء، كي أتحقق من بيروت المتخيلة التي حملتها معي لسنوات. هل تشبه هذه المدينة صورتها حقًا؟ آن لي أن أحرر هذه المدينة من مخيلتي. آن لي أن أتحرر منها داخلًا فيها هذا الصباح وهي تخرج لتوها من الحرب والمطر.

هدنة صغيرة كان صوت فيروز المنبعث مع رائحة القهوة، يعبر الأحزاب ويطوف الطوائف، ويدخل إليه الجميع سواسية في مقهى يدعى «تحت الشجرة»، مركون بأناقة كصدفة تنتظر من يعثر عليها في شارع الحمرا. دلفتُ إلى الداخل لاجئًا من البرد القارس في صباح مبلل بالمطر الخفيف. وبلا ميعاد سألتقي هناك بغسَّان أبو ستة، طبيب الجرح الفلسطيني كما وصفته الصحافة العربية خلال حرب الإبادة على غزة. أسحب كرسيًا وأشاركه الطاولة، فأفتح الحديث معه بسؤاله عن زيارته الأخيرة إلى مسقط. تكلمنا أكثر عن معنى الحرب حين تعاش عن قرب، عن لون الدم ورائحته، وعن ملمس الجروح والحروق. لم يفتني أن أسأله عن التهديد المهني الذي يتعرض له من قبل مؤسسات دولية تتهمه بدعم الإرهاب ومعاداة السامية. قال لي إنه يواجه كل ذلك بالعودة للمقارنة بين آلامه وآلام الناس، معتمدًا على بيت توفيق زيَّاد: «فمأساتي التي أحيا/ نصيبي من مآسيكم». ذكَّرته قبل أن أغادر بمقالٍ كتبته منذ مدةٍ عنه: «الجرح الفلسطيني.. بين غسَّان أبو ستة ومحمود درويش». أدهشَته هذه المقاربة، وطلب مني أن أبعث له بالمقال. ثم أوصاني ألا أغادر بيروت قبل أن أزور مقبرة الشهداء التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية قرب مخيم صبرا وشاتيلا.

في مقبرة الشهداء تعرَّفت إلى آدم، وكان آدم حكاية أخرى. شاب فلسطيني من مواليد مخيمات لبنان، ويعيش مع عائلته في غرفة حارس المقبرة. هنا كبر آدم، في غرفة صغيرة داخل المقبرة. عاش طفولته مع أبيه الموظف في حركة فتح حارسًا لقبور الشهداء. ينام آدم في الليل على بعد أمتار من ضريح شهداء مجزرة تل الزعتر، في المقبرة ذاتها التي ينام فيها غسان كنفاني إلى جوار ابنة أخته لميس، وقريبًا من قبور الشهداء الثلاثة أبو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان، وقبر شفيق الحوت، ومؤخرًا قبر شهيد كتائب عز الدين القاسم، صالح العاروري، الذي دُفن هنا بعد أن اغتاله العدو الإسرائيلي في الضاحية مطلع يناير من العام الماضي. لا يكاد آدم يغادر المقبرة إلا في النهار الرسمي، حين يذهب للجامعة الأمريكية حيث يدرس الهندسة الميكانيكية. سألته بم تحلم في الليل؟ ما شعورك وأنت تقضي حياتك هنا حارسًا لقبور الشهداء؟ فردَّ لي ابتسامةً حائرة وحزينة: «عادي... شي حلو»! تركته في المقبرة ووعدته بزيارة أخرى حين أعود للبنان.

يغريني المشي على غير هدى في بيروت. صدفةٌ تقودني إلى صدفة أخرى فتخطفني قصة جديدة. يمشي الناس حاملين قصصهم معهم. لكن قصص الناس هنا وآلامهم تتباين على نحو صاعق. كل شخص يمشي على الرصيف يحمل قصة جديدة وغريبة لا تشبه قصص الآخرين. يفتح لك سيرته كمن يفتح سردابًا غير متوقع في هذه المدينة غير المتوقعة. عزيز، الشاب السوري حامل الجنسية الكندية، الذي تعرفت إليه صدفة في المطعم، أكد لي ذلك. قال: خذني أنا مثلًا. أعمل وأعيش في كندا، لكنني ولدتُ في إدلب. استقرت عائلتي هنا هربًا من الحرب. تعددت هويَّاتي لكنني أصرُّ: «بيروت مدينتي»!. وأخبرني صراحةً أنه يكره شعارات المقاومة ويتمنى أن تُطبِّع سوريا ولبنان قريبًا مع إسرائيل.

وأنا في بيروت، أحاول أن أتعلم شيئًا واحدًا فقط: أن أبقى على الحياد. ما أصعب أن أمشي في شوارعها وحيدًا على طريقة السوَّاح الأجانب العابرين وسط جدال الناس وحرب الشعارات فوق الجدران. ضدكم كلكم أنا- أنا معكم كلكم! لكن- عبثًا يحاول المرء البقاء على الحياد في هذه المدينة التي تغلي منذ تاريخها الحديث بالفتنة. وحده صوتُ فيروز المحايد والملكية العامة والبيان السياسي للبنانيين كلهم من أجل لبنان لا طائفي. هل صحيح أن بيروت مدينةٌ لا تعرف الحياد كما كتب أحد صحفييها المغدورين، سمير قصير، قبل أكثر من عشرين سنة، قبل اغتياله بقليل؟ يكفي فقط أن تكون موجودًا في بيروت، وفي هذا التوقيت بالذات، ليكون وجودك فيها بحد ذاته إعلان انحياز. فكيف إذا أخبرتَ سائق سيارة الأجرة بأنك تنزل في فندق بالحازمية، الواقعة على تخوم ضاحيتها الجنوبية؟!

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • البعريني: لتأهيل مرفأ العبدة وتحويله الى سياحي
  • انفجار قرب مرفأ طرطوس.. وغارات إسرائيلية في محيط المدينة
  • إنقلاب بيك أب على أوتوستراد حالات باتجاه بيروت
  • طفل يدعو لمعلمته من أمام الكعبة: الله يسعدك ويرزقك.. فيديو
  • المسند: بقي على الحميمين 19 يومًا والربيع كذلك
  • في بيروت.. فيديو يكشف سارقاً بـالجرم المشهود!
  • عايدة رياض تحسم الجدل : لم أتزوج عرفيًا.. وهذه هي الحقيقة
  • بالصورة.. راجمة صواريخ في بيروت!
  • هنا والآن .. في بيـروت «1»
  • تقنية QLED بين الحقيقة والتسويق